صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 2931 | الثلثاء 14 سبتمبر 2010م الموافق 18 رمضان 1445هـ

الجرائم الانتخابية

تنص المادة (1) الفقرة (هـ) من الدستور على أنه «للمواطنين، رجالاً ونساءً، حق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما في ذلك حقي الانتخاب والترشح، وذلك وفقاً للدستور، وللشروط والأوضاع التي يبينها القانون، ولا يجوز أن يحرم أحد من حق الانتخاب والترشح إلا وفقاً للقانون». ولتفعيل هذا النص الدستوري، صدرت مجموعة من القوانين التي تنظم ممارسة الحق السياسي المتعلق بالترشح في المجالس البلدية والمجلس النيابي، وكيفية ممارسة الناخب من جهة أخرى لحقة الدستوري المتمثل في حريته في اختيار ممثله لدى تلك المجالس.

وعليه صدر المرسوم بقانون رقم (3) لسنة 2002 بشأن انتخاب أعضاء المجالس البلدية، المعدل بالمرسوم بقانون رقم (6) لسنة 2002، وكذلك المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية وتعديلاته، وأخيراً المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 2002 بشأن مجلسي الشورى والنواب، المعدل بالمرسوم بقانون رقم (30) لسنة 2002.
وحتى يمكن أن يمارس المواطن حقه الدستوري بكل نزاهة، تدخل المشرِّع بغرض تأمين سلامة ممارسة هذا الحق الانتخابي، وكذلك تأمين سلامة العمليات الانتخابية المتعلقة بصحتها وحرية إجرائها وسلامتها وتنظيمها بمعاقبة المخالفين لقانون مباشرتها، وذلك بتجريم الأفعال التي اعتبرها – المشرِّع – انتهاكاً لقانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون انتخاب أعضاء المجالس البلدية، وأسماها بالجرائم الانتخابية، وبالتالي فإنه لا يُتصور وقوع هذا النوع من الجرائم إلا بمناسبة إجراء الانتخاب.

وعند الحديث عن الأركان القانونية للجريمة الانتخابية – باختلاف صورها وأشكالها – نجد أن تلك الأركان العامة القانونية، لا تختلف عن الأركان القانونية الواجب توافرها في الجرائم العادية. فالجريمة بشكل عام، هي كل فعل أو امتناع يحظره القانون، ويقرر عقوبة لمرتكبها. وبالتالي فإن الأركان القانونية للجريمة تتمثل في ضرورة توافر الركن المادي، الركن المعنوي والركن القانوني. فالركن المادي يقصد به الواقعة أو المظهر المادي للجريمة، ويتمثل في نشاط الفاعل والنتيجة التي يحققها بنشاطه وعلاقة السببية بينهما. أما الركن المعنوي، يقصد به الإرادة التي اقترن بها الفعل وهذه الإرادة تتخذ إحدى صورتين، الأولى: القصد الجنائي وهو ما تقوم به الجريمة في صورتها العمدية بإرادة الفعل وإرادة النتيجة، الثانية: الخطأ غير العمدي، وهو وقوع الجريمة بإرادة الفعل دون النتيجة بالكيفية التي وقعت وهذا ينتج عن عدة صور كالإهمال والرعونة وعدم الحيطة والحذر. وأخيراً الركن القانوني، وذلك بضرورة توافر نص التجريم الواجب التطبيق على الفعل المعد جريمة امتثالاً للنص الدستوري «لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص في القانون». وبالرجوع إلى القوانين ذات العلاقة التي نصت صراحة على مجموعة من الأفعال اعتبرتها من قبيل الجرائم الانتخابية، نجد أن المواد (22) وما بعدها من المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 2002 بشأن مجلسي الشورى والنواب، عالجت بالتفصيل الجريمة المتعلقة بالدعاية الانتخابية للمترشحين لعضوية مجلس النواب، في حين عالجت المادة (3) وما بعدها من المرسوم بقانون رقم (3) لسنة 2002 بشأن انتخاب أعضاء المجالس البلدية، والمادة (30) وما بعدها من المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية باقي الأفعال التي اعتبرها المشرِّع البحريني جرائم انتخابية، متعلقة بممارسة الحق في الانتخاب أو الترشح، والتي تؤثر – عند ارتكابها – على سلامة ونزاهة الانتخابات، مع ملاحظة أن الجرائم المنصوص عليها في قانون انتخاب أعضاء المجالس البلدية، هي ذاتها الجرائم المنصوص عليها في قانون مباشرة الحقوق السياسية، لأنه في الحالتين، الغرض من النص عليها هو تأمين سلامة ممارسة حق الترشح أو الانتخاب سواء في المجلس البلدي أو المجلس النيابي.

وباستعراض عام للجرائم الانتخابية في القوانين سالفة الذكر، نجد أن المشرِّع في مملكة البحرين اعتبر التزوير، التحريف، التشويه، الإتلاف، السرقة لجدول الناخبين، أو ورقة الترشح، أو ورقة الاقتراع بغرض تغيير الحقيقة والتأثير على نتيجة الانتخاب جريمة انتخابية. كذلك اعتبر استخدام المواطن الذي توافرت فيه أهلية الانتخاب حقه أكثر من مرة، بطرق احتيالية، أو انتحال صفة الغير لممارسة هذا الحق أيضاً من الجرائم الانتخابية.

وتعتبر جريمة انتخابية أيضاً، إعطاء المواطن لصوته في الانتخاب، وهو يعلم بأنه لا يحق له ذلك. ويكون ذلك بالتصويت مع علمه بأن اسمه أدرج في جدول الانتخاب بغير حق - بطريق الخطأ مثلاً - أو التصويت مع العلم بفقده للصفات المطلوبة لاستعمال الحق، كأن يكون محروماً من ممارسة هذا الحق لارتكابه جريمة ولم يرد إليه اعتباره، أو التصويت باسم الغير. والتصويت باسم الغير يخالف المبدأ الذي يقوم عليه مباشرة حق الاقتراع بأنه سري، فإذا فقد الاقتراع سريته فقد حريته.

ولقد اعتبر المشرِّع أيضاً مخالفة القرارات الوزارية الصادرة من وزير شئون البلديات والزراعة والمنظمة لكيفية ممارسة الدعاية الانتخابية، من حيث البدء في ممارستها وكيفية ممارستها والضوابط التي وضعها القانون عند ممارستها، أيضاً من قبيل الجريمة الانتخابية. ذلك أن أهم الضوابط القانونية التي تطلبها المشرِّع عند ممارسة الدعاية الانتخابية، الالتزام بأحكام الدستور واحترام سيادة القانون واحترام حرية الرأي والفكر لدى الغير، الالتزام بالوحدة الوطنية وأمن الوطن و استقراره وعدم القيام بكل ما يثير الفرقة أو الطائفية بين المواطنين، وعدم التعرض للغير من المرشحين، سواء بصورة شخصية أو غير ذلك.

أخيراً، اعتبر المشرِّع في مملكة البحرين إهانة اللجنة المشرفة على سلامة الانتخاب أو إعاقتها من أداء أعمالها جريمة انتخابية، لما في ذلك من تعطيل لسير العملية الانتخابية وعدم القدرة على إتمامها في الوقت الذي حدده القانون. أما فيما يتعلق بالعقوبات المقررة للجرائم الانتخابية، فقد نصت عليها المادة (30) من قانون مباشرة الحقوق السياسية، والمادة (30) من قانون انتخاب أعضاء المجالس البلدية، حيث تقرر أنه مع عدم الإخلال بأي عقوبة أخرى، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز 500 دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين. فإذا وقعت الجريمة من موظف عام له اتصال بالعملية الانتخابية تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تجاوز ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وفي جميع الأحوال، لا يجوز وقف تنفيذ عقوبة الغرامة عند الحكم على من يثبت ارتكابه إحدى الجرائم الانتخابية، ويعاقب على الشروع في الجريمة الانتخابية بالعقوبة المقررة والمنصوص عليها للجريمة الأصلية. وتنقضي الدعوى الجنائية ولا تسمع الدعوى المدنية في الجرائم الانتخابية بمضي ستة أشهر من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب، أو من تاريخ آخر إجراء قضائي في شأنها.
 


المصدر: معهد البحرين للتنمية السياسية
بتاريخ: 15 / 9 / 2010


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/474775.html