العدد 1384 - الثلثاء 20 يونيو 2006م الموافق 23 جمادى الأولى 1427هـ

التوعية الشعبية والوعي المائي في البحرين

خولة المهندي comments [at] alwasatnews.com

رئيسة جمعية اصدقاء البيئة

شعار يوم البيئة العالمي لهذا العام هو: «لا تهجروا الأراضي القاحلة» والشعار برأيي يثير قضيتين بيئيتين رئيسيتين في البحرين وهما قضية تقحيل الأراضي الزراعية وتدميرها (ما يذكرنا بالحملة الوطنية لحماية الحزام الأخضر والنخلة البحرينية وقيعان البحر التي دمر الطمي والصيد الجائر حشائشها ومرجانها وحولها إلى قيعان قاحلة)، وقضية نضوب المياه الجوفية وخسارة بيئات المياه العذبة وتهديد أمننا المائي.

وبأخذ صورة مقربة للبحرين نرى أنها تعد بلدا جافا بلا مياه سطحية بمعدل هطول أمطار يبلغ مليمتراً في السنة، بينما يبلغ المعدل السنوي للتبخر مليمتر. اعتمد سكان البحرين على عدد كبير من العيون العذبة التي تتدفق طبيعيا من اليابسة والبحر وعلى عدد قليل من الآبار الضحلة التي كانت تحفر باليد حتى العام عندما بدأ حفر الآبار العميقة، والتي زادت أعدادها بتسارع كبير حتى أدى استمرار السحب غير الرشيد للمياه الجوفية إلى خسارة التدفق الطبيعي للمياه الجوفية وبالتالي خسارة العيون العذبة التي اشتهرت بها البحرين وتملح الخزان المائي بالخبر الذي يغذي هذه العيون مع نهاية القرن الماضي.

التطور المتسارع الذي صاحب اكتشاف النفط في البحرين وارتفاع مستوى معيشة الأفراد صاحبته زيادة سكانية كبيرة (إذ زاد بنسبة في المئة بين و) متمثلة في زيادة المدن وزيادة التوسع في الري الزراعي والصناعات، ما أدى إلى زيادة كبيرة جدا في الطلب على المياه. وظلت المياه الجوفية المصدر الوحيد للمياه العذبة في البحرين لتلبية الاحتياجات البلدية والزراعية حتى منتصف سبعينات القرن الماضي، عندما بدأ تشغيل أول محطة لتحلية مياه البحر، بقدرة تشغيلية بلغت , مليون جالون امبراطوري في اليوم، ليشهد عاما - تحسنا ملحوظا في نوعية وكمية المياه الموزعة في شبكات توزيع المياه في جميع مناطق البحرين بعد تشغيل محطات جديدة ومتقدمة للخلط والضخ المزودة بأحدث أساليب التقنية للتحكم الذاتي، فضلا عن خطوات متقدمة في هذا المجال لتصل الطاقة الإنتاجية لمحطات التحلية ما يزيد على مليون جالون امبراطوري يوميا، وترتفع نسبة المياه المحلاة في خليط المياه المنتجة من في المئة محلاة (مقابل في المئة مياه جوفية) في إلى في المئة في العام مع إسهامات من محطات المياه المعالجة منذ في تلبية الاحتياجات الزراعية للمياه لتبدأ مرحلة جديدة في مع التوسعة الجديدة للمحطات على أمل أن يتحقق في العام الاستفادة الكاملة من مياه الصرف الصحي (ولنا عودة لموضوع مياه الصرف الصحي والمياه المعالجة).

نصل من هنا إلى استخدامات المياه لنجد أن نحو في المئة من استخدامات المياه منزلية، ونجد أن الفرد يستخدم نحو لترا من المياه يوميا () في حين خرجت ورشة العمل التي عقدت بجمعية أصدقاء البيئة بالتعاون مع وزارة الكهرباء والماء (ضمن برنامج قطراته لآلئ) وحضرها أعضاء الجمعية، إلى أن حاجة الفرد من المياه حسبما حسبها حضور الورشة لا تزيد على لترا، ما يدفعنا إلى التفكير في كيفية ضياع نحو لتر من المياه وبالتالي كيفية الحفاظ عليها.

ورد في يوم المياه العالمي في تقرير للأمم المتحدة ضمن تنبيه إلى أزمة في إدارة المياه: «يجرى استخدام كميات هائلة من المياه، في عدد كبير من الأماكن عبر العالم، من دون أن يدري بها أحد، وقد تتراوح نسبتها ما بين و في المئة أو أكثر، وذلك من خلال تسربها داخل الأنابيب والقنوات والصلات غير المشروعة». فإذا أجلنا إلى نقاش آخر التركيز على تسربات المياه والتي تسعى وزارة الكهرباء والماء لمعالجتها عبر آليات متعددة من أهمها برنامجها الكمبيوتري المميز وبرنامجها المستمر لاستبدال التوصيلات القديمة في شبكة توزيع المياه، يمكننا حينها التركيز على سلوكاتنا المائية والدور الذي نلعبه (من دون أن ندري ربما) كأفراد في زيادة مشكلة الضغط على المياه.

دعونا نخوض معا هذه التجربة. ولنأخذ في الاعتبار هذه المعطيات (بحسب وزارة الكهرباء والماء):

المعطى الأول: كلفة إنتاج وحدة مياه (متر مكعب واحد) هي فلس، المعطى الثاني: بحسب الشريحة الأولى يدفع المستهلك فلسا للوحدة.

نجد أن المبلغ الذي يدفعه مستهلك المياه هو في الواقع / من الكلفة! ولنوضح الصورة أكثر، عندما تكون كلفة ما استهلكه أحدنا ديناراً فإننا ندفع فقط ديناراً واحداً، وتدعمنا الدولة بخمسة عشر ديناراً. أو بصورة أخرى فإننا عندما نستهلك من الماء ما ندفع مقابله عشرة دنانير ونظن أننا «مظلومون»، وأن وزارة الكهرباء والماء «تسرقنا» فإننا ندين للوزارة في الواقع بنحو ديناراً، لتغطي الوزارة كلفة إنتاج ذلك المتر المكعب من المياه!

من الطريف أن أول خلاصة خرج بها حضور برنامج «قطراته لآلئ» أن وزارة الكهرباء والماء ليست الخصم! وأن مشكلة المياه مصدرها نحن بالدرجة الأولى وأن بيدنا توفير لتر يوميا دون عناء يذكر، أي نحو لتر سنويا (للفرد)، وبإمكاننا تخيل الكمية التي يمكن توفيرها إذا ضربنا هذا الرقم في عدد أفراد الأسرة أو عدد سكان البحرين. وتعتزم جمعية أصدقاء البيئة المضي قدما في حلقات جديدة لبرنامج «قطراته لآلئ»، وتنظيم ورش عمل في مواقع عدة من البحرين لاسيما المراكز الصيفية لرفع الوعي المائي لدى الشباب والأطفال والكبار.

ومن هنا جاءت أهمية دليل المعلمين والمتعلمين الذي أعده برنامج ترشيد استهلاك المياه لدول مجلس التعاون الخليجي، ودليل ربات البيوت في السياق نفسه. هذا الكتيب الآن في طور المراجعة النهائية بعد اجتماع الممثلين الوطنيين لدول مجلس التعاون في العاصمة الأردنية (عمّان)، مع احتفالات يوم البيئة العالمي في ورشة عمل لمناقشته وتعديله وبحضور ممثل من الجهة الحكومية مع كل ممثل وطني وتحت إشراف الجمعية الكويتية لحماية البيئة صاحبة المشروع، وبالاستفادة من الخبرات الأردنية الأكاديمية والأهلية والحكومية المتقدمة في هذا الموضوع. وعندما يكون الدليل جاهزا للتوزيع ستكون لنا عودة للموضوع والأمر المهم هو أن يتم تبني الدليل وتدريب العاملين في جميع القطاعات عليه، لاسيما في قطاعي التربية والتعليم وتنمية الأسرة.

رئيسة جمعية أصدقاء البيئة

إقرأ أيضا لـ "خولة المهندي"

العدد 1384 - الثلثاء 20 يونيو 2006م الموافق 23 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً