العدد 1363 - الثلثاء 30 مايو 2006م الموافق 02 جمادى الأولى 1427هـ

حسين البحارنة يرد على لولوة العوضي في شأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب (5)

حسين محمد البحارنة comments [at] alwasatnews.com

تاسعاً: وفيما يتعلق بالتعقيب على المادة 145 من اللائحة الداخلية وتعارضها مع المادة 65 من الدستور، في شأن شروط استجواب الوزير، فقد قلنا ان جملة «عدم استجواب الوزير عن تصرفات سابقة على توليه الوزارة» التي وردت في المادة 145 من اللائحة الداخلية، لم ترد في المادة 65 من الدستور التي تنص على ان يكون «استجواب الوزير عن الامور الداخلة في اختصاصاته» فحسب، من دون ذكر تلك الجملة المضافة في المادة 145 من اللائحة. لذلك، قلنا إن هذا النص الاضافي في المادة 145 من اللائحة الداخلية لا يستند الى حكم المادة 65 من الدستور. وكما قيل في المقال، لقد استغلت الحكومة هذا النص غير الدستوري في هذه المادة من اللائحة الداخلية لصالحها وذلك باجراء تنقلات بين الوزراء في الحقائب الوزارية. ونتيجة لذلك، استبعدت وزير المالية مثلاً عن حقيبة وزارة المالية كما ابعدت وزير العمل عن حقيبة وزارة العمل حين طرح الاستجواب ضد وزيري هاتين الوزارتين. لذلك، فقد طرحنا فكرة إمكان طعن مجلس النواب - كجهة مخولة الطعن امام المحكمة الدستورية - على حكم المادة 145 من اللائحة الداخلية على اساس مخالفته لنص المادة 65 من الدستور. ولكن يبدو ان المعقبة تفادت التعليق على هذا القول. ولكن من ناحية اخرى، اكدنا القول انه لا فائدة ترجى من الطعن امام المحكمة الدستورية على المرسوم بقانون رقم (54) لسنة 2002 في شأن قانون اللائحة الداخلية وذلك على اساس مخالفته لحكم المادة 94 من الدستور التي تمنح صراحة مجلس النواب وضع لائحته الداخلية بنفسه، من دون تدخل السلطة التنفيذية في وضعها. والسبب في قولنا بعدم إمكان الطعن في قانون اللائحة الداخلية ككل من حيث الشكل، يرجع، في نظرنا، الى ان المحكمة الدستورية الملتزمة بشرعية دستور 2002، من الناحية الواقعية على الأقل، ستتمسك بحكم الفقرة (ب) المعدلة من المادة 121 السالف بيانها التي تعتبر كل حزمة المراسيم بقوانين - بما في ذلك قانون اللائحة الداخلية - التي صدرت قبل تاريخ اول اجتماع للمجلس الوطني، هي صحيحة ونافذة وذلك استثناء من حكم المادة 38 من الدستور. وقد اصدرت هذه المحكمة أحكاماً مشابهة تؤكد عدم صحة كل الطعون الشكلية التي قدمت أمامها ضد المراسيم بقوانين في شأن قانون الصحافة والطباعة والنشر وقانون الاجراءات الجزائية وقانون السلطة القضائية، كما أسلفنا.

أما سكوت المعقبة عن الرد على ما اثير في المقال في شأن التناقض البين بين المادة 65 من الدستور والمادة 145 من اللائحة، مكتفية بالاحالة الى المادة 66 من الدستور التي تقرر امكانية طرح موضوع عدم الثقة في الوزير بغالبية ثلثي الاعضاء الذين يتكون منهم مجلس النواب، فانه يرد على ذلك بالقول ان هذه المادة الاخيرة لا تنفي او تزيل التعارض السابق بيانه بين المادتين المشار اليهما او تقلل من أهمية هذا التعارض السابق بيانه بين المادة 65 من الدستور والمادة 145 من اللائحة الداخلية. هذا عدا عن أن بقاء المادة 145 من اللائحة الداخلية دون تعديل، واستناد الحكومة اليها في عرقلة الاستجواب، بل وإيقاف النقاش العام في المجلس في شأن الاستجواب، سيؤخر تطبيق الفقرة (ج) من المادة 66 بشأن التصويت على طرح موضوع الثقة في الوزير وذلك بحجة ان الاستجواب الذي أجري للوزير كان «عن تصرفات سابقة على توليه الوزارة»، كما تنص على ذلك المادة 145 من اللائحة. وعليه، ستتمسك الحكومة بهذا النص لعرقلة أو إيقاف الاستجواب من الاساس. كما ان الاشارة الى مسئولية الوزير الفردية التي تثيرها المعقبة لا توصلنا الى النتيجة المطلوبة لان الوزير الحالي يتحمل مسئولية سلفه في الوزارة التي طرح الاستجواب بشأن الخروقات واعمال الفساد الاداري والمالي التي تمت فيها قبل تولي الوزير الحالي المسئولية عن اعمال تلك الوزارة سواء السابقة أو اللاحقة لتعيينه في تلك الوزارة التي طرح في شأنها الاستجواب. اما التمثل بالآية الكريمة «ولا تزرا وازرة وزر أخرى» (الأنعام: 164) فإنه يبدو غريباً لان هذا ليس مجال طرحها، اذ ان محل هذه الآية هي المسئولية الجنائية، لا المسئولية المدنية للمؤسسات والافراد التي تعترف بها الشريعة الاسلامية ايضا. وكان المفروض في المحامية الخبيرة في معرفة الفرق بين المسئولية الجنائية والمسئولية المدنية ألا تخلط بين الأمرين، فالبعد شاسع بينهما. كما انه من المؤسف ايضا ان المعقبة تخلط بين دور مجلس النواب كسلطة رقابية فيما يتعلق بموضوع الاستجواب وطرح موضوع الثقة في الوزير وفقاً للمادتين 65 و66 من الدستور، وبين دوره الاخر المختلف فيما يتعلق بموضوع تأليف لجان التحقيق او ندب عضو او اكثر من اعضائه للتحقيق في أي أمر من الامور الداخلة في اختصاصات المجلس المبينة في الدستور، وفقاً للمادة 69 من الدستور. وليست المادة 65، التي توردها المعقبة خطأ. ويبدو من رجوعها الى المادة 66 من الدستور في شأن تأليف لجان التحقيق، أنها تحاول التقليل من أهمية الاستجواب كمبدأ رقابي، زاعمة ان دور مجلس النواب في تشكيل لجان التحقيق وفقاً لهذه المادة، يمكن ان يفي بالغرض المطلوب من الاستجواب وان يقوم مقام الاستجواب المطلوب من الوزير فيما لو شكلت المادة 145 عائقاً لذلك.

وللاجابة على ذلك، نقول إن موضوع تأليف لجان تحقيق هو من الاختصاصات الرقابية الخاصة بمجلس النواب، بينما موضوع الاستجواب الذي قد يؤدي الى طرح موضوع الثقة في الوزير المستجوب هو حق خاص بكل عضو من اعضاء مجلس النواب. كما ان هذا الاختصاص يحتاج الى ان يتقدم به خمسة أعضاء من المجلس وفقاً للمادة 65 من الدستور. ولا يتم التصويت على طرح موضوع الثقة في الوزير إلا بغالبية ثلثي الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس، وفقاً للمادة 66 من الدستور وذلك لخطورة ممارسة هذا الحق، من وجهة نظر الحكومة، التي اشترطت في الدستور الحالي، ان يتقدم به خمسة اعضاء، بينما يكفي ان يتقدم بطلب الاستجواب، وفقاً لنص المادة 67 من دستور 1973، عضو واحد فقط من الاعضاء. كما يتم طرح موضوع الثقة في الوزير، وفقاً للمادة 68(ج) من الدستور السابق بمجرد غالبية الاعضاء الذين يتكون منهم المجلس، فيما عدا الوزراء الذين يمتنع عليهم التصويت في هذه الحالة.

وعليه، لا يمكن الاستغناء عن هذا الحق الرقابي الخاص بكل عضو من اعضاء المجلس وذلك باستبداله بحق رقابي آخر يزاوله المجلس ككل بالغالبية العادية، وفقاً للمادة 69 من الدستور الحالي والذي لا يؤدي الى طرح موضوع الثقة في الوزير نتيجة للاستجواب الذي تقرره المادتان 65 و66 من هذا الدستور. إن الموضوع الذي تتضمنه كل من المادة 65 والمادة 66 من الدستور الحالي يختلف، شكلاً وموضوعاً، عن الموضوع الذي تتضمنه المادة 69 منه. لذلك، لا يمكن الاستغناء عن تفعيل وانفاذ كل من هاتين المادتين، كما لا يمكن استبدال احداهما بالاخرى، وذلك لانهما تتضمنان سلطات رقابية لمجلس النواب في امور ومجالات مختلفة، ولا غنى عنهما معاً من حيث الشكل والموضوع.

(...يتبع

إقرأ أيضا لـ "حسين محمد البحارنة"

العدد 1363 - الثلثاء 30 مايو 2006م الموافق 02 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً