صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 663 | الثلثاء 29 يونيو 2004م الموافق 19 رمضان 1445هـ

تقرير لجنة تقصي الحقائق حول ما حدث بجوار القلعة في يوليو 1954

(أعضاء اللجنة: أحمد فخرو، منصور العريض، عبدالله بن عيسى)

لقد عهدتم إلينا يا صحاب العظمة مهمة التحقيق فيما حدث بجوار القلعة في اليوم الحادي من شهر جولاي 1954. وهذه اللجنة التي تشكلت بأمر منكم بدأت جلستها في اليوم السابع وانتهت في اليوم العاشر من جولاي منها. واستمعت الى شهادة 27 شاهدا وقد أعدنا المستشار بقائمة باسماء شهود من الشرطة. وقد استمعنا الى اغلبهم.

أن عبدعلي العليوات وهو أحد أولئك الذين طلب منهم حضور جلسات لجنة التحقيق قد تطوع وعاهد اللجنة في إيجاد شهود من الشيعة الذين كانوا موجودين بقرب القلعة وقد احضر ثلاثة شهود جرحى وأربعة شهود من الذين كانوا في الطريق شمالي القلعة عند إطلاق النار. وهذه اللجنة تعرب عن امتنانها الشديد لعبدعلي العليوات على جهوده. لقد حاول جهده في الحصول على شهود من الذين كانوا في قاعة القلعة ولكنه اخبرنا بعدم تمكنه من الحصول على من يعترف انه كان موجودا هناك. وقد تقدم أحد الشهود وهو معير بن عبدالله زهران للإدلاء بشهادته واللجنة تشكره على هذا الإحساس بالواجب فقد اثبت انه شاهد مستقل.
وبعد التمعن الدقيق في الشهادات التي أدلي بها تبين للجنة أن الحقائق هي كما يلي:

كانت هناك مظاهرة منظمة من البحارنة للسير إلى دار الاعتماد البريطانية في المنامة لتأمينهم. ولم تتمكن من التثبت من نوع الأمان الذين كانوا يطلبونه. ولكنه كان واضحاً أنهم كانوا يعقدون الذهاب إلى دار الاعتماد. ويبدوا أن جمهور البحارنة كان منظما تنظيما حسنا وقد استعملت منه باصات للمجيء بهم من القرى. وكانت تمر هذه الباصات قد أطمست، ولعل ذلك لإخفاء حقيقتها. وقد تجمهر جمع غفير عند مسجد مؤمن شمالي القلعة.

وفي حوالي الساعة العاشرة صباحا اخذ ذلك الجمهور الغفير الذي كان في تلك الناحية يمر من باب سياج القلعة مجتازا ملعب الكرة إلى محل يقرب من البرج الشمالي الغربي. ودخل قسم من الجمهور في الحديقة التي أمام بيت الشرطة هايد. وقبل أن يدخل الجمهور في منحة الحلقة دخل قسم كبير منهم في حوطة التوراني وسلحوا أنفسهم بعصي وبقطع من الأنابيب الحديدية وقطع جونكات قديمة. وعندما أخد الجمهور يتقدم نحو البرج الشمالي الغربي من القلعة حاول خمسة عشر 15 شرطيا ازداد عددهم بعد ذلك إلى أربعين 40 مع ثلاثة عرفاء أن يقدموا الجمهور بالانسحاب.

وتقدم العريف حمد بن راشد، وكان غير مسلح، نحو الجمهور وحده وطلب منهم الانسحاب. وناقشهم ورجا العقلاء منهم إقناع المتهورين بالانسحاب. وقد أمر رجاله أن لا يتحركوا بدون أوامره وحذر ذوي المدافع الرشاشة على البرج الشمالي الغربي بان لا يطلقوا النار. وكان الجمهور كما يبدوا في حدة متناهية. وقالوا بأنهم أتوا القلعة للحصول على ما يريدون، وأنهم إذا لم يتمكنوا من دخول القلعة فسوف يذهبون إلى مساكن العائلات ويهاجمونهم وبينما كان العريف حمد بن راشد يحاول جهده إقناع الجمهور بالتفرقـ مع صوت طلقتين مسدس من ناحية الجمهور.

وقال أحد شهود البوليس رأى رجلا يحمل مسدسا يطلق طلقتين أحداهما موجهة نحو الشاهد، والأخرى أطلقها بينما كان الرجل يركض متجها نحو القلعة. وليس لدينا ما يثبت صحة هذه الشهادة ولكن من الواضح لنا بأن رصاصتين أطلقتا من الجمهور. وفي هذا الوقت كان الواضح تمام الواضح أن البوليس في حالة هيجان شديدة وحال سماع طلقتين المسدس انطلق الرصاص من بين الأربعين بوليس الذين كانوا متجمعين عند البرج الشمالي الغربي. اخذ الرصاص ينطلق أيضا من شرفة بيت المدير هايد، ومكن على سطح بيته، ومن البرج الشمالي للقلعة. وقد قال أحد الشهود من الشرطة أنه أطلق ثلاث رصاصات في الهواء من هذا البرج لتخويف الناس. ولم يطلق علي حسن الشراح ورجاله الاثنان النار من مدفعهم الرشاش من على البرج الشمالي الغربي.

وعند ابتداء أطلاق النار من القلعة أخذ الجمهور في التفرق والخروج إلى الطريق. وعلى كل. فقد وجدت ثلاث جثث على الأرض، اثنان منها على بعد خمسة وعشرين 25 ياردة من البرج، وواحدة في ملعب الكرة. ولدينا من الأدلة التي لا مجال للشك فيها بأن أفراد من الجمهور شوهدوا يتعاقلون ويتساقطون من ضرب الرصاص على المساحة الواقعة شمالي غرب البرج. ومن الجلي الواضح بأن بعض الشرطة قد أطلق النار ليقتل.

وقد تحقق بأن البوليس قد أمر بأن لا يطلق النار من بنادقهم بدون أوامر من ضابط أعلى إلا في حالة الدفاع عن النفس. وقد قيل لنا بأن إطلاق النار من قبل البوليس بمجرد سماع إطلاق النار من غيرهم من أفراد البوليس هو مخالف لتعليمات الشرطة. وقد حاول بعض العرفاء أن يوقفوا رجالهم عن إطلاق النار، ولكنهم لم يستطيعوا السيطرة عليهم. وقد بدل المدير هايد والمفتش وسلمان بن جبر أقصى جهدهما لإيقاف إطلاق النار من البيت وعدا هؤلاء فانه لم يكن هناك أحدا من ضباط الشرطة خارج القلعة أو على سطوحها بينما كانت تقع هذه الأحداث.

وقد استمعنا إلى شهادة الدكتور سنو من مستشفى حكومة البحرين والدكتور متووم من مستشفى الإرسالية الأميركية بخصوص المصابين الذين ادخلوا في مستشفيات في الحادي من جولاي. لقد جيء المستشفى الحكومة بثلاثة قتلى والرابع مات بعد ساعتين من إدخاله المستشفى. وجيء كذلك بثلاثة جرحى كانت جراح أحدهم خطيرة جدا ولكن أمكن انقاد حياته بعملية نقل دم تبرع به شخصان انكليزيان. وادخل في المستشفى الأمريكي بتسعة جرحى كلهم مصابون بالرصاص ماعدا واحد منهم. وقد تحقق لدينا من بعض الجرحى الذين طالبنهم كشهود، أنهم جرحوا في الطريق العام شمالي القلعة. ومن الواضح تمام الوضوح أنهم جرحوا بالرصاص الذي أطلق في الهوى. وكان أحد الجرحى الذي حققنا معهم صبيا في الحادية عشر من عمره قد مسته الرصاص في جبهته بينما كان جالسا خارج نادي الفروسية الذي كانت تخفيه عن النور أشجار حديقة البيت. ويتضح من شهادة الدكتور سنو أن أحد القتلى الذين جيء بهم إلى المستشفى أصيب بالرصاص من مسافة خمسين 50 ياردة، وأن أحد الجرحى قد أطلق عليه النار من نفس المسافة. أما الآخرون فقد أطلقت عليهم النار من مسافات أبعد جدا. وعندما تفرق الجمهور اتخذ الشيخ خليفة إجراءات عاجلة لاستدعاء سيارة الإسعاف لنقل الجرحى، وبذل كذلك بعض من البحارنة ما استطاعوا في نقل الجرحى إلى المستشفى.

النتيجة:

إننا نرى أن جمهور البحارنة كان في حالة هياج وتهديد شديدين وكانوا مسلحين بعصي وقطع من الحديد. وعند إطلاق رصاصتي المسدس لم يكن هناك خطر من هجوم مباشر، ولو لم تطلق هاتان الرصاصتان، كان في الممكن جدا إقناعهما أن يضلوا هادئين. ونرى أيضا أن حتى مع إطلاق هاتين الرصاصتين من المسدس، لم يكن هناك خطر من هجوم مباشر في ذلك الوقت. ومع كل هذا فالبوليس كان في حالة هيجان شديدـ وبالرغم من الأوامر التي لديهم فقد أطلقوا النار. ويحتمل أن البوليس الذين كانوا بقرب من البرج الشمالي الغربي فكروا بأنهم سوف يهاجمون. وأن قصدهم إطلاق النار هو الدفاع عن أنفسهم. ويتضح انه من هنا أصاب البوليس عن تعمد بعض الجمهور وكان إطلاق النار من الجهات الأخرى من القلعة بدون أوامر من ضباط مسئولين، وليس هناك أي تبرير لها. وقد اعترف أحد العرفاء وهو غريب بن بخيت بأنه أمر بإطلاق النار ولكن في الهواء.

ونحن نرى أنه من الواجب أن توقع عقوبات صارمة على أولئك البوليس الذين أطلقوا النار بدون أوامر.

وإننا نوصي بقوة بأن يعطي البوليس أشياء أقل خطرا من البنادق لتفريق الجماهير كما هو متبع في البلدان المتمدنة الأخرى. وبصورة خاصة فإننا نرى بأنه من الخطورة الكبرى لإطلاق النار من البنادق كما هو متبع الآن على رؤوس الجماهير في محلات مكتظة بالسكان كالمنامة. أن أغلب الإصابات تكبدها أشخاص لم يكنوا مشتركين اشتراكا مباشرا في المظاهرة.

ونحن نرى أن عمل وسلوك العريف حمد بن راشد يستحق الثناء العظيم، فقد تصرف كما يتصرف كل بوليس يقدر المسئولية في مثل هذه الأزمات.
ونحن نرى في مثل هذه الظروف أن على ضباط الشرطة أن يكونوا في الخارج مع رجالهم، وأن لا تترك السيطرة على رجال البوليس والجماهير للعرفاء.

ونحن نرى أيضاً بأن عمل وصنيعة علي بن حسن الشراح ورفيقاه ذوي الدفع الرشاش في امتثالهم لأوامر العريف حمد بن راشد بعدم إطلاق النار ما يستحق الثناء.
التوقيع:
أحمد فخرو
منصور العريض
عبدالله بن عيسى
 



بتاريخ: 10 / 7 / 1954


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/687242.html