العدد 1165 - الأحد 13 نوفمبر 2005م الموافق 11 شوال 1426هـ

المجلس الإسلامي بالمغرب يسفه حجج "القاعدة" في إعدام الرهائن

المصطفى العسري comments [at] alwasatnews.com

سفه المجلس العلمي الإسلامي الأعلى بالمغرب ما اعتبره حجج وأباطيل تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" في إعلانه عزمه قتل المواطنين المغربيين العاملين لدى السفارة المغربية ببغداد، والمختطفين منذ 20 من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، واللذين قرر التنظيم المذكور الذي يقوده الأردني أبومصعب الزرقاوي، "إنزال" حكم الإعدام بحقهما. وقال المجلس في بيان له عمم على وسائل الإعلام المغربية والعربية المعتمدة بالرباط: "إن علماء المغرب، وشعب المغرب، وسائر الأمة الإسلامية لا يكتفون بتسفيه حجج هؤلاء التكفيريين ونقض أباطيلهم وترهاتهم، وتبرئة الشرع المطهر من شنيع أفعالهم وباطل تأويلاتهم، بل يلعنونهم ويلعنون محاكمهم وأحكامهم التي أصدروها في حق المغربيين المختطفين ظلما وعدوانا وبغيا من غير ذنب ارتكباه ولا جرم اقترفاه". وأكد البيان أن لا أحد "يثق بما ادعاه هؤلاء المارقون من تبرير سفك الدماء تحت ذريعة الدفاع عن العراق، لأن هذه الفئة الباغية سبق أن امتدت بالسوء أيديها الآثمة إلى جهات أخرى من العالم، ومنها المغرب رباط الجهاد والمجاهدين عبر العصور، فرد أهلها جميعهم باستنكار ذلك الفعل الأهوج الأخرق"، وفيما يأتي نص البيان: "بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على المبعوث رحمة للعالمين، بيان من علماء المملكة المغربية الشريفة، أعضاء المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية في موضوع بيان تنظيم القاعدة حول المواطنين المختطفين: صدم الشعب المغربي المؤمن المسلم عموما وعلماؤه بصفة خاصة بنبأ اختطاف مواطنيه عبدالكريم المحافظي وعبدالرحيم بوعلام وكان مأمولا أن ترجح كفة التعقل والحكمة والرحمة على كفة الطيش والبغي والعدوان. غير أن بيان ما سمي بالهيئة الشرعية الذي نشر على موقع تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين تضمن الحكم بالقتل في حق هذين البريئين. وقد تضمن البيان مجموعة من الفريات التي تستلزم التفنيد... 1 - إن تسربل الهيئة المذكورة بسربال الشرع وتسميتها نفسها بالهيئة الشرعية ادعاء لا بينة عليه إذ التسليم لمن يدعي العلم بالعلم لا يكون إلا من مشيخات علماء الأمة في أمصارهم وإلا لقام كل في ركن رويبضة يدعي ما ليس له وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: "إن الله لا ينتزع منكم العلم انتزاعا بعد إذ أعطاكموه ولكن يقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا فاستفتوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا" "أخرجه البخاري". هذا، وقد نهي علماء هذه الأمة وحكماؤها عن الإفتاء قبل الاستكمال وعن التصدر قبل الاجتباء... إذ في ذلك من المفاسد ما حذر الله تعالى منه في قوله: "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا" "الاسراء: 36"، وحذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث سالف الذكر. 2 - إن هؤلاء الذين يدعون التشبث بالسنة والقيام بفريضة الجهاد مخالفون لهدي السنة المطهرة وأسسها كما لمبادئ الجهاد وشرائعه. أما عن مخالفتهم للسنة النبوية فإنها تقضي بعدم قتل من لم يحمل سلاحا ولم يبدر منه عدوان صراح كما تقضي بعدم النهي عن القسط والمبرة بكل من لم يقاتل في الدين ولم يخرج من الديار، وهذا تشهد له الأحاديث القولية والسنة الفعلية وقد جمع كل ذلك قول الله تعالى في كتابه الذي من مشكاة أنواره خرجت السنة المطهرة: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم" "الممتحنة: 8". وأما عن مخالفتهم لمبادئ الجهاد وشرائعه فإن علماء الأمة سالفهم ولاحقهم قد أجمعوا على أن الجهاد لا يكون إلا ضد من سلب الأرض وسفك الدماء وأزهق الأرواح وهتك الاعراض ونهب الأرزاق لا ضد الأبرياء. فهذان الرجلان اللذان خطفا قد ذهبا للبحث عن قوت عيالهما مع زوجتيهما العراقيتين وأحدهما سائق والثاني منظف، إذ قتل هذين الرجلين من المحاربة لله ولرسوله الذي يحل دماء فاعليه بحد الحرابة الذي جاء بيانه في قوله جل وعز "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم" "المائدة: 33". وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لوم أسامة بن زيد إذ قتل من المحاربين من شهد بالشهادتين - ولو تعوذا -بتكراره عليه الصلاة والسلام لأسامة مرات: "يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله"، قال أسامة رضي الله عنه: "فما زال يكررها حتى تمنيت أن لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم" "رواه البخاري". وصح من حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه فيما رواه عنه ابن ماجة لفظ الأرض لقاتل قائل لا إله إلا الله... عياذا بالله. 3 - وأما عن اتهامهم عدوا وبغيا للحكومات بالكفر لإرسال بعثاتها الدبلوماسية إلى أرض العراق فإنه جهل بالدين وهرف بما لا يعرف، إذ إن من المجمع عليه بين علماء الأمة أن تصرفات الحكومات لسياسة شئونها داخلة في الممارسات الاجتهادية الترجيحية التي يستوعبها فقه المعاملات في الإسلام بكل سعته ومرونته مع وجوب اندراج ذلك كله في علم مقاصد الشرع وفق أصوله، ومعلوم أن الكسب الاجتهادي دائر بين الأجر والآجرين كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح. ومرد النيات إلى رب العباد لا مدخل لأحد من العباد ولا تألي في ذلك، وإرسال البعثات الدبلوماسية إلى حيث كان ولو إلى أرض الكفر الصراح البواح من حق الحكومات، وقد فعله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أرسل بعثة إلى هرقل وأخرى إلى كسرى، فكيف بها إلى أرض المسلمين بالعراق؟! 4 - وقد أجمع علماء الأمة على حرمة تكفير من يشهد لله تعالى بالوحدانية ولخاتم النبيين بالنبوة والرسالة، ولم يستثن من عموم الأمة إلا الخوارج الذين كفروا بالكبيرة والخوارج على ضلالهم البعيد ومروقهم العتيد أهدى سبيلا من هؤلاء لأن هذين الرجلين البريئين لم يجاهرا بكبيرة ولا بصغيرة وما سوى المجاهرة لا يعتد به في حدود ولا في تعزيرات. وقد نهى رسول الله "ص" عن تكفير المسلم للمسلم من غير بينة بقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا قال المسلم لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه". ودم المسلم على المسلم حرام لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه". وقال تعالى: "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما"، "النساء: 93". وإن هؤلاء الذين يكفرون بغير علم ثم لا يستتيبون ويحلون دماء المسلمين بغير حق هم الذين حلت دماؤهم بآية الحرابة، بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري وغيره عن الإمام علي كرم الله وجهه، قال: سمعت رسول الله يقول: "سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة". 5 - إن من شفع بين يدي عيد فطر المسلمين بعد صيام وقيام شهر رمضان المبارك قد ظن كما ظن المسلمون خيرا، غير أن الشفاعة ردت والذمة أهدرت والعزمة خفرت والله المستعان. وإن المملكة المغربية لتدعو الله تعالى أن يجزل مثوبة الشافعين وأن يمحق الظالمين، وصدق ربنا سبحانه القائل: "فلا عدوان إلا على الظالمين". فليعلم هؤلاء، لو كانت لهم عقول يعقلون بها أو آذان يسمعون بها، بل لتعلم الأمة الإسلامية جمعاء - وهي التي يهمنا أن تعلم - وقد ابتليت في ضميرها بهذه الجرثومة وفتنت في دينها بهذه الفئة الباغية، ووصمت بعارها وشنارها أمام أمم الأرض في هذا العصر... لتعلم الأمة أن علماء وشعب المغرب، وسائر الأمة الإسلامية لا يكتفون بتسفيه حجج هؤلاء التكفيريين ونقض أباطيلهم وترهاتهم، وتبرئة الشرع المطهر من شنيع أفعالهم وباطل تأويلاتهم، بل يلعنونهم ويلعنون محاكمهم وأحكامهم التي أصدروها في حق المغربيين المختطفين ظلما وعدوانا وبغيا من غير ذنب ارتكباه ولا جرم اقترفاه. ولا يثق أحد بما ادعاه هؤلاء المارقون من تبرير سفك الدماء تحت ذريعة الدفاع عن العراق، لأن هذه الفئة الباغية قد سبق أن امتدت بالسوء أيديها الآثمة إلى جهات أخرى من العالم، ومنها أرض المغرب رباط الجهاد والمجاهدين عبر العصور، فرد أهلها جميعهم باستنكار ذلك الفعل الأهوج الأخرق. إن في اعتدائهم على هذين البريئين اعتداء صارخا على جميع الشعب المغربي، ولتعلم الأمة أن صنيع هؤلاء المجرمين لا يضير المغاربة في دينهم ولا في دنياهم، وإنما يؤلم المغاربة أن هذا الفعل الشنيع يخدم أهداف أعداء الأمة والدين على اختلاف مشاربهم وتباين مخططاتهم. وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم"

العدد 1165 - الأحد 13 نوفمبر 2005م الموافق 11 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً