العدد 1153 - الثلثاء 01 نوفمبر 2005م الموافق 29 رمضان 1426هـ

روزا لكسمبورغ البحرينية

أحمد البوسطة comments [at] alwasatnews.com

لا يمكن للمتابع أن يتخيل مدى الضيق الذي ألم بالمنتديين والحاضرين في المؤتمر الصحافي للأمانة العامة "للدستوري" الذي عقد الأحد الماضي بمقر "وعد"، وذلك لغياب وجه الحقوقية الناشطة، والمحامية القديرة جليلة السيد، التي يطلق عليها بعض أصحابنا اسم "روزا لكسمبورغ البحرين"، تيمنا بهذه الأخيرة التي كانت امرأة بين الرجال. وجليلة السيد تستحق هذا اللقب بجدارة. فاستقالتها من الأمانة العامة، هي وزملاؤها: حسن مشيمع وعبدالجليل السنقيس وسعيد العسبول، الذين فضلوا الانسحاب، ربما بكثير من "العناد" والاندفاع على التريث و"الفرملة"، بعد أن "شموا رائحة" بالنسبة لهم كريهة، تحت يافطة "الهرولة نحو المشاركة" لانتخابات 2006 من قبل الجمعيات الأربع التي كانت ممتنعة عن المشاركة في انتخابات ،2002 غير أن هذه "المؤشرات الكريهة" جاءت قبل أوانها بالنسبة إلى السيد، إذ ان البقية، باستثناء العسبول "لم تكن استقالاتهم لم مفاجئة للحضور، كون المستقيلين سبقوا استقالاتهم من الأمانة باستقالات من جمعياتهم". ما كان لجليلة السيد أن تتنحى بهذه البساطة وهي "العنيدة" والمتفوهة والعارفة ببواطن أمور كثيرة، حتى لا تسمح، أقلها، لأصابع مختفية خلف الستار "تطرب فرحا على أحزاننا"، وحبذا لو أجلت ذلك إلى ما بعد "منتدى المستقبل" الذي دعت إليه مجموعة الدول الصناعية الكبرى "الدول الثماني" في 11 و12 الشهر الجاري عندنا في البحرين، أو أجلت هذا التنحي، لما بعد اجتماع الجمعيات العمومية "الأربع المقاطعة"، أو حلول فبراير/ شباط المقبل وقت انعقاد المؤتمر الدستوري الثالث، وتقرير مصير المشاركة من الاستمرار في المقاطعة، أو ما يستجد من جديد... والساحة حبلى بالأحداث وبالمستجدات لاستخدامات أوراق الضغط نحو التغيير، أو حلحلة بعض الأمور في الأزمة الدستورية، أو "الإشكالية الدستورية"، كما يطرحها بعض المشاركين في "تمييع" خجول لحجم الأزمة الدستورية التي نعيشها، وهي "أم المصائب" في البحرين منذ فبراير 2002 يوم الإعلان التاريخي عن الدستور الجديد الذي زاد "إحباطنا إحباطا"، وكأن كل ما جرى في "ربيع 2001" مثل "ربيع براغ"! الآن ما جرى، قد جرى، والأمانة العامة الجديدة، أيضا بها خير وبركة ومناضلون أشداء. ومن خلال المؤتمر الصحافي أعطى الأمين العام الجديد عزيز أبل تصورا يرفع المعنويات بالنسبة إلى التحرك على المسألة الدستورية في الداخل والخارج، من أجل سلطة تشريعية كاملة الصلاحيات، وتوزيع عادل للدوائر الانتخابية، إلى جانب مشاركة الأمانة العامة في "الأنشطة التي سينظمها المستقيلون منها سواء تنظيم مسيرة حاشدة في اليوم الأول لانعقاد منتدى المستقبل، أو توجيه الدعوة لهم للمشاركة في فعاليات الأمانة المقبلة". ما يبعث على الاطمئنان أيضا، هو تأكيد أبل على "ان الأمانة والمستقيلين يختلفان في الموقع، غير انهما ليسا في اتجاهين متضادين"، وهذا ما يتمناه الكثيرون ويحزن عليه المتربصون، الذين يمارسون سياسة "تفتيت التفتيت" "شاهر ظاهر" لغاية في نفس يعقوب. وأعتقد أن المستقيلين وعلى رأسهم "روزا" السيد البحرينية وبقية المستقيلين أذكى بكثير من جرهم إلى حمل "معول الهدم"، ليهدموا بيدهم ما بنوه طيلة ثلاث سنوات، وإن امتعضوا من "توجسات" اجتماعية أو سياسية أو ثقافية طارئة، يعرفون مسبقا من يوجه بوصلتها، وفي أي اتجاه، وبالتأكيد ليس في اتجاه حل الأنمة الدستورية وتحقيق شعار المؤتمر الدستوري الأول والثاني: "من أجل دستور عقدي لمملكة دستورية". الأمانة العامة بقيادة جليلة السيد يشهد لها القاصي والداني، فكانت تعرف ماذا تريد، وكذا الحال بالنسبة إلى القانونيين البحرينيين الآخرين الذين حملوا لواء "الحجية" المختلفة حول الدستور، من أمثال حسن رضي وعيسى إبراهيم وعبدالله الشملاوي وآخرين، ما كان لهم أن يتخذوا هذه المواقف من الأزمة الدستورية لولا وجود خلل كبير وتراجعات دستورية، يقر بها حتى أعضاء في مجلس النواب، وجمعيات سياسية مشاركة في انتخابات 2002 "شعروا بخيبة أمل" خلال الثلاث سنوات الماضية، وذلك "للصعوبات والقيود التي يفرضها عليهم الفصل الثالث من الباب الرابع من الدستور فيما يتعلق بحرية ممارستهم كممثلين للشعب - مصدر السلطات جميعا - لاختصاصاتهم التشريعية والرقابية"، بينما تختلف رؤية قانونيين، خارج إطار المؤتمر الدستوري - مثل حسين البحارنة - هذه مع التفسير الحكومي "لاستشراف المستقبل" بشأن المجلسين، وصلاحياتهما وآلية التعديلات الجزئية والكلية في الدستور موضع الخلاف. فعلا، من ينظر لابد أن يرى... وذات مرة قال البحارنة في ندوة له بمجلس الشيخ عبدالأمير الجمري قولا مهما قارن فيه بين "ولادة دستور 73" الصعبة "ودستور 2002" السهلة موضحا "أن سنة 2002 قد شهدت ولادة سهلة لدستور جديد، وما كنا نتمنى ونحن في العهد الإصلاحي الحالي أن يصدر هذا الدستور الجديد بهذه الطريقة السهلة، إذ كان يجب أن يحكم طريقة إجراء التعديل الجزئي على دستور سنة 1973 النص الخاص بهذا التعديل الذي تتضمنه المادة 104 من دستور 1973 وكذلك النص الخاص الذي يتضمنه الميثاق في هذا الشأن، وذلك من دون اجتهاد أو محاولة للتبرير في غير محلها، إذ لا اجتهاد في موضع النص". هذه الشهادة، قالتها جليلة السيد وقالها حسن رضي وعيسى إبراهيم، وكتب عنها كثيرا، وقيلت أيضا في ندوات كثيرة وبأشكال مختلفة، وعبر عنها قانونيون بحرينيون وأجانب، إلا أن الأمور سارت بغير التي عليها الآن. ما نتمناه الآن، أن يضع المستقيلون يدهم بيد الأمانة العامة الجديدة لمواصلة الضغط في هذا الاتجاه للبناء على ما تحقق لتغيير السائد في المسألة الدستورية دون تيئيس، فالدستوريون قاب قوسين أو أدنى لبناء الحقيقة

العدد 1153 - الثلثاء 01 نوفمبر 2005م الموافق 29 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً