العدد 1162 - الخميس 10 نوفمبر 2005م الموافق 08 شوال 1426هـ

شهر رمضان المبارك... دروس المراقبة لله ورجاء رحمته

ما الذي استفدناه من الشهر الفضيل؟

شهر رمضان الذي كانت القلوب المؤمنة تترجى وصوله والذي كان البعض يجد فيه منتهى الآمال في القرب من الله سبحانه وتعالى والولوج إلى رحمته الواسعة والذي أحياه البعض بالصلاة والدعاء والدعوة للمؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها، بينما اكتفى البعض بالصيام فيه عن الطعام والشراب من دون صيام الجوارح والذي مر على البعض كما تمر بقية الشهور من دون استفادة.

شهر رمضان مضى وخلف وراءه ذكريات طيبة وأجواء روحانية لاتزال حية لدى البعض، بينما وجد البعض في انقضاء الشهر فرجة للنفس من بعد صيام.

والسؤال الآن: ما الدروس المستفادة من شهر رمضان المبارك وإلى أية درجة تم استثمار هذا الشهر الفضيل في القرب من الله وخصوصاً أن العنوان الأبرز لهذا الشهر الفضيل هو الرحمة؟

اننا نطرح هذا السؤال وبين أيدينا مجموعة من الأفكار التي يمكن الأخذ بها والاستفادة منها، والتي أدلى بها المشاركون. فإلى هذا الاستطلاع...

تهيئة النفس

يرى النائب الشيخ عبدالله العالي أنه كان من المفترض حينما أطل علينا شهر رمضان المبارك أن نستقبله بنفوس راغبة في الاستزادة من الاستثمار الجيد له على المستوى الروحي، وذلك لما تميز به الشهر الكريم من كونه فرصة ثمينة للإعداد الروحي والاعداد النفسي.

ويوضح العالي أنه «لتحقيق تلك الغاية كان لابد من تهيئة النفس وإعدادها الإعداد الجيد على المستوى الروحي والاجتماعي. لذلك وجدنا في ذلك الشهر الكثير من العادات والأمور المحببة على المستوى النفسي، ووجدنا أن النفس كانت أكثر صفاء وأكثر هدوءاً الأمر الذي جعلها أكثر ارتباطاً مع خالقها ومع الآخرين كبيراً وصغيراً.

كما وجدنا في شهر رمضان الكثير من المجالس التي استقبلت المهنئين، تلك المجالس التي دلّت على إمكان حل لمشكلات والخصومات بين الناس سواء الفرد أو الأسر، اذ وجدنا النفوس أكثر صفاء وقبولاً لإنهائها، ونحن بحاجة الى استثمار ذلك كل الاستثمار والتوجيه الجيد».

ويضيف «ذلك على المستوى الاجتماعي، اما على المستوى الروحي فإن علاقة العبد مع ربه سبحانه كانت في أفضل حالاتها، إذ كانت النفس مقبلة على الدعاء وطلب الرحمة والمغفرة. وكان أمر حميداً أن تلك العبادات انعكست على المستوى الفردي وعلى مستوى السلوك مع الناس، إذ أصبح سلوكهم هادئاً ومنفتحاً. وأنا أعتقد شخصياً أن العلاقة حينما تقوى بين الله والانسان فهي علاقة تنعكس على سلوكه.

فضلاً عن الفائدة الصحية الذي كان من الأهمية بمكان التطرق إليها فـ «ان لبدنك عليك حقاً» من خلال الامتناع عن الأطعمة طوال فترت الصيام فوجدنا أن الجسم كان أكثر صحة وأقل مرضاً وأقل إيذاء حين الامتناع عن بعض الأطعمة الضارة».

مراقبة الله سبحانه

ويجد رئيس المحكمة الشرعية الكبرى الشيخ إبراهيم المريخي أن الدروس المستفادة من شهر رمضان دروس كثيرة وان كانت المراقبة لله هي أعظمها.

ويوضح المريخي «ان الدروس المستفادة من شهر رمضان هي دروس كثيرة وأهم تلك الدروس المراقبة لله سبحانه وتعالى وهو درس عظيم استفاده الصائم من مدرسة الصيام.

وفي الحديث القدسي يقول سبحانه تعالى: «كل عمل ابن آدم له الا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به». فبما أن لصيام قضية ترك وليست فعلاً فهو الامساك عن البطن وعن الفرج من طلوع الشمس الى غروبها بنية صادقة فهو حقيقة صمدانية وتدريب روحي على مسألة المراقبة لله سبحانه.

وهذا التدريب ان كان مسألة قلبية أو مسألة جوارح فإن الصيام يدرب الإنسان على إهمال البطن وعلى البعد عن الشر فيترك الإنسان الغيبة والنميمة والنظرة الحرام وسماع المنكر، إذ لا يصح هذا الصيام بالامتناع عن الأكل والشرب فقط، وكما جاء في الحديث الشريف ما معناه (من لم يدع قول الزور العمل به والكذب فليس لله حاجة في أن يدع الصائم طعامه وشرابه)».

ويضيف أنه كما يعبر هذا التدريب أيضاً عن الفرح بإنهاء هذه الطاعة الكبيرة التي تمثل معصماً من معاصم الإسلام وركناً من أركانه فيفرح الانسان عند فطره ثم يفرح عند لقاء ربه، وذلك أعظم درس، فالمسلمون بحاجة إلى قضية المراقبة وزرعها في النفوس، فالمراقبة عبارة عن أعمال القلب وحضوره مع الله سبحانه تعالى واستحضار لمعاني قوله تعالى «ان الله كان عليكم رقيبا» (النساء: ) فإذا استحضر الإنسان مقام المراقبة أخلص في عمله وفي بيته وبين أهله ومع جيرانه وأخلص مع نفسه وهي المنزلة العظمى قال فيها النبي (ص) «اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك».

دروس تربوية

أما عميد البحث العلمي بجامعة البحرين عبدعلي محمد حسن فيشير الى الدروس التربوية في هذا الشأن وأن الرحمة تربية. ويوضح محمد حسن «كل الناس يتداولون أن شهر رمضان شهر الرحمة. والرحمة تعني ان الإنسان يعنى بمراجعة مسيرته ويتوجه إلى ربه سبحانه. ذلك لأن عنوان الصوم هو العبادة والرحمة التي تقرب إلى الله سبحانه وتعالى وأن تجعل الإنسان يقترب من انسانيته حتى تشمله رحمة الله سبحانه فتتحقق فيه صفات الكمال الإنساني.

على سبيل المثال، يلزم أن نتحرى في تعاملنا الاجتماعي الإخلاص والصدق في التعامل وصولاً إلى الإحساس بالاخلاص في الشعور بالآخرين وأن لهم حقاً في هذه الحياة.

ان تلك الممارسات وتلك العبادات تبدو جميعاً تربوية في جوهرها، فالدعاء تربية والصلاة تربية وزيارة الأرحام تربية وقراءة القرآن تربية وكل الممارسات الرمضانية قادرة على تهذيب النفس»

العدد 1162 - الخميس 10 نوفمبر 2005م الموافق 08 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً