العدد 1026 - الإثنين 27 يونيو 2005م الموافق 20 جمادى الأولى 1426هـ

مشكلة الديزل...هل من حلول شاملة؟

هناء بوحجي comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

سلطت مشكلة الديزل الأخيرة الضوء على مخالفتين من الواضح أنهما عاليتا الكلفة والمخاطرة إلا أن التحرك للبحث عن حلول لهما لا يتواكب مع حجم هذه الكلفة وهذه المخاطرة.

المخالفة الأولى هي استفادة البعض من الفارق السعري بين أسعار الديزل المدعومة حكوميا في السوق المحلية وتهريبها إلى الأسواق المجاورة التي تواكب أسعارها ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالميا بعد ارتفاع أسعار النفط، إذ تزيد أسعار تلك الأسواق بمقدار الضعف تقريبا عنها محليا بعد أن وصلت الى 135 فلسا لليتر في حين يتراوح سعرها محليا ما بين 70 فلسا و80 فلسا لليتر بحسب فئة الاستخدام. وينطوي ذلك على هدر لموارد الدولة وارتفاع في كلفة الفرصة البديلة، إذ قدرت مصادر مطلعة كمية الديزل المهرب سنويا بنحو 40 مليون ليتر تعادل ما بين 20 إلى 25 في المئة من اجمالي الاستخدام المحلي للديزل وتصل قيمة الدعم لهذه الكميات المهربة الى 3 ملايين دينار بحريني.

ويشار هنا إلى أن هناك ثلاث فئات للاستخدام المحلي للديزل وهي فئة المركبات، الاستخدام البحريني بالاضافة الى فئة الاستخدام الصناعي وتستخدم الفئات الثلاث مجتمعه نحو 9 آلاف برميل يوميا من الديزل تمثل نحو 10 في المئة من إجمالي إنتاج الشركة من الديزل الذي يبلغ حجمه 90 ألف برميل يوميا، ويتراوح نمو استخدام الديزل ما بين 5 في المئة و10 في المئة سنويا.

وتنطوي هذه المخالفة أيضا على مخالفة بيئية ذات آثار خطيرة، إذ يتم نقل كميات كبيرة من الديزل تصل الى مئات الآلاف من الليترات في مراكب صغيرة "لنشات" الى الأسواق المجاورة وخصوصا سوق الإمارات العربية المتحدة والتي ترسو في فرضة المحرق مع العلم أن هذه "اللنشات" غير مجهزة لنقل هذه المواد النفطية التي تصنف عالية الخطورة وتحتاج الى بوارج بتجهيزات خاصة لنقلها، وهذا يعني أن أي تسرب أو اشتعال من شأنه أن يلحق أضرارا خطيرة بالناقلات وطواقمها فضلا عن البيئة البحرية.

وتتضح المشكلة هنا في تحديد الجهة المسئولة عن مثل هذه المخالفة فـ "بابكو" هي جهة انتاج لوقود الديزل ومطالبة بتوفيره لاحتياجات السوق المحلية بأسعار تحددها جهات أخرى وكما قال أحد مسئوليها معلقا على تهريب الديزل "نحن لسنا شرطة لنراقب السواحل ونمنع التهريب" وهذا الوضع يقترح تحريك جهات رقابية أخرى ليس فقط لسبب سوء استغلال سلع مدعومة لتحقيق مكاسب شخصية وانما للاضرار البيئية المحتملة الممكن أن يتسبب فيها أي طارئ في عملية النقل غير الآمنة التي تتم حاليا.

أما المخالفة الثانية فهي التي تتم في الشوارع بشكل يومي في عملية نقل الديزل اما من "بابكو" الى مواقع استخدامها في الداخل واما من محطات الوقود الى "اللنشات"، إذ يتم تهريبها فيما بعد الى خارج البلد، مع العلم أن عملية النقل تتم في حاويات "تناكر" تفتقر بشكل واضح الى معايير السلامة الواجب توافرها في المركبات الناقلة للمواد البترولية الخطرة وسريعة الاشتعال.

المصادر تؤكد أن هذه الناقلات لا تخضع الى أي فحص وليس هناك أية معايير أو قوانين يعتمد عليها في عملية الرقابة إلا أن هذه المعطيات الأخيرة لا تعفي أية جهة تقع عليها مسئولية الرقابة في اعتماد معايير حاويات نقل الديزل التابعة لشركة "بابكو" التي يؤكد مسئولوها أنها مستوفية لمعايير السلامة على الطرقات.

من الواضح أن محاوطة المشكلة المحيطة بالديزل صعبة ومتشعبة لتداخل جهات متعددة في تحمل مسئولية التعامل معها، إلا أنه من الواضح أيضا أنه وعلى رغم الكلفة والمخاطرة الواضحة بسلامة الأفراد والبيئة إلا أن التحرك للبحث عن حلول لها لا يتناسب معهما، ولذلك جاءت "حلول" بابكو الأخيرة غير محكمة بالشكل الذي يقضي على المشكلة والسبب في ذلك يعود الى ضيق حيز المسئوليات والصلاحيات الذي تتحرك من خلاله.

ولذلك فإن الحل لابد من أن يبدأ من مظلة أكثر اتساعا من "بابكو" تحدد الجهات المسئولة أولا وتحدد الأدوات اللازمة من تشريعات ومعايير وتستحدث اللازم منها وتفعل الموجود بما يؤهل للحركة بمقدار متناسب مع الكلفة والمخاطرة التي تنطوي عليهما المشكلة

إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "

العدد 1026 - الإثنين 27 يونيو 2005م الموافق 20 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً