صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 3819 | الثلثاء 19 فبراير 2013م الموافق 19 رمضان 1445هـ

قال لـ"الشرق الأوسط" إن رفض السفارات البحرينية إصدار جوازات سفر يعرقل عودة بعض المعارضين

المعارض البحريني سعيد الشهابي: أعود للمنامة اليوم بعد غياب 20 عاما للمشاركة في الأجواء السياسية الجديدة - 23 مارس 2001

لندن: غالب درويش

من المتوقع ان يصل اليوم (الجمعة) الى المنامة المعارض البحريني الدكتور سعيد الشهابي بعد عشرين عاما قضاها في الخارج. وقال الشهابي وهو صحافي وباحث في الشؤون الخليجية في حديث لـ"الشرق الأوسط" امس ان عودته تأتي في سياق المشاركة في الاجواء السياسية الايجابية في البحرين. واضاف "ان عودتي تأتي تعبيرا عن دعمي للمشروع الاصلاحي الذي طرحه امير البلاد الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وتجديدا لمشاعر الحب اتجاه الوطن الذي لم اطأ ترابه منذ 22 عاما، كما تأتي عودتي رغبة في المشاركة الايجابية لأبناء شعبي في ظل الأجواء السياسية الجديدة ودعما لاعادة البيت الداخلي على اسس متينة للمستقبل الديمقراطي وتكريس حقوق الانسان". ويعد سعيد الشهابي من أبرز الشخصيات المعارضة البحرينية في الخارج، كما كان يرأس تحرير مجلة "العالم" التي كانت تصدر من لندن منذ عام 1983 وحتى عام .1999

* ما تعليقك على الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في ما يتعلق بالخلافات الحدودية بين البحرين وقطر؟

ـ لقد جاء قرار المحكمة الدولية في لاهاي بالشكل المناسب، وفي الوقت المناسب، ومن شأنه ان يؤدي الى المزيد من الاستقرار في المنطقة. فمن ناحية الحكم كان متوازنا لأنه لم يسع الى تغيير جذري في التوازن السياسي والجغرافي، بل أقر بشكل عام الامر الواقع، وبالتالي لم يخسر اي من الطرفين. فدولة البحرين حصلت على إقرار دولي حاسم بسيادتها على جزيرة حوار التي مارست السيادة عليها منذ اكثر من قرنين، وبالتالي فهي تشعر بارتياح عام وتأمل انتهاء ملف الازمة بشكل نهائي. اما قطر فلم تخسر شيئا لانها لم تمارس يوما السيادة على جزيرة حوار. ولو كان الحكم بشكل آخر لكانت له عواقب وخيمة. فقد أعلنت حكومة قطر انها سوف تلتزم بحكم المحكمة وتقبله، بينما كان موقف البحرين غير واضح في ما لو لم يكن الحكم لصالحها. ولك ان تتخيل ما يمكن ان ينجم عن حكم مختلف يسلب البحرين سيادتها على منطقة تعادل ثلث مساحتها الاقليمية. كما كان الحكم متوازنا في ما يتعلق بالمناطق الاخرى، فقد حكم بسيادة قطر على كل من فشت الديبل وجزيرة جنان وحدّ جنان، بينما قضى بسيادة البحرين على جزيرة جرادة. وقضى ايضا بترسيم حدود البحرين بشكل يحافظ على القدر الاكبر من تطلعات البلدين. وأقر لقطر حدودها في المياه الاقليمية الشمالية، ورفض الاعتراف بحق البحرين في مغاصات اللؤلؤ لان ذلك سوف يؤثر على الحدود البحرينية ـ القطرية. ونظرا لتوازن الحكم فقد أعلن البلدان قبولهما به على الفور.

* وماذا بعد حل الخلافات الحدودية بين البلدين؟

ـ لقد انفتحت الآن آفاق واسعة للتعاون بين البلدين الجارين. فأولا كان هناك اقتراح قطري سابق ببناء جسر بينهما وتشغيل عشرة آلاف بحريني، وقد دعا امير البحرين اخيرا لبناء الجسر. ولدى قطر مشاريع تنموية كبيرة اهمها مشروع الغاز العملاق، الذي يستطيع استيعاب عدد كبير من البحرينيين العاطلين عن العمل بشرط صفاء الاجواء بين البلدين. كما ان البلدين مقبلان على ممارسات ديمقراطية جديدة، وهذا من شأنه تعزيز امنهما واستقرار المنطقة، وسوف تكون هاتان التجربتان مهمتين بالنسبة لدول الخليج الاخرى التي سوف تراقب تطورات تلك الممارسة عن كثب، ومن المؤكد ان نجاح التجربتين سوف يشجع تلك الدول على الاستفادة من ايجابياتهما. والاهم من ذلك ان وشائج القربى بين العائلات البحرينية والقطرية اقوى من كل الخلافات الحدودية او السياسية، والامل ان يؤدي الانفراج السياسي الى تكثيف التواصل بين البلدين وتبادل الخبرات خصوصا في مجال الممارسة الديمقراطية.

* بصفتك احد ابرز المعارضين في الخارج كيف ترى التطورات السياسية الجديدة في البحرين؟

ـ انني اشعر بارتياح كبير مما تحقق خلال الاسابيع الاخيرة، فقد استطاع الامير الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، اختصار المسافات والتغلب على صعوبات الموقف وتعقيداته، وحقق للشعب اغلب ما يطالب به منذ ربع قرن. وبالتالي فهناك ارتياح عام من تلك الخطوات، خصوصا اعادة العمل بدستور البلاد المعلق منذ 1975 والقبول بمبدأ انتخاب المجلس الوطني، واطلاق سراح جميع السجناء السياسيين والسماح بعودة غير مشروطة للمبعدين. والاهم، في نظري، الغاء قانون امن الدولة ومحكمة امن الدولة. ولا بد من الاشارة الى ان ذلك القانون الرهيب كان من اهم معوقات الاستقرار الامني والسياسي، وبالغائه دخلت البلاد مرحلة اكثر أمنا واستقرارا. هناك جدية في تطبيق المشروع الاصلاحي الذي طرحه الامير وولي عهده. وهذا يتطلب السماح بقدر من الشفافية في طرح البرامج السياسية، والسماح بالحريات العامة وفي مقدمتها حرية الصحافة والتجمعات والممارسة الدينية.

* لقد عاد اغلب الرموز المعارضة، وما تزال عناصر حركة احرار البحرين في الخارج، فلماذا؟

ـ السماح بعودة غير مشروطة للمبعدين السياسيين كان من بين مطالب المعارضة، وقد وافق الامير على ذلك مشكورا. وقد عاد العديد من العناصر المعارضة الى البلاد، وهذا أمر ايجابي. واتخذت اغلب فصائل المعارضة قرارا بالعودة، لكن هناك معوّقات تعرقل عودة البعض بالسرعة المطلوبة. فيجب ان لا ننسى ان منع المواطنين من العودة الى بلادهم او ابعادهم قسرا كان سياسة ثابتة انتهجها البريطانيون في البحرين منذ الثلاثينات عندما ابعدوا اثنين من زعماء المعارضة الى الهند. وفي الخمسينات تم نفي ثلاثة من الرموز الوطنية هم عبد الرحمن الباكر وعبد علي العليوات وعبد العزيز الشملان الى جزيرة سانت هيلانة بالمحيط الاطلسي، ولم يفرج عنهم الا بقرار محكمة بريطانية في العام .1961 وقد توفي الباكر في سورية والعليوات في النجف، ولم يعد الى البلاد الا عبد العزيز الشملان، بعد الاستقلال. واستمرت الابعادات والنفي خصوصا في العشرين عاما الماضية. وبعد ان وضعت البحرين على قائمة الدول الخاضعة للمراقبة من قبل لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة في العام 1992 سمح لبعض المبعدين بالعودة واستغل ذلك لرفع البحرين من القائمة. وقد استمرت سياسة الابعاد حتى العام الماضي. وجاء القرار الاميري ليفتح الطريق امام عودة المعارضين. وكما ذكرت فقد عاد عدد منهم، وما يزال الباقون يرتبون امورهم ليعودوا. وأود ان اشير الى نقطتين اراهما مهمتين: الاولى ان المهم في الامر ضمان حق العودة لجميع ابناء البحرين، وترك امر العودة الفعلية لهم ليعودوا متى شاؤوا، وعدم سلب ذلك الحق منهم تحت اي عنوان. الثانية ان اجراءات العودة سهّلت نوعا ما، ولكن ترفض السفارات اصدار جوازات سفر للمواطنين وتشترط العودة الى البلاد لاصدارها، الامر الذي لا يجعل العودة امرا يسيرا خصوصا على المرتبطين بأعمال في بلدان اقامتهم. وبالاضافة الى ذلك ما يزال عدد من المواطنين ممنوعين من العودة خصوصا في بريطانيا، لأسباب غير معروفة، ونأمل ان تبادر السلطات لتسهيل مهمتهم وفقا للقرار الاميري الذي لم يستثن اي مواطن.

* كيف ترى تجدد مخاوف البعض من صعود التيار الديني على حساب التيارات الاخرى؟

ـ لقد نجحت المعارضة البحرينية خلال عمرها الطويل في التكاتف والتلاحم، فالتقى الاسلامي بالوطني والشيعي بالسني، وتلاحمت جهود المرأة مع الرجل، فكانت نتيجة ذلك النضال ما تحقق الآن على يدي امير البلاد الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة. ويشعر قطاع كبير من الرموز الاسلامية بضرورة الابقاء على هذه الروح التلاحمية بين ابناء الوطن الواحد. لقد كان التلاحم واضحا بين الفعاليات الحقوقية والسياسية من مختلف الوانها خصوصا في الخارج. ونجم عن ذلك قيام لجنة العريضة الشعبية في العام 1994، وهي اللجنة التي مثلت اغلب الاتجاهات السياسية والدينية في البلاد، وما تزال قائمة حتى الآن. ونحن في التيار الاسلامي نؤمن بوحدة المعارضة البحرينية على اختلاف مذاهبها الدينية والسياسية، ونؤكد ضرورة ابقاء خطوط التعاون والتلاحم مفتوحة، ومنع حدوث التشققات، خصوصا في الفترة الحالية. ان للتيار الديني قاعدته العريضة، ولكنه يؤمن بضرورة تنوع المعارضة واستيعابها لوجهات النظر المتباينة احيانا، فاذا كانت المحنة قد جمعت ابناء البحرين فيجب استمرار هذا الجمع في حالة الرخاء والانفراج. وهناك الآن توجه عميق لدى الرموز القيادية في الحركة الاسلامية بضرورة الحفاظ على ما تحقق من وحدة وطنية في السابق وتأكيدها من منطلقين: اعترافا بالجميل تجاه كل من ضحى من اجل الحرية، وحفاظا على المكاسب التي تحققت. وما يزال هناك دور للقطاع المثقف من جميع القطاعات للقيام بمشاريع مشتركة في النوادي والجمعيات المهنية والتخلي عن عقلية الاستحواذ والهيمنة.

* كيف تنظرون الى انعكاسات ما جرى في البحرين على صعيد الخليج؟

ـ ان من الصعب محاصرة انتقال الافكار والتجارب بين الشعوب خصوصا اذا كانت تلك الشعوب تعيش منطقة واحدة وتشترك في طبائع كثيرة وعادات وتقاليد وانماط حياة، والخليج منطقة متقاربة، كما ان شعوبها متداخلة وتطلعاتها متقاربة، كما هو الحال مع حكوماتها. وقد انتبهت الحكومات لضرورة التطوير السياسي وفتح مساحة الحريات.

المصدر: الشرق الأوسط
بتاريخ: 23 / 3 / 2001


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/740619.html