العدد 1552 - الثلثاء 05 ديسمبر 2006م الموافق 14 ذي القعدة 1427هـ

اليوم العالمي للتطوع... كل عام ومتطوعو البيئة بخير

خولة المهندي comments [at] alwasatnews.com

رئيسة جمعية اصدقاء البيئة

جاء في الكلمة الرسمية للأمم المتحدة على لسان الأمين العام كوفي عنان، احتفالاً باليوم العالمي للتطوع، أنه وعلى رغم الفقر والكراهية والبؤس، وعلى رغم كل الظروف السيئة والمصاعب والتحديات، فإن المتطوعين في كل مكان من العالم يثبتون للعالم كل يوم أن الناس قادرون على تغيير العالم بعملهم وجهدهم ومثابرتهم. تلك المثابرة في العمل التطوعي هي ما أعطت للمواطنة العالمية معناها. وعلى اختلاف حجم وصورة هذا العمل، فإن المتطوعين يسهمون في إصلاحات وتغييرات في مجتمعاتهم المحلية وبالتالي في العالم.

وفي وقتنا الذي يتزايد فيه حجم وكم ونوع المشكلات التي تنتقل دون اعتبارات لأية حدود سياسية أو جغرافية، فإن عمل المتطوعين بالذات هو الجواب للحاجات الإنسانية العالمية ولهذه المشكلات كالأمراض الفتاكة التي انتشرت في العالم.

لدى العالم من الثروات والطاقات والرؤى ما تمكنه من جعل الفقر ماضياً، ومن الجوع واقعاً منتهياً، ومن جلب التطور والتنمية للعالم بأسره، إلاّ أن الحال على أرض الواقع أثبت عدم العدالة سواء داخل الدولة الواحدة أو بين الدول المختلفة. العمل التطوعي يملك أن يضيّق الهوة بين الإعلانات العالمية كأهداف الألفية الجديدة للتنمية وما يحقق منها على أرض الواقع ويغذي الجهود المحلية لكل دولة، والعالمية للدول مجتمعة بالجهد والعمل المطلوب لتحقيق تلك الأهداف.

وبينما نعلم جميعاً أن المتطوّع لا ينتظر جائزة ولا مكافأة أو مقابلاً لعمله؛ فالعمل التطوعي غالباً ما يمثّل لصاحبه الجهد والمكافأة في آن، إلاّ أن احتفال العالم باليوم العالمي للتطوّع يذكّر الجميع بمن فيهم المتطوعين الذين تجردوا من الأنانية وقدموا الأهداف العامة على مصالحهم الخاصة، هذا الاحتفال يذكّرهم بأنهم مقدّرون من قبل العالم بأسره، وأيضاً يذكّر الآخرين بأهمية العمل التطوعي الذي يبذل فيه المتطوعون ما لا يبذله سواهم.

في النهاية، أرسل عنان آخر رسائله كأمين عام للأمم المتحدة، إلى العالم كله في اليوم العالمي للتطوع، معبّراً عن امتنانه للرجال والنساء المتطوعين الذي شاركوا العالم بأسره في مهاراتهم ومواهبهم، متمنياً أن يكون ذلك محفزاً للكثيرين غيرهم للسير على هذا النهج.

انتهت ترجمتي «بتصرف» لرسالة كوفي عنان الأخيرة، والتي أراها على عموميتها وروحها المتسقة مع لغة الأمم المتحدة عموماً، فإن بها رسالة جميلة تصل إلى كل متطوّع في العالم وتشعره بأن ذلك الخطاب موجهٌ له، ربما لأنه صادرٌ عن الأمين العام، وربما لأن المتطوع يلهب حماسه الحديث عن التطوع والمصلحة العامة والتخلي عن الأنانية، ويشعر أن هناك من يتحدث بلسان «بعض» حاله.

ليلة البارحة، شهدت جمعية أصدقاء البيئة حدثاً بيئياً مهماً جداً، إذ اجتمعت إرادة أكثر من عشر جمعيات ولجان أهلية (جميعها تطوعي طبعاً) معنية بالبيئة على تأكيد التنسيق فيما بينها، بحضورها الاجتماع التشاوري الذي دعوت له باسم الجمعية وبصفتي ممثل الجمعيات الأهلية لدول غرب آسيا؛ حيث شعرت أن عليّ أن أطلع مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالبيئة (ولاسيما التي كانت لها مواقف وأعمال تطوعية مميزة دافعت فيها عن البيئة) على ما جرى في المنتدى الإقليمي للمنظمات الأهلية لدول غرب آسيا، والكلمة الختامية التي صاغتها المنظمات المجتمعة لتمثلها في المنتدى العالمي للمنظمات الأهلية، والذي سيعقد في فبراير/ شباط في مقر برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونب) في نيروبي.

الجمعيات باركت انتخابي لتمثيلها (وتمثيل منظمات دول غرب آسيا والتي تشمل الخليج العربي واليمن والعراق والمشرق العربي) وثمنت دعوتنا لهم لهذا الاجتماع التشاوري، وتسلمت عن رضا نسخة كلمة غرب آسيا ووعدت بتدارسها وفهمها وإعلامي بأية ملاحظات أو مقترحات. ممثل لإحدى الجمعيات أبدى ملاحظة بشأن لغة الكلمة وأوضح أننا جميعاً نفهم العربية بشكل أفضل من الإنجليزية، متابعاً كلامه (ليس باللوم أو العتب أو التعليق السلبي أو حتى بتمني «لو» أن ولكن...) بعرضه أن يقوم بترجمتها إلى العربية ثم تسليمنا خلال ثلاثة أيام أفضل ترجمة لها لأقوم بمراجعتها ومن ثم، ليس إعادة توزيعها على الجمعيات البحرينية من حضور الاجتماع وحسب، ولكن على الجمعيات العربية الأخرى والتي لاريب تشاركنا الشعور ذاته.

تعليقي الأول على ما قاله ممثل جمعية حماية المستهلك البحرينية أن مطلب التعامل باللغة العربية كان من أول مطالب المنظمات الأهلية التي اجتمعت في آخر شهر أكتوبر/ تشرين الأول بالعاصمة البحرينية (المنامة) في المنتدى الإقليمي للمنظمات الأهلية، ولقد نطق بلسان حال الجميع على رغم أنه لم تسنح له الفرصة أو لجمعيته حضور ذلك المنتدى.

والتعليق الثاني هو «كل عام والعالم بخير مادام فيه متطوعون!» فلقد أثبت المجتمعون في ذلك اليوم المبارك من تاريخ العمل التطوعي لأجل البيئة بجمعية أصدقاء البيئة، تحديداً في ليلة اليوم العالمي للتطوع، إن احتفال المتطوعين الحقيقي بيومهم هو عبر المزيد من التطوع! المزيد من العطاء، والمزيد من البذل، والمزيد من التفكير، في كيفية زيادة مقدرتهم وتأثيرهم الإيجابي فيما يصب في المصلحة العامة كمتطوعين!

ممثلو جمعية الصحة والسلامة كان لهم إسهامات تخطيطية جميلة (وعسى الله أن ينعم علينا وعلى البحرين في الأيام المقبلة ثمرات طيبة لتعاون وتنسيق جميل عالي الكفاءة معهم)، ومما قالوه من الأقوال العظيمة التي طرحت في ذلك الاجتماع التشاوري لأجل عمل بيئي أفضل للبحرين، أن التجارب التي أثبتت لنا صعوبة العمل التطوعي هي ذاتها التي علمتنا كيف نتغلب على تلك الصعوبات، وأكد الحضور أنهم ليسوا ممن ييأس أو يستسلم أو لا يكترث بالواقع البيئي المؤلم.

سأقف عند الفكرة الأخيرة، وأعود إليها في مقال آخر لأتحدث عما قاله متطوعو العمل البيئي وما ناقشوه من قضايا وما فاجأونا به في ذلك الاحتفال الرائع بيوم التطوع العالمي. وما أود أن أختم به هو ملخص لما قالته لي بعض طالبات مدرسة سترة الثانوية للبنات في الجزء الأخير من ندوة «العمل التطوعي لأجل البيئة»، التي قدمتها في مدرستهم صباح اليوم ذاته في إجابة سؤال: والآن بعد كل هذا النقاش حول التطوع... لماذا أتطوع؟

«لأنني سأشعر بقيمتي كإنسان أعطى لغيره ولم تشغله أنانيته عن رؤية آلام وحاجات الضعفاء، ولأنني سأكون أكثر ثقة بنفسي وقدراتي، ولأنني سأزيد من ميزان حسناتي عند الله، ولأن أهلي ومجتمعي وبلدي سيستفيدون من ذلك التطوع وبالتالي سأستفيد أنا وأبنائي من بعدي، ولأنني سأرتقي عبر ذلك بمجتمعي، وسيعم الخير والألفة والعرفان بين الناس بدلاً من الغضب وسوء النية والكره، ولأنني حينها سأكون أكثر قدرة على تمثيل قريتي وبلدي بل والمرأة العربية والمرأة المسلمة بشكل مشرف عظيم أمام العالم بأسره، بصورةٍ تعبّر عن روح ديننا الحنيف وتراثنا وقيمنا الأصيلة التي تحث على عمل الخير وعدم انتظار مقابل»

إقرأ أيضا لـ "خولة المهندي"

العدد 1552 - الثلثاء 05 ديسمبر 2006م الموافق 14 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً