صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4558 | السبت 28 فبراير 2015م الموافق 18 رمضان 1445هـ

سفير الولايات المتحدة في حوار لـ«الأيام» قبل مغادرته المملكة: انتخابات البحرين حرة و عادلة وشفافة

قال سفير الولايات المتحدة الامريكية لدى البحرين توماس كراجيسكي ان البحرين لديها فرصة تاريخية نحو المضي قدماً للامام بالحياة السياسية والديمقراطية لاسيما بعد انتخاب برلمان جديد وتشكيل حكومة جديدة، معتبراً ان القيادة البحرينية دائما مستعدة للسير في البلاد نحو الامام.

وذكر السفير في حــــــوار لــ«الأيام» بمناسبة انتهاء فترة عمله لدى المملكة، ان الزيارة التي قام بها مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى ان باترسون ومساعد وزير الخارجية لشؤون الديمقراطية وحقوق الانسان توماس مالينوسكي مؤخراً حققت انجازاً كبيراً في سير العلاقات بين البلدين، كما اتاحت المجال لمالينوسكي لتوضيح وجهات نظره وكذلك الاستماع لكافة وجهات النظر.

وجدد السفير ادانة بلاده للاعمال الارهابية التي وقعت في كل من دمستان وكرزكان الاسبوع الماضي، واصفاً اياها بالاعمال «المروعة» مشدداً على اهمية ان تقف جميع الاطراف ضد من ينتهجون العنف ولا يبدون احتراماً لحياة الاخرين سواء كانوا الضحايا من الشرطة او من المدنيين.

واكد السفير كراجيسكي على وجود تعاون امني وثيق مع السلطات الامنية والاستخباراتية البحرينية فيما يتعلق بتعقب الجهات المتورطة بزرع القنابل، مشدداً على اهمية عدم اهدار القوة الايجابية التي منحتها الانتخابات البرلمانية التي اجريت مؤخراً.

واعتبر السفير كراجيسكي اقامة قاعدة بحرية تابعة للبحرية الملكية البريطانية في البحرين خطوة تصب باتجاه امن واستقرار المنطقة لاسيما في ظل التهديدات الحقيقية التي تتعرض لها المنطقة سواء من قبل تنظيم «داعش» والقلق الذي تثيره ايران لدى الجميع، مشدداً على ان ما تحتاجه المنطقة هو خليج قوي وحلفاء اقوياء (بريطانيا والولايات المتحدة).

وفيما يلي نص المقابلة:

] قام مساعدة وزير الخارجية الامريكية لشؤون الشرق الادنى ان باترسون، ومساعد وزير الخارجية الامريكي لشؤون الديمقراطية وحقوق الانسان توماس مالينوسكي بزيارة البحرين مؤخراً، كيف ترون نتائج هذه الزيارة والتي وصفت بالإيجابية؟

- بالتأكيد كان مخططاً لهذه الزيارة منذ فترة طويلة، وقد رغبنا بشدة أن تكون زيارة إيجابية. وقد رغبنا بشدة أن يشارك «مولونوسكي وباترسون» وكلاهما مساعدا وزير في حوار موسع في البحرين مع الحكومة وجهات غير حكومية، وقد عملنا عن قرب مع ممثلي الحكومة، الوزارة وغيرها قبل حضورهما للتأكد من أننا نبدأ بداية صحيحة، ونصل إلى نهاية صحيحة كذلك. وأظن أننا حققنا ذلك. أعتقد أننا حققنا إنجازاً كبيراً. كانت زيارة ناجحة، ليس فقط لأن الجميع قضوا أوقاتاً ممتعة، ولكن كانت ناجحة، لأننا تمكنا من مناقشة الأمور التي تهم البلدين، بداية من جلالة الملك، الذي كان كريما جدا في استقباله لمساعدي الوزير، وصاحب السمو الملكي ولي العهد، ووزير الخارجية ووزير الداخلية ووزير العدل، والامانة العامة للتظلمات، ايضاً مع وحدة التحقيقات الخاصة للنيابة، والتقينا بممثلين عن منظمات حقوق الإنسان، الحكومية وغير الحكومية. وممثلين عن بعض الأطراف السياسية، تحدثنا عن العلاقات الثنائية، تحدثنا عن التهديدات التي تمثلها «داعش»، تحدثنا عن الانتخابات التي ننظر إليها نظرة إيجابية جدا، وكان هذا واضحاً في تصريحات مساعد الوزير مالينوسكي عند مغادرته. الانتخابات شيء ثمين أن تتمكن البحرين من إجراء انتخابات حرة وشفافة وعادلة في جزء من العالم يعتبر هذا أمراً نادراً. فهذا كان أمراً إيجابياً جداً. وكانا قادرين - خاصة مولونوسكي بسبب ظروف زيارته السابقة - أظن أنه كان راضياً للغاية لانه استطاع توضيح وجهات نظره، ولأنه استطاع أن يستمع للجميع كذلك.


] اذن هذه الزيارة كانت فرصة جيدة لماليونسكي ليقابل ويستمع لاطراف عدة في البحرين؟

- لقد خرج بصورة كاملة ومتوازنة عن البحرين، سواء كنا نتكلم عن الجانب السياسي، نشاطات النظام السياسي، العملية السياسية والانتخابات، والحملات الانتخابية، وحقيقة أن جمعية سياسية معارضة اختارت عدم المشاركة، وقد استطاع التواصل مع المعارضة، والتواصل مع عدد من أعضاء مجلس الشورى. لقد كانت زيارة جيدة جدا له. وايضاً لمساعد وزير الخارجية باترسون ولأن لدينا العديد من القضايا المهمة التي تحدثنا عنها وبالاخص تهديدات «داعش» وقضايا الأمن في المنطقة، وأهمية الشراكة بين البلدين. إجمالاً كانت زيارة ناجحة جدا.


] شهدت الانتخابات التي اجريت مؤخراً مشاركة بنسبة اكثر من 52,6% ومقاطعة نسبتها 16% وهذه خيارات ديمقراطية طبيعية، لكن بعد الانتخابات شهدنا اعمالاً ارهابية بشعة في كل من كرزكان ودمستان تمت ادانتها من قبلكم بــ»لغة» صريحة وقوية،هل اردتم ان تكون رسالتكم واضحة؟

- هكذا بالضبط ما كنت اود التأكيد عليه، نريد أن نكون أقوياء وواضحين تماماً في إدانتنا لاستخدام العنف، وإدانتنا للتفجيرات. سواء كانت موجهة ضد رجال الشرطة، أو مدنين، وفي هذه الحالة تحديدا قتل مدني بريء في الشارع، هذه أعمال مروعة ينبغي على الجميع إدانتها، وينبغي على الجميع فعل كل ما يمكن من أجل ايقاف الجهات التي تقف وراءها. إحدى الرسائل، سواء خلال حوار المنامة او اي مناسبات اخرى، هي الحاجة إلى أن يجتمع الأطراف المتحضرون، سواء كانت أمم أو أحزاب سياسية أو حتى أفراد، أن يجتمعوا معاً ليقاتلوا ضد الأطراف التي تعتمد تلك الأساليب العنيفة والتي لا تظهر احتراماً لحياة الآخرين. لذلك، نعم نحن ندينها بأقوى العبارات الممكنة. وقد كان من الصعب، وهو دائماً من الصعب، ولكن خاصة بعد فترة الهدوء النسبي في الانتخابات، للتعبير عن الاختيارات من خلال إعطاء الفرصة لجميع البحرينيين فوق سن 18 سنة لإبداء رأيهم. بالتصويت أو بعدم التصويت. وفي حالة التصويت فإن لديهم نطاقا واسعا من الاختيارات بين المرشحين الذين يمثلون جميع أطياف المجتمع البحريني. ليصوتوا لهم. لذلك فإن هذه الفعالية الإيجابية هي ما أتمنى أن يركز عليه البحرينيون، في حين أن علينا أن نبذل كل ما نستطيع من أجل العثور على من يضعون هذه القنابل. ونحن نتعاون تعاوناً وثيقاً مع وزارة الداخلية والجهات الأمنية والاستخباراتية هنا في البحرين، من أجل العثور على أولئك الذين يضعون القنابل، وإيقافهم. لأن القوة الإيجابية الناتجة عن الانتخابات لا يمكن إهدارها.


] لعبت الولايات المتحدة دورا باتجاه تشجيع جميع الاطراف على الانخراط بحوار وطني، هل ترى ان هناك من استغل ووظف الدور الامريكي ليجعل منه جزءاً من المشكلة وليس طرفاً نحو التهيئة لإيجاد حل بحريني؟

- إننا دائماً، دائماً، دائماً نسعى أن نكون جزءاً من الحل. نحن لا نريد أبداً أن نكون المشكلة. إنني أعتقد - وقد قلت ذلك مراراً- أن البحرينيين سيجدون مسارهم، البحرينيون سيقررون نوع العملية السياسية التي يتبعونها، والحكومة التي سيشكلونها، من الذي سيكون في هذه الحكومة. أعتقد أن جميع البحرينيين مع كل التطورات التي تحدث في البحرين. وهذا مهم جداً بالنسبة لنا. نحن الأجانب الذين ينظرون إلى البحرين من الخارج، علينا أن نقوم بكل ما نستطيع القيام به لدعم هذه العملية بطريقة إيجابية. لذلك قبل الانتخابات فإننا – ليس فقط كأمريكيين بل كممثلين للعديد من السفارات الأجنبية والمنظمات الدولية - شجعنا جميع الأطراف على المشاركة في هذه الانتخابات. شجعنا الجمعيات المعارضة على المشاركة في هذه الانتخابات، وكذلك أثناء إجراء الحوار مع الحكومة. أظن أنه في النهاية كان ينبغي عليهم المشاركة، كان عليهم اتخاذ هذا القرار، وأن هذا أفضل لهم وللبلاد. ولكن قرارهم بعد المشاركة كان محبطاً. هم اتخذوا القرار بناء على حساباتهم الخاصة وعلى احتياجاتهم السياسية. وكما قلنا هذا من حقهم، عدم المشاركة في الانتخابات. أظن أنه في المستقبل سوف نستمر في تشجيع الحوار والمشاركة في العملية السياسية. والتواصل ليس فقط مع الحكومة، ولكن مع سائر ممثلي مكونات المجتمع البحريني. أعتقد أن البحرين لديها فرصة حقيقية في الوقت الحاضر، مع برلمان جديد وحكومة جديدة. وأعتقد أن القيادة مستعدة للمضي قدماً. أعتقد أن البحرين لديها فرصة حقيقة ولحظة تاريخية، حيث باستطاعتها دفع العملية السياسية للأمام بصورة كبيرة. ومرة أخرى أود أن أشجع جميع البحرينيين على التركيز على هذا، وليس على العنف واستخدام العنف، لمنع هذا الطرف أو ذاك من المشاركة في العملية السياسية. أعرف أن هذا ما تريده القيادة البحرينية، تريد من جميع الأطراف المشاركة. وهذا ما نريده نحن بشدة. لأن وجود البحرين قوية ومستقرة وآمنة يصب في مصلحتنا. بسبب أهمية شراكتنا. والتحالف والشراكة التي تجمعنا بالبحرين. وهو ما نحتاجه تحديداً في المنطقة الآن».


] اعلن خلال انعقاد القمة الامنية الاقليمية العاشرة «حوار المنامة 2014»عن توقيع اتفاقية تقضي بإنشاء مقر للتسهيلات للبحرية الملكية البريطانية في البحرين، وهي الاولى في المنطقة منذ الاستقلال 1971. هذه الاتفاقية وضعت تساؤلات انقلها لكم – باعتباركم شريكا وحليفا استراتيجيا للمنطقة وايضاً البحرين تستضيف مقر قيادة الاسطول الخامس الامريكي- لعل ابرزها هل تغير الدور الامريكي وهل الامريكان يريدون تخفيف العبء عليهم، هل نحن امام بروز الحليف البريطاني وتراجع الدور الامريكي- ما تعليقكم؟

- سأبدأ بالقول، إن الولايات المتحدة الأمريكية ليس لديها صداقة أمتن أو تحالف أقوى أو علاقة أغنى من التي تجمعنا بالمملكة المتحدة. إن لدينا الكثير من الأمور المشتركة.

نظامنا القانوني مبني على النظام القانوني البريطاني، - ربما لا يتفق معي بعض البريطانيين – ولكننا نشترك في نفس اللغة.

والعلاقات بيننا هي الأقوى بالنسبة لنا، من بين علاقاتنا مع بقية العالم. وقد استفدنا - الولايات المتحدة والمملكة المتحدة - بهذه العلاقات حيث واجهنا الصعوبات والتحديات، وتعاونا لنحاول تحسين حياة الناس حول العالم. لقد كنا معاً هنا في البحرين منذ 1946، عند وصول أول سفينة أمريكية، طبعا كان البريطانيون موجودين قبل ذلك بفترة اطول، وكان لهم تواجد قوي ومستقر، وعلاقات ترجع إلى عهد الإمبراطورية البريطانية، وعصر ما قبل استقلال البحرين. وهي علاقات قوية ووثيقة كذلك. وهنا أشياء كثيرة مشتركة بين البلدين، تاريخ مشترك من الملكية، أو كونهما جزرا. هناك أحياناً عناصر مشتركة بين الناس الذين يعيشون في جزر. ولكن من الواضح أن العلاقات قوية، هناك الكثير من البريطانيين يعيشون هنا. هناك تجارة مزدهرة بين المملكة المتحدة والبحرين. أود أولا أن أؤكد على الشراكة التي تجمع الدول الثلاث. لقد كنا معاً في ميناء سلمان في بداية التسعينات. حيث وضع قيادة رسمية عسكرية هناك.. كنا موجودين من قبلها، ولكن رسمياً من التسعينات. كان هناك البريطانيون. كان هناك دول اخرى كذلك، ولكن بصفة خاصة البريطانيون. إن البريطانيين في ميناء سلمان من فترة طويلة. إنهم الآن يعيدون صياغة هذه العلاقة. يقومون ببعض الإنشاءات هناك، وأرصفة للسفن، والمباني. وأعتقد أن هذا رائع. إننا نريد الجيش البريطاني أو الأسطول البريطاني تحديداً أن يكون موجوداً في ميناء سلمان، لأنهم شركاء مهمين لنا وللبحرين وللتحالف».


] اذن إقامة مقر للتسهيلات البريطانية في البحرين يقابل، بارتياح أمريكي؟

-تماماً، 100%».


] بتقديركم، هل هذا التواجد العسكري- الامريكي- البريطاني المتحالف مع البحرين يحمل رسالة عسكرية واضحة حول امن المنطقة لاسيما امن الابحار في مضيق هرمز؟

- اعتقد يجب ان تتحدثي مع البريطانيين حول ذلك، وحول نظرتهم للأمر. بالطبع هناك نظرة مشتركة بالتأكيد. وأمن المنطقة يشكل واحدا من أهم أولوياتنا نحن الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة. لذلك، فإن تقوية هذا الوجود والشراكة في هذا الوقت تحديداً، الذي تتعرض فيه المنطقة لتهديدات حقيقية، من «داعش» في شمال العراق، واستمرار الوضع المضطرب بشدة في سوريا. إننا مهتمون بجيران سوريا، خاصة لبنان والأردن. ونحن نعمل ما بوسعنا لدعم هذه الدول، وهناك اعتماد على دول الخليج لزيادة دورها في هذا التحالف. ولذلك ما نراه الآن هو زيادة ضمن شركاء التحالف، خاصة دول مجلس التعاون الخليجي خلال اجتماعات «القمة» قبل ايام في الدوحة حيث أعلنوا تحالفا عسكريا أقوى، كما أعلنوا نيتهم في زيادة عملياتهم المشتركة وبناء قوة بحرية مشتركة، ومركز قيادة بحري مشترك هنا في البحرين. وهذا أمر جيد جداً. أعتقد أن ما نحتاجه هو مملكة متحدة أقوى، ولايات متحدة أقوى، مجلس تعاون أقوى، وهو ما يحقق مصلحة الأمن لهذه المنطقة المهمة لاسيما ما ذكرتيه حول امن الابحار في مضيق هرمز. نحن جميعاً قلقون من إيران، وما قد تفعله إيران، ولدينا تهديدات حقيقية من «داعش». وكما وصفهم سمو ولي العهد بأنهم يمثلون «الفاشية الدينية» الذين يقيمون عقيدة منحرفة. اعتقد هناك الكثير من العمل، ومن الجيد أن يكون لدينا شركاء أقوياء».


] شهد «حوار المنامة» حضورا بريطانيا بارزا في مقابل حضور اقل من الجانب الامريكي سواء الحضور الدبلوماسي او العسكري، ما تعليقكم؟

-لسنا بموقع منافسة مع بريطانيا، بل نحن شركاء، قد يكون هناك منافسة على مستوى منتجات الكترونية او سيارات وطائرات لكن خلاف ذلك نحن شركاء، اما بالنسبة لتمثيلنا في «حوار المنامة 2014» فقد كان لدينا وفد كبير إلى «حوار المنامة»، تشمل العديد من المتخصصين في الحكومة الأمريكية، ومن القطاع الخاص كانوا هنا. للأسف لم يتمكن وزير الدفاع من قيادة الوفد هذا العام كما فعل العام الماضي. وقد كان هذا مخيبا لأملنا وشعر المنظمون بالإحباط، هنا تتدخل بعض العوامل السياسية. فقد قرر الوزير هيجل أن يستقيل من منصبه قبل «حوار المنامة» بأسبوع واحد، وكان من الصعب علينا أن نجد مسئولاً آخر على درجة مساوية للوزير هيجل لقيادة الوفد. مرة أخرى أظن أنه كان لدينا تمثيل قوي. اما الوفد البريطاني، فعليك أن تسألي البريطانيين عن بعثتهم. كانوا يريدون أن يقدموا رسالة او يسجلوا موقفا، يريدون أن يعززوا تواجدهم هنا في البحرين. وقد فعلوا ذلك بصورة جيدة فيما أظن».


] سأبقى معك في «حوار المنامة 2014» وتحديداً حول خطاب سمو ولي العهد الامير سلمان بن حمد ال خليفة، حين قال بصراحة «ان لا مكان لـ»ثيوقراطية» الفاشية الدينية في القرن الواحد والعشرين». كيف ترى هذا الخطاب الصريح جداً من دولة خليجية في وقت هناك عمليات عسكرية ضد «داعش» ووجود جماعات متطرفة في عدة دول تحمل يافطة «الدين» من اجل السيطرة والمكاسب السياسية؟

- إنني دائما معجب بجدية وذكاء سمو ولي العهد، وقدرته على التركيز على أهم الجوانب وعلى أهم النقاط في المناقشة في الحوار. وعلى صياغة أفكاره بشكل واضح ودقيق. أعتقد أن حديثه كان شجاعاً جداً، وأعجبت بشجاعته وعدم تردده وإصراره على المضي قدماً. عندما أعلن بوضوح شديد أن العدو ليس هذه المجموعة أو تلك. لأن هذه المجموعات ستظل موجودة دائماً. العدو هو تلك الأيديولوجية التي تشوه وتسيء إلى دين عظيم وفلسفة عظيمة وهي «الإسلام». وهو ما سماه «الفاشية الدينية». إننا جميعاً بحاجة إلى أن نعمل معاً أن نقاتل معاً من أجل هزيمة هذه الأيديولوجية. وهذا يتطلب جميع أدوات القوة التي تملكها الحكومات. ليس فقط العسكرية أو السياسية أو الاجتماعية أو التعليم، بل كل هذه الأمور مجتمعة من أجل هزيمة هذه الأيديولوجية. سوف تكون حربا طويلة ولكن ينبغي علينا خوضها والانتصار فيها. إن هذا مهم لشعوب سوريا والعراق، ولشعوب المنطقة، وللعالم. ومهم للإسلام. إنه مهم للمسلمين الذين يؤمنون بعظمة وحكمة الإسلام. أن تتم هزيمة هذه الأيديولوجية ومحوها. إنني لا أتحدث عن الدخول بالقوات وقتل الكثير من الناس. بل عن محو هذه الأيديولوجية. إن سمو ولي العهد قد وضع صياغة أفضل مما وضعته أنا الآن. فهو قالها بصورة أوضح كثيراً وأقصر كثيراً. كانت صياغته رائعة وممتازة».


] لا نختلف حول رفض ايدلوجية «داعش» لكن في المقابل هل قتال «داعش» يبرر وجود السلاح بيد ميلشيات هي ايضا تتبنى ايدلوجيات متطرفة فقط لانها تقاتل «داعش» في العراق؟ هل حربنا على «داعش» يغفر تطرف حزب الله وميلشيات شيعية متطرفة؟

- إن هذا ليس دقيقاً تماماً... ربما بسبب حدة التهديد الذي تمثله «داعش» في الوقت الحاضر. ولكننا لا نركز فقط على «داعش». قد تشكل «داعش» العنوان الرئيسي ولكن هناك قصة طويلة. ولكنني أظن أن الحرب ضد هذه المجموعات التي تتبع العنف وتستخدمه باسم الدين. علينا أن نستمر في جهودنا أينما وجدت هذه الجماعات. أيا كانت الرواية الدينية التي يعتمدونها. ومرة أخرى لا نعتبر «داعش» تمثل اي شيء من الاسلام. لا أعتبر أي جهة تستخدم العنف لنشر أيديولوجيتها تمثل أي دين. إنه وضع صعب جداً، وأظن أن علينا أن ندعم حكومة العراق، الحكومة الجديدة للعراق. التي تحاول بجهد كثير أن تصلح أخطاء الحكومة السابقة. فقد كان وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري في زيارة إلى البحرين من أجل حضور «حوار المنامة»، وقال في حواره مع العديد من ممثلي الدول العربية والإقليمية والإسلامية، وغيرها إن الحكومة عازمة على الانخراط في المنطقة، من أجل طلب المساعدة والدعم. وأظن أنها تسعى لإظهار سياسة جديدة من الاندماج في المنطقة التي يحق لها انتقاد بعض الأشياء التي ذكرتيها. ستكون حربا صعبة، وهم يحتاجون مساعدتنا. وعلينا أن نساعدهم على النجاح، لأنهم إذا لم ينجحوا سيكون لدينا فوضى. وعندها فإن أطرافاً أخرى مثل التي ذكرتيها مثل «حزب الله» وغيرهم سيكتسبون قوة كبيرة في هذه الحالة. الأمر الثاني الذي اود ان اتحدث عنه هو إن كثيرا من الناس في المنطقة قلقون من تمدد الطائفية، من الصراع السني الشيعي الذي ينتشر ويحيط بالمنطقة. هناك العديد من المتطرفين على الجانبين الذين يشجعون ذلك. في حين أن هناك آخرين يدركون خطورة ذلك على المنطقة. علينا أن نجد حلفاءنا حيث كانوا. علينا أن ندعم الحكومات في الأردن، لبنان، والخليج، والعراق. ودعم التحالف ضد هذه المخاطر. سواء كانت من «داعش» أو من أي مجموعات أخرى ليس بأهمية مواجهة جذور هذه الظاهرة وهذا الفكر المتطرف».


] ماذا عن الدور الايراني في القتال ضد «داعش»، وزير الخارجية العراقي الجعفري شدد على رفض وجود قوات برية في العراق، في المقابل هناك تقارير تتحدث عن وجود عسكري ايراني في العراق لقتال «داعش»؟

- اعتقد انها مثل اي دولة في المنطقة، انظر لايران وتركيا والسعودية والاردن باعتبارهم اللاعبين الاكبر في المنطقة، الولايات المتحدة عليها دور هنا. ولكن الدور الأكبر في نجاح أو فشل الحكومة في العراق هو دور إيران والسعودية وتركيا والأردن. وبالتأكيد أن هناك حاجة أن تعمل دول المنطقة معاً. أظن أنه هناك دعوة من دول مجلس التعاون الخليجي لإيران لتلعب دوراً أكثر إيجابية في هذه الحرب ضد هؤلاء المتطرفين. لذلك فأنا لا أنظر إلى أي دولة بعينها كسبب وحيد للمشكلة، أو سبب للنجاح. ينبغي أن يكون تحالف للدول. إيران ليست بالتأكيد عضواً في هذا التحالف، ولكن بإمكانها أن تلعب دوراً أكثر إيجابية. وأظن أن هذا سيكون أمراً جدياً».


] لكن ليس هناك تنسيق مع إيران في العراق حول الحرب على «داعش»؟

- لا. لا يوجد.


] قتلت سيدة أمريكية في دولة الامارات قبل بضعة ايام، وايضا هناك تقرير خرج من مجلس الشيوخ يتحدث عن اساليب تعذيب استخدمتها وكالة الاستخبارات الامريكية «سي اي اه» لنزع الاعترافات في قضايا تتعلق بالإرهاب تبدو تفاصيلها قادرة على استفزاز مشاعر الناس، هل من تعليمات تتعلق بالرعايا الأمريكيين في دول الشرق الاوسط؟

- مثل هذه الحوادث وهي قتل السيدة الأمريكية في الإمارات أمر بشع. وبالتأكيد يسبب القلق. والأمور الأخرى التي أشرت إليها تجعلنا ننظر بعناية شديدة إلى أمننا الشخصي في المنطقة. أمن سفاراتنا، أمن الشركات الأمريكية، والأفراد الأمريكيين، وغيرهم هنا في المنطقة. إنه من العوامل السلبية للحياة هنا. ولكن هذا ليس جديداً علينا. هناك أماكن أخرى بالتأكيد أكثر خطورة للأمريكيين أو للمغتربين من غيرها. إننا لا نصدر أي تحذير خاص أو دعوة للحذر، نحن ندعو الناس للحذر والانتباه، أو يظلوا على اتصال مع بعضهم، أو ينتبهوا لما حولهم. أن يعملوا عن قرب مع الشرطة في البلاد التي يعيشون فيها. هنا في البحرين تحديداً. هناك قوة شرطة جيدة، وهناك وزارة داخلية ملتزمة بأمننا وسلامتنا. وأمن سلامة هذا المبنى، وكذلك منشأة القاعدة الامريكية. هناك التزام قوي وجاد. ولكننا ندرك أن هذا النوع من الهجمات الفردية، من الصعب منعها، وهي تسبب القلق للأفراد. إننا نحاول أن نخفف هذه المخاوف، ولكنني أيضاً أقول للناس إن عليكم أن تكونوا حذرين. ولكننا لا نصدر تحذيرات، ولا نقيد الحركة. هناك دول ننصح الأمريكيين بعدم الذهاب إليها، مثل اليمن الآن حيث ننصح الأمريكيين بعدم الذهاب إليها. لكن بالنسبة للبحرين ومعظم دول الخليج فالأمور مختلفة كثيراً».


] قبل ايام قليلة قتل وزير شؤون الجدار والاستيطان في السلطة الفلسطينية زياد ابوعين بعد ان تعرض للضرب من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلية، وعلى اثرها اوقفت السلطة كافة الاتفاقيات الامنية مع اسرائيل، لنكن واقعيين، المنطقة اليوم تعاني من الأيدولوجيات المتطرفة، وتأتي اسرائيل لممارسة التطرف والعنف حتى على الاطراف التي امنت بالسلام وجلست معها بمفاوضات طويلة، هل تحتاج المنطقة المزيد من التطرف بسبب سياسات اسرائيل؟

- يعلم الله كم حاولنا، لا أظن أنك ستجدين بلداً آخر في العالم بذلت هذا القدر من الجهد والطاقة والتركيز من أجل الوصول لاتفاق، سلام، تسوية بين إسرائيل وفلسطين. كل وزير خارجية عملت معه بدءا من فانس، كان كل منهم قد تدخل في مرحلة من فترة عمله في تفاوض مباشر وجها لوجه بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ولم ننجح. لن نتوقف عن المحاولة، أتفق معك أنها أوقات صعبة. عن هذه الحادثة لقد قرأت عنها بالأمس في الجرائد، ليس لدي أي معلومات أخرى عنها. لا أعرف ما هي الظروف لهذه المواجهة تحديداً. ولكن الثابت أنها ليست حالة العنف الوحيدة. وليست المرة الوحيدة التي يتم فيها استخدام القوة من طرف أو آخر. في الوقت الذي ينبغي فيه التوقف عن استخدام القوة. ويجب أن يجدوا طريقة للعودة إلى طاولة المفاوضات. كدبلوماسي شاب، عملت لأربع سنوات في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، في القاهرة من 93 -97. المفاوضات التي أدت إلى اتفاقية غزة وأريحا أولاً. وتأسيس السلطة الفلسطينية. وعودة ياسر عرفات إلى غزة وإلى الضفة الغربية. كانت أوقات إيجابية جدا. وكان هناك شعور بأن من الممكن الوصول إلى اتفاق. من سوء الحظ، إنها مأساة من جوانب عديدة ان هذه المشكلة مستمرة. ولا أعرف ما هي الإجابة إنها ليس العنف، ليست الحرب ليست القنابل والمدرعات ليست الأنفاق أو التفجيرات الانتحارية، هي ما ستحل المشكلة. إنها ليست تسويات. في وقت قديم مضى، قبل أن يكون هناك أي تسويات بالمرة. كان هناك فرصة للوصول إلى اتفاق، ولكنه فشل. والآن هذه التسويات أصبحت عقبات أكبر وأكبر للتفاوض عليها. وتحتاج إلى حكومة إسرائيلية قوية، وحكومة إسرائيلية ذات خيال واسع، وتتطلع إلى المستقبل، حكومة وشجاعة لتتخذ القرار بالوصول إلى اتفاق. لتأسيس دولة فلسطينية قادرة على البقاء، وحقيقية. وهذا أكثر من حلم. ويجب أن يصبح هدفاً قابلاً للتحقيق. ونحن بعيدون عن ذلك. ولكننا لن نتوقف عن المحاولة».


] هناك جرائم بشعة ارتكبت بحق الابرياء في العراق، وحصص الاقليات منها كانت كبيرة مثل الأيزيديين،ايضا مسيحيي العراق وشمال سوريا المهددين بالهجرة الجماعية عن اوطانهم نحو دول غربية، السؤال ما هي فرص القضاء على تنظيم بشع الا انه نجح باغراء مقاتلين من دول متقدمة ومجتمعات ديمقراطية للقتال بصفوفه؟

- أعتقد أن النقاط التي أثرتيها تبين بوضوح ما تحدثنا عنه من أنه هناك تهديد. تهديد جدي فعلا وخطر، تمثله «داعش» على العراق والمنطقة. وأن معاملتهم للأقليات المسيحية والأيزيدية. وأنا أعرفهم جيداً، لقد عملت مع الأيزيديين عندما كنت في شمال العراق. وزرت أماكنهم المقدسة. والتقيت بمجتمعهم. المعاملة التي تعرضوا لها فظيعة، وهي تسيء إلى كل ما هو حضاري. عندما يتم سبي النساء وطرد الناس خارج ديارهم. هذه أيديولوجية شريرة، ويجب هزيمتها. هذا الفريق ينبغي هزيمته. حقيقة أن شباباً في الأغلب، وبعض الشابات من مختلف أنحاء العالم يذهبون إلى العراق للانضمام إلى «داعش» هي ظاهرة ينبغي علينا إيقافها. وبالفعل هذا أمر سوف أعمل عليه عندما أغادر البحرين. وأتولى منصبي التالي. لأنه على الدول حول العالم أن تتحد، يجب أن يجد الأسباب وراء ذلك. ما الذي يجعل شاباً يقرأ على الإنترنت «تعال وقاتل معنا»، فيذهب. كيف نوقف ذلك».


] هذه المقابلة الاخيرة التي اجريها معكم قبل مغادرتكم المملكة، ماذا تقول مع انتهاء مهمتكم كسفير للولايات المتحدة لدى البحرين؟

- إنني حقاً أود أن أشكر الشعب البحريني على ضيافتهم الرائعة، والترحيب الذي أظهره كسفير لبلادي، ولزوجتي ووالدتها، وجميع أفراد أسرتي الذين جاؤوا لزيارتنا. ولجميع العاملين الأمريكيين هنا. هذا فعلا مكان رائع وشعب رائع. لقد استمتعنا بالسنوات الثلاث التي قضيناها هنا. كما أود أن «أهنئ البحرين شعبها وحكومتها بمناسبة العيد الوطني الثالث والاربعين الذي ستحتفل به البحرين يوم الثلاثاء القادم».

 


المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
بتاريخ: 14 ديسمبر 2014


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/966497.html