العدد 1402 - السبت 08 يوليو 2006م الموافق 11 جمادى الآخرة 1427هـ

في وجه المدفع!

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

لا يهم كثيراً التنبؤ بفوز المرأة البحرينية من عدمه في الانتخابات المقبلة، وخصوصاً أن هذا التنبؤ كثر بعد تجربة الانتخابات التي خاضتها المرأة الكويتية ولم تتمكن فيها من النجاح. فالتفاؤل أو التشاؤم في هذه الحال سيكونان نوعاً من التخمين الذي يحتمل الصحة أو الخطأ، نتيجة عوامل كثيرة ومتداخلة.

لا يهم إذاً التنبؤ بالنتيجة، لأن النتيجة باختصار ليست بأهمية الوسيلة والطريقة التي تم من خلالها التوصل إلى تلك النتيجة. فوصول المرأة البحرينية إلى قبة البرلمان ليس مثلاً بأهمية اقتناع المجتمع ككل رجالاً ونساء بأهمية وصولها، وعملهم على التصويت الفعلي لها، ففي القضايا التي تمس المجتمع والتنمية، لا يقاس الإنجاز إلا بالمدى البعيد، لأنه سيؤسس عندئذ قاعدة صلبة قوية لا تهتز، بدل أن يكون هشاً تذروه الرياح عند هبوبها.

عدد من الباحثين في دراسات المرأة يدعون إلى تطوير الآليات والظروف المجتمعية التي تقضي بتمكين المرأة وتقويتها، بدل إعطائها الفرصة للترشح والمشاركة السياسية وتركها بعدئذ في مهب الريح، أو تعيينها في منصب سياسي وهي غير قادرة على اتخاذ أي قرار. هذا النوع من التمكين ليس حقيقياً ولا يحقق الغرض من ورائه على المدى البعيد.

إن السباق بين المرأة والرجل في عالم السياسة لم ولن يكون عادلاً أبداً، فالسياسة عالم رجالي بامتياز، وأمام المرأة عقبات متعددة من مختلف الأنواع والأشكال عليها أن تتخطاها قبل أن تفكر في التجرؤ على خوض السباق مع الرجل، لذلك فإن مجرد إعطاء المرأة الفرصة للترشح والانتخاب ليس كافياً لنقول ان فرصها متكافئة مع الرجل في عالم السياسة، فأمامها أطنان من الموروث الاجتماعي والثقافي، وأطنان أخرى من النَفَس الذكوري في التفكير والحركة يحيط بها أينما ذهبت.

هل يكفي أن نسمح للمرأة قانوناً أن تنتخب من تريد، في الوقت الذي لا نوفر لها الظروف الاجتماعية التي تتيح لها الاستقلالية، على الأقل حتى تنتخب من تريده هي فعلاً، لا من يريده زوجها أو أبوها. هل يكفي أن نسمح للمرأة الترشح للانتخابات لتكون نائبة للشعب في البرلمان من دون أن نتيح لها في المجتمع فرصة متكافئة لتتحدث في السياسة، وتمارس السياسة، وتتنفس السياسة، ثم نقول إن الرجل تخطاها بمراحل وانها لا تفهم في السياسة شيئاً. هل يكفي أن يتم تعيين المرأة في مركز مرموق لصنع القرار لتهبط بـ «الباراشوت» في مقعد ذهبي، من دون أن تكون فعلاً قادرة على صنع هذا القرار حتى من موقعها المتميز ذاك لأنها ببساطة صنيعة من وضعها. هل يكفي أن نكون متفائلين وندعم المرأة ونهلل لها عندما تقرر الترشح، وننظم لها قصائد من المديح، إذا كنا لن نصوت لها، وسنفاجأ ككل مرة، بأنها لم تفز في الانتخابات؟

لم تفز المرأة في الكويت في الانتخابات، لكنها ذات حراك فاعل، جعلها تفكر في أن تشكل «مجلس ظل» تراقب به أنفاس النواب وحركاتهم، لن يوقفها عدم تمثيلها في البرلمان لأنه لم يكن الهدف، كان الهدف هو خدمة الوطن، وستخدمه بأي شكل ومن أي موقع.

وفي البحرين أيضاً، تحية للنساء اللاتي قررن الترشح للانتخابات المقبلة، على الأقل لأنهن وافقن على أن يقمن بالدور الذي يرفض الجميع القيام به، وهو الوقوف في وجه المدفع، مدفع التمكين من دون تمكين، مدفع الموروث الثقافي والنقد اللاذع للمرأة بسبب ومن غير سبب، مدفع المجتمع الذي لا يرحم، فيدعم المرأة مرة، ويخذلها مرات

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 1402 - السبت 08 يوليو 2006م الموافق 11 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً