العدد 1422 - الجمعة 28 يوليو 2006م الموافق 02 رجب 1427هـ

هل بدأ تفكيك الحلف السوري مع إيران وحزب الله و«حماس»؟

فايز سارة comments [at] alwasatnews.com

.

آخر ما يتردد في دمشق، ان العاصمة السورية، تلقت اشارات وعروضاً أوروبية عن صفقة شاملة مع دمشق، تتضمن استئناف مفاوضات السلام مع «اسرائيل»، وفك عزلة دمشق، وتوقيع الشراكة السورية - الأوروبية، مقابل الضغط على كل من حزب الله في لبنان، وحركة حماس الفلسطينية، والابتعاد عن إيران. وترافقت مع الكلام الجاري في العاصمة السورية معلومات عن وجود غير معلن لوفود أميركية - أوروبية في دمشق، تبحث وتناقش القضايا الساخنة في المنطقة وعلاقاتها الاقليمية والدولية، ولاسيما تطورات الحرب الاسرائيلية على كل من لبنان وغزة، التي تتواصل فصولها الدموية على مدار الساعة.

وينسجم ما يجري في دمشق مع فكرة ترددت في الأيام الأخيرة الماضية، أساسها توجه أميركي لفصم عرى التحالف السوري - الإيراني الذي تعزز على نحو واضح في الآونة الأخيرة معززاً شبكة من العلاقات القوية والتقليدية بين دمشق وطهران تمتد إلى نحو ثلاثة عقود، وكان أحد تعبيرات قوتها موقف سوري - إيراني إلى جانب حزب الله في لبنان والمنظمات الفلسطينية وخصوصاً حركتي حماس والجهاد.

وتجد فكرة فصم عرى التحالف السوري - الإيراني لها صدى ومؤيدين في منطقة «الشرق الاوسط» ولدى كل من أوروبا والولايات المتحدة خصوصاً في ظل التطورات المرتبطة بالملف النووي الإيراني وما رافقه سواء من مخاوف في الكثير من دول المنطقة وبينها دول الخليج العربية و«إسرائيل»، أو من رغبات أوروبية - أميركية في منع إيران من دخول النادي النووي الدولي. وتضع فكرة فصم عرى العلاقات السورية - الإيرانية دمشق امام تحدي تغيير سياساتها وعلاقاتها بحيث تنتقل من خندق إلى آخر مقابل صفقة، تتضمن ثلاثة وعود، اولها استئناف مباحثات السلام السورية - الإسرائيلية، والتي يفترض ان تؤدي إلى معالجة موضوع مرتفعات الجولان التي تحتلها «إسرائيل» منذ يونيو/ حزيران 1967، والثاني فك إطار العزلة المفروض على سورية في المستويين الإقليمي والدولي وهو أمر ترغب دمشق في علاجه نظراً إلى ما يتركه عليها من آثار، ولاسيما على الصعيدين السياسي والاقتصادي، والثالث توقيع اتفاق الشراكة السورية - الأوروبية الذي مازال يتعثر نتيجة موقف بعض الدول الأوروبية، التي تحتج وتعترض على السياسة السورية في مستويين، اولهما داخلي يتعلق بالاصلاحات المطلوبة ومنها موضوع الحريات وحقوق الإنسان، والثاني إقليمي، يتصل بالمواقف السورية في قضايا إقليمية ومنها الوضع في لبنان والعراق وفلسطين.

وعلى رغم أن دمشق بحاجة إلى معالجة الموضوعات الثلاثة، التي سيكون لعلاجها تأثيرات ايجابية في السياسة السورية الداخلية والخارجية، فقد لا تذهب دمشق إلى الموافقة على صفقة شاملة، والأمر في هذا يستند إلى تعقيدات لعل الأبرز فيها، أن فتح ملف محادثات السلام بين سورية و«إسرائيل»، لا يتضمن وعداً بالتوصل إلى حل لموضوع الجولان وانسحاب «إسرائيل» منه، وما يعزز صعوبة تحقيق نتائج في هذا المجال، أنه ليست هناك رغبة أميركية جدية وحقيقية في الضغط على «إسرائيل»، وليس لدى الاخيرة برامج للتفاوض ولا للتسوية السياسية مع سورية، ولا هي مستعدة في بحث مستقبل الجولان طبقاً للسياسات المعلنة لحكومة أولمرت.

كما أن بين التعقيدات المحيطة بالصفقة الشاملة تجربة من عدم الثقة، تكرست في العلاقات السورية مع الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية في الأعوام الأخيرة نتيجة اتهامات متبادلة، وهذا سيجعل موضوع فك العزلة عن سورية والذهاب إلى الشراكة السورية - الأوروبية موضع شك، أو أنه لن يتخذ مساره الصحيح من وجهة النظر السورية، وخصوصاً أن في موضوع الشراكة تفاصيل تتعلق بـ «حقوق الانسان» التي ستجد مستوى من الممانعة السورية، وقد تجد تأكيداً وتشديداً أوروبياً في المقابل.

وثمة مستوى آخر من التعقيدات، التي تعترض سبل صفقة أميركية - أوروبية شاملة مع سورية، وهو اخراج دمشق مما تبقى من علاقاتها ودورها الاقليمي اللذين تكرسا سابقاً بعزلها عن إيران وهي بين أبرز القوى الاقليمية وفي تصفية نفوذها الرئيسي في لبنان وفي الساحة الفلسطينية بتدهور علاقاتها مع حزب الله وحماس، الامر الذي سيجعل سورية ضعيفة في المستوى الاقليمي في وقت يتسم وضعها الداخلي بالضعف نتيجة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها سورية، والأمر في النهاية سيجعل من سورية أقل قدرة على مواجهة الاملاءات المفروضة من الخارج ولاسيما من الجانبين الأميركي والإسرائيلي. ولعل هذه التعقيدات وغيرها، ستدفع دمشق إلى التدقيق في العروض، التي تستجيب لمحاولات سورية تكررت في العامين الأخيرين بهدف فتح بوابات نحو إعادة تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية طبقاً لقواعد تضمن تشاور وتشارك دمشق معها فيما يتصل بالقضايا الإقليمية، لكن الأوروبيين والأميركيين حرصوا على عدم الذهاب في هذا الاتجاه، انما عملوا على فرض نمط جديد من العلاقات مع دمشق لا يلحظ لها دور قوي ومؤثر في العلاقات والقضايا الإقليمية، وانما دور الشريك الصغير والتابع، وهو ما كان موضع اعتراض سوري.

وغالباً، فإن سورية بعد ان تدقق في العروض المقدمة، فإنها ستدخل في مساومات نحو تعديلها بما يعنيه من عدم موافقة عليها، لكن من دون أن تعلن رفضها بصورة قاطعة، وهذا سيرضي حلفاءها في طهران، ويؤكد علاقة دمشق مع حزب الله وحماس، ولا يغلق الباب المفتوح في النقاش والتواصل مع الأوروبيين والأميركيين في الوقت الحالي.

غير أن موقفاً وسطياً وغير حاسم من سورية في موضوع معالجة قضية ساخنة على نحو ما يبدو موقع سورية في التحالف مع إيران وحزب الله وحماس، لن يستطيع ان يستمر طويلاً وخصوصاً في ظل التطورات المتسارعة التي يكرسها العدوان الإسرائيلي المتصاعد على اللبنانيين والفلسطينيين، الأمر الذي يعني ان على سورية ان تختار بسرعة واحداً من خيارين صعبين اما القبول بصفقة تمهد لاضعاف سورية بالسياسة من خلال عزلها عن حلفائها، أو الذهاب إلى الأبعد في تحالفها مع إيران الذي قد تكون نهايته اضعاف سورية بالقوة، فيما لو تقرر الذهاب إلى المواجهة العسكرية مع إيران أو مع سورية على نحو ما هي عليه المواجهة مع حزب الله في لبنان أو المواجهة مع حماس في غزة

العدد 1422 - الجمعة 28 يوليو 2006م الموافق 02 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً