صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4491 | الثلثاء 23 ديسمبر 2014م الموافق 19 رمضان 1445هـ

بيان المكتب السياسي لجمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد"

عقد المكتب السياسي بجمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد" اجتماعه الأسبوعي مساء أمس الأول الأثنين الموافق 22 ديسمبر 2014، وناقش جملة من القضايا التنظيمية والسياسية التي تمر بها الساحة المحلية.

وقد أشاد الاجتماع بالنجاح الذي حققه المنتدى الفكري الثاني للمناضل عبدالرحمن النعيمي الذي عقد في العاصمة اللبنانية بيروت في التاسع عشر من ديسمبر الجاري، سواء من حيث التنظيم والحضور أو على مستوى أوراق العمل التي تقدم بها المشاركون في المنتدى الذي حمل عنوان "الهوية العربية بين الوحدة والتشظي"، حيث شارك فيه عشرات المفكرين العرب من مختلف الأقطار العربية بالإضافة إلى مفكرين بحرينيين وأعضاء من جمعية وعد. وأكد الاجتماع على ضرورة استمرار عقد المنتدى سنوياً، وتوجه بالشكر والتقدير لكل المشاركين الذين أسهموا في نجاح أعماله وإلى اللجنة المنظمة للمنتدى، وتمنى المزيد من التطوير والفاعلية في الدورات القادمة للمنتدى.

وتوقف الاجتماع أمام الوضع السياسي الذي تمر به بلادنا البحرين وركز على:

أولاً: إن استمرار الأزمة السياسية الدستورية التي تعصف بالبلاد منذ قرابة أربع سنوات مرشحة للمزيد من التداعيات، خصوصاً في ظل تفاقم الأوضاع الأمنية والسياسية الإقليمية التي تشهدها المنطقة في العراق وسوريا واليمن وليبيا. وان إجراء الانتخابات النيابية والبلدية دون وضع حلول للأزمة يعتبر مؤشراً سلبياً من شأنه تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية، خصوصاً مع استمرار الانتهاكات والإصرار على الحل الأمني الذي تأكد فشله عشرات المرات في البحرين وفي كل الدول التي أرادت السير على هذا النهج المدمر للنسيج المجتمعي والاقتصاد الوطني والمهدد للاستقرار الاجتماعي والسلم الأهلي في البلاد.

ثانياً: إن تداعيات الإصرار على الحل المنفرد من طرف واحد قاد إلى تدهور الوضع الاقتصادي وبالتالي الأوضاع المعيشية للمواطنين الذين يواجهون نتائج السياسة المنفردة التي يقود النظام فيها البلاد، خصوصاً مع تدهور أسعار النفط التي تعتمد موازنة البحرين على نحو 90 بالمئة من إيراداتها على عوائد النفط ومشتقاته، الأمر الذي سيقود إلى تفاقم العجز في الموازنة العامة إلى مستويات غير مسبوقة ستؤدي بدورها إلى زيادة الدين العام الذي بلغ مرحلة حرجة زادها خطورة فتح باب الاقتراض إلى سقف جديد يصل إلى سبعة مليارات دينار، مما يؤكد هواجس جمعية وعد والقوى الوطنية الديمقراطية المعارضة إزاء مضاعفة الضغوط على المواطنين الذين كانوا يحلمون ويطالبون بتحسين ظروف معيشتهم لتأتيهم أزمة تدهور أسعار النفط إلى ما دون الستين دولار للبرميل وتزيد من معاناتهم باستفحال الأزمات المعيشية مثل أزمة الإسكان التي تنذر بخطر كبير بعد تهاوي وضمور الطبقة الوسطى ووقوف أغلب البحرينيون في طابور الخدمات الإسكانية رغم الوعود والتصريحات البراقة الملمعة للحالة المتردية، وتفاقم أزمة البطالة إلى مستويات بدت معها تحذيرات المؤسسات الدولية ذات الصلة تطلق التحذيرات من مغبة تفاقمها إلى مستويات تزيد عن نسبة 16 بالمئة في بلد تشكل فيه العمالة الوافدة أغلبية السكان وفي ظل غياب الاستراتيجيات العمالية والتوظيف وتوطين الوظائف التي يشغر الوافدون الوظائف وفرص العمل الجديدة، إضافة إلى عدم جدية الحكم في إغلاق ملف المفصولين على أرضية الاتفاقية الثلاثية بين الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين ووزارة العمل وأصحاب الأعمال، إذ لا يزال كثير من العمال المفصولين لم يعودوا لأعمالهم وحصولهم على كامل حقوقهم

ومنهم رؤساء النقابات، الأمر الذي يعني إعادة فتح هذا الملف في منظمة العمل الدولية ورفع المزيد من الشكاوى على حكومة البحرين، فضلاً عن بروز مؤشرات لبدايات أزمات اقتصادية تخنق معيشة المواطنين منها تلك التوقعات برفع الدعم الحكومي على السلع والكهرباء والمحروقات تحت حجة عجز الموازنة والرضوخ لشروط صندوق النقد الدولي، ناهيك عن تصريحات المسئولين بوجود عجز بين الإيرادات والمصروفات في صندوق التأمينات الاجتماعية للقطاع الخاص دون العمل الجاد في القضاء على مسببات هذا العجز وأهمها هيمنة العمالة الأجنبية المهاجرة التي بلغت تحويلاتها لبلدانها نحو 2.5 مليار دولار سنوياً.

ثالثاً: إن سياسة التجنيس السياسي التي تفاقمت في الآونة الأخيرة تشكل خطراً كبيراً على الاستقرار الاجتماعي وبدأت تشكل طائفة ثالثة في المجتمع البحريني وتنذر بتداعيات خطيرة على السلم الأهلي، فضلاً عن الاستنزاف الاقتصادي الذي تفرضه هذه السياسة في ظل غياب الاستراتيجيات الحقيقية للتنمية المستدامة التي يفترض فيها الحفاظ على الثروة وزيادة الاهتمام وتطوير المستوى المعيشي للمواطنين بدلاً من الإمعان في عملية التجنيس لإحداث التغيير الديمغرافي المدمر المتماشي مع سياسية التمييز الطائفي والمذهبي التي تفعل فعلتها في الواقع المجتمعي وتنذر بتفجر الأوضاع في البلاد أكثر مما هي متفجرة ومتوترة. إن هذه السياسة العقيمة قادت إلى تراجع وتدهور النظام الإداري في الدولة وساهمت في تفاقم الأزمة وتعقيدها، الأمر الذي ينبغي التوقف عنها وإعادة النظر في كل سياسات التمييز بكافة أشكالها. كما أن تصريحات السفير الباكستاني إزاء تجنيس نحو 30 ألف باكستاني بالجنسية البحريني، رغم تبرؤه من هذه التصريحات، تنذر بتدهور الأوضاع على مستويات كثيرة ومنها مضاعفة الضغط على الخدمات العامة وحرمان المواطنين من أحقيتهم في هذه الخدمات، وان نفيه للتصريحات الصحافية التي أطلقها لا تغير من واقع الأمر بشيء، حيث تشير الإخبار الصحفية إلى أن معظم الخدمات الإسكانية التي تنفذها وزارة الإسكان من المارشال الخليجي المخصص لتوفير البيوت للمواطنين تذهب لهؤلاء المجنسين.

رابعاً: إن تداعيات الأزمة الداخلية والإقليمية قادت إلى بناء قاعدة عسكرية بريطانية متقدمة في الذكرى الثالثة والأربعين للاستقلال، وهي قاعدة تعتبر عودة الجيش البريطاني إلى البحرين بعد عدة عقود من مغادرته البلاد. وان الحديث عن مواجهة الإرهاب وتنظيم داعش التي أدلى بها السفير البريطاني لا يمكن فهمها إلا في سياق السيطرة على البلدان وعودة دخول الاستعمار من النافذة بعد مغادرته من الباب وتأسيس الدولة المستقلة الحديثة في العام 1971 الذي اعتبرت فيه البحرين دولة مستقلة بناء على تقرير لجنة التقصي الأممية وتعهد الحكم بإقامة وتأسيس نظام ديمقراطي في البحرين يستند إلى النص الدستوري الشهير "الشعب مصدر السلطات جميعا". لقد مارس السفير البريطاني تدخلا سافراً في الشئون الداخلية بإطلاقه الصفات غير اللائقة والمتوافقة مع سياسة الإعلام الرسمي التحريضي والمؤزم للأوضاع ومحاولة شيطنة المعارضة ومحاصرة مكون رئيسي في البلاد استناداً على أرضية مصادرة حق الآخر في التعبير عن رأيه وتهميشه وإقصاءه في العديد من المواقع. إن الوجود العسكري الأجنبي في البحرين هو أمر مرفوض، وان تواجده بالطريقة التي تمت فيها اتفاقية إقامة القاعدة البريطانية يعتبر مساساً مباشراً بالسيادة الوطنية، رغم محاولة السفير البريطاني تركيب اتهامات ضد المعارضة الوطنية، وهي اتهامات تأتي في سياق المحاولات الفاشلة في تسقيط المعارضة وشيطنتها على الطريقة التي صدرت عن السفير البريطاني، الذي بدلاً من

دعمه للسياسات الرسمية عليه أن يعيد النظر بحث الحكومة الاستفادة من تجربة المصالحة والعدالة الانتقالية التي نفذتها حكومته في ايرلندا والتي دفعت مبالغ كبيرة للترويج لهذه التجربة في البحرين عبر إقامة الدورات والزيارات الميدانية ليأتي هذا السفير وينسف مثل هذه الجهود الحقوقية على حساب مصالح عسكرية لا تخدم الاستقرار ولا المصالحة الوطنية المنشودة.

خامساً: طالب المكتب السياسي النظام بضرورة احترام حقوق الإنسان وفق الشرعية الدولية، وأهمية الشروع في عقد جديد من الحوار والمفاوضات الجادة التي تنتج حلاً توافقياً بين كل مكونات المجتمع البحريني، وتؤسس لدولة القانون والمؤسسات، وذلك لحماية بلادنا من تداعيات الحروب والاحترابات الإقليمية وتأسيس الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، على أرضية المساواة والتمثيل العادل لأصوات الناخبين وإيجاد ظروف تشكل المجلس النيابي المنتخب كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية، والتوقف فوراً عن شن المداهمات والاعتقالات التعسفية، والبدء في تنفيذ الانفراج الأمني والسياسي بالبدء في إطلاق سراح معتقلي الرأي والضمير بما فيها القائد الوطني الرمز الأخ إبراهيم شريف الذي أكمل ثلاث أرباع مدة سجنه، حيث تقتضي الأعراف المتبعة في مثل هذه الحالات إطلاق سراحه، بما يحقق بداية لخارطة الطريق المطلوبة لإخراج بلادنا من أزمتها عبر التوقف عن نهج الدولة الأمنية التي تأكد أنها غير قادرة على حل الأزمات، وان الحل هو الشروع في التفاوض الجاد مع القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة لإخراج بلادنا من أزمتها على أرضية واضحة تتمثل في الحل الديمقراطي المستند على تحقيق مطالب الشعب المشروعة في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وإبعاد بلادنا عن التدخلات الإقليمية.

سادساً: تابع المكتب السياسي سير عملية الانتخابات الرئاسية التونسية وبارك للشعب التونسي انتظامها بنجاح وأمل في أن تكون هذه الانتخابات فرصة للشروع في عملية التنمية المستدامة وتحقيق طموحات الشعب التونسي في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وقبر الدكتاتورية والدولة الشمولية التي أطبقت على هذا البلد الشقيق عقودا طويلة. ودعا إلى الشروع في بناء تونس الجديدة على أسس الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية كنتاج للتضحيات الكبيرة التي قدمها التونسيون الشهداء وفي مقدمتهم محمد البوعزيزي مفجر الثورة التونسية.

 

المصدر: جمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد"
بتاريخ: 24 ديسمبر 2014


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/947182.html