العدد 1013 - الثلثاء 14 يونيو 2005م الموافق 07 جمادى الأولى 1426هـ

مؤسسة النقد... إدارة الأزمات والتضحية بالجنين

هناء بوحجي comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

سبب بنك البحرين والشرق الأوسط - أو بي إم بي إنفستمنت كما سمى نفسه تجاريا منذ نحو خمس سنوات - أزمة لأطراف عدة تختلف أولويات أجندتها ، فعدا المساهمين الذين خسروا كل رأس مالهم وتساووا في ملكية سهم واحد يعادل ربع دولار من دون اعتبار عدد أسهمهم وأموالهم التي استثمروها في أسهم المصرف، هناك أيضا الدائنون وهناك مؤسسة النقد التي تحمل على عاتقها العبء الأكبر بصفتها الراعية لمصالح كل الأطراف المعنية وعليها أن توازن تلبية المصالح من دون المساس بالمصلحة الأكبر وهي سمعة البحرين كمركز مالي سعى بجهود حثيثة وجدية ليكتسب صفة العالمية.

ومع تقدير الجهد الكبير الذي تبذله "المؤسسة" لمحاوطة هذه الأزمة، فإن المتابع الخارجي لما يدور في موضوع هذا المصرف يكاد لا يرى تعريفا وتصنيفا واضحا لأولويات المصالح بالنسبة إلى مؤسسة النقد، ففي تغليبها الواضح لأولوية السمعة تنازلت "المؤسسة" عن صرامتها في تطبيق أنظمتها فقدمت الاستثناء تلو الاستثناء للمصرف لينفذ من دون عقد جمعيته العمومية منذ العام ،2001 واستند المصرف في ذلك إلى أن حساباته كانت مفتوحة ولم يكن بإمكانه تقديم نتائج مكتمله لأي من الأعوام السابقة للعام 2004 الذي قدمت نتائجه مع العامين السابقين دفعه واحدة، ولم تتدخل المؤسسة خلال الفترة التي كان المصرف يغرق فيها في مشكلات مالية طائلة، هي وحدها التي تشترك مع المصرف في العلم بها، لم تتدخل لوقف أسهمه من التداول في البورصة، حماية للمتداولين، بصفتها الجهة الرقابية التي تقع البورصة تحت مظلتها، ولم يصدر قرار وقف الأسهم سوى في منتصف العام .2004

خلال الاجتماع الساخن الأخير الذي استمر قرابة 5 ساعات متواصلة ترددت مطالبات بتغيير الإدارة كما فعلت المؤسسة مع مصارف أخرى تعرضت لأزمات سابقة إلا أن المؤسسة لم تستجب ولم يعرف المطالبون مبررا، معلنة عدم الاستجابة ما يجبرهم على الاستماع لما يتردد في الكواليس ويزيدهم إحساسا بالتهميش، كما لم تلتزم الأطراف المعنية بكلمتها في شأن تقييم أصول المصرف التي كانت ثمنا لبقاء المساهمين للمحافظة على نصاب الجمعية العمومية غير العادية، فكلفت مؤسسة التقييم بإعداد تقييم غير مطلوب أصلا لنتائج ،2004 فانسحب المساهمون المطالبون بالتقييم وبقيت "المؤسسة" وحيدة تنتظر نتائج التقييم على رغم أنها لم تطالب به أصلا، يشار هنا إلى أن المصرف امتنع عن إعلان نتائجه للربع الأول من العام 2005 في دعوته للاكتتاب في أسهم الأفضلية، وعزا ذلك أيضا إلى أن نتائج 2004 مازالت تحت التقييم!

في عالم الطب لا يتردد الأطباء بالتضحية بالجنين عندما تستعصى الولادة ويجب التضحية بالأم... أو بالجنين.

وهنا في عالم المال والأعمال، مع أهمية الاشارة إلى أنه من الصعب إغفال الجهود التي بذلتها "المؤسسة" ومازالت لمحاوطة أزمة المصرف الذي خسر رأسماله للمرة الثانية "المرة الأولى في التسعينات" وخصوصا في المفاوضات مع الدائنين والوصول إلى الصيغة الأخيرة التي تعتبر وصفة النجاة للمصرف المنهار، ولكن يبقى السؤال قائما: لقد حددت مؤسسة النقد "الأم" في سمعة البحرين المالية، ولا يختلف اثنان على صوابها في ذلك، ولكن من يحكم على مدى صحة قرار المؤسسة في تعريفها لـ "الجنين"، ومن يضمن أن التضحية بالجنين تبقي الأم معافاة بعد انتهاء العملية؟

إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "

العدد 1013 - الثلثاء 14 يونيو 2005م الموافق 07 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً