العدد 119 - الخميس 02 يناير 2003م الموافق 28 شوال 1423هـ

الحسد وتفكك العلاقات الاجتماعية

في البداية نود أن نتعرف على معنى الحسد ودوره في تفكك العلاقات الاجتماعية، فالحسد: حالة نفسية يتمنى صاحبها زوال نعمة الآخرين سواء أرادها لنفسه أم لم يردها. وهناك من الروايات الكثيرة التي تنهى عنه وتدعو إلى محاربته، وتخطط باستمرار لاقتلاع جذوره ونسف شجرته اللعينة من النفوس.

فهذا التعريف يحدد الحسد الذي يعرض المسلم للأمراض القلبية المهلكة وتتولد منه أمراض كثيرة، الكبر وفساد بعض الأعمال، ويعيش الحسود في جو كئيب ولا يتكلف الحسود أن يقضي على الناس الطيبين (أيا كانوا: عالما، شخصا، عائلة، مؤسسة، شعبا).

قال رسول الله (ص): قال الله عز وجل لموسى بن عمران: «يا ابن عمران لا تحسدن الناس على ما آتيتهم من فضلي ولا تمدن عينيك إلى ذلك ولا تتبعه نفسك فإن الحاسد ساخط لنعمي صاد لقسمي بين عبادي ومن يك ذلك فلست منه وليس مني».

وفي ظل العلاقات الاجتماعية المتماسكة التي نعيشها نرى هذه العادة السيئة قد تبدو ظاهرة في سلوك الناس وقد لا تظهر فتكون في هذه الحال شعورا سلبيا تجاه الآخرين وخصوصا المحيطين بالحسود، وليت هذا الشعور يتوقف عند الاحساس القلبي ولكن الأمر يتعدى حتى يصل إلى فتور في العلاقات الاجتماعية بين بعض أفراد المجتمع، وإلا كيف نفسر هذا التشاحن والتحامل في أفكار الناس وهذا الهدم للشخصيات الأسرية، بل قد يحرق الحسد الترابط والمودة ويجعل الإنسان قلقا بين رماد مشاعره وحلم واقعه الذي لا يعرف عنه إلا القيل والقال!! فإذا كانت أفكارنا وتصرفاتنا تتأثر بهذه الحال السلبية تجاه الآخرين في بلادنا الإسلامية والعربية فعلينا أن نرفع أنفسنا من هذه الحال الذليلة التي تتمنى فيها النفوس الشريرة زوال النعم عن الآخرين.

ومع الأسف إننا قد نتابع الناس في كل شيء حتى في كل ما نسمعه ومن دون أن نتأكد. فنتعجب من النعم التي نتصورها عند الناس فنحسدهم على أمور سمعناها ولا حقيقة لها أصلا. ويغلب علينا أن نصف كبير السن بالحسد فأصبح الكبر مصدرا رئيسيا للحسد عند العرف العام. وإذا ذكرت كلمة الحسد جاءت في ذهن كل الناس صورة رجل غريب لا يعرفونه وقد يعيشون بعض صفاته وتكون الحال المرضية رغيف سلوكهم اليومي ليل نهار.

وحين نتأمل حياة الحسود نجدها مليئة بالغضب مع الحقد المنظم الذي أصبح في زماننا عادة وموضة منتشرة فما أكثر الفتن التي تريد بالمجتمع الدمار والخراب. قال: أبو عبدالله الصادق (ع) محذرا من الغضب الذي يكون أساس الشر: «الغضب مفتاح كل شر».

وفي الختام أوجه نصيحة إلى المؤمنين نصها: إننا نتحمل المشقة في الخلاف الذي منشؤه الحسد والغضب والكبر فلماذا لا نتحملها في الصلح لأن الخسارة والتعب في الصلح أقل بكثير منها في التخاصم والتباغض.

الشيخ حسن جعفر كاظم

العدد 119 - الخميس 02 يناير 2003م الموافق 28 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً