صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 2976 | الجمعة 29 أكتوبر 2010م الموافق 18 رمضان 1445هـ

أكياس البلاستيك... قنابل بيئية

تتجه دول عديدة نحو إصدار تشريعات تحظر استخدام الأكياس البلاستيكية لما لها من أضرار بيئية وتأثير سيئ على النواحي الجمالية في الحياة اليومية، ورغم أن هناك دولاً أصدرت بالفعل تشريعات للحد من استخدام الأكياس البلاستيكية واستخدام أكياس القماش أو الورق بدلاً منها ومنها الصين كعملاق اقتصادي من جهة، وبنغلاديش كدولة نامية من جهة أخرى، إلا أن منظمات دولية بيئية، كصندوق حماية البيئة الأميركي، رأت أن هناك تباطؤاً في قرارات الكثير من الدولة لحظر استخدام تلك الأكياس.

من خلال هذا التحقيق يكشف لنا علماء البيئة عن الأضرار المختلفة لاستخدام الأكياس البلاستيكية، وكيف يمكن الحد منها وأهم البدائل الآمنة بيئياً وكيف ننجح في توعية الناس بالحد من استخدام هذه الأكياس كما نستعرض تجربة لبنان في الحملة ضد استخدام الأكياس البلاستيكية من خلال لقاء مع مسئولة في مجال البيئة والتنمية.

في البداية تحدث رئيس الهيئة العامة لحماية البيئة والثروة البحرية والفطرية إسماعيل المدني عن دورة حياة المنتج من الناحية البيئية فالأكياس البلاستيكية تُصنَّع من أحد مشتقات البترول الذي يعتبر من أنواع الوقود غير المتجدد، علاوة على الأحجام الكبيرة من الملوثات التي تنتج أثناء عملية الإنتاج، ثم المشكلة الناجمة عن التخلص السليم بيئياً من هذه المخلفات البلاستيكية.

ولذلك نجد عند دراسة دورة الحياة للأكياس البلاستيكية والأكياس الورقية، أن هناك مشكلات بيئية خطيرة تنجم عن الاثنين في إحدى مراحل حياة هذه المنتجات، وبالتالي فإن الحل يكمن في تحفيز وتشجيع الإنسان على منع وخفض استهلاك الأكياس بشكلٍ عام وتوفير البدائل الأخرى، والعمل على إعادة استخدامها وتدويرها كلما أمكن ذلك.

ولو لم تكن الأكياس البلاستيكية قضية ومهمة ولها انعكاساتها السلبية على الإنسان وبيئته، لما تطرق إليها أصلاً رئيس الوزراء البريطاني السابق جوردن بروان في خطابه أمام مجلس الوزراء البريطاني في العام الماضي, حيث توجه في كلمته إلى كافة منتجي ومستخدمي هذه الأكياس البلاستيكية من المحلات التجارية والأفراد، وناشدهم على العمل على استحداث الوسائل والطرق المستدامة والعملية لتجنب استعمال هذه الأكياس غير المسترجعة والتي لا يمكن تدويرها أو إعادة استعمالها.


أضرار عديدة

وفي الحقيقة فإن استعمال الأكياس البلاستيكية لها سلبيات عدة فهي مصنوعة من مركبات غير قابلة للتحلل في الأوساط البيئية المختلفة، أي أن لها القدرة على التراكم مع الزمن والبقاء في البيئة لسنواتٍ طويلةٍ، ولذلك فإن انعكاساتها السلبية تتمثل في عدة أمور من بينها انسداد الجهاز الهضمي أو خنق وقتل الحياة الفطرية في البر والبحر عن طريق أكل هذه الأكياس بشكل مباشر أو التفافها حول هذه الأحياء والانحباس فيها وشل حركتها، وبالتالي عدم القدرة على الخروج منها.

وقد أكدت الكثير من الدراسات المنشورة ومن بينها الأبحاث الميدانية التي قام بها مجموعة من الباحثين في مملكة البحرين، على وجود بقايا الأكياس البلاستيكية في أجسام الحيوانات البرية النافقة والطيور البحرية، إضافة إلى الأسماك والسلاحف البحرية.

وعلاوة على ذلك، فإن هذه الأكياس قد تؤثر على محركات القوارب والسفن فتعطلها، إضافة إلى التأثير على الناحية الجمالية للمناطق البرية والأشجار والبحر، حيث إن هذه المخلفات البلاستيكية تشوه هذه المناظر الجمالية الطبيعية وتؤثر على بيئاتها الفطرية الفريدة.


تجارب نموذجية

ويضيف إسماعيل المدني: في سلسلة المحلات التجارية المعروفة بـ «ماركس وسبنسر» في بريطانيا، عليك الآن أن تدفع مبلغاً وقدره خمسة بنسات، أي نحو 30 فلساً، إذا رغبت في الحصول على كيسٍ من البلاستيك لوضع حاجياتك.

ولا شك بأن هذا المبلغ يعتبر كبيراً بالنسبة لكيسٍ واحدٍ فقط من البلاستيك، وبخاصة إذا كنت تحتاج إلى أكثر من كيسٍ واحدة في المرة الواحدة عند التسوق.

ولكن في الحقيقة إذا رغبنا فعلياً في أن نُخفض من استخدامنا للأكياس البلاستيكية، ونُقلل من إنتاج المخلفات، فإن العامل الاقتصادي، وليس العامل البيئي وحده، فقد انخفض استعمال الأكياس البلاستيكية في محلات «ماركس وسبنسر» بنسبة 80 في المئة، حيث قلَّ تداول الأكياس البلاستيكية من 460 مليون كيس إلى 80 مليون كيس في هذه المحلات خلال عامٍ واحدٍ فقط. كذلك قامت بالتجربة نفسها مجموعة محلات ناشينول ترست (National Trust)، حيث انخفضت نسبة استخدام الأكياس البلاستيكية في محلاتها بنحو 85 في المئة، أي توفير نحو مليون كيس في السنة.

ويضيف إسماعيل المدنى مؤكداً: علينا أن نستفيد من هذه التجربة في واقعنا الحالي في مملكة البحرين، فعلى الجمعيات والجهات الأخرى التي تَسعى إلى تغيير سلوك المواطن وإقناعه بعدم استعمال الأكياس البلاستيكية ألا تكتفي باستخدام البعد أو المدخل البيئي فقط، بل عليها تبني الوسائل الاقتصادية المناسبة، باعتبارها المُحرك الأساسي والدافع الرئيس لتغيير الاتجاهات والسلوكيات.

وقد أعلنت هونغ كونغ أيضاً في الخامس من يوليو/ تموز 2009، بأنها ستفرض على المحلات التجارية بيع الأكياس البلاستيكية للزبائن بمبلغ يصل إلى نحو 24 فلساً، بهدف تشجيع الناس على خفض استعمالهم لهذه الأكياس.

والتوجه العالمي الآن هو أن يدفع المستهلك مبلغاً مالياً لكل كيس بلاستيكي يستخدمه عند شراء مستلزماته من المحلات التجارية، وهناك الكثير من الدول التي اتبعت هذه السياسة وسنت أنظمة وتشريعات تسند وتدعم هذا التوجه، منها سويسرا، وألمانيا، وهولندا، والصين، والهند، وبعض الولايات في الولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا.


ضريبة «البلاستيك» في ايرلندا

ومن أنجع الوسائل أيضاً في إقناع المواطنين بتغيير سلوكهم استخدام المدخل القانوني الاقتصادي، أي سن تشريعات لها بعد اقتصادي، وذلك من ناحية فرض ضريبة ومبلغ مالي محدد، تلزم المحلات التجارية جميعها ببيع الأكياس البلاستيكية للمستهلك عند شرائه لمستلزماته اليومية.

وقد كانت الريادة في هذا المجال لإيرلندا، حيث وضعت ضريبة على الأكياس البلاستيكية في العام 2002، وأطلق عليها ضريبة البلاستيك (plas tax)، حيث حددت سعراً للكيس البلاستيكي لا يتجاوز 70 فلساً بحرينياً. وقد كانت النتيجة مشهودة بشكلٍ كبير، فقد أدى هذا القانون إلى انخفاض نسبة استعمال الأكياس البلاستيكية بنحو 95 في المئة.

ومن هذا المنطلق، وهذا على لسان إسماعيل المدني، فإنني أرفع اقتراحاً برغبة إلى المجلس الوطني في البحرين للنظر في إمكانية سن مثل هذا التشريع، بعد دراسته من الناحية البيئية، والاقتصادية، والاجتماعية.

إعادة تدوير

ومن الحلول التي لجأت إليها بعض الدول جمع الخلفات البلاستيك وإعادة تدويرها حتى لا تتراكم وتضر بالبيئة.

ففي بريطانيا اليوم تُنشأ ثلاثة مصانع لتدوير البلاستيك تغطي كافة المساحة الجغرافية للبلاد، ويأتي هذا الانتعاش المشهود في الاستثمار في مثل هذه المصانع بسبب العامل الاقتصادي فقط، حيث ارتفعت أسعار البلاستيك بنسبة أكثر من 10 في المئة، وكان لارتفاع أسعار النفط أيضاً دور رئيس في هذه الزيادة الكبيرة في أسعار البلاستيك.

ولذلك تقوم هذه المصانع بالتعاون مع الشركات المحلية الصغيرة بجمع مختلف أنواع المخلفات البلاستيكية، مثل عبوات البلاستيك المستخدمة لتعبئة الحليب والماء والمشروبات الغازية، ثم تحويلها إلى مواد تستخدم للتغليف أو عبوات بلاستيكية جديدة.

ونظراً للطلب الشديد على المواد البلاستيكية، فقد قامت بعض الشركات بشراء وحجز إنتاج هذه المصانع من البلاستيك الذي تم تدويره قبل الإنتاج الفعلي لها.

وتحاول السلطات الحكومية الرسمية أن تستغل هذا الوضع لصالحها من الناحية البيئية، حيث إن تدوير البلاستيك يخفض من انبعاث غاز أكسيد الكربون ويعتبر إحدى آليات التنمية النظيفة المُعتمدة من بروتوكول كيوتو حول التغير المناخي.


تسبب السرطان

أما الناشط البيئي سعيد منصور فذكر أن إحلال استخدام أكياس القماش بدل من البلاستيك يحتاج إلى خطوات عملية، الخطوة الأولى هي التوعية بأهمية القماش نظراً للإضرار الكامنة من استخدام البلاستيك.

أما الخطوة الثانية فهي كيفية توزيع الأكياس على المحلات والمخابز الشعبية باعتبارهما أماكن مناسبة بعد خفض تكلفتها لتتناسب واحتياجات الأفراد. لأن البعض للأسف اعتبرها مشروعات استثمارية لهذا لم تحقق المبادرات النجاح لارتفاع أسعار الأكياس خاصة أنه لا توجد بالبحرين لا توجد قوانين أو تشريعات بهذا الخصوص.

وأكد أن أكياس البلاستيك لها مخاطر بسبب خفة وزنها وسهولة انتقالها بفعل الرياح إلى مناطق بعيدة وإضرارها على النباتات البرية حيث تحجب الهواء وتعلقها بالأشجار بجانب عدم قابليتها للتحلل والخطر الأهم هو استخدامها بشكل كبير لدى المخابز، حيث تتعرض للحرارة وبسبب التفاعلات يكمن خطرها ونتائجها السلبية على متناولي الخبز الذي يكون عرضه لتلك التفاعلات الكيميائية والمسببة للسرطان. ومن الممكن استخدام البدائل مثل الورق والقماش وخصوصاً القماش إذا ما حصل المشروع على الدعم الكافي من قبل الجهات الرسمية المعنية بحماية المستهلك والبيئة. ولابد من عمل برامج متنوعة لتثقيف الناس بالمخاطر من خلال وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والحملات الميدانية والمحاضرات والندوات والأهم تثقيف قادة الرأي ورجال الدين لتأثيرهم الكبير في قناعة المجتمع إلى جانب دور الجمعيات الأهلية.

--------------------------------------------------------------------------------------------------------------
 

حملة «تعلم من كيسي»

ضمن إطار نشاطات اليوم العالمي للبيئة نظمت جمعية الثروة الحرجية والتنمية في لبنان بالشراكة مع وزارة البيئة حملة وطنية تحت عنوان «تعلم من كيسي» حيث هدفت إلى التخفيف من استخدام الأكياس البلاستيكية بالإضافة إلى زيادة الوعي حول مخاطر استعمال الأنواع غير القابلة لإعادة التدوير والتي يتم رميها مع النفايات دون معالجة. علماً بأن النفايات البلاستيكية تشكل نحو 10 في المئة من إجمالي إنتاج النفايات المنزلية في لبنان.

وللمناسبة أعدت الوزارة والجمعية حملة متكاملة اشتملت على حملات توعية وإعلانات في كافة الوسائل الإعلامية ونشاطات في كافة المناطق تكللت بتوزيع ما يقارب 70000 كيس من القماش على المواطنين في كافة المناطق خصوصاً في المحالات التجارية والتعاونيات الاستهلاكية وذلك بالتعاون مع عدد كبير من الجمعيات الأهلية.

وكان للحملة الصدى الإيجابي لدى كافة المعنيين والمواطنين الذين بادروا لاستعمال أكياس القماش في تسوقهم واعدين بأنهم سوف يقلصون من استعمال الأكياس البلاستيكية في المستقبل.
 

-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

تجربة لبنان عن استخدام أكياس القماش بدل البلاستيك

من لبنان تقول المديرة العامة لجمعية الثروة الحرجية والتنمية سوسن بوفخر الدين في تصريح خاص بـ «الوسط» عن استخدام الأكياس القماش بدل البلاستيك: هناك إحصاءات دولية تقدر أن نحو 500 بليون كيس بلاستيك تستعمل في أنحاء العالم كل سنة، ولا يعاد تدويرها إلا بنسبة أقل من 1 في المئة.

القليل منها يعاد استعماله أو يستخدم في سلال المهملات، لكن المليارات تنتهي في الطبيعة، فتنتشر في الحقول وعلى الأشجار والأسيجة في جميع البلدان، وتترسب إلى قاع المحيط، وتخنق نحو مائة ألف حوت ودلفين وفقمة وسلحفاة وطائر كبير كل سنة.

وأضافت أن بعض البلدان اتخذت إجراءات حاسمة ضد الأكياس البلاستيكية. فمنعت بنجلاديش وتايوان وأوغندا وجنوب إفريقيا ومعظم المدن الهندية الكبرى استخدام الأكياس البلاستيكية الرقيقة. وسيمنع استخدامها في كينيا ابتداء من سنة 2008 وفي فرنسا ابتداءً من 2010.

- فرضت بنجلاديش حظراً تاماً على جميع الأكياس البلاستيكية الرقيقة العام 2002 بعدما تبين أنها المسبب الرئيسي للفيضانات التي حدثت في العامين 1988 و1998 وأغرقت ثلثي البلاد؛ إذ سدت الأكياس المرمية شبكات التصريف.
 


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/495464.html