صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5272 | السبت 11 فبراير 2017م الموافق 19 رمضان 1445هـ

«الخارجية الأميركية» ترحب بمقال ولي العهد

رحبت وزارة الخارجية الأميركية أمس بمقال سمو ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة الذي نشر في صحيفة «واشنطن بوست». وأشاد المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي بالمقال، وقال خلال مؤتمر صحافي «هذه مبادرات مهمة». وأضاف كراولي أن رسالة ولي عهد البحرين المفتوحة «تتحدث عن التدابير التي يتعين على الدول اتخاذها الآن، وتبيّن أن دعم مبادرة السلام العربية مستمر».


 

 

في مقال خاص لسموه نشرته صحيفة الواشنطن بوست

ولي العهد: حان الوقت للمزيد من الخطى على طريق السلام

 

طرح صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى مبادرة جديدة وعملية حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يحتوى على نظرة نحو بدء جهود تقود نحو تحقيق السلام والرخاء للشعب الفلسطيني.

 

وقد عرضت هذه المبادرة في مقال خاص نشرته صحيفة الواشنطن بوست-أكثر الصحف الأميركية السياسية تأثيرا.

 

وتقوم الفكرة على إعطاء روح جديدة للمبادرة العربية للسلام وهي الخطوة الرائدة والطموحة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية.

 

وقد دعا صاحب السمو في المقال إلى المبادرة باتخاذ مواقف متوازية حسنة النية ليتحقق السلام. فالسلام الحقيقي والدائم يحتاج إلى مشاركة شاملة ومصالحة حقيقية على المستوى الإنساني. ولا يتحقق ذلك إلا بالتعامل مع القضايا الرئيسية التي تفصل بين الشعبين العربي والإسرائيلي، وأولى هذه القضايا هي القضية الفلسطينية والأراضي العربية المحتلة.

 

وحث سموه الحكومات العربية على عمل المزيد لإيصال قضيتهم العادلة إلى الشعب الإسرائيلي حيث أن عدم القيام بذلك قد سمح لآخرين بالقيام بتمثيلهم بصورة غير مناسبة. وقال سموه إن من مصلحتنا الآن إيصال صوتنا الحقيقي إلى العالم، لسببين أساسيين: الأول يتمثل في تحقيق مزيد من الأمن من خلال تجفيف مياه البغض الراكدة التي يتصيد فيها دعاة الكراهية من الجانبين.

 

أما الثاني، فهو تحقيق الرخاء، فلقد استطاعت دول الخليج النفطية الست التي تشكل مجلس التعاون الخليجي تنمية أسواقها ليبلغ حجم السوق الخليجية ما يزيد على التريليون دولار. وبالتالي، فإن التخلص من مخاوف الموت والدمار ستشرع الطريق لحقبة جديدة من الأعمال التجارية، والشراكة والتنمية على نطاق أوسع، على مستوى المنطقة برمتها.

 

وأشار سموه إلى أن السنوات المهدورة في هذا الطريق المسدود (في عملية السلام) كرست عقلية المحاصرة لدى الإسرائيليين، حيث ينظر لكل فلسطيني على أنه عدو، غير مدركين طبيعته الطيبة كإنسان طيب وعادي.

 

وأضاف سموه أنه يجب على الحكومات وجميع الأطراف المعنية أيضا أن تكون مستعدة لاتخاذ الإجراءات التي تساعد في تخفيف المعاناة اليومية للشعب الفلسطيني.

 

وقد تطرق سموه كذلك إلى الدور المهم الذي يستطيع الاقتصاد القيام به بعد تحقيق السلام من خلال تكريس السلام بخلق واقع جديد يضمن استمراريته، مما يحفز الجميع لتفضيل الاستقرار على حالة النزاع والصراع.

 

و فيما يلي نص المقال:

 

تحتاج مبادرة السلام العربية إلى تبني طريقة جديدة في التفكير إذا ما أردنا أن يكون لها الأثر المرجو على أزمة لا تزال تعيق قدرة الفلسطينيين على العيش، في الوقت الذي تعرض فيه أمن الشعب الإسرائيلي للخطر.

 

ولا يجب أن تكون هذه الأزمة بين الشعبين أزمة عداء مطلق كالدخول في لعبة خسارة، لا يكون فيها أحد الشعبين رابحا إلا إذا مني الشعب الآخر بخسارة.

 

إن الفوائد التي يمكن لمنطقة الشرق الأوسط أن تجنيها من تحقيق السلام فوائد هائلة. فلماذا إذن لم نحقق شيئا لحد الآن؟ خطأنا الأكبر خطأ وقعنا فيه في اعتقادنا بأن السلام قابل للتحقق بضغطة واحدة على الزر. في حين تناسينا أن السلام عملية كاملة تعتمد على فكرة طيبة، ولكنها تحتاج إلى الكثير من الجهد المبذول بصبر وإصرار مع مختلف الأطراف المعنية. وهذا بالتحديد، لم نقم نحن العرب بما يكفي للتواصل المباشر مع الشعب الإسرائيلي لإيصال المبادرة.

 

ولذلك، قد نجد العذر لكل إسرائيلي يعتبر أن كل صوت مسلم هو صوت لا ينبري إلا بالكراهية، لأنه الصوت الوحيد الذي اعتاد على سماعه. كما أن للعربي عذره في الاعتقاد بأن كل إسرائيلي لا يحمل له إلا الرغبة في القضاء كل ما هو فلسطيني.

 

وفي الحقيقة، فإننا لم نبذل الجهد المطلوب من جانبنا لنوضح للإسرائيليين كيف يمكن أن تشكل مبادرتنا جزءا من سلام بين ندّين يعيشان على أرض مضطربة مقدسة لثلاثة أديان عظيمة. وفيما نخفض أصواتنا، تضج أصوات أطراف أخرى تعرف تماما بأن أي نجاح سنحققه سيعرض مصلحتهم في الحفاظ على حالة التناحر بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى الخطر. فهم يريدون أن يبقى الضحايا ضحايا ليتم استغلالهم كأوراق رابحة في لعبة أكبر للقوة، فيما تبقى البقية منا -أي الأغلبية الساحقة - الجهة المناهضة لتلك المصالح.

 

إن من مصلحتنا الآن إيصال صوتنا الحقيقي إلى العالم، لسببين أساسيين: الأول يتمثل في تحقيق مزيد من الأمن من خلال تجفيف مياه البغض الراكدة التي يتصيد فيها دعاة الكراهية من الجانبين.

 

أما الأمر الثاني، فهو تحقيق الرخاء، فلقد استطاعت دول الخليج النفطية الست التي تشكل مجلس التعاون الخليجي تنمية أسواقها ليبلغ حجم السوق الخليجية ما يزيد على التريليون دولار. وبالتالي، فإن تبديد المخاطر المتمثلة في الموت والدمار، ستعبد الطريق لحقبة جديدة من الأعمال التجارية، والشراكة والتنمية على نطاق أوسع، على مستوى المنطقة برمتها.

 

وسيكون هذا نتيجة مباشرة لحل معضلة تحقيق العدالة للفلسطينيين دون إلحاق الضيم بالشعب الإسرائيلي. وهي المعضلة التي لا تعكس الصورة الحقيقية للذات العربية، وتشتت الكثير من الجهود بعيدا عن التنمية السياسية والاقتصادية التي تحتاجها المنطقة.

 

إن السنوات المهدورة في هذا الطريق المسدود كرست عقلية المحاصرة لدى الإسرائيليين، حيث ينظر لكل فلسطيني على أنه عدو، متناسين طبيعته كإنسان طيب وعادي.

 

ورغم أهمية التباحث في الأمور الأساسية، فإن هذا ليس كافيا بحد ذاته. فيجب على حكوماتنا وجميع الأطراف المعنية أيضا أن تكون على استعداد لاتخاذ الإجراءات التي تساعد في تخفيف المعاناة اليومية للشعب الفلسطيني.

 

إن العداوة الدائمة ليست قدر الشعبين اللذين يعيشان على الأرض المقدسة. فما يمكن أن يوحدهم غداّ هو أكبر بكثير مما يفرقهم اليوم ولتحقيق ذلك، يحتاج طرفا الصراع إلى المساعدة، والمشاركة البناءة من أطراف صديقة أخرى للوصول إلى تسوية عادلة.

 

كما نحتاج أيضا إلى التخلي عن الرفض المستمر لكل مبادرة يطرحها الآخرون بهدف إذابة جليد الصراع. ولنأخذ بعين الاعتبار ردود الفعل التي تلقتها لغاية الآن المبادرة العربية للسلام، والتي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ، ملك المملكة العربية السعودية، والتي تمثل جهدا صادقا وأصيلا لتحقيق السلام بين العالم العربي و»إسرائيل» بمقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة والحل العادل لإنهاء معاناة الفلسطينيين، الذين مازال معظمهم يعيشون في مخيمات اللاجئين في أوضاع مزرية.

 

يجب علينا إيقاف لعبة الانتظار الضيقة الأفق على الفور، والتي لا يقدم فيها أي طرف على أي تنازل أو مبادرة منتظرا تحركا من الطرف الآخر. علينا أن نكون أكبر من ذلك. فجميع الأطراف تحتاج إلى المبادرة باتخاذ مواقف متوازية حسنة النية ليتحقق السلام. فالسلام الحقيقي والدائم يحتاج إلى مشاركة شاملة ومصالحة حقيقية على المستوى الإنساني. ولا يتحقق ذلك إلا بالتعامل مع القضايا الرئيسية التي تفرق بين الشعبين العربي والإسرائيلي، وأولى هذه القضايا هي القضية الفلسطينية والأراضي العربية المحتلة. وحيث أن هذا لم يتحقق حتى الآن، فإن معاهدات السلام بين «إسرائيل» من جهة وبين الأردن ومصر من جهة أخرى ستبقى معاهدات جامدة وغير حية بالشكل المطلوب وذلك لكونها غير شاملة.

 

لقد آن الأوان للتحرك نحو السلام الحقيقي من خلال مشاورة شعوبنا وزيادة الوعي لديها، ومن خلال التواصل مع الشعب الإسرائيلي لتعريفهم بفوائد السلام الحقيقي.

 

ولنكون ذوي أثر فعال، فعلينا الاعتراف بأن نافذة رجل الشارع الإسرائيلي الأولى التي يطل منها على العالم، كما هو الحال مع أي مواطن آخر، هي الإعلام المحلي. وبالتالي علينا إيصال رسائلنا للشعب الإسرائيلي عن طريق وسائل الإعلام الإسرائيلية. وهي الرسائل التي تعكس آمال الغالبية العظمى من الشعوب العربية، والتي تؤكد على السلام كخيار استراتيجي، والتي تبين أهمية المبادرة العربية بوصفها الطريق التي تؤدي لتحقيق السلام. كما وستساهم الأصوات الإسرائيلية المماثلة في تسريع هذه العملية.

 

وبمنتهى السهولة سيربط البعض في العالم العربي بين التواصل الإعلامي وبين التطبيع، وبالتالي فإنهم سيعتبرون أننا نخطو وبسرعة نحو التطبيع. ولكننا جميعا نعي أهمية تشجيع الحوار لتحقيق السلام الحقيقي. ولذلك يجب علينا أن نخطو الخطوة الهامة الأولى التي تضع الأسس للسلام الفعلي. ولذلك علينا جميعا أن نستثمر وبشكل أكبر في مجال الإعلام.

 

وعندما نستطيع تحقيق السلام، سيسهل علينا إنماء الاقتصاد والتجارة. كما سيتحول كل مكسب نحققه إلى أساس لمكاسب أخرى جديدة، فالاقتصاد سيساعد بدوره في تكريس السلام من خلال خلق واقع جديد. فالاقتصاد والتجارة هما ما يوفران السيولة في أيدي الناس ويعطيان القوة اللازمة للاستمتاع بحياتهم، وبالتالي فإن هذا سيضمن استمرارية السلام. كما ستساهم الخبرات اليومية في تغيير نمط التفكير، وسيؤدي تدريجيا إلى بناء علاقات الثقة والمصالح المشتركة، والتي يعد صنع السلام بدونها ضربا من المستحيل.

 

عندما تكون كفة الصراع مكلفة للغاية يكون الاستقرار بالمقابل الكفة الرابحة، وبالتالي ينبغي علينا فعل المزيد الآن، لتحقيق السلام المنشود.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1209765.html