العدد 1556 - السبت 09 ديسمبر 2006م الموافق 18 ذي القعدة 1427هـ

لمن الأولوية... التعديلات الدستورية أم المطالب الشعبية؟

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

سعادة النائب منذ بطولاته وعنترياته التي ما أشبعت الشعب البحريني من جوع، وما أصلحت انحراف واعوجاج أخلاقه، إلى حد أصبحت فيه المعارك البرلمانية المخزية حديث السامع والمسموع في الفج العميق والقريب، لتلقي اللوم على المجتمع البحريني وذوقه الديمقراطي وخياره «الحر» الذي فرخ أمثال هؤلاء، وامتداداً نحو شعارات ولوحات دعايته الانتخابية النضاحة بأكثر أشكال الاستغلال الديني فجاجة إلى حد المماهاة بين مشكاة الذات وقبس الفضيلة، مترافقة مع اتهامات من الخصوم بالطائفية واستخدام أساليب غير نظيفة ألبتة في المنافسة الانتخابية، ومروراً بالتحركات وردود الفعل الصبيانية العارمة التي أفقدت «الشيخ الجليل» هيبته ووقاره، لتقترن بانفعالاته الكارثية غير الموزونة والمعهودة منه بكثرة في شتى المعتركات الانتخابية، وحتى تعهداته الأخيرة بالتصدي لما ستطرحه «الوفاق» في البرلمان من أجندة وملفات، وخصوصاً ما يتعلق بالتعديلات الدستورية وتوزيع الدوائر الانتخابية. فمثل هذه التصريحات المعتادة تفضح مبكراً ترسّب نية اصطدامية وتعصب وتحزب ضد الطرف الآخر ذي الحضور القوي في البرلمان والذي لا يمكن تجاهله، كما أنه وإن ظل حتى وقت قريب يبتز هو وجماعته القوى اليسارية والقومية بتجربة برلمان 1973، ويعير هذه القوى بصداميتها مع الحكومة، فإننا نرجو منه أن يحتفظ بها لنفسه طالما أنها قد تنقلب عليه لاحقاً إذا ما أصيب برلمان 2006 بغصة طائفية ضبابية (لا قدر الله)، عوضاً عن حل البرلمان بسبب التباحث في قضايا مصيرية كالأراضي وتوزيع الثروة كحال برلمان 1973.

مثل هذه التصريحات من دون شك تعيد دائرة النقاش حول مطلب التعديلات الدستورية إلى الحيز الأول الذي يستفحل فيه هذا النقاش بشأن تحديد حاسم لهوية مطلب التعديلات الدستورية الذي تعول على رفعه برلمانياً قوى التحالف الرباعي وبعض الشخصيات السياسية المستقلة، سواء أكان هذا المطلب ضمن المطالب الشعبية الأولية أم هو مجرد مطلب نخبوي، تتشبث به قوى التحالف الرباعي وفقاً لقناعات خاصة، وتفوح أبعاد طرحه بروائح تحالفية سياسية ضيقة بين عدد من القوى، ليظل خارج عصمة المصلحة العامة، ولا يهم طرحه دون سواه!

لا تهم الحاجة إلى إعادة التذكير بما يشكله مطلب التعديلات الدستورية من ضرورة قصوى وعاجلة تستلزم من أجل توسيع السلطات الرقابية والصلاحيات التشريعية المنخفضة للبرلمان، والتي تقف في مؤخرة وذيل سلم السلطة، وهو ما سيؤدي إلى إنعاش الآمال في نهوض عملية إصلاحية حيوية تتشارك في تأديتها كل الأطراف الرئيسية في البلاد.

كما أنه لا حاجة إلى الإشارة بأنه من دون هذه التعديلات لن تتمكن السلطة الشريعية من دونها من الخروج من دنيا الاقتراحات برغبة لممارسة دور رقابي وتشريعي فاعل، وبالتالي تلبية المطامح الجماهيرية العالية التي ترنو إلى تصرف الوجوه الجديدة والقديمة معاً مع الملفات الرئيسية والقضايا المصيرية ومنها تحسين مستوى المعيشة، والتي لربما لم يتم تناولها بالشكل الإيجابي المرغوب فيه في برلمان 2002، فظلت تراوح مكانها وربما تراكمت عليها المزيد من سوءات الدهر لتزداد تعقداً وتشابكاً.

ولا نبتغي إضاعة الوقت لنقول ان مطلب التعديلات الدستورية هو حاجة شعبية ملحة وضرورة وطنية ماسة لاستنهاض السلطة التشريعية بأدوات وطرائق دستورية شرعية وملائمة، وأنها تصب في المصلحة العامة التي تقتضي وجوداً برلمانياً حياً وحقيقياً يتعامل مع الملفات والقضايا الرئيسية المؤجلة إلى أجل غير مسمى.

كما أن مطلب إعادة النظر في توزيع الدوائر الانتخابية والذي يصب في معالجة موضوع يهدد الاستقرار والتوازن الاجتماعي والسلامة المواطنية للدولة بشكل مباشر هو مطلب وطني لا يمكن احتكاره وتقييده طائفياً ومناطقياً أو إثنياً، فهل من العدل أن يساوي الصوت في منطقة من البلاد 13 صوتاً في منطقة أخرى؟

ومع التسليم بجدوى وطنية وأهمية كل ما ذكرناه سالفاً فيما يتعلق بالتعديلات الدستورية والعدالة في توزيع الدوائر الانتخابية، فإننا نتوقع من النواب وخصوصاً المؤشر عليهم بالبنط الأحمر العريض قولاً وتصريحاً وفعلاً بأن يكتفوا على الأقل ولو بقول الكلمة الفصل في المفاضلة بين المصلحة العامة والحاجة إلى إتقان تمثيل الشروط المرحلية للعبة السياسية التي تستوجب اصطفافاً طائفياً مذهبياً حاداً يدمغ الفوارق بين قوى الموالاة والمعارضة في البرلمان.

بالإضافة إلى الكف عن خداع الناخبين وخداع النفس بوعود فاقعة حول تحسين المستوى المعيشي وحل القضية الإسكانية وغيرها دون محاسبة ومكاشفة داخلية ستدفع حتماً نحو المطالبة الجادة بتوسيع الصلاحيات وتعزيز السلطات في المؤسسة التشريعية بدلاً من استخدام قضايا تحسين المعيشة والقضية الإسكانية كــ «مصاصة» اصطناعية توضع في فم المواطن الباكي الشاكي، لتشغله ولو لوهلة عن الحاجة إلى إدراك ترتيب متطلباته الرئيسية منطقياً، فيصير حائراً مخدراً بين الوعد وانتظار تطبيقه طالما لم ينل بعد فرصة الاطلاع على الكشوفات الحسابية المالية والعقارية لمن انتخبه نائباً وممثلاً لصوته وهواجسه وتطلعاته في البرلمان.

ليكن معلوماً بأن الأولى هو التعاون مع سائر الكتل في البرلمان انطلاقاً من رؤية عملية جوهرية لحل المشكلات ومعالجة القضايا الرئيسية التي تعترض خط السير النهضوي والتنموي المستدام والشامل للبلاد، وذلك بدلاً من (الاستذباح) والاعتصار في التوسل والاستجداء وطلب الرحمة و»حب الخشوم» لانتزاع حق ومكسب للمواطن الناظر، أو استعراض مهارات غسيل الصحون وإعداد «النفيش» و»البيض طماط» والتي لن تجدي نفعاً بتاتاً في برلمان محدود الحركة، فهل راجع بعض السادة النواب دائرة معارفهم جيداً فيما يتعلق بالمنافع والمصالح العامة وحصنوها نهائياً عن التلوث بهلوسات اللعبة السياسية المرحلية، وميزوا بين توجيهات الناخبين وتوجيهات المتنفذين وتوجيهات الأنفس الأمارة بالسوء والعياذ بالله؟

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 1556 - السبت 09 ديسمبر 2006م الموافق 18 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً