صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4953 | الثلثاء 29 مارس 2016م الموافق 19 رمضان 1445هـ

واشنطن تدعم الإصلاح التدريجي...

السفير الأميركي في لقاء مع "البلاد": إيران تدعم التطرف والإرهاب والحروب بالوكالة في المنطقة

البلاد - رجاء مرهون

قال سفير واشنطن لدى المنامة وليام روبوك إن الولايات المتحدة مدركة تماماً للأنشطة الإيرانية الهادفة لزعزعة الاستقرار والأمن في هذه المنطقة عبر دعم التطرف والأعمال الإرهابية والحروب بالوكالة.

وأضاف السفير في لقاء مع “البلاد” بمقر السفارة بمنطقة الزنج: سنعمل مع حلفائنا بدول الخليج للتأكد من حصولهم على كل ما يحتاجونه للتعامل مع هذه التحديات.

وأشار السفير روبوك إلى جهود مشتركة انطلقت العام الماضي لتعزيز الجوانب الأمنية وحماية المنشآت والبنية التحتية المهمة والمحورية، وللتأكد من حصول القوى العسكرية في دول الخليج على التدريب والمعدات اللازمة لمكافحة التطرف والإرهاب.

وأكد أن الاتفاق النووي منع دولة كإيران من الحصول على السلاح النووي الذي كان سيزيد من التهديدات لاستقرار المنطقة.

وأفاد: بعد الاتفاق النووي ومؤشرات طهران على الالتزام به، سنركز الآن على معالجة التدخلات الإيرانية لزعزعة المنطقة بالعمل مع القوى الدولية الكبرى “5+1”.

وعبر السفير عن طموحه في تنمية وتطوير العلاقات البحرينية الأميركية، مؤكداً حرصه على إيصال سياسة الولايات المتحدة وقيمها على نحوٍ صحيح.

وقال: أسعى لأن أمنح المسؤولين وعموم البحرينيين الفرصة للاستجابة إلى رؤيتنا ومصالحنا المشتركة.

وفي المجال العسكري تحديداً، وصف السفير الأميركي التعاون العسكري بالقوي جداً، وتستمد هذه الجزئية قوتها من تواجد الأسطول الخامس في المياه الإقليمية للبحرين، والقيادة المركزية للبحرية الأميركية.

وأضاف: غير أن تقوية وتعزيز هذا الجانب مسألة مهمة، وهنالك العديد من المجالات التي يمكن لنا أن نعمل عبرها لتقوية أمن مملكة البحرين.

وفي جانب التبادل الثقافي والتعليمي، تحدث السفير عن وجود تعاون ثقافي جيد، مشيراً إلى تواجد ما معدله 500 طالب بحريني يدرسون سنوياً في مختلف الولايات الأميركية، معبرا عن أمله في أن يشهد هذا العدد تزايداً في المستقبل.

وحول تعاطي وسائل الإعلام في الغرب والولايات المتحدة مع الأحداث البحرينية، والإصرار على سماع رواية واحدة، دعا السفير الإعلاميين البحرينيين للاطلاع على تجارب صناعة الإعلام ليس في أميركا فقط، بل أن يصلوا إلى أوروبا ويطلعوا على التجارب هناك.

وأردف: يحدث أحيانا نوع من “فقد الاتصال” بين الإعلاميين المحترفين هنا والرؤية لما هو مهم، ويقتضي المتابعة من قبل زملائهم على الجانب الآخر من العالم، وستسهم الزيارات المتواصلة في تقليص الفجوة.

وحول إمكان تبدل السياسة الأميركية إزاء المنطقة بعد الانتخابات المتوقعة في نهاية العام الحالي، قال السفير: بصرف النظر عن شخص الرئيس الذي سيسكن البيت الأبيض، العلاقات بيننا تصاغ بناء على المصالح المشتركة وقيمنا والتاريخ العميق الذي يجمعنا.

واستدرك: لا أرى تغيرا كبيرًا محتملاً في العلاقات، ولا أعتقد أن نتائج الانتخابات يمكن أن تغير علاقة إستراتيجية طويلة المدى كالتي تجمعنا.

وبشأن رؤية الولايات المتحدة الأميركية للمنطقة ومطالب التغيير فيها، أكد السفير روبوك أن بلاده - وعلى نحو تقليدي - تدعم الإصلاح التدريجي، الذي يساعد بدوره المجتمع على التطور عوضاً عن دعم التغيير الثوري السريع.

وعبر عن تقديره الكبير للجهود التي قادها عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عبر عقد ونصف لتعزيز الإصلاح والتغيير في هذا البلد، لتكون البحرين قائدة للإصلاح في المنطقة.

وقال: إن الإصلاحات التي أجريت في عهد جلالة الملك كبيرة وأبرزها تعزيز حقوق المرأة وحرية تأسيس النقابات وممارسة الحقوق العمالية، وإعطاء القوى السياسية فرصة للتحرك، وهنالك المزيد ليتم، ونحن بدورنا سندعم هذه الجهود.

وتعليقاً على ما يطرحه الخبراء الاقتصاديون من إمكان فك الارتباط بين العملات الخليجية والدولار الأميركي مع استمرار انخفاض أسعار النفط، رد السفير: اعتقد أن الحكومة في البحرين ستفحص هذه المسألة عن قرب، وستتخذ القرار المناسب لمصلحتها وستأخذ في الاعتبار التعاطي الخليجي مع الأمر ذاته.

وردا على سؤال عن تصريحات المسؤولين الأميركيين والسعوديين عن خطة “ب” في سوريا، قال: أعتقد أن حديث وزير الخارجية الأميركية جون كيري عن “ب” هو عن حاجتنا لإنجاح الهدنة في سوريا وتهيئة الشروط التي تؤدي إلى حل سياسي.

واستطرد: نريد أن يكتب السوريون مستقبلهم بعيداً عن بشار الأسد عبر انتخابات مع توافر خيارات سياسية، لا يمكن أن يكون الخيار أمام السوريين إما الأسد أو الجماعات الإرهابية.

وشدد السفير على ضرورة بذل المزيد لضبط تدفق المقاتلين الأجانب عبر الحدود السورية والعراقية، وكذلك مواجهة المحاولات الداعشية لإرسال مقاتلين لإجراء عمليات إرهابية في تركيا أو القارة الأوربية أو الولايات المتحدة.
وفيما يتعلق بالمسألة اليمنية، جدد السفير الأميركي دعم الولايات المتحدة للدور الخليجي في اليمن، وهذه المساندة ستستمر.

وزاد: في نهاية المطاف، ما يجب أن يحدث في اليمن هو انتقال سياسي، وهنا ندعم جهود مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، ونأمل أن تنطلق جولة جديدة من الحوار الوطني قريباً. وفيما يلي نص اللقاء:


س: العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والبحرين قديمة ومتجذرة وانطلقت مع تواجد الإرسالية الأميركية في البحرين منذ أكثر من مئة عام، ما المطلوب لتطوير هذه العلاقات، وأخذها إلى مستوى جديد في تقديرك؟

ج: شكراً جزيلاً لسؤالك، وأتوجه بالشكر لصحيفة “البلاد” لفرصة اللقاء وسعيد بالإجابة على أسئلتكم، الولايات المتحدة الأميركية تملك علاقات طويلة الأمد مع مملكة البحرين وهي إحدى العلاقات المهمة التي تجمعنا مع حلفائنا في منطقة الخليج.

بالنسبة لتنمية وتطوير العلاقات، ما أحرص عليه من خلال ممارسة مهام عملي كسفير هو الاستماع إلى الناس في المجتمع المحلي، وإيصال سياسة الولايات المتحدة وقيمها على نحوٍ صحيح.

أسعى لأن أمنح المسؤولين وعموم البحرينيين الفرصة للاستجابة إلى رؤيتنا ومصالحنا المشتركة.

بعيدا عن دوري كسفير، هنالك أمور غاية في الأهمية لتقوية أواصر العلاقات المشتركة. لدينا على المستوى الاقتصادي اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، التي مضى على توقيعها 10 سنوات، ونجحت في مضاعفة الحركة التجارية بين الولايات المتحدة الأميركية والبحرين.

أتمنى أن أرى مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري يزداد أكثر فأكثر، ولن نقف عند هذه النقطة فقط، فالتعاون الثقافي جيد، وهنالك ما معدلة 500 طالبا بحرينياً يدرسون سنوياً في مختلف الولايات الأميركية، وأرغب أن أرى هذا العدد في ازدياد، وأن نبحث عن أوجه جديدة للتعاون الثقافي والتعليمي.

والتعاون العسكري قوي جداً، وتستمد هذه الجزئية قوتها من تواجد الأسطول الخامس في المياه الإقليمية للبحرين، والقيادة المركزية للبحرية الأميركية. غير أن تقوية وتعزيز هذا الجانب مسألة مهمة، وهنالك العديد من المجالات التي يمكن لنا أن نعمل عبرها لتقوية أمن مملكة البحرين.

سنتناول بعض النقاط التي أوردتها على نحو من التفصيل في هذا اللقاء، ولكني أود قبل ذلك أن أتطرق إلى دورنا كإعلاميين ومؤسسات إعلامية في تعزيز التواصل..

تناول لقاؤكم مع إدارة تحرير “البلاد” أهمية دور الإعلام لتقوية العلاقات.. يرى إعلاميون بحرينيون محترفون ومهتمون بالحريات وحقوق الإنسان أن كثيرًا من وسائل الإعلام في الغرب والولايات المتحدة

 

س: ترفض سماع الرواية الكاملة للأحداث البحرينية، وتصر على سماع رواية واحدة للحدث أو طرف واحد من أطرافها، ما الذي ينقص، وما المطلوب ليصبح صوت جميع البحرينيين مسموعاً؟

ج: هل تقصدين: ما المطلوب لتعزيز صورة البحرين لدى الغرب؟


س: أجل، جزء من ذلك.

ج: أعتقد أن البحرين تتضمن عددا مهماً من الصحف اليومية، ووسائل تواصل اجتماعي نشطة، هنالك تلفاز وراديو، ، إلا أن هنالك دائما فسحة لزيادة الاحترافية، والولايات المتحدة مستعدة لعمل كل ما يمكن للتعاون مع الصحافيين والصحف، فضلاً عن إعطاء الإعلاميين فرصة لزيارة أميركا وفق برنامج الزيارات الدولية.

لعل من المفيد أن يحظى الإعلاميون البحرينيون بفرص للاطلاع على تجارب صناعة الإعلام ليس في أميركا فقط، بل أن يصلوا إلى أوروبا ويطلعوا على التجارب هنالك، مما سيولد أيضاً فرصة للاستماع إلى أفكار الأوروبيين وقلقهم حول الأمور المتصلة بالواقع هنا.

س: يحدث أحيانا نوع من “فقد الاتصال” بين الإعلاميين المحترفين هنا والرؤية لما هو مهم، ويتقضي المتابعة من قبل زملائهم على الجانب الآخر من العالم، وستسهم الزيارات المتواصلة في تقليص الفجوة.

على مستوى التغيير، أظهرت الولايات المتحدة حماسة وبدرجة أعلى من دول أوروبا لـ”الإصلاحات” في المنطقة بأكملها قبل ما يعرف بـ”الربيع العربي” وخلاله، في المقابل يحذر اجتماعيون وسياسيون من نتائج التغييرات السريعة وإمكان الانزلاق للفوضى كما حدث في العراق وليبيا - اللذين دخلا دائرة من العنف لا أفق لها - ويطالبون بالتدرج في أي مسعى للتغيير.. بعد هذه النتائج القاسية، ألن تشهد السياسة الأميركية تبديلاً، ما رأيك؟

ج: لدي بعض النقاط في هذه المسألة. بداية أعتقد أن الولايات المتحدة الأميركية - وعلى نحو تقليدي - تدعم الإصلاح التدريجي الذي يساعد المجتمع على التطور، عوضاً عن دعم التغيير الثوري السريع.

وتابعنا باهتمام بالغ وتقدير كبير الجهود التي قادها عاهل البحرين صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عبر عقد ونصف لتعزيز الإصلاح والتغيير في هذا البلد.

نتذكر الجهود التي تمخضت عن توقيع ميثاق العمل الوطني في 2001، واستمرت خلال العقد المنصرم هذه التحركات لتكون البحرين قائدة للمنطقة في العديد من الجوانب والمجالات وأبرزها حقوق المرأة وحرية تأسيس النقابات وممارسة الحقوق العمالية، وإعطاء الصحف القريبة من المعارضة مجالاً للعمل، وإعطاء القوى السياسية المعارضة فرصة للتحرك.

الإصلاحات شملت الواقع الاقتصادي عبر سلسلة من التحركات والإجراءات، والولايات المتحدة تعطي تقديراً كبيراً لجميع هذه الخطوات، ولن أغفل الإجراءات المرتبطة بتشكيل اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وجميع ما تلاها من خطوات.

ناهيك عن دعم جلالته للحوار الوطني في 2012، وأيضاً في العام 2014. ونحن ندعم الإصلاحي التدريجي هنا، وسنواصل مساندة هذه الجهود مستقبلاً.

س: ستشهد الولايات المتحدة الأميركية سباقا لانتخابات رئاسية، وستختار رئيسا جديدا للبيت الأبيض مع نهاية العام الحالي 2016، هل من الممكن أن تشهد السياسية الأميركية إزاء المنطقة تغييراً مع تمخض نتائج الانتخابات؟

ج: يلاحظ المراقبون للشأن السياسي في الولايات المتحدة كيف احتدمت المنافسة في السباق الانتخابية بين مختلف المرشحين، باعتقادي وعلى نحو كبير، فإن السياسة الخارجية الأميركية لا تتغير، خصوصاً مع حلفائنا الرئيسين في العالم العربي ودول كمملكة البحرين.

بصرف النظر عن شخص الرئيس الذي سيسكن البيت الأبيض، العلاقات بيننا تصاغ بناء على المصالح المشتركة وقيمنا والتاريخ العميق الذي يجمعنا.

لا أرى تغييرًا كبيرًا محتملاً في العلاقات، ولا أعتقد أن نتائج الانتخابات يمكن أن تغير علاقة إستراتيجية طويلة المدى كالتي تجمعنا.

على المستوى الاقتصادي تربط جميع دول الخليج - باستثناء الكويت - سعر عملاتها بالدولار الأميركي، ويرى اقتصاديون كثيرون في هذه المسألة شقا سياسيا يرتبط بتحالف إستراتيجي أميركي خليجي، إلا أن خبراء يشككون في إمكان استمرار الربط في العملات مع استمرار انخفاض أسعار النفط، والذي يضغط على حكومات المنطقة لفك الارتباط لتخفيف العبء عليها، هل ترى هذه السيناريو ممكنا، لماذا؟

هنالك العديد من الأسئلة التي تطرح كجزء من النقاش حول كيفية التعاطي الأمثل مع انخفاض أسعار النفط، الذي يعد مصدراً رئيساً للدخل في البحرين ودول الخليج، وشهدتُ شخصياً بعض النقاشات والجدل حول التفاعل الأنسب.


س: واحدة من النقاط مثار الجدل هو مدى إمكان استمرار ربط دول الخليج لعملتها بالدولار الأميركي.. كيف ترون هذه الجزئية؟

ج: بنهاية المطاف، إن القرار هو لحكومة البحرين، ويجب أن يُتخذ بالنظر إلى العوامل الاقتصادية المهمة.

إن قرارات كهذه، يتخذها المعنيون بناء على معلومات دقيقة ومحددة ولعل بعضها ليس متوافراً أمام الأشخاص الذين يتواجدون خارج الدائرة.

واثق أن المسؤولين في حكومة البحرين يتعاطون مع هذه الأزمة الاقتصادية بالتنسيق والتشاور مع نظرائهم في دول مجلس التعاون.

ولكن سؤالك يأخذنا عموما إلى جهود البحرين وجيرانها في مواجهة عصر جديد من انخفاض قيمة النفط، وما الواجب عمله على المستوى الاقتصادي والمحلي لتقليل حجم الدعم للسلع والخدمات وماهية التعاطي مع مجلس النواب للوصول إلى درجة من القبول الاجتماعي لأي خطوة.

ما الذي سيحصل في مسألة ربط العملات الخليجية بالدولار؟ علينا الانتظار وسنرى، وأعتقد أن الحكومة في البحرين ستفحص هذه المسألة عن قرب، وستأخذ في الاعتبار التعاطي الخليجي مع ذات الأمر.


س: لا يمكن لحوارنا أن يمر دون التطرق إلى الشأن الإيراني. شهدت إيران منذ أيام انتخابات ارتفعت فيها حظوظ الإصلاحيين، غير أن اليد الأعلى في رسم سياسة طهران هي دائما للمرشد ولرجال الدين، ما التغيير المتوقع للانتخابات على إيران من الداخل؟

ج: لعل من المبكر أن تتضح الصورة النهائية لما يجرى، النتائج تظهر تقدما جيداً لأنصار الرئيس الإيراني روحاني في انتخابات مجلس الشورى ومجلس تشخيص مصلحة النظام. يبدو أن المعتدلين حققوا نتائج جيدة، غير أن علينا الانتظار لنرى النتائج وانعكاساتها.

س: هل تعتقد أن تقدم الإصلاحيين في النتائج سينعكس إيجاباً على علاقات إيران بمحيطها الخليجي؟

ج: آمل - مع مرور الوقت - أن يحدث اتصال مباشر وجهود دبلوماسية لتطوير العلاقات بين إيران والبحرين ودول الخليج الأخرى.

في الوقت ذاته، نحن مدركون تماماً للأنشطة الإيرانية الهادفة لزعزعة الاستقرار والأمن في هذه المنطقة عبر دعم التطرف والأعمال الإرهابية والحروب بالوكالة.

بدورنا، سنعمل مع حلفائنا بدول الخليج للتأكد من حصولهم على كل ما يحتاجونه للتعامل مع هذه التحديات. عملنا منذ العام الماضي لتعزيز الجوانب الأمنية وحماية المنشآت والبنية التحتية المهمة والمحورية، وللتأكد من حصول القوى العسكرية في هذه الدول على التدريب والمعدات اللازمة لمكافحة التطرف والإرهاب.

في الواقع، إن هذه الجهود كانت موجودة منذ زمن، إلا أنها ارتقت إلى مستوى أعلى منذ القمة التي عقدت في كامديفيد في العام الماضي.

وبالطبع، فإن وجود الأسطول الخامس في المياه الإقليمية لمملكة البحرين هو رمز لالتزامنا بأمن هذا البلد وشركائنا في دول الخليج.

إن وجود الأسطول الخامس هو جزء من الجهود المبذولة لضمان أمن الخليج والملاحة البحرية في هذه المنطقة، وحرية الحركة التجارية.

س:- يتملك دول الخليج قلق معلن من تأثيرات الاتفاق النووي، وإمكان استخدام إيران للأموال الناتجة عن رفع الحظر في تعزيز الاضطرابات بالمنطقة، وتعهدت الولايات المتحدة بمساعدة دول الخليج لتحجيم الدور الإيراني السلبي، هل هنالك تطمينات من جهتكم في هذه الجزئية؟

ج: إن طريقة الرئيس بارك أوباما ووزير الخارجية جون كيري تتلخص في التعاطي مع ملف برنامج إيران النووي ومعالجته أولا، ومن ثم الانتقال للتعامل مع الملفات الأخرى.

إذا حاولنا التعاطي مع الملفات كافة دفعة واحدة، سيكون الأمر صعبا جداً، ولن نصل إلى نتيجة، لذا حرصنا إلى تكريس الجهود للوصول إلى اتفاق يمنع إيران من الحصول على القنبلة النووية، وبحسب معلوماتنا، فإن الجمهورية الإسلامية ملتزمة بمتطلبات الاتفاق لغاية الآن، ويعطينا حالياً فرصة على العمل على الأمور الأخرى.

وهذا ما نسعى إلى الوصول إليه بالعمل مع القوى الدولية الكبرى “5+1”. وسنركز الآن على معالجة التدخلات الإيرانية لزعزعة المنطقة عبر دعم الإرهاب وحروب الوكالة كما عملنا على الملف النووي.
نعتقد أن حصول الاتفاق النووي منع دولة كإيران من الحصول على السلاح النووي الذي كان سيزيد من التهديدات بعدم استقرار المنطقة.


س: ما مدى إمكان تطبيق الإصلاحات التي وعد بها روحاني على مستوى تعزيز حقوق الإنسان الحريات وتخفيف الرقابة على الإنترنت؟

ج: لا أملك تصوراً دقيقاً بشأن مدى وسرعة النتائج للجهود الإصلاحية التي تتحرك في إيران، فأنا أراقب الوضع عن بعد كسفير للولايات المتحدة في المنامة عبر ما يطرح في وسائل الإعلام.

أعتقد أن أي نتائج للجهود الإصلاحية ستكون تدريجية وبطيئة نسبياً. إذا ما نظرا إلى ما حدث في الجهورية الإسلامية على امتداد العقدين السابقين، سنجدها مقيدة، ومتقطعة.


س: أقر مجلس الأمن الدولي مؤخرًا هدنة في سوريا مع خطة لبدء حوار بين الأطراف السورية، كثيرون يشككون في مدى إمكان استمرار الهدنة وجدوى الحوار، إلى أين تتجه الأمور في تقديرك؟

ج: إن الأوضاع في سوريا مأساوية بعد 5 سنوات من الحرب والعنف وإراقة الدماء، إن الوضع الميداني العسكري غاية في التعقيد مع وجود العديد من الخطوط والجهات المتعارضة الأهداف والمصالح.

سيكون الوضع صعباً بالنسبة لتنفيذ الهدنة من دون شك، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري أعلن ذلك على نحو جلي.

وجدنا على نحو ملحوظ انخفاضًا وتناقضًا في مستوى العنف ونزيف الدم منذ أن دخلت الهدنة حيز التنفيذ، وسنعمل مع عناصر المجموعة الدولية لدعم سوريا كل ما يلزم لمساندة إنجاح الهدنة، ودفع جميع الأطراف الداخلة ضمن الهدنة للالتزام بها.

في الوقت ذات، اتفق معكِ بأن بقاء الهدنة وما يترتب عليها ينطوي على تحدٍ كبير في ظل وضع معقد و5 سنوات من العنف.


س: بعد تصريحات خليجية عن إمكان تدخل بري في سوريا، توجهت طائرات سعودية وإماراتية لقواعد تركية تمهيدا لمكافحة “داعش” مع وجود حديث سعودي أميركي معلن عن إمكان تطبيق الخطة “ب” في سوريا، ما هي الخطة “ب”؟

ج: لا أعتقد بوجود ما يطلق عليه خطة “ب”، الولايات المتحدة الأميركية تدعم بقاء سوريا موحدة على أراضيها كافة، واعتقد أن حديث وزير الخارجية الأميركية جون كيري عن “ب” هو عن حاجتنا لإنجاح الهدنة في سوريا وتهيئة الشروط التي تؤدي إلى حل سياسي، وليقوم السوريين بكتابة مستقبلهم بعيداً عن بشار الأسد عبر انتخابات مع توافر خيارات سياسية، لا يمكن أن يكون الخيار أمام السوريين أما الأسد أو الجماعات الإرهابية.

وهذا هو الهدف والخطة، والحديث عن خطة “ب” بمثابة تعبير للتأكيد على أهمية إطلاق وتعزيز الجهود الحالية على درجة أكبر لضمان تحول سياسي، وهذا ما يشكل محور الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لسوريا ستافان دي ميستورا، ونحن ندعمه 100 %، ونريد أن نرى قرار مجلس 2254 مطبقا تحت قيادته. هذه هي الخطة.


س: يُستثنى من الهدنة السورية، تنظيمي داعش والنصرة الذين يواجهان حربا من قبل دول التحالف، بعيداً عن الماكينة العسكرية، أظهر التنظيم قدرة كبيرة وغير منقطعة على التحشيد والاستقطاب والحصول على التمويل، ما المطلوب لمواجهة هذه الجزئيتين تحديداً؟

ج: أعتقد أن مواجهة مجموعات كتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” يتطلب جهوداً على أكثر من جانب، فهو يتطلب تعاملاً عسكريا كما العراق وسوريا، ويفرض علينا التعاون والشراكة لمواجهته، وهذا ما أنتج تحالفاً دولياً يتكون من 65 لمواجهته.

هنالك جهود كبيرة لمواجهة الفكر والإيدلوجية المتطرفة عبر بعث رسائل مضادة في وسائل التواصل الاجتماعي. لابد من بذل المزيد لضبط تدفق المقاتلين الأجانب عبر الحدود السورية والعراقية، وكذلك مواجهة المحاولات الداعشية لإرسال مقاتلين لإجراء عمليات إرهابية في تركيا أو القارة الأوروبية أو الولايات المتحدة.

وبالتأكيد، يجب محاصرته على مستوى جمع الأموال، فالعمل على جميع هذه الخطوط والجوانب مطلوب، وجميع هذه النقاط موجودة على الإستراتيجية الأميركية مع حلفائها لمكافحة وتدمير تنظيم الدولة الإسلامية.


س: تشددون دومًا على أهمية حفظ المصالح الأميركية وضمان الملاحة الأمنة في المنطقة، اليمن يعد نقطة أساسية في هذه الجزئية، مد نفوذ وسيطرة القوى المتطرفة فيه يشكل خطورة على مصالح أميركا وحلفائها.. سيطرة الحوثيين على الحكم بالقوة أدت إلى تدخل خليجي.. تدخل عاصفة الحزم عامها الأول بعد أيام، تظهر الولايات المتحدة دعمًا معنوياً كبيراً للإجراء العسكري، هل من دعم أميركي من نوع آخر مستقبلاً؟

ج: أشعر أن الطريقة المعتمدة حالياً ستستمر، نحن دعمنا تدخل ودور شركائنا الخليجيين في اليمن، وهذه المساندة ستستمر.

بنهائية المطاف، ما يجب أن يحدث في اليمن هو انتقال سياسي، وهنا ندعم جهود مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، ونأمل أن تنطلق جولة جديدة من الحوار الوطني قريباً.

إن الانتقال من المرحلة العسكرية إلى التحول السياسي يتطلب عددا من الإجراءات لبناء الثقة المطلوبة من جميع الأطراف وترتبط في بعض جوانبها دخول المساعدات الإنسانية والمواد الإغاثية من أغذية وأدوية وغيرها.


س: هل تعتقد أننا يمكن أن نشهد تقدما حقيقياً على المشهد السياسي في اليمن قريباً؟

ج: آمل أن تثمر جهود الأمم المتحدة في اليمن، وجميع الأطراف المشاركة في المشهد على الأرض أن تبادر بالاستجابة إلى طاولة المفاوضات؛ لنحظى بانتقال سياسي في اليمن، وهذا هو هدفنا.


س: هل من كلمة أخيرة؟

ج: أتواجد على أرض البحرين كسفير منذ قرابة العام، وأمضيت وقتاً رائعا هنا، وتلقيت ترحيباً دافئاً من حكومة مملكة البحرين والشعب البحريني كذلك.

أعتقد - كما أشرت سابقاً - أن الإصلاحات التي أجريت في عهد جلالة الملك كبيرة، وهنالك المزيد ليتم، ونحن بدورنا سندعم هذه الجهود.

 

 

المصدر: صحيفة البلاد
التاريخ: 27 مارس 2016


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1096563.html