العدد 1309 - الخميس 06 أبريل 2006م الموافق 07 ربيع الاول 1427هـ

«جني» الروايات لمنصب الرئاسة العراقية

أقرت الصحف الأميركية بفشل زيارة وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس ونظيرها البريطاني جاك سترو إلى بغداد، التي كان على رأس أولوياتها الضغط على القوى العراقية وتحديداً الشيعة لإزاحة إبراهيم الجعفري عن رئاسة الحكومة المقبلة. لكن اللافت هو استنتاج المعلقين من ان الوجود العسكري الأميركي في العراق لم يساهم في الواقع في رضوخ الشيعة لإرادة السلطة السياسية للاحتلال أي الإدارة الأميركية. لكن هناك من سخر أيضاً من محاولات رايس ورئيسها بوش الذي على ما يبدو ينتظر أن يخرج «جني» الروايات العراقية ليبوئه منصب رئاسة الحكومة العراقية.

رايس وسترو فشلا باقصاء الجعفري

وعلقت «واشنطن بوست» في افتتاحيتها على زيارة رايس وسترو، فرأت فيها خطوة متأخرة لحث العراقيين على تشكيل حكومة وحدة وطنية. فعلى رغم العجز الواضح للزعماء العراقيين في التوصل إلى اتفاق، إلا أن إدارة بوش كانت مقصرة في الملف العراقي إذ حصرت جهودها بتحرك سفيرها زلماي خليل زاد الذي أوكلت إليه مهمة الضغط على الزعماء العراقيين. ولكنها لاحظت ان زيارة رايس وسترو لم تؤشر إلى حلحلة على مستوى الأزمة المتعلقة بترشيح الجعفري لمنصب رئاسة الحكومة. وهنا توقفت لتشير إلى أن وجود القوات العسكرية الأميركية والبريطانية لم يشكل رافعة لواشنطن ولندن للتأثير على مواقف الشيعة، في إيحاء بأن قوة الاحتلال لم تنعكس ضغطاً على العراقيين وتحديداً الشيعة منهم. والأسوأ برأي «واشنطن بوست» ان المساعي التي بذلها زاد لإقصاء الجعفري، أدت إلى نتائج عكسية إذ تسببت بأزمة بين زاد والأحزاب الشيعية إلى درجة ان القوات الأميركية باتت على وشك الدخول في نزاع جديد مع الميليشيا التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر. غير انها أكدت انه ليس أمام إدارة بوش خيار آخر غير مواصلة الضغوط لتحقيق التوافق السياسي، ولكن عليها أن تجد الصيغة المناسبة مثل عقد مؤتمر وطني خارج العراق على غرار ما فعلت مع الأزمتين اللبنانية والبوسنية، أو عبر تشكيل «مجموعات اتصال» لممارسة ضغوط على الأطراف العراقية مثلما فعلت لحل أزمات أخرى. وإذ اقرت أخيراً أن الوضع في العراق يجعل مثل هذه الحلول صعبة التطبيق إلا أن هذا البلد يستحق المحاولة من قبل الولايات المتحدة.

قصة بوش خرافية في العراق

واتهم أوجين روبنسون في «واشنطن بوست» الرئيس بوش بأنه يبني سياسته في العراق استناداً إلى تخمينات لا تمت للواقع بصلة. مشدداً على انه لا يمكن التوصل إلى حلول لمشكلة التمرد في العراق وإعادة الإعمار والمأزق السياسي انطلاقاً من استراتيجية غير واقعية. وأشار ساخراً إلى أن رايس قامت بزيارة مفاجئة لبغداد لتروج لعقيدة بوش الخرافية. فهي حلت في العاصمة العراقية للضغط على الجعفري لوقف مناوراته والتحرك قدماً لتشكيل حكومة ائتلافية، على أساس ان تشكيل الحكومة هو المفتاح السحري للأزمة (مختلف التقديرات تؤكد ان زيارة رايس هدفها إقصاء الجعفري). وتابع ساخراً ان إدارة بوش ترغب في رؤية حكومة «وحدة وطنية» كما لو ان هذا الأمر موجود في العراق الآن. فبوش يظن نفسه داخل أسطورة بغدادية اذ ينتظر جني الروايات لينثر الألفة في قلوب العراقيين، وليكون هذا الجني رئيس الوزراء المختار. وأوضح انه وفقاً لاعتقاد المسئولين الأميركيين فإن ضم السنة إلى الحكومة من شأنه تجريد التمرد من الدعم الشعبي، ولكنه رأى انه من الضروري لفت النظر هنا إلى سقوط 50 قتيلاً عراقياً بمجرد وصول رايس إلى بغداد. وتابع انتقاداته، فلفت إلى ان جميع الخطوات الأميركية كانت مبنية على فرضيات غير مؤكدة، فقرار الغزو مثلاً اتخذ بناءً على اعتقاد المسئولين الأميركيين بأن إسقاط نظام صدام حسين سيمنح العراقيين والأميركيين مكاسب جمة، ولكن تطورات ما بعد الاجتياح أخذت منحى مختلفا تماما. أما الانتخابات العراقية فقد روجت لها الإدارة الأميركية على أنها السبيل الوحيد لإخماد «التمرد» الذي ما لبث أن تأجج أكثر فأكثر، تماما كما تعاملت مع قضية صوغ الدستور إذ اعتبرت أنه سيهمش «المتمردين» ولكنهم ازدادوا نفوذا. واعتبر ان «التخمين» الأميركي الأكبر، كان يستند إلى الرهان بأن إسقاط صدام سيفسح الطريق في العراق أمام قيام ديمقراطية على الطراز الغربي تشكل الإلهام لباقي دول الشرق الأوسط، ولكن الواقع ان «حماس» فازت في الانتخابات الفلسطينية في حين تعزز نفوذ الأحزاب الدينية الإسلامية في باقي دول المنطقة. وبناء عليه خلص إلى انه لا يمكن أن يثق أحد بما تروج له الإدارة الأميركية من ان تشكيل حكومة ائتلافية سيسهم في حل الأزمة ووقف نزيف الدم. وختم ساخراً بأن قصة بوش الخرافية لن تصل إلى نهاية سعيدة لأن العالم الواقعي ببساطة لا يضمن ذلك

العدد 1309 - الخميس 06 أبريل 2006م الموافق 07 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً