العدد 1419 - الثلثاء 25 يوليو 2006م الموافق 28 جمادى الآخرة 1427هـ

لماذا تدفع السلاحف ضريبة صيد الروبيان؟

خولة المهندي comments [at] alwasatnews.com

رئيسة جمعية اصدقاء البيئة

ها قد مر عام على إطلاق التكتل البيئي لحماية فشت العظم، الحملة الوطنية لرصد السلاحف البحرية، إثر رصد جمعية أصدقاء البيئة لسلحفاة قلالي الشهيرة التي أطلق عليها أعضاء لجنة ريم (للبيئيين الصغار) بالجمعية اسم: «ضحية»، وكانت السلحفاة التي يزيد وزنها عن 80 كغ ويقدر عمرها بأكثر من 35 عاماً ويتجاوز قطر صدفتها المتر، كانت تنزف إثر جروح عديدة في رأسها وأطرافها وذيلها بل وحتى صدفتها القوية. والتقط لها أحد النشطاء البيئيين صورة مؤثرة جداً بدت فيها كما لو كانت تبكي دماً.

تتابع رصد السلاحف الميتة من قبل الجهات الثلاث المؤسسة للتكتل فأبلغ الصيادون عن المشاهدات الكثيرة لسلاحف ميتة وسجلت الجمعية الأهلية للهوايات البحرية مشاهدات لسلاحف ميتة على سواحل أخرى من المحرق. وأعد أصدقاء البيئة جدولاً لتسجيل المشاهدات وبدأوا بمشروع لعمل قاعدة بيانات بهذا الشأن، ثم بدأت برامج الرصد المنظمة للجمعيات الثلاث مدعومين من قبل جهاز خفر السواحل والإدارة العامة للثروة البحرية وتم خلال الحملة رصد سلاحف ميتة في مناطق صيد الروبيان، وكانت تبدو كما لو كانت حية، وقدر منظمو الحملة أنها ماتت خلال يوم الرصد بل إن بعضها بدت كما لو أنها كانت حية قبل ساعة أو أقل لعدم وجود آثار تأثر بالظروف الجوية عليها.

وسعى التكتل إلى نشر الصور ودعوة مؤسسات حكومية وخاصة لدعم الحملة، وخصوصاً أن من الصعب على الجمعيات التطوعية تحمل الكلفة العالية لتأجير القوارب بصورة أسبوعية واقتناء وسائل مناسبة للرصد المبدئي المنظم، فضلاً عن ضرورة البدء في خطوات أكثر تقدما بدؤها - ناهيك عن تطويرها - يعتمد أساساً على وجود دعم.

خلال مراجعتي لصحف السنوات الماضية لاسيما الفترة التي كنت فيها خارج البحرين بين العامين 2002 و2003، لاحظت موضوعات عن السلاحف نشرتها الجمعية الأهلية للهوايات البحرية. المدهش والمحزن أن ما ورد فيها يشبه إلى حد بعيد ما نشرته جمعية أصدقاء البيئة في العامين 2002 و2004، وما نشره التكتل في العام 2005. والأهم أن معظم ما نشر كان في تواريخ تتمحور حول موسم صيد الروبيان، يا لها من مصادفة!

السلاحف تموت كل عام مع موسم صيد الروبيان! استنتاج بسيط يمكن الوصول إليه من البحث فيما نشر في الصحف. تلك السلاحف التي نادراً ما كنت أجد أطفالاً أو كباراً في البحرين يستطيعون القول إنهم شاهدوها في البحر بل أذكر جيداً أن كثيراً من زوار محطاتنا البيئية التوعوية في مهرجانات العيد الوطني ومهرجان التراث كانوا يستغربون عندما يشاهدون صوراً للسلاحف البحرية في البحرين، ويجادلون بأن ذلك غير صحيح وأن الصور التقطت في مكان آخر، تماما كردة فعلهم تجاه صور أشجار القرم التي يعتقد الكثير أنها التقطت من نهر الأمازون!

أذكر أن أحاديث كثيرة جمعتنا مع أشخاص من الأجهزة التنفيذية أكدت بإيمان الجميع أن موت السلاحف بهذه الصورة المخيفة وغير الطبيعية مرتبط بموسم صيد الروبيان وطريقة الصيد بالذات، لكن ما الذي تم على الصعيد العملي لمنع وقوع ذلك؟

نستعرض أولا سيناريو موت السلاحف بسبب صيد الروبيان. يستخدم لصيد الروبيان شبك طويل (كوفة) طوله يتراوح بين 40 - 50 متراً وبه ثقل (جنزير أو صنقل) من الأسفل يصل وزنه إلى 200 كغ هدفه تحريك قاع البحر لاستفزاز الروبيان وإخراجه من مخابئه. كما أنه يثبت الشبكة في القاع ويمنعها من الطفو. وعلى جانبي الشبكة تثبّت «أبواب» من الحديد والخشب من أجل فتح الشبكة ومنعها من الانقباض أو الانكماش حول نفسها، يبلغ وزن الواحد منها أكثر من 100 كغ. ويعتمد صيادو الروبيان في صيدهم أسلوب الجر بسرعة كبيرة تتراوح بين 3 - 5 ميل في الساعة، بحيث لا تتمكن الأسماك والروبيان من الهروب. السلاحف تدخل عادة إلى الشبكة وتصاد وتنحصر داخل مخزن الشبكة (الكيس) ولا تستطيع الخروج إلى أن يتم إطلاق سراحها من قبل الصيادين. وهناك فرصة لأن تتلقى السلحفاة ضربة من الباب تكون قاتلة في الغالب أو مؤذية جدا. وبحسب ما عرفته من حديثي مع عدد من الإخوان العاملين في الصيد فعندما يصل الصياد إلى السلحفاة داخل الكيس (بعد ساعة أو ساعتين من بدء الجرف) فغالباً ما تكون السلحفاة حية، وعادة ما يقوم الصيادون بإطلاق سراحها، إلا أن هناك من يقوم بقتلها أو تعمد إيذائها. وبحسب أقوال الصيادين البحرينيين فإن النوع الأخير من الصيادين هم الأجانب.

والآن، لنستعرض ما تم فعليا لمنع جرائم القتل قبل وقوعها. الجمعية الأهلية للهوايات البحرية عملت (بوستر) بالعربية والأوردو ووزعته على الصيادين. نقابة الصيادين طالبت بتنفيذ قانون النوخذة البحريني بما تملك من قوة بدعوى أن من يتسبب في قتل السلاحف هم الأجانب غير الخبيرين ببحار البحرين وغير المكترثين لما يقع بها لعدم ارتباطهم بالبحر وارتباط أسرهم به ولجهلهلم بطبيعته أيضاً.

الجهة الحكومية لديها قانون يمنع صيد السلاحف ويعاقب المخالفين، ففي المادة 19 من مرسوم بقانون رقم 20 للعام 2002 بشأن تنظيم صيد واستغلال وحماية الثروة البحرية ورد: «لا يجوز صيد اليرقات أو صغار الكائنات البحرية التي تقل أطوالها عن الحجم المصرح به، كما لا يجوز صيد السلاحف البحرية وأبقار البحر والثدييات الأخرى أو العبث بأماكن تواجدها وتكاثرها على امتداد شواطئ الدولة أو في مياه الصيد» ويعاقب المخالف بالغرامة والحبس أو أحدهما. وجمعية أصدقاء البيئة توعي الأطفال منذ سنوات وتعرفهم بكائناتهم البحرية الجميلة وتحفزهم على الإحساس بالمسئولية تجاهها وتنشر بين الحين والآخر صوراً في الصحف ومقالات وتحقيقات وتخاطب المسئولين والمنظمات العالمية والإقليمية على أمل عمل شيء لإنقاذ السلاحف البحرية.

ويبقى السؤال المحير: لماذا لا توجد حماية حقيقية لسلاحفنا البحرية؟ لماذا لا تقدم القوانين المناط بها الحماية الحقيقية إلى سلاحفنا البحرية؟

إقرأ أيضا لـ "خولة المهندي"

العدد 1419 - الثلثاء 25 يوليو 2006م الموافق 28 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً