صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4313 | السبت 28 يونيو 2014م الموافق 18 رمضان 1445هـ

أمين «التظلمات»: الشكاوى ضد أفراد الأمن فردية ولا تعطي مؤشراً للتعميم

ضاحية السيف - أماني المسقطي

اعتبر الأمين العام للتظلمات نواف المعاودة أن معظم الشكاوى التي تلقتها الأمانة العامة للتظلمات هي تصرفات فردية صادرة عن بعض رجال الأمن، ولا تعطي مؤشراً للتعميم على الجهات التي يعملون فيها ككل.

كما أكد، في لقاء مع «الوسط»، أن استقلالية وحيادية الأمانة العامة للتظلمات أمر محسوم، بما يشمل عدم وجود أي تحيز من أي نوع لأي من الأطراف.

وذكر أن أمانة التظلمات مازالت تتابع تنفيذ توصيتها المتعلقة بمعالجة الاكتظاظ في السجون مع الجهات المختصة في وزارة الداخلية، مع الأخذ في الاعتبار أن مسألة تقدير وقت محدد أو أسلوب معين في تنفيذها مسألة نسبية، تخضع أيضاً لتقييم الجهات المختصة بالوزارة.

وقال المعاودة: «تحرص أمانة التظلمات على التعامل مع صاحب الشكوى بشكل مهني وإنساني في الوقت ذاته، وتبذل قصارى جهدها لتحقيق الإنصاف وضمان المساءلة في الشكاوى المقدمة إليها، ولكن في حال الوصول إلى نتيجة لا ترضي صاحب الشكوى فإنه يمكن لصاحب الشكوى حينها التظلم أمام المحكمة المختصة».

أكد أن الأمانة مازالت تتابع توصية «اكتظاظ السجون» مع «الداخلية»

المعاودة: استقلالية وحيادية «التظلمات» محسومة... والشكاوى ضد «الأمن» فردية لا مؤشر للتعميم

ضاحية السيف - أماني المسقطي

اعتبر الأمين العام للتظلمات نواف المعاودة أن استقلالية وحيادية الأمانة العامة للتظلمات أمراً محسوماً، بما يشمل عدم وجود أي تحيز من أي نوع لأي من الأطراف.

كما اعتبر في لقاء مع «الوسط» أن معظم الشكاوى التي تلقتها الأمانة العامة للتظلمات هي تصرفات فردية صادرة من بعض رجال الأمن ولا تعطي مؤشراً للتعميم على الجهات التي يعملون فيها ككل.

وفيما يأتي نص المقابلة التي أجرتها «الوسط» مع المعاودة»:

كم عدد الشكاوى التي تلتقها الأمانة العامة منذ تأسست، وما هي أنواعها؟

- تلقت الأمانة العامة للتظلمات 242 شكوى خلال الفترة منذ تدشينها في 2 يوليو 2013 وحتى نهاية شهر أبريل/ نيسان 2014، أي خلال عشرة أشهر، وقد تنوعت تلك الشكاوى بحسب عدة معايير، فمنها شكاوى تخص تعامل منتسبي وزارة الداخلية مع أفراد الجمهور، وشكاوى تخص نزلاء السجن وأماكن الحبس الاحتياطي والاحتجاز.

أما من حيث المرجعية القانونية، فتنوعت أيضاً من حيث شكاوى تتعلق بقانون العقوبات، وأخرى تتعلق بقانون قوات الأمن العام، وثالثة تتعلق بقانون وأنظمة السجون، وأخيراً شكاوى تتعلق بمدونة سلوك الشرطة، وغيرها من القوانين ذات العلاقة بالعمل الشرطي.

هناك مؤشر لتزايد عدد الشكاوى التي تلقتها أمانة التظلمات، ألا تعتقدون أن ذلك مؤشر لتدهور الوضع الحقوقي في البحرين؟

- تزايد عدد الشكاوى التي تلقتها أمانة التظلمات يشير إلى تنامي ثقة الجمهور بأهمية دورها والخدمات التي تقدمها، إذ إن خدمة أفراد الجمهور سواء من المواطنين أم الوافدين أم حتى الزائرين هو الهدف الرئيسي كونها تمارس دوراً خدمياً يتعلق بنظام الشكاوى ضد منتسبي وزارة الداخلية، حيث جاء إنشاؤها في إطار التطور الحقوقي المستمر الذي تنتهجه مملكة البحرين، بالإضافة إلى كونها من صور تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وهي الأولى من نوعها في المنطقة، عملها مستمر ودائم، وتتبع فلسفة مكاتب أمناء التظلمات على مستوى العالم، وهي فكرة طبقت بشكلها الحالي منذ ما يقارب قرنين من الزمان.

من جهة أخرى، فإن أفراد الجمهور لهم تعامل دائماً ومستمراً مع أجهزة وإدارات وزارة الداخلية في التخصصات كافة، ومن المنطقي أن تظهر بعض السلوكيات الفردية من جانب بعض منتسبي الوزارة، والتي قد تعتبر أفعالاً مؤثمة أو مخالفة للقانون، وبالتالي يكون دور الأمانة العامة للتظلمات في هذه الحالة هو تلقي الشكاوى بشأن تلك الأفعال، للعمل على تلافي الأخطاء التي تكشفت من خلال الخبرات المكتسبة في هذا الشأن، والعمل على تضمين سياسات الأمن العام ما يمنع من حصولها في المستقبل.

في عدد من التقارير الموازية لجهات أهلية، كان هناك انتقاد بشأن استقلالية وحيادية الأمانة العامة للتظلمات، فكيف تعلق على هذه الادعاءات؟

- استقلالية وحيادية أمانة التظلمات هي مسألة محسومة، وتم التأكيد عليها أكثر من مرة فالإطار المرجعي الذي ينظم عملها هو المرسوم رقم 27 لسنة 2012، والمعدل بالمرسوم رقم 35 لسنة 2013، والذي وضع آليات تحقيق الاستقلال المالي والإداري لها، إذ نص في المادة «6» منه على تحقيق الاستقلالية والحيادية، بما يشمل عدم وجود أي تحيز من أي نوع لأي من الأطراف، كما أن موازنة الأمانة العامة للتظلمات لها بند مستقل وللأمين العام للتظلمات وحده سلطة التصرف في المخصصات المالية المقررة لها، كما نصت المادة «3» كذلك على أن يمارس أمين عام التظلمات صلاحياته ومهامه باستقلال تام فيما يتعلق بالشكاوى المقدمة إليه والقرارات المرتبطة بها.

وبشكل عام تتوافق آليات وضمانات عمل الأمانة العامة للتظلمات مع ما هو متبع من معايير دولية، ولاسيما في الأجهزة المشابهة في المملكة المتحدة، سواء أجهزة التظلمات ضد رجال الشرطة أو أجهزة تظلمات السجون.

وفيما يتعلق بما تصدره جهات أهلية من تقارير، فإن الأمانة العامة للتظلمات أكدت أكثر من مرة ومازالت تؤكد على أنها تمد يد التعاون والتواصل مع أفراد الجمهور كافة، وجميع المؤسسات والإدارات والمنظمات داخل وخارج البحرين.

هل هذا يعني أنكم تأخذون في الاعتبار فيما يرد في التقارير الصادرة عن جهات أهلية؟

- بيّنا في تقريرنا السنوي أن الأمانة باشرت التحقيق في 28 حالة من جهات رسمية، وذلك عن طريق متابعة ما يثار في مؤسسات إعلامية محلية، أو ما يرد في تقارير منظمات دولية، بحسب الجهة التي أصدرت هذه التقارير، والتي يجب أن تكون جهات رسمية.

وبالنسبة لآلية الرصد والمتابعة فإن الأمانة العامة لا تعتبر ما يثار في وسائل التواصل الاجتماعي أو موقع «اليوتيوب» حالات تندرج في تصنيف الشكاوى الرسمية، كما لا يتم التعامل مع ما ينشر في الصحف المحلية من حالات باعتبارها شكاوى مكتملة الأركان، بل يتم التعامل معها باعتبارها معلومات أو أخبار يمكن أن يُنظر فيها بجدية من جانب الأمانة العامة، ويمكن أن تتحول لشكاوى يتم التحقيق فيها حال توافرت الشروط الموضوعية فيها، كما نرصد الحالات التي تتطلب المباشرة فيها، وأهمها إذا كانت مخالفة لمدوّنة سلوك رجال الأمن أو قانون العقوبات أو ما يشكل جريمة. علماً بأن أبواب الأمانة العامة للتظلمات مفتوحة لجميع أفراد الجمهور وهي تتلقى الشكاوى بطرق مختلفة تم الإعلان عنها أكثر من مرة.

وما هي آليات متابعة الشكاوى التي يتقدم بها المتضررون؟

- تقوم أمانة التظلمات بمراجعة الشكاوى المقدمة إليها وتقرر ما يدخل في اختصاصاتها، ثم يسير التحقيق في هذه الشكاوى ضمن مخطط مهني محدد، تقوم فيه بإبلاغ الجهة المختصة في وزارة الداخلية لاتخاذ الإجراءات التأديبية بحق المشكو في حقهم من منتسبي الوزارة أو إبلاغ النيابة العامة أو وحدة التحقيق الخاصة، في الحالات التي تشكل جريمة جنائية، وتتخذ توصيات إدارية بغرض الحفاظ على الأدلة خلال التحقيقات التي تجريها، مع إبلاغ كل من صاحب الشكوى والمشكو في حقه ببيان كافٍ يتضمن الخطوات المتخذة في التحقيق بالشكوى والنتائج التي خلص إليها، وذلك عن طريق آليات العمل المقرّة وتبعاً لوسائل التواصل مع أطراف الشكوى عن طريق الاتصال الهاتفي أو البريد الإلكتروني أو البريد العادي.

كيف يتم التأكد من مصداقية الشكوى المقدمة للأمانة؟

- في حال كانت الشكوى المقدمة ذات صلة بمهام واختصاصات للأمانة العامة للتظلمات، فإنه يتم التأكد من مصداقيتها وفقاً لآليات العمل المهنية المقرّة، والتي تتسق مع الآليات والمعايير الدولية المتبعة في هذا المجال، وذلك من خلال عمليات جمع الأدلة والمعلومات، وكذلك التحقيق مع الشاكين والمشكو في حقهم والشهود، بالإضافة إلى الحصول على المستندات والوثائق الرسمية من الجهات ذات الصلة بعمل الأمانة العامة للتظلمات مثل الجهات القضائية أو الأمنية أو الطبية أو غيرها.

وما هي ضمانات سرية المعلومات التي يقدمها الشاكي للأمانة؟

- ضمانات سرية المعلومات التي يقدمها الشاكي للأمانة مكفولة بموجب مبدأ «حماية خصوصية وسلامة الأطراف»، ويتم التأكد من ضمان هذه السرية في جميع مراحل التحقيق في الشكاوى باستثناء ما يتم الإفصاح عنه لضرورة التحقيقات لدى الجهات المختصة وحدها من دون غيرها.

وكيف يتم تقديم ضمانات الحماية للأشخاص الذين يتقدمون بالشكاوى؟

- ضمانات حماية الأشخاص الذين يتقدمون بالشكاوى مكفولة تماماً، ليس في مجال عمل الأمانة العامة للتظلمات فحسب، بل يقرّها القانون بشكل واضح ومفصل، وذلك في المرسوم بقانون رقم «53» لسنة 2012 والخاص بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالمرسوم بقانون رقم «46» لسنة 2002، إذ نصت المادة «127 مكرر» على أنه «للنيابة العامة، بناءً على طلب المجني عليهم أو الشهود أو من يُدلون بمعلومات في الدعوى، ولاعتبارات مقبولة تتعلق بسلامتهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم، أن تأمر باتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتهم مما قد يتهددهم من مخاطر بسبب أو بمناسبة الإدلاء بالشهادة أو المعلومات، ولها في ذلك أن تأمر بموافقة المجني عليهم أو الشهود أو الأشخاص المتعيّن حمايتهم اتخاذ كل أو بعض التدابير التالية إلى حين زوال الخطر: تغيير محل الإقامة، تغيير الهوية، وحظر إفشاء أي معلومات تتعلق بالهوية وأماكن وجود الأشخاص المتعيّن حمايتهم، ومحال إقامتهم، أو وضع قيود على تداول بعض هذه المعلومات.

وفي حال اتخاذ أي من التدابير المبينة بالفقرة السابقة، يثبت في التحقيق موجز بمضمون الشهادة أو المعلومات دون تصريح بمصدرها الحقيقي إلى حين زوال الظروف التي دعت إلى اتخاذ تلك التدابير، أو إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة وصدور إذن منها بالكشف عن هوية المصدر».

وهل مررتم بحالات تتطلب حماية الشاكين بناء على طلبهم؟

- لم تمر علينا حالات من هذا النوع، وفي كل الحالات فإن النيابة العامة هي التي تقدر الواقعة، أو يكون ذلك بطلب من الشاكي.

في حال عدم رضا الشاكي عن نتائج التعامل مع شكوته، هل هناك جهة أخرى يمكنه اللجوء إليها؟

- تحرص أمانة التظلمات على التعامل مع صاحب الشكوى بشكل مهني وإنساني في الوقت ذاته، وتبذل قصارى جهدها لتحقيق الإنصاف وضمان المساءلة في الشكاوى المقدمة إليها، ولكن في حال الوصول إلى نتيجة لا ترضي صاحب الشكوى فإنه يمكن لصاحب الشكوى حينها التظلم أمام المحكمة المختصة، مع الأخذ في الاعتبار أن النتيجة النهائية للتحقيقات في العديد من الشكاوى، ليست قراراً خاصاً بالأمانة العامة للتظلمات لوحدها، فهي تؤدي مهام عملها، وتقوم بتبليغ الجهات ذات الصلة مثل: النيابة العامة، وحدة التحقيق الخاصة، النيابة العسكرية بوزارة الداخلية، لجان التأديب للموظفين المدنيين، وغيرها من الهيئات والأجهزة.

هل صادفتم حالات عدم رضا الشاكي عن نتائج التحقيق التي توصلتم إليها؟

- لم تصلنا حالات من هذا النوع حتى الآن.

في أكثر من مرة أعلنت الأمانة العامة للتظلمات التحقيق في عدد من الحالات المتعلقة بسلوك رجال الأمن، ولكنها لم تعلن عن نتائج التحقيق، ومن بينها حالات مضت عليها أشهر، فلماذا؟

- تؤكد أمانة التظلمات دائماً على مبدأ الشفافية، وهي في الوقت ذاته توازن بين متطلبات الشفافية وضرورات حماية أطراف الشكوى والحفاظ على سرية وخصوصية المعلومات التي تحقق فيها، وبالفعل أعلنت أمانة التظلمات في أكثر من مرة التحقيق في عدد من الحالات المتعلقة بسلوك رجال الأمن، كما أنها قامت بمبادرة منها ومن خلال الرصد والمتابعة بالتحقيق في العديد من الوقائع التي رأت أنها قد تؤثر سلباً على ثقة الجمهور في منتسبي وزارة الداخلية، والتقرير السنوي الأول حوى نماذج من هذه التحقيقات، أما التأخير في الإعلان عن نتائج أخرى، فذلك يرجع إلى أن العديد من الشكاوى أو القضايا التي باشرتها حوّلت إلى جهات قضائية أخرى ويتم تداولها في تلك الجهات بالكيفية التي تحكم عمل كل جهة، ويكون دور الأمانة العامة للتظلمات حينئذ متابعة مسار تلك الشكاوى في الجهات المحالة إليها.

كما يجب التأكيد هنا على عدم إمكان الإعلان عن الشاكين والمشكو بحقهم وذلك طيلة مدة التحقيقات التي تجريها الأمانة العامة وفيما بعدها، لأن عملنا يقوم على حماية خصوصية الأفراد، الشاكي والمشكو عليه وأبنائهم وعائلتهم، إلى حين انتهاء إجراءات القضية في النيابة العامة أو النيابة العسكرية أو المحكمة.

العديد من المنظمات الدولية والناشطين الحقوقيين ينشرون تقارير وصوراً تثبت تعرض البعض لإصابات خطيرة، بينما لا يعبّر تقريركم السنوي عن هذه الإصابات، فكيف تعلق على ذلك؟

- بعض المنظمات وكذلك بعض الأشخاص يقومون بنشر تقارير أو صور في مواقع إلكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي، بها ادعاءات عن «تعرض البعض لإصابات خطيرة»، من جانبها قامت الأمانة العامة للتظلمات برصد 28 حالة من تلك الحالات وقامت بالتحقيق فيها وتحويلها للجهات المختصة، وبشكل عام فإنه لكي يتم التعامل مع أية ادعاءات يجب أن تكون مقدمة بشكل رسمي من خلال استمارة الشكوى المعتمدة وذلك لضرورات قانونية ووظيفية، إذ إن هناك العديد من المعلومات اللازمة للتحقيق يجب التأكد منها، كما أن المهنية تستلزم إقرار مبدأ المسئولية فيما يقدم من معلومات وبيانات بالشكوى كونها يمكن أن تُنظر في جهات قضائية ويترتب عليها تبعات قانونية متعددة قد تصل لمحاكمات جنائية أو تأديبية أو كلتاهما معاً.

ثم إن إقرار مبدأ مسئولية صاحب الشكوى أو وكيله في تقديم الشكوى بشكل رسمي هو في مصلحته بالمقام الأول وحماية له من أن ينتحل شخص أو جهة هويته أو يتحدث باسمه أو يقدم معلومات أو بلاغات من دون علمه أو رغبته.

ألا ترى أن هناك تداخلاً في عمل المؤسسات أو الجهات الرسمية المعنية بحقوق الإنسان، وخصوصاً في ظل التشابه في الاختصاصات والصلاحيات الممنوحة لكل جهة؟ وهل يعوق ذلك عملكم؟

- أرى أنه على العكس فإن تعدد المؤسسات أو الجهات الرسمية المعنية بحقوق الإنسان هو أمر إيجابي، كون كل واحدة منها ذات اختصاصات وصلاحيات محددة، يمكن التعرف عليها من خلال المرجعيات القانونية التي تحكم عمل كل واحدة منها بحسب مراسيم إنشائها، أما علاقة الأمانة العامة للتظلمات مع هذه المؤسسات فهي علاقة إيجابية قائمة على التعاون الوظيفي والمهني وعلى تبادل الخبرات والمعلومات.

وعلى سبيل المثال، وقعت الأمانة العامة للتظلمات في يوليو/ تموز 2013 مذكرة تفاهم مع وحدة التحقيق الخاصة، في إطار التعاون المهني بين الجانبين، كما وقعت في ديسمبر/ كانون الأول 2013 مذكرة تفاهم مع المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان لتكون الإطار الذي ينظم أواصر التنسيق والتعاون المشتركين بين الطرفين، كما أن لها علاقة وثيقة بمفوضية حقوق السجناء والمحتجزين التي أنشئت بموجب مرسوم رقم «61» لسنة 2013 الذي صدر في سبتمبر/ أيلول 2013.

وكيف يتم التنسيق بينكم كأمانة للتظلمات ومؤسسة حقوق الإنسان بشأن الشكاوى ضد أفراد الشرطة؟

- من صلاحيات المؤسسة والأمانة تلقي الشكاوى ضد أفراد الشرطة، ولكن الفارق أن للأمانة سلطة التحقيق مع أفراد الشرطة، واستدعاء المشكو في حقه وطلب الأدلة، في حين أن صلاحية المؤسسة أشمل على مستوى البحرين في جميع مجالات حقوق الإنسان.

أما تنسيق العمل مع المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان فيتم من خلال مذكرة التفاهم المشتركة بيننا كجهتين، وأية شكاوى ترد إلى المؤسسة وتخص أفراد الشرطة يتم إحالتها إلينا، ونحن نباشر التحقيق مع الأطراف المعنية، ومن ثم نزود المؤسسة بالقرار الذي تم اتخاذه.

وهل تطلعون المؤسسة بدوركم على الشكاوى التي تردكم؟

- لا نطلع المؤسسة عليها، وإنما نحوّلها إما لوحدة التحقيق الخاصة أو النيابة العامة، أو النيابة العسكرية بوزارة الداخلية، أو يتم التسوية فيها.

قبل أسابيع أعلن عدد من سجناء جو إضرابهم احتجاجاً على أوضاعهم في السجن، فهل حققت الأمانة العامة في هذا الأمر؟

- تلقت أمانة التظلمات عدة شكاوى من نزلاء بسجن جو بشأن إضرابهم، وذلك في شهر أبريل/ نيسان الماضي، في الوقت ذاته باشرت النيابة العامة التحقيق في هذا الأمر، لذلك أحالت الأمانة تلك الشكاوى للنيابة العامة، وهي في انتظار نتائج تحقيقات النيابة المتعلقة بهذا الشأن.

وفي حال أصدرت النيابة قرارها بإحالة المشكو ضدهم إلى المحكمة، فيبرز دورنا في المساءلة التأديبية إذا لم يتم تغطية الجانب الجنائي.

إلى أي مدى التزم مركز الإصلاح والتأهيل (سجن جو) بتوصياتكم الواردة في التقرير الذي عرضتم فيه نتائج زيارتكم إلى السجون؟

- أعلنت أمانة التظلمات في سبتمبر 2013، نتائج الزيارة التفتيشية التي أجرتها لمركز الإصلاح والتأهيل والتي استمرت لمدة ثلاثة أيام خلال الفترة من 3 إلى 5 سبتمبر 2013، تم خلالها التأكد من مدى تحقق المعايير القياسية المتعلقة بالمعاملة الإنسانية، وظروف المكان، والحقوق والضمانات القانونية للنزلاء، بالإضافة إلى الرعاية الصحية المتوافرة، وقدمت في هذا التقرير 18 توصية، منها توصيات عامة وتوصيات خاصة بالرعاية الصحية، وتم الإعلان في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عن تنفيذ توصية منها وهي المتعلقة بفصل النزلاء من ذوي الفئة العمرية 15 إلى 18 عاماً في «عنابر» وزنازين مخصصة لهم وحدهم، وتتابع الأمانة العامة تنفيذ التوصيات الأخرى حتى أنها أصدرت توصية جامعة في تقريرها السنوي الأول وهي التوصية التاسعة التي نصت على «استكمال تنفيذ توصيات الأمانة العامة الصادرة في تقرير زيارة مركز الإصلاح والتأهيل بمنطقة جو (سجن جو) التي تم إعلانها في سبتمبر الماضي»، أما الإعلان عن تنفيذ أية توصيات أخرى فهو منوط بإدارة الإصلاح والتأهيل بحسب خطط التنفيذ التي تقرها.

جددتم توصيتكم لوزارة الداخلية بمعالجة مشكلة الاكتظاظ في السجون، هل تابعتم تنفيذ هذه التوصية بالتحديد مع الوزارة؟

- نعم، مازلنا نتابع تنفيذ هذه التوصية مع الجهات المختصة بالوزارة، مع الأخذ في الاعتبار أن مسألة تقدير وقت محدد أو أسلوب معين في تنفيذها مسألة نسبية، تخضع أيضاً لتقييم الجهات المختصة بوزارة الداخلية.

هل قامت الأمانة العامة بزيارة أخرى إلى السجون، بما فيها سجن النساء، بخلاف تلك التي قام بها في شهر سبتمبر الماضي إلى سجن جو؟

- قامت الأمانة العامة للتظلمات بزيارة تفتيشية كاملة لمركز الإصلاح والتأهيل بمنطقة جو (سجن جو) في شهر سبتمبر الماضي، وتأتي تلك الزيارة تبعاً للآليات الدولية المتعارف عليها في زيارة السجون، ولاسيما الآليات المتبعة في المملكة المتحدة، ومن المتعارف عليه في هذه المعايير الدولية أن الزيارات المتكاملة للسجون المركزية تكون على فترات زمنية طويلة نسبياً نظراً لأنها تراجع معايير كثيرة، كما إن تنفيذ التوصيات الخاصة بمثل هذه الزيارات قد تحتاج إلى بعض الوقت، لأنها تتعلق بإجراءات إدارية وتنفيذية وأحياناً قانونية، كما توجد بالفعل خطط للزيارات المعلنة أو المخطر عنها مسبقاً لتلك المقارّ ومنها سجن النساء والتي ستتم في حينها.

كيف تفسرون تضاعف عدد الشكاوى الواردة ضد الإدارة العامة للمباحث الجنائية، بحسب ما ورد في تقريركم السنوي؟

- يتم تصنيف الجهات المشكو بحقها بحسب ما ورد في استمارات الشكاوى، ويتم تدوين جميع المعلومات والبيانات الواردة في تلك الاستمارات باعتبارها ادعاءات يتم التحقيق فيها من خلال للآليات المتبعة سواء في الأمانة العامة للتظلمات أو في الجهات الأخرى التي قد تحال إليها تلك الشكاوى، وقد عرض التقرير السنوي الأول للأمانة العامة للتظلمات للجهات المشكو ضدها، وبالطبع يتم تصنيف تلك الجهات بحسب إفادات أصحاب الشكاوى أو ما ينتهي إليه التحقيق في الأمانة العامة.

ولكني أود التأكيد هنا، على أنه ليس من مهام الأمانة تفسير أسباب زيادة أو نقصان الشكاوى المقدمة ضد أي جهة، وإنما الجهة المعنية هي المعنية بالتفسير، أما الإعلان عن عدد الشكاوى فهو يأتي التزاماً بمبدأ الشفافية وهو من المبادئ الرئيسة للأمانة العامة للتظلمات.

مع الأخذ في الحسبان أنها بالأساس جهاز خدمي يستهدف خدمة الجمهور فيما يتعلق بنظام الشكاوى بحق منتسبي وزارة الداخلية، وليست جهاز لتقييم الأداء، وعملها يهدف إلى ضمان المساءلة وتقديم توصيات للجهات المعنية، ومتابعة مجريات التحقيق في الشكاوى لدى الجهات المحالة إليها.

إلى أي مدى ترون التزام عناصر الأمن بمدونة سلوك رجال الأمن؟

- تعمل أمانة التظلمات على ضمان الالتزام بقوانين البلاد والمعايير المهنية للعمل الشرطي المنصوص عليها في مدونة سلوك الشرطة، وكذلك باللوائح الإدارية التي تحكم أداء الموظفين المدنيين، ضمن إطار عام يشمل احترام حقوق الإنسان وترسيخ العدالة وسيادة القانون واكتساب ثقة الجمهور، وتبيّن من معظم الشكاوى التي تلقتها الأمانة العامة للتظلمات أن الأفعال المخالفة التي تم تقديم شكوى بشأنها هي تصرفات فردية صادرة من بعض رجال الأمن ولا تعطي مؤشراً للتعميم على الجهات التي يعملون فيها ككل، أما التقييم الإداري للأفراد وتبيان مدى التزامهم بمدونة السلوك، فهذا يرجع للجهات المختصة بوزارة الداخلية وما تتبعه من معايير تقييمية في هذا المجال.

وهل تعتقد بأن التعذيب مستمر في البحرين؟

- تتعامل أمانة التظلمات مع ما يثار من ادعاءات عن التعذيب بحسب اختصاصاتها وصلاحياتها، فلها بحسب المادة «12» من مرسوم إنشائها والمرسوم المعدل «زيارة السجون وأماكن رعاية الأحداث وأماكن الحبس الاحتياطي والاحتجاز للتحقق من قانونية الإيداع وعدم تعرض النزلاء والمحبوسين والمحتجزين للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة»، وحدد المرسوم أيضاً طريقة تعاملها مع مثل تلك الادعاءات في المادة «14» التي أكدت أنه يتعين على الأمانة العامة للتظلمات إبلاغ النيابة العامة من دون تأخير في حال إذا تبين من فحص شكوى طبقاً لأحكام هذا المرسوم أنها تشكل جريمة جنائية تقع ضمن اختصاص النيابة العامة.

أما من الناحية المهنية، فأشارت الأمانة العامة في تقريرها السنوي إلى تعدد التحقيقات التي أجرتها، وتنوع الأفعال المؤثمة والمخالفات التي انطوت عليها الادعاءات المقدمة في استمارات الشكاوى، لذلك تعددت أيضاً نتائج تلك التحقيقات، فمنها ما أُحيل إلى وحدة التحقيق الخاصة أو النيابة العامة، ومنها ما أُحيل إلى النيابة العسكرية بوزارة الداخلية، ومنها ما تم حفظه للعديد من الأسباب القانونية كعدم وقوع فعل مؤثم، والتي يحاكم بموجبها رجال أمن أمام محاكم جنائية وتأديبية والذين بلغوا 14 فرداً، 12 منهم أحيلوا للمحاكم الجنائية، حُكم على أحدهم بالحبس ستة أشهر، فيما أُحيل اثنان للجهات التأديبية، وحُكم على أحدهما بجزاء تأديبي.

كيف يرى الأمين العام للتظلمات الطلبات المتكررة للمقرر الخاص بالتعذيب إلى البحرين؟

- دور الأمانة العامة للتظلمات هو دور خدمي ينبع من طبيعتها كجهاز تنفيذي مستقل له اختصاص محدد يتعلق بوزارة الداخلية وهو: تلقي شكاوى المواطنين أو الوافدين أو حتى الزائرين، أو وكلائهم، وكذلك تلقي شكاوى من شهود أو منظمات مجتمع مدني، بحق منتسبي وزارة الداخلية من مدنيين أو عسكريين في حال ارتكب أحدهم فعلاً بالمخالفة للقانون بما يبرر اتخاذ إجراءات جنائية أو تأديبية، بمناسبة أو أثناء أو بسبب ممارسته لاختصاصاته، وكذلك زيارة السجون وأماكن رعاية الأحداث وأماكن الحبس الاحتياطي والاحتجاز للتحقق من قانونية الإيداع وعدم تعرض النزلاء والمحبوسين والمحتجزين للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة.

أما مسألة زيارة المقرر الخاص بالتعذيب إلى البحرين فهو أمر يتعلق بقرار الحكومة في هذا الشأن.

متى ستبدأ مفوضية حقوق السجناء زياراتها إلى السجون؟

أولاً أود الإشارة إلى أن إنشاء مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين استند إلى عدة مرجعيات دستورية وقانونية ومعيارية، منها الأخذ في الاعتبار مبادئ البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب (OPCAT) الذي جرى اعتماده بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلسة 18 ديسمبر/ كانون الثاني 2002، وكذلك من خلال الاستفادة بخبرات مفتشية جلالة الملكة للسجون في بريطانيا، وجرى أيضاً الاسترشاد برأي رئيس اللجنة الفرعية لمكافحة التعذيب التابعة للأمم المتحدة. وبحسب مرسوم إنشائها فهي تتولى تحديد أسلوب عملها باستقلال تام ودون التدخل من أي جهة، ولها تحديد الزمان الذي تراه مناسباً لزيارة النزلاء والموقوفين في أماكن احتجازهم سواء كانت الزيارة معلنة أو غير معلنة، والتحقق من الأوضاع القانونية لاحتجازهم والمعاملة التي يتلقونها». كما تم تشكيل المفوضية في 17 فبراير/ شباط 2014، أي أن تشكيلها لم يمضِ عليه أربعة أشهر حتى الآن، وراعى هذا التشكيل معايير مهنية مع الحرص على التنوع والتخصص وتم من خلال الأخذ برأي وترشيحات العديد من المؤسسات القضائية، والأهلية والجهات ذات الصلة بالعمل الحقوقي في المملكة.

وشهدت المفوضية خلال الفترة منذ تشكيلها وحتى الآن عملية التأسيس الإداري واختيار الكادر الوظيفي الأولي، كما شهدت وضع آليات لعملها، وباشرت بالفعل في ممارسة اختصاصاتها من خلال التعرف على الأساليب الدولية المتبعة في مجال تخصصها ولاسيما من خلال برامج التدريب التي وفرتها مفتشية جلالة الملكة للسجون بالمملكة المتحدة، وهي تعتزم الإعلان عن أعمالها في التوقيت الذي تقرره.

 

 

المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
بتاريخ: 29 يونيو 2014


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/899789.html