العدد 1408 - الجمعة 14 يوليو 2006م الموافق 17 جمادى الآخرة 1427هـ

هل تغيرت قواعد اللعبة في لبنان؟

هل ستكون «إسرائيل» قادرة على تغيير قواعد اللعبة القائمة في لبنان منذ أن سحبت قواتها منه في مايو/ أيار 2000، منهية بذلك فترة احتلال دامت 22 عاما؟ فـ «إسرائيل» شنت ضد لبنان حملة عسكرية جديدة أطلقت عليها - كما أعلنت مبدئياً - اسم «المكافأة المناسبة» بهدف تأمين إطلاق سراح جنديين اختطفهما حزب الله من المنطقة الحدودية يوم الأربعاء الماضي.

ومرة أخرى، فضحت النوايا الإسرائيلية بشكل سريع فهي ترمي إلى دفع مقاتلي حزب الله بعيدا عن حدودها، وفرض انتشار قوات الجيش اللبناني على الحدود الدولية اللبنانية الإسرائيلية.

وفي ضربات مؤلمة للاقتصاد اللبناني الذي يعاني أصلا، قامت الطائرات والبوارج الإسرائيلية بقصف مئات الأهداف في جميع أنحاء لبنان، من منازل وجسور ومطارات ومدارس ومحطات الإرسال التلفزيونية. وقتل في عمليات القصف أكثر من 48 شخصا من بينهم أطفال وجرح أكثر من 100 شخص آخرين.

وسرعان ما امتدت عمليات القصف الإسرائيلية التي كانت محصورة في المناطق الجنوبية، إلى مطار بيروت الدولي الذي أطلق عليه حديثاً اسم مطار رفيق الحريري الدولي. وأثبتت الغارات التي شنتها الطائرات الإسرائيلية والقذائف التي استهدفت مدرجي المطار، المدى الذي يمكن أن يصل إليه الإسرائيليون الذين زعموا أن المطار كان يستخدم «من أجل تهريب الأسلحة والتجهيزات» لحزب الله. كما دفعت هذه الغارات آلاف السياح الخليجيين إلى توضيب أمتعتهم وإيجاد طريقة لمغادرة لبنان عائدين إلى بلدانهم. والطريق التي كانت الأكثر أمانا على الأقل حتى أمس الأول (الخميس)، هي تلك المؤدية إلى العاصمة السورية (دمشق)، أما اليوم فأصبحت الطريق الساحلية الشمالية الوحيدة التي لاتزال مفتوحة.

واستهدفت الطائرات الإسرائيلية مطارين عسكريين لبنانيين في شرق وشمال لبنان في خطوة واضحة لمنع استخدامهما كبديلين لمطار بيروت الدولي. وأعلنت «إسرائيل» أنها ستفرض حصارا بحريا وجويا على لبنان، لإجبار الحكومة في بيروت على فرض سيطرتها على المنطقة الجنوبية حيث يتمركز مقاتلو حزب الله. لكن هناك مخاوف من أن تؤدي الهجمات الإسرائيلية والقصف الصاروخي المضاد لحزب الله على شمال «إسرائيل» إلى تصعيد الوضع وأن يتطور إلى حرب إقليمية. فالوضع في الأراضي الفلسطينية متفجر في حين أن التوتر يسود علاقات سورية وإيران من جهة وأميركا من جهة أخرى.

ودعت الحكومة اللبنانية التي سارعت إلى التنصل الأربعاء الماضي من تصرفات حزب الله، إلى وقف شامل لإطلاق النار والاعتداءات الإسرائيلية.

من جهتها، أوضحت «إسرائيل» أن حملتها العسكرية ضد لبنان لن تتوقف إلى أن ينتشر الجيش اللبناني على طول الحدود الدولية والسيطرة على الوضع الأمني في الجانب اللبناني من الحدود. وكان لبنان يتعرض لضغوط من أجل نشر جيشه على الحدود مع «إسرائيل» منذ انسحابها من جنوب لبنان في مايو 2000 ، لكن فشل «إسرائيل» في التخلي عن منطقة مزارع شبعا الحدودية عندما سحبت قواتها من لبنان، ساهم في بقاء حزب الله وسلاحه ومقاومته.

وعاجلاً أم آجلاً، ستصمت المدافع، وسيضطر الفريقان إلى إجراء مفاوضات غير مباشرة من أجل مناقشة مصير الجنديين الإسرائيليين المختطفين، ومصير نحو 10 آلاف سجين لبناني وفلسطيني وعربي معتقلين في السجون الإسرائيلية منذ سنوات عدة.

ومن المؤكد أن «إسرائيل» لن تسمح لحزب الله بضم جهوده إلى حركة «حماس» من أجل إتمام عملية تبادل للأسرى تتضمن جنديا إسرائيليا ثالثا اختطفه مقاتلو «حماس» في غزة في 25 يونيو/ حزيران الماضي.

وقال مصدر إسرائيلي مقرب من رئيس الحكومة الإسرائيلية أيهود أولمرت إن «إسرائيل» مستعدة لمناقشة عملية تبادل للأسرى مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وألمح للمرة الأولى إلى استعداده لإطلاق سراح بعض السجناء الفلسطينيين. وتهدف مثل هذه الخطوة، إلى فصل عمليات التبادل في المستقبل مع حزب الله. واستنادا للمصدر نفسه، فإن «إسرائيل» تهدف أيضا إلى «تغيير المعادلة» في المنطقة وتفكيك ما تصفه بـ «المحور الإيراني - السوري - حزب الله - حماس».

وفي تطور لافت، شدد مجلس الوزراء اللبناني الذي اجتمع أمس الأول مرتين، على «حقه وواجبه في بسط سلطته على جميع الأراضي اللبنانية». ولم يعترض وزيرا حزب الله المشاركان في الحكومة على نص البيان الحكومي.

وفي إشارة إلى هذا البند من البيان الحكومي، أوضح وزير الإعلام اللبناني غازي العريضي أن «ذلك لا يعني إرسال الجيش اللبناني غدا صباحا إلى الجنوب».

لكن ذلك، قد يؤشر إلى بدء جهود من أجل إجبار «إسرائيل »على وقف هجماتها واستعمالها المفرط للقوة ضد لبنان. وتجريد حزب الله من سلاحه يبقى مسألة أخرى

العدد 1408 - الجمعة 14 يوليو 2006م الموافق 17 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً