العدد 1144 - الأحد 23 أكتوبر 2005م الموافق 20 رمضان 1426هـ

رفات البارزانيين... ومحاكمة صدام حسين

فاروق حجي مصطفى comments [at] alwasatnews.com

كاتب سوري

لا ندري من حظ الأكراد أم من حظ صدام حسين صادف توقيت نقل "ودفن" رفات البارزانيين الذين أنفلهم صدام حسين قبل أكثر من عقدين. دون شك عودة رفات اتاح للكرد أن يعيدوا ذاكرتهم المأسوية والاضطهادية وبالتالي أثار وافتعل حقد الأكراد تجاه نظام قاس شعبه"كله" والأكراد منهم. لذلك ربما إعادة الرفات لم تخدم صدام حسين ولا محاكمته بل ربما تأذى صدام لأنه بمثابة شاهد كبير وموثق على كل أعمال وإجرام وتعسف قام به. لذلك نرى أن الكرد هم كانوا من أكثر الأطراف حماسة لهذه المحاكمة وطالبوا أن يحاكم صدام في "حلبجة" الشهيرة الشاهدة الكبرى لوحشية النظام المخلوع.نعم تمنى أهالي حلبجة ان يرى صدام مشنوقا لا أن يراه في قفص المحكمة وهو يدلي برفضه للمحاكمة لأن الذي تأذى مباشرة لا يسعه ان يستوعب مسائل حقوقية وقانونية "أو قوانين"، مثلما بكى الأكراد ثانية عندما رأوا رفات المؤنفلين في مطار اربيل وهي ملفوفة بعلم كردستان الذي كان ممنوعا في فترة حكم صدام حسين بكل تأكيد وهم الآن يفرحون بهذه المحاكمة وفرحون أكثر عندما ناداهم القاضي كل فرد باسمه وهو يشير بأصبعه لا أن يناديهم بلقب "أيها القائد" أو أيها الرفيق. محاكمته مؤشر على انه ولى زمن "القائد" و"النشامى" و"الماجدات"، وهي مفردات ولو أنها مفردات فولكلور العربي إلا ان صدام استهلكها وأفرغ محتواها الحقيقي. عدد من الحوادث التي تخص الأكراد تدين صدام ويوصلها عندما يكون نظام غير ديمقراطي إلى الإعدام ولعل أهمها: أولها: هؤلاء المؤنفلين "وعدد 512 " من أصل "1600 " فقدهم أهلهم منذ أكثر من اثنين وعشرين عاما عندما أنفل النظام السابق "8000 " بارزاني جراء عملية عرفت بـ "الأنفال" السيئة الصيت التي نفذت في 26/8/1983 ضد البارزانيين والذي دفن بعض منهم في بادية السماوة على الحدود مع السعودية. وثانيها إن الأكراد "جلال الطالباني ومسعود البارزاني" سبق وأعادوا رفات مصطفى ملا البارزاني "الأب" - الذي كان مدفونا في كردستان إيران منذ العام 1979 - في مطلع التسعينات عندما تولى الأكراد إدارة مناطقهم ودفن "الملا" في منطقة البارزان إلى جانب ابنه إدريس والد نيجر فان البارزاني رئيس الحكومة الديمقراطي، كردستان الحالي، وهناك ثالها... ورابعها... ومئاتها. الطالباني "رئيس جمهورية العراق" رسم موقف الكرد بأدق صورة من خلال كلمته في هذه المناسبة:"البارزانيين "كونهم عائلة عريقة في نضال لأجل حصول الكرد على حقوقهم" قدوة في الانتفاضات الكردية ضد الظلم و الطغيان... البارزان "منطقة البارزانيين" موطن الأبطال... دفن العدو الفاشي عشرات الألوف من المسالمين والأبرياء منهم احياء في مقابر جماعية، وأصبح رمزا لحكمه الإجرامي ولكن ذلك لم يقض على الثوار في كردستان وعلى البارزانيين الأحرار الذين جسدوا مقولة شيخهم البطل الشهيد الخالد الشيخ عبدالسلام الذي أعدمه العثمانيون في الموصل و صعد المشنقة قائلا: "خول بسةري دزمنان" الويل للأعداء إن أعدمنا لن يؤدي إلى إنهاء البارزانيين والقضاء على الكرد... وها هو الشعب الكردي ينعم بالحرية والديمقراطية والفيدرالية وها هي بارزان ترفل بالحرية والازدهار والمجد في عراق موحد ومستقل وفيدرالي وديمقراطي وتعانق حلبجة الشهيدة وقلعة دزة الجريحة وكرميان البطلة وبادينان الباسلة لتجسد الوحدة الوطنية، وها نحن نجتمع لنؤدي واجب التقدير والتكريم لشهداء البارزان وسائر شهداء كردستان والعراق لنخلد ذكراهم ونستلهم دروس الفداء والتضحية من مآثرهم الخالدة "تاريخ البارزانيين يدين بشدة صدام حسين ونظامه كله فلولا علاقة البارزانيين وخصوصا الرئيس مسعود البارزاني لكان موقف الكرد غير هذا الموقف لكان موقفا انتقاميا بكل تأكيد. البارزانيين أمطروا الشهداء وأفدوا بحياتهم منذ شيخ عبدالسلام البارزاني وشيخ أحمد البارزاني لذلك اعتبر البارزاني "رئيس الإقليم" هذا التاريخ بأنه مليء بـ "المفاخر" و"المآثر". الكرد لم يخلوا بتوازنهم عندما استقبلوا شهداءهم مثلما لم يخلوا بتوازنهم في محاكمة صدام حسين لو كانوا غير ذلك لكانوا انتقموا من صدام. الكرد أصبحوا واعين للمرحلة وهم جادون في وطنيتهم العراقية والكردية وخير ما فعلوا عندما بدأوا مراسم استقبال الشهداء بعزف نشيد السلام الجمهوري "العراقي" ومارش أي الرقيب "الكردي"". * كاتب كردي

إقرأ أيضا لـ "فاروق حجي مصطفى "

العدد 1144 - الأحد 23 أكتوبر 2005م الموافق 20 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً