صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 2073 | الجمعة 09 مايو 2008م الموافق 19 رمضان 1445هـ

تهديدات الصواريخ البالستية الإيرانية

الكاتب: مصباح الحرية - comments@alwasatnews.com

التصريحات التي أطلقها المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي، والتي نقلتها وكالة فرانس برس - أ.ف.ب يوم 5 مايو/ أيار 2008، بأن إيران ستواصل برنامجها النووي على رغم تهديدات القوى العظمى، يدل دلالة واضحة على إصرار القيادة الإيرانية على الاستمرار في برنامجها النووي المثير للجدل. ولعل ما يشجع إيران على سلوك هذا الطريق المحفوف بالمخاطر، أنها تمكنت من تجهيز البنية التحتية الأساسية اللازمة لهذا النوع من أسلحة الدمار الشامل، بامتلاكها منظومة هجومية من الصواريخ البالستية قصيرة ومتوسطة المدى، إذ تعد هذه الصواريخ إحدى وسائل نقل (حمل) الرؤوس الحربية، سواء التقليدية منها أو غير التقليدية.

جاء الاهتمام الإيراني بتطوير المنظومة الصاروخية البالستية لقواتها المسلحة كونها الوسيلة الأكثر ملاءمة للظروف المحيطة بإيران، وبسبب إمكاناتها وقدراتها العسكرية المحدودة في مجال استخدام طائرات قاذفة متوسطة المدى، إذ إن مثل تلك الطائرات، بلا شك، غير قادرة على العمل بحرية تامة ضمن محيط منطقة الخليج المقابلة لإيران من الجهة الغربية للخليج، والتي تنتشر فيها قوات بحرية وبرية وجوية أميركية ذات دفاعات جوية استراتيجية وتكتيكية.

يضاف لمبررات توجه إيران نحو تقنية الصواريخ البالستية صعوبة وصول طائراتها المقاتلة خارج مجال منطقة الخليج لضرب أهداف منتخبة داخل «إسرائيل» - كما صرح مسئولون إيرانيون على مختلف مستوياتهم القيادية - وذلك بسبب عدم توافر طائرات تزويد الوقود الجوي وطائرات القيادة والسيطرة، وطائرات الحراسة والمرافقة بعيدة المدى، اللازمة لهكذا عمليات جوية.

وبما أن القوات الجوية الإيرانية غير قادرة حتى اليوم، ولا في المدى المنظور، على إحراز سيادة جوية مطلقة تحت أي ظرف من الظروف خارج نطاق مجالها الجوي، فإن القيادة الإيرانية، ومن هذا المنطلق، مازالت تعتبر أن قدراتها الصاروخية البالستية تمثل الوسيلة الأفضل التي لا بديل لها، لتتمكن من إيصال قنابلها النووية والكيمياوية والجرثومية إلى الأهداف المراد تدميرها.

وبناء على ذلك، أعلنت إيران من دون أي تحفظ مرارا وتكرارا، عن عزمها القيام بالرد الصاروخي البالستي والتكتيكي المكثف ضد أية أهداف استراتيجية أميركية وخليجية وإسرائيلية، تقع ضمن مدى صواريخها لاسيما البالستية منها، إذا ما نفذت القوات الأميركية في منطقة الخليج، أو أية قوات حليفة لها، ضربة عسكرية ضد منشآتها النووية، أو أية مواقع عسكرية استراتيجية داخل إيران.

لقد أثارت القدرات الفنية للصواريخ البالستية الإيرانية بعض الجدل والنقاش من قبل عدد كبير من الخبراء العسكريين والمتخصصين بالشئون الدفاعية على الساحة العالمية. إذ أجرت إيران من العام 1998 إلى العام 2005 عدة اختبارات وتجارب إطلاق على صاروخ شهاب - 3، الذي يصل مداه إلى 800 ميل جوي. كما أعلنت إيران بعد تجربة يونيو/ حزيران 2003 أن الصاروخ قد دخل الخدمة الفعلية وأصبح قادرا على ضرب أهداف داخل «إسرائيل».

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2004، أعلنت إيران أنها تمكنت من تطوير مدى الصاروخ البالستي شهاب - 3، بحيث أصبح مداه 1200 ميل، وأضافت في مطلع شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2004 أنها قادرة على إنتاج المزيد من هذا النوع الذي أطلقت عليه شهاب - 4.

وفي الرابع عشر من سبتمبر/ أيلول 2005، صدر تقرير عن صحيفة «وول ستريت جورنال»، ذكر أن الاستخبارات الأميركية تعتقد أن إيران تسعى لتطوير صواريخ شهاب - 3 بحيث تصبح قادرة على حمل رؤوس نووية.

كما ذكرت تقارير صحافية لاحقة أن أجهزة الاستخبارات الأميركية كانت قد ضبطت في منتصف العام 2004 جهازا حاسوبيا إيرانيا تبين لها من خلاله وجود خطط إيرانية لصنع رؤوس نووية بهدف تركيبها على صواريخ شهاب - 4.

وفي يناير/ كانون الثاني 2006، أجرت إيران تجربة ناجحة على صاروخ شهاب - 4، إذ أكدت تلك التجربة وكالة فرانس برس في السادس من فبراير/ شباط 2006. وفي الحادي والثلاثين من مارس/ آذار 2006، أعلنت إيران عن إجراء تجربة على صاروخ بالستي من نوع (BM-25) متعدد الرؤوس الحربية بمدى يصل إلى 1500 ميل، ويُعتقد بأنه نسخة مطوّرة عن شهاب - 4.

يُذكر في هذا السياق أن رئيس الاستخبارات الإسرائيلية كان قد صرّح في السابع والعشرين من أبريل/ نيسان 2006، بأن إيران تسلمت شحنة من كوريا الشمالية تألفت من صواريخ (BM-25)، والتي يُعتقد بأنها قادرة على حمل رؤوس نووية.

وقد أيّد تلك المعلومات تقرير صحيفة «الواشنطن بوست»، في السادس من يوليو/ تموز 2006، إذ بيّن التقرير أن تقنية هذا النوع من الصواريخ مبنية على قاعدة فنية تعود للصاروخ الروسي (السوفياتي سابقا) من نوع (SS-N-6).

واستكمالا لمشروعها الصاروخي البالستي، صنعت إيران نوعين آخرين من الصواريخ البالستية بمدى 1200 ميل، وهما «عاشوراء» الذي أعلنت عنه في نوفمبر 2007، و «قادر» الذي تمت مشاهدته في العرض العسكري الإيراني الذي جرى في سبتمبر 2007.

وفيما إذا ثبتت صحة مدى هذين النوعين من الصواريخ، ثم أنتجت إيران المزيد منهما، فإن مساحات واسعة من منطقة الشرق الأوسط، ومنطقة جنوب شرق أوروبا، بما في ذلك القواعد الأميركية الموجودة في تركيا، ستكون ضمن مدى وتهديدات هذه الصواريخ.

وفي معرض الاهتمام الإيراني بصناعة وتطوير الصواريخ البالستية، ذكرت مصادر رسمية أميركية تابعة لـ «إدارة الصواريخ العابرة للقارات» في وقتٍ سابق أن إيران من المحتمل أن تكون قادرة على إنتاج صواريخ عابرة للقارات بمدى يصل إلى 3000 ميل بحدود العام 2015.

*مدير شئون الدفاع في مركز الخليج للأبحاث في دبي، والمقال ينشر بالتعاون مع «مصباح الحرية»

www.misbahalhurriyya.org


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/293715.html