صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 3724 | الجمعة 16 نوفمبر 2012م الموافق 19 رمضان 1445هـ

وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن احمد ال خليفة: الصراخ يعطل الديمقراطية... والتعصب والتكفير إرهاب

المنامة - بارعة علم الدين

قال وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة في مقابلة صحافية نادرة مع صحيفة «الحياة» ، إن المتطرفين والمتشددين أينما وجدوا في البحرين أو أي مجتمع خليجي أو عربي «سيكون مصيرهم كمصير الخوارج، ستنبذهم مجتمعاتهم وتهزمهم».

وشدد على أنه ليست في البحرين ظواهر تجب محاربتها، و «لكل مواطن بحريني الحق في ولائه الديني، المهم ألا تكون لديه ازدواجية سياسية في الولاء للوطن، فالدين لله والوطن للجميع». ونوه بنظام الجمعيات السياسية في البحرين التي هي بمثابة أحزاب، واشار إلى أن «الصراخ والضجيج في مجلس النواب يعرقلان الحوار والحياة الديمقراطية المثمرة».

وأعرب الوزير البحريني عن تفاؤله بتنفيذ كامل بنود ميثاق العمل الوطني، الذي طرحه الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وطرح في استفتاء شعبي في 14 فبراير/ شباط 2001، ووافق عليه الشعب بنسبة إجماع وصلت إلى 98.4 في المئة، وسجل هذا الميثاق «تطلعات الشعب في النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية».

وتحدث الشيخ خالد الى «الحياة» في مكتبه بالرفاع...

هناك من يعتقد أن السير في تنفيذ بنود ميثاق العمل الوطني بطيء أو متعثر، فهل هذا دقيق؟

- ان تنفيذ بنود الميثاق يسير كما يجب، وعلى أساس خصائص مجتمعنا، أي بالتدرج. فالتنفيذ السريع أو المستعجل لا يتفق مع طبيعتنا وتراثنا، والسير بهدوء هو الطريق الأمثل، خصوصا أننا على طريق جديد، علينا من خلاله أخذ الدروس والعبر من الواقع والتجربة. كما أننا جزء من واقع إقليمي علينا مراعاته، ولا يجوز أن يسير أحدنا يمينا والآخر شمالا، بل نحن نعيش في منظومة واحدة، التقارب فيها مطلوب، ولا نريد التغريد خارج السرب. أنا متفائل جدا بتنفيذ كامل بنود الميثاق الوطني في الوقت المناسب. ان هذا الميثاق أخرجنا من عنق الزجاجة، وأشرفت على إعداده فئات مثلت جميع أطياف المجتمع البحريني تقريبا. وركز على نقطتين أساسيتين، حقوق المرأة السياسية، وهي لم تكن موجودة سابقا ونظام المجلسين، (النواب والشورى). وبقية البنود ثوابت وطنية يتفق عليها الجميع.

أين هي الحقوق السياسية للمرأة اليوم؟

- ما تعاني منه المرأة البحرينية في عدم الوصول إلى حقوقها السياسية تعاني منه نساء المنطقة ككل، وكان لدينا أربعة رجال دين في لجنة وضع ميثاق العمل الوطني، ولم يعارض أو يتحفظ أحدهم على بند حقوق المرأة السياسية.

ما هي أسباب فشلها في الانتخابات السياسية؟

- للأسف المرأة هي سبب هذا الفشل، إن الكتل الانتخابية النسائية أكبر وتبلغ نسبتها 57 في المئة مقابل 43 في المئة للرجال. ولا بد أن بعض هؤلاء النساء لا يوافقن على دخول أخواتهن المجلس النيابي، وبعضهن الآخر موجهات، ويشترط عليهن أن يصوتن ضد بعضهن.

ما رأيك بنظام «الكوتا»؟

- مشكلة «الكوتا» أنها غير دستورية، وتعتبر تمييزا بين المواطنين، لكن ما يوازن هذا إلى حد ما هو تعيين الملك، نساء عضوات في مجلس الشورى، وبلغ عددهن في هذا المجلس 11 سيدة، أي 25 في المئة من إجمالي عدد أعضائه.

أما بالنسبة إلى عمل المجلس، فالتجربة البرلمانية جديدة على البحرين إلى حد ما، وبعدما توقفت الحياة البرلمانية فيها 27 سنة، ونتائج الانتخابات التي جاءت بهذا المجلس تختلف عن المجلس القديم، فقد تغيرت المناخات السياسية والفكرية، وتغيب الفكر الليبرالي عن هذا المجلس. ومن المعروف أنه في صلب واجبات النواب التشريع والرقابة، لكنهم للأسف غير قادرين على موازنة عملهم في التشريع والرقابة، بل يعطون الرقابة جُلَّ اهتمامهم، مما يعطل إنجاز المشاريع.

نحن كديوان لا نتدخل في عمل المجلس وأبوابنا مفتوحة لجميع النواب دائما، ومن خلال اتصالاتنا مع رئاسة المجلس، التي هي مبنية على أساس إننا مركز الاستشارات القانونية، نحاول جادين تأسيس أعراف برلمانية صحيحة وفاعلة خصوصا اننا لانزال في الفصل التشريعي الثاني.

البعض يعتقد أن هذا المجلس منقسم على أسس مذهبية، وليس على أساس أيديولوجيات وبرامج وطروحات سياسية.

- نعم، في هذا الكلام الكثير من الصحة، وعلينا عدم إنكار هذا الواقع، ونحاول لفت انتباه رؤساء الكتل، ونقدم لهم النصح بطرح القضايا من منطلق وطني صرف، بعيدا عن الطائفية أو المذهبية. ونعتقد بأن الطرح الطائفي سيقسم المجلس قسمين، وتتعطل جميع الأمور، فلا يستطيع القيام بواجباته ومسئولياته. عندها يخسر المواطن وممثلوه والوطن.

هل تعرقل محاسبة النواب للوزراء طريقة عملهم؟

- كلا، فالوزير المدرك لمسئولياته والملم بها، لن يعرقل مسيرته أي نائب، وعلى الوزير أن يمتلك الشجاعة، فلا يأبه أو يرتعب من أية محاسبة طالما هو واثق من صحة ما يفعل.

هل تعتقد أن المجتمعات الخليجية جاهزة لاستيعاب الممارسة الديمقراطية على الطريقة الغربية؟ أم أن التجربة الخليجية مختلفة بخصائصها؟

- هي مختلفة من دون شك، والديمقراطية الغربية عمرها مئات الأعوام لذلك لا نستطيع الوصول إلى ما وصلوا إليه خلال سنوات أو عقود قليلة، بالإضافة إلى أن تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا مختلفة كليا، وكذلك تجربتنا الديمقراطية.

في البحرين لدينا برامج تهتم بالتوعية السياسية لجميع المسئولين بمن فيهم النواب، ومهمة معهد التنمية السياسية توعية الأعضاء الجدد في هذه المؤسسات، بمبادئ ونظام العمل السياسي، والتعريف بعمل مجلسي الشورى والنواب، إلى جانب فصل السلطات والتعاون بينها. ونرى أن هناك حاجة ملحة للتعريف بمبادئ الحوار داخل المجلس وأسس هذا الحوار، من أجل الوصول إلى طرح كل القضايا بطريقة موضوعية هادئة، لأن الصراخ والضجيج يعرقلان الحوار العقلاني داخل المجلس، خصوصا أن الصراخ يقابله صراخ، وتكون النتيجة تعطيل العمل الديمقراطي، والفوضى والانسحابات.

سمعت بعض البحرينيين، سنّة وشيعة، يعبرون عن مخاوف من ارتباط بعض الشيعة بإيران أكثر من ارتباطهم بوطنهم البحرين، فهل هذه المخاوف مبررة؟ وهل لديكم قلق من مثل هذا الواقع؟

- الشعب البحريني في غالبيته العظمى ولاؤه الأول والأخير لوطنه البحرين، وهناك بعض أفراد المذهب الشيعي يكنّون الولاء الديني للمرجعية الدينية في النجف وآخرون للمرجعية في قم. لابد أن يكون مخطئا من يشعر بالولاء السياسي للخارج، ولا يجوز أن تكون لدى أي مواطن ازدواجية في الولاء السياسي، لبلده وبلد آخر.

هل لديكم إحصاءات تُظهر عدد المواطنين بحسب مذاهبهم؟

- كلا، لا نفكر أو نقسم المواطنين البحرينيين بحسب طوائفهم أو مذاهبهم، فالدين لله والوطن للجميع ودستورنا يتحدث عن حكم الغالبية المسلمة، من دون تفرقة بين السنّة والشيعة، وكلنا مسلمون. في البحرين لا نفكر على أسس مذهبية بل على أساس إننا جميعا مسلمون. لدينا كل مذاهب الإسلام تقريبا، وجميع المواطنين والطوائف سواسية في الحقوق والواجبات.

البحرين بلد معروف بالاعتدال، لكن يلاحظ اليوم نمو موجة تشدد إسلامي، فما هي الأسباب؟

- موجة التشدد والتطرف في الدين، حال لم تفرض على المجتمع، بل هي مرتبطة إلى حد ما بالمحيط العام، وربما جاءت أيضا كرد فعل على بعض الأمور التي تعكس انفلاتا، وأيضا عندما برزت أنظمة دينية مثل نظام الخميني، أثرت في مجموعات منتشرة في المنطقة، وكما هو معروف، فإن الظروف خدمت بعض رجال الدين للوصول إلى السلطة. المهم عندنا عدم تسييس الدين. ولكل مواطن أن يقارب ربّهُ وعبادته بالطريقة التي يرغب فيها، وهناك المعتدلون والمتشددون، وفي البحرين ليست لدينا ظواهر علينا محاربتها.

المهم ألا يكون هناك متعصبون وتكفيريون لأن هذا لا يجوز، وإذا وصلنا إلى هذه المرحلة لا سمح الله، فإننا نرى في هذا إرهابا فكريا، وهذا غير مقبول ويعيدنا إلى أيام الخوارج الذين قضت عليهم مجتمعاتهم. اليوم، المتعصبون والتكفيريون سيحاربون تماما مثل الخوارج فتنبذهم مجتمعاتهم وليس السلطة.

هل لديكم أي قلق على برنامج البحرين الإصلاحي من مثل تلك الفئات؟

- كلا... على الإطلاق، بل إن مجمل المشاركين في الإصلاحات فئات تعتبر مسئولة عن التيارات الإسلامية والجمعيات السياسية، ونأمل أن تكون الحريات غاية وليست وسيلة بالنسبة إلى هذه الجمعيات، فهي عندما تكون وسيلة ولأغراض حزبية، تصبح وبالا على المجتمع. فحرية التظاهر والاعتصام وغيرهما من حريات، لابد أن تكون على أساس القانون وضمن حدوده.

هل هناك أي تعاون بينكم وبين الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي في مجال تنفيذ الإصلاحات؟

- كلا، لكل دولة خليجية خصائصها الداخلية، وتجربتها الفريدة، ولا تتدخل أي من دول المجلس بالشئون الداخلية للدول الأخرى، لكننا مستعدون دوما للإجابة عن أي سؤال حول هذه التجربة من قبل أية دولة خليجية أو عربية عموما. في البحرين نثمّن تجربة مجلس التعاون الخليجي، ونتمنى أن تتمتع جميع الدول العربية بمثل هكذا تعاون وتقارب، مع الاحترام الكامل لخصوصيات البلد الآخر وسيادته.

لماذا غيّرتم اسم البحرين من إمارة إلى مملكة؟

- في هذا عودة إلى ما كان في السابق. البحرين في الماضي كانت مملكة ثم سميت إمارة ثم عادت إلى اسمها الأصلي تاريخيا.

 

المصدر: صحيفة الحياة
بتاريخ: 1 / 7 / 2008


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/716639.html