العدد 119 - الخميس 02 يناير 2003م الموافق 28 شوال 1423هـ

ميلاد جمعية

كانت ولادة جمعية مدينة حمد النسائية حلما راود نساء مدينة حمد منذ سنوات، وقد اختمرت الفكرة ونضجت على إثر فشل المرأة في انتخابات المجلس البلدي، على رغم حجم الكتلة السكانية النسائية. هنا لابد من وقفة تأمل وإعادة تقييم يعيد وضع المرأة على خريطة العمل الوطني والسياسي والشأن العام. فلماذا حصل ما حصل؟ وكيف خسرت المرأة المترشحة أصوات بنات جنسها؟ إذ يفترض بداهة أن المرأة هي الداعم الأول والرئيسي للمرأة. ولسنا معنيين هنا بحصر الأسباب، فقد اشبعنا كتابة وأسهبت التحليلات السياسية والاجتماعية في رصد أسباب هذا الفشل. إننا اليوم معنيون بعمل شيء لترسيخ وتجسيد دور المرأة في المجتمع المدني، ومشاركتها في التنمية الاجتماعية وتسخير طاقاتها، وضمان مشاركتها في صنع القرار وتلك هي أهم أهداف الجمعية.

وتم إشهار جمعية مدينة حمد النسائية في 16 /10/ 2002، وضمت الجمعية 53 عضوة من (مؤسِّسات). وبعد يومين من اشهارها شاركت في أول نشاط لها وهو تنظيم زيارة سمو الشيخة سبيكة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة إلى جامع كانو بمدينة حمد في 19 /10/2002م.

يذكر أن مدينة حمد تعد من أحدث المدن البحرينية ويبلغ تعداد سكانها ما يقارب 56 ألف نسمة. بنيت بيوتها وشوارعها بهندسة مريحة، ورحبة، ويقع على مدخلها سوق واقف الشهير إلا أن المدينة بعد 18 سنة من افتتاحها في العام 1984 ما زالت تعاني من عدم توافر خدمات كثيرة، كالأندية الرياضية والثقافية، المكتبات، المجمعات التجارية، المقاهي، الأمر الذي جعل قاطنيها لا يستغنون عن المنامة للتسوق أو السياحة أو حضور فعالية ثقافية وغيرها، وهي مسألة غير عملية ومرهقة في الوقت نفسه.

وعلى سبيل المثال، قطنت أنا نفسي مدينة حمد العام 1987 وظللت أحلم بسكن قريب من المنامة، ولكن منذ انخراطي في جمعية مدينة حمد النسائية، تغيرت فكرتي تماما، إذ أحسست بانتمائي إلى هذه المدينة، وأصبحت أراها بعين مختلفة، فأشعر الآن بانتمائي وولائي إليها، وتولد لدي ذلك الشعور أكثر في ثاني فعالية للجمعية وهو مهرجان القرقاعون في شهر رمضان الفائت، وكان المهرجان مفاجأة للجمعية ولأهالي مدينة حمد على رغم أن الترتيب له تم في وقت قياسي، يومان أو ثلاثة فقط، ولكنه كشف لنا عن طاقات نسائية خلاقة ومتنوعة، كانت الأخوات كلهن يعملن بتعاون ونشاط عجيبين، كلهن متحمسات وعلى قلب واحد، وكأنهن أهل أو يعرفن بعضهن منذ سنين. وللعلم قبل تأسيس الجمعية، وتحديدا في شهر مايو/آيار أقامت مجموعة من نساء مدينة حمد - هن عضوات في الجمعية حاليا - سوقا خيريا ذهب ريعه إلى بعثة الأطباء البحرينيين لصالح فلسطين. وكانت صاحبة الفكرة والمشروع الأمين المالي للجمعية فاطمة أحمد جمشيد. وأبهجني هذا التكاتف وشعرت أننا بالفعل سنحقق مكاسب اجتماعية وإنسانية جمة تخدم هذه المنطقة اليتيمة. ولأول مرة شعرت بأنه يجب أن نحيا بهذا الشكل، خرجت من هموم بيتي إلى هموم الآخرين، المجتمع الذي نحيا فيه، مجتمع نحن معنيون به، ربما غيبنا عنه حياتنا الاستهلاكية المكرورة. والوقت الطويل في العمل المضني، والانشغال بتربية الأطفال في السنوات الماضية، كنت في غفلة طويلة عن أجواء الحياة العامة وما تحققه من فوائد لي وللآخرين.

وفي اجتماع الجمعية الاسبوعي، في مساء الاثنين 23 /12/ 2002، وهو الاجتماع الفعلي بعد تحـديد اللجان المنبثقة عن الجمعية أطلعتنا أمينة السر ابتهاج العريض على بعض الأمور منها، كيف أن الجمعية بدأت قي تثبيت أقدامها وإبراز مكانتها وقد تمثل ذلك في حضور عضوات من الجمعية وهما: زهرة الدعيسي وابتهاج العريض في اجتماع مع محافظ المنطقة الشمالية بأهالي مدينة حمد عن موضوع انشاء مركز ثقافي شبابي لمدينة حمد، وحازت الدعيسي على 105 أصوات والعريض على 68 صوتا ما أهلهما للمشاركة في اللجنة التحضيرية لذلك المشروع. وهذه بداية طيبة وفاعلة للجمعية في توطيد وجودها ودورها في كل ما يخص هذه المدينة.

ثم جاءت الأخوات العضوات الإداريات بتصوراتهن عن أهداف لجانهن وآلية تنفيذ البرامج. وتداخلت بينهن آراء العضوات الأخريات، ولم يمنع الحلم والحماس في الهيام بطموحاتهن الكثيرة فكل جعبة كانت تثرينا برأي وتصور، فكانت هذه ترغب في ابراز الجمعية وصوتها وصورتها في البحرين، وتلك تحمل عبء المورد المالي وتستفيض في شرح برنامجها، وأخرى تتعاطف مع المرأة الفقيرة غير المتعلمة ومدى حيرتها في اقناعها بالانضمام إلى لجمعية، ومنهن من قالت: اذهبن إلى النساء في بيوتهن، لتكنّ أكثر قربا وتوددن اليهن فذلك أسهل في الإقناع.

وكثر النقاش وحمي إلى أن أخذنا ذهول ودهشة بشأن حال الأسر في مدينة حمد، وضعها الاقتصادي والاجتماعي والتوعوي المزري الذي يستدعي الكثير من الجهد والعطاء والتوعية من أجل انتشالها مما هي فيه، فكان الاجتماع بمثابة اجتماع الهموم على حد تعبير رئيسة الجمعية بهية رضي. واختتم الاجتماع بالتأكيد على أهمية أن تأخذ الجمعية على عاتقها مهمة استقطاب النساء المقصيات، فعن طريق دراسة أوضاعهن واحتياجاتهن ستخرج نتائج وتوصيات ويتم التوصل إلى إيجاد وسائل لتحسين أوضاعهن، خصوصا وأنه لدى الجمعية من العضوات من يتمتعن بطاقات متنوعة، فمنهن الطبيبات والمهندسات، والباحثات والمدرسات والمديرات، وكفاءات أخرى في العمل التطوعي، ونأمل من جميع مؤسسات المجتمع المدني في مدينة حمد أن يتم التجاوب معها من أجل النهوض بالمرأة والمجتمع معا.

فضيلة الموسوي

العدد 119 - الخميس 02 يناير 2003م الموافق 28 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً