العدد 1361 - الأحد 28 مايو 2006م الموافق 29 ربيع الثاني 1427هـ

حسين البحارنة يرد على لولوة العوضي في شأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب (3)

حسين محمد البحارنة comments [at] alwasatnews.com

تحاول المذكرة التفسيرية للدستور أن توجد تبريراً قانونياً لتحصين تلك المراسيم بقوانين ضد عرضها على مجلس النواب او الطعن عليها شكلا امام المحكمة الدستورية وذلك اولاً بادخال حكم الفقرة (ب) المعدلة من المادة 121 ضمن احكام الدستور الحالي، ذلك الحكم الذي يعتبر تلك المراسيم بقوانين صحيحة ونافذة. وثانياً باستثناء امكان تطبيق حكم المادة 38 المعدلة من الدستور الحالي على تلك المراسيم بقوانين نظراً إلى صدورها في تاريخ سابق على تاريخ انعقاد اول اجتماع لمجلسي الشورى والنواب. وقد بينا سابقاً ان ما تتضمنه المادتان 121 (ب) و38 المعدلتان، يتعارض مع مبادئ الفقه الدستوري، إذ إنه بصدور الدستور والعمل به من تاريخ نشره، أصبحت كل احكامه واجبة التطبيق، بما في ذلك حكم المادة 70، التي تنص على ان «لا يصدر قانون إلا اذا اقره مجلس الشورى ومجلس النواب وصدق عليه الملك». وعليه، كان يجب أن لا يؤخر تاريخ انعقاد اول اجتماع لمجلس النواب الى 14 ديسمبر 2002 لإفساح المجال للحكومة بأن تصدر تلك الحزمة من المراسيم بقوانين وذلك لغرض فرض قيود مسبقة على سلطة مجلس النواب التشريعية والرقابية، مع حرمانه، في الوقت نفسه، من استعمال سلطته التشريعية، وفقاً للمادة 38 من الدستور، في مراجعة تلك المراسيم بقوانين لغرض اقرارها او نقضها والغائها بعد انعقاد اول اجتماع له. بينما كان الاجراء الذي كانت السلطة التنفيذية مطالبة به - وفقاً لمبدأ التداول الديمقراطي للسلطة - هو، كما اوضحنا سابقاً، ان تجرى انتخابات لمجلس نواب جديد - باعتباره خلفاً للمجلس الوطني السابق - قبل تاريخ العمل بالدستور الحالي في 14 فبراير 2002، او في تاريخ متزامن معه، على ان يؤجل تاريخ العمل بالدستور، بعد نشره، الى تاريخ انعقاد اول اجتماع لمجلس النواب او المجلس الوطني الحالي، على ألا يتأخر هذا الاجتماع عن تاريخ قريب من تاريخ نشر الدستور، كما كان الوضع بالنسبة إلى دستور 1973 الذي انتهج هذا النهج الديمقراطي السليم. وبهذه الطريقة، كان يمكن ان تصان الشرعية الدستورية وذلك بحرمان السلطة التنفيذية من فرصة اصدار مراسيم لها قوة القانون - وغير خاضعة للمادة 38 من الدستور - خلال تلك الفترة الواقعة بين تاريخ العمل بالدستور وتاريخ اول اجتماع للمجلس الوطني، متذرعة في ذلك، كما اسلفنا، بحجة غياب السلطة التشريعية او غياب الحياة البرلمانية خلال تلك الفترة، مع اعتبار تلك المراسيم بقوانين صحيحة ونافذة بحكم الفقرة (ب) المعدلة من المادة 121 من الدستور.

خامساً: أما قول المعلقة أن المادة 121(ب) هي مشابهة لمثيلتها المادة 105 من دستور 1973 والمواد المشابهة لها في دستور الكويت والدساتير العربية الأخرى، فإن هذا القول غير صحيح مطلقاً. ذلك أن المادة 105 (ب) من دستور 1973 تتعلق بإضفاء الشرعية الدستورية على «كل ما قررته القوانين والمراسيم واللوائح والأوامر والقرارات التي صدرت قبل تاريخ العمل بالدستور الأخير، ما لم تلغَ أو تعدل فيما بعد وفقاً لاحكام الدستور». وحكم هذه المادة صحيح لأنه يتعلق بضرورة استمرار تلك التشريعات التي سبقت صدور أول دستور للحكم في البلاد. وتشارك في اقرار هذا المبدأ الدستوري السليم الذي يتعلق باستمرارية شرعية الدولة وشرعية قوانينها قبل تبنيها اول دستور في حياتها السياسية، كل الدساتير العربية الاخرى المشار اليها في التعقيب والتي صدرت لاول مرة في تلك البلدان العربية. ولكن الامر يختلف في البحرين بعد اصدار دستور جديد في اعقاب دستور سابق وبعد فترة ثلاثة عقود من تعطيل عمل السلطة التشريعية في ظل الدستور السابق وهو دستور 1973. ذلك لأن حزمة المراسيم بقوانين المعترض عليها لم تكن صادرة قبل تاريخ العمل بهذا الدستور الأخير، لكنها صدرت بعد تاريخ العمل به وتطبيقاً لحكم المادة 38 منه. كما ان تلك المراسيم بقوانين قد استمر صدورها حتى بعد تاريخ العمل بالدستور الحالي. ولهذا فإن وضع تلك «المراسيم بقوانين» التي صدرت في ظل كل من دستور 1973 ودستور 2002، يختلف عن وضع «القوانين والمراسيم واللوائح والأوامر والقرارات» التي نصت عليها الفقرة (ب) من المادة 105 من الدستور السابق والتي شملتها تلك الفقرة بالشرعية الدستورية. ويمكن توضيح هذا الامر بالقول إن المادة 105 (ب) من دستور 1973 لا تتضمن تعبير «المراسيم بقوانين» لأنه لم تصدر خلال فترة الحكم المطلق السائد في البلاد قبل تاريخ الاستقلال في 14 أغسطس 1971، أية مراسيم بقوانين. بينما تتضمن الفقرة (ب) المعدلة من المادة 121 من الدستور الحالي إضافة تعبير «المراسيم بقوانين» الى هذه الفقرة. وكان الغرض من ذلك طبعاً هو إسباغ الشرعية الدستورية، وفقاً للفقرة (ب) المعدلة من هذه المادة الاخيرة، على حزمة المراسيم بقوانين الصادرة قبل تاريخ انعقاد اول اجتماع للمجلس الوطني في 14 ديسمبر 2002، شاملة بذلك كل المراسيم بقوانين الصادرة في ظل كل من الدستورين، من دون تمييز. لذلك فإن تعبير «المراسيم بقوانين» لم يرد مطلقاً في المادة 105 (ب) من دستور 1973.

وعليه، فإنه في الوقت الذي قد يتشابه فيه حكم المادة 105 (ب) من دستور 1973 مع أحكام المواد الاخرى المقابلة لها في دساتير الدول العربية الاخرى التي صدرت فيها هذه الدساتير لاول مرة، إلا ان المادة 121(ب) المعدلة من دستور 2002، بما تتضمنه من التعديل السالف بيانه الذي أضيف عليها (فيما يتعلق بتعبير «المراسيم بقوانين»)، لا تتشابه مطلقاً مع غيرها من المواد الاخرى المقابلة لها في دستور 1973، أو في تلك الدساتير العربية الاخرى وذلك خلافاً لما تذهب اليه المعقبة خطأ.

وعليه، يمكن القول عموماً، ان بداية استعمال تعبير «المرسوم بقانون» في الصوغ القانوني للتشريع في البحرين، ترجع الى ما بعد تاريخ صدور الأمر الأميري رقم (4) لسنة 1975 في 26 اغسطس 1975. ذلك لأن هذا الأمر الأميري الذي عطل اعمال المجلس الوطني السابق، فوض مجلس الوزراء والامير سلطة اصدار القوانين اثناء فترة حل المجلس الوطني التي استمرت ثلاثين سنة. ونتيجة لذلك، اصبح الامير، مع مجلس الوزراء، يصدر التشريعات - خلال تلك الفترة - في شكل مراسيم بقوانين، وفقاً لحكم المادة 38 من الدستور، الامر الذي ينهض دليلاً قاطعاً على التزام السلطة التنفيذية بحكم هذه المادة الذي يخضع هذه المراسيم بقوانين لرقابة أي مجلس وطني جديد يمكن ان ينتخب في المستقبل، وذلك للنظر في أمر اقرارها او رفضها والغائها، بحسب حكم المادة المذكورة. ولكن تلك المراسيم بقوانين التي صدرت اثناء تلك الحقبة من الزمن، لم تعرض على أي مجلس وطني لانه لم ينتخب مجلس وطني جديد طيلة فترة تعطيل المجلس السابق لمدة 30 سنة. وقد استمر هذا الوضع الى حين صدور دستور سنة 2002. ولكن حتى بعد صدور هذا الدستور والعمل به ابتداء من تاريخ نشره في 14 فبراير 2002، استمرت الحكومة حتى بداية تاريخ انعقاد اول اجتماع للمجلس الوطني الحالي في 14 ديسمبر 2002، في سياسة اصدار التشريعات في شكل تلك المراسيم بقوانين التي يشار اليها بـ«حزمة المراسيم بقوانين»، والتي عطلت الفقرة (ب) من المادة 121 من الدستور الحالي تطبيق حكم المادة 38 من الدستورين عليها.

ونتيجة لهذا الشرح، كيف يمكن للمعقبة ان تقول ان المادة 121 (ب) المعدلة مشابهة للمادة 105 (ب) المقابلة لها في دستور 1973؟ ان الشرح السالف بيانه الذي يفرق بين حكم هاتين المادتين، يثبت مدى عدم صحة هذه الفرضية.

سادساً: أما فيما يتعلق باللائحة الداخلية لمجلس النواب التي صدرت بالمرسوم بقانون رقم (54) لسنة 2002، وذلك خلافاً لحكم المادة 94 من الدستور التي تخول صراحة مجلس النواب المنتخب اصدارها، فانه لا يمكن ان تبرر المعقبة صدورها بمرسوم بقانون، خلافاً لحكم هذه المادة الدستورية، وذلك على اساس افتراض سلطة رئيس الدولة التشريعية قبل انعقاد اول اجتماع لمجلس النواب.

(...يتبع

إقرأ أيضا لـ "حسين محمد البحارنة"

العدد 1361 - الأحد 28 مايو 2006م الموافق 29 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً