العدد 1612 - السبت 03 فبراير 2007م الموافق 15 محرم 1428هـ

السلاح النووي

السلاح النووي عبارة عن سلاح يعتمد في قوته التدميرية على عملية الانشطار (أو الاندماج) النووي، وفُجرت أول قنبلة نووية انشطارية للاختبار في 16 يوليو/ تموز 1945 في منطقة تدعى صحراء ألاموغوردو في ولاية نيو مكسيكو في الولايات المتحدة الاميركية وسميت القنبلة باسم القنبلة (أ). وكان هذا الاختبار بمثابة ثورة في عالم المواد المتفجرة التي كانت قبل اختراع القنبلة النووية تعتمد في قوتها على الإحتراق السريع لمواد كيميائية الذي يؤدي إلى نشوء طاقة معتمدة فقط على الإلكترونات الموجودة في المدار الخارجي للذرة؛ على عكس القنبلة النووية التي تستمد طاقتها من نواة الذرة مستندة على عملية الإنشطار النووي وبهذه العملية فان شكلا دائريا صغيرا بحجم كف اليد يمكن أن يسبب انفجارا تصل قوته إلى قوة انفجار يحدثه 20,000 طن من مادة تي إن تي. القنبلة (أ) تم تطويرها وتصنيعها واختبارها من قبل مشروع مانهاتن التي كانت عبارة عن مؤسسة أميركية ضخمة تشكلت في العام 1942 في خضم الحرب العالمية الثانية وكان المشروع يضم أبرز علماء الفيزياء في الولايات المتحدة مثل أنريكو فيرمي وروبرت أوبنهايمر والكيميائي هارولد أوري. بعد الحرب العالمية الثانية قامت هيئة الطاقة النووية في الولايات المتحدة بإجراء أبحاث على القنابل النووية الاندماجية ( الهيدروجينية) وتدريجيا بدأ إنتاج قنابل نووية أصغر حجما بكثير من القنابل النووية الأولية التي كانت ضخمة الحجم وبدأت عملية تركيب رؤوس نووية على الصواريخ التقليدية التي يمكن اطلاقها من على منصات متحركة أو من على سطح البحر.

اُستُعمِلَت القنبلة الذرية (الانشطارية) مرتين في تاريخ الحروب؛ وكانتا كلتاهما أثناء الحرب العالمية الثانية عندما قامت الولايات المتحدة بإسقاط قنبلة ذرية على مدينة هيروشيما في 6 اغسطس/ آب 1945 وقنبلة ذرية اخرى على مدينة ناكاساكي بعد 3 أيام، أي في 9 اغسطس 1945. وأدى إسقاط هاتين القنبلتين إلى قتل 120,000 شخص في نفس اللحظة، وما يقارب ضعف هذا العدد بعد سنوات. انتقدت الكثير من الدول الضربة النووية على هيروشيما و ناكاساكي إلا أن الولايات المتحدة ارتأت انها احسن طريقة لتجنب أعداد أكبر من القتلى إن استمرت الحرب العالمية الثانية فترة أطول.

بعد الضربة النووية على هيروشيما و ناكاساكي وحتى وقتنا الحاضر؛ وقع مايقارب 2000 انفجار نووي كانت بمجملها انفجارات تجريبية واختبارات قامت بها الدول التي أعلنت عن امتلاكها لأسلحة نووية وهي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة والصين وباكستان والهند. هناك عدد من الدول التي قد تمتلك أسلحة نووية ولكنها لم تعلن عنها مثل: «إسرائيل» وكوريا الشمالية، واتُهِمَت إيران مؤخرا من قبل عدد من الحكومات بأنها إحدى الدول التي تسعى لامتلاك السلاح النووي. يُستخدم السلاح النووي في وقتنا الحاضر كوسيلة ضغط سياسية وكوسيلة دفاعية استراتيجية، وتستعمل القدرة النووية أيضا استعمالات غير عسكرية، أهمهما يتعلق بانتاج الطاقة الكهربائية.

أنواع الأسلحة النووية

هناك ثلاثة أنواع رئيسية من الأسلحة النووية وهي:

الأسلحة النووية الانشطارية Fission Weapons وتشمل الأنواع الفرعية: قنابل الكتلة الحرجة Critical Mass، قنابل المواد المخصبة Enriched Materials.

الأسلحة النووية الإندماجية Fusion Weapons ومن أهم أنواعها: القنابل الهيدروجينية Hydrogen Bombs التي تعرف أيضا بالقنابل النووية الحرارية Thermonuclear Bombs والقنبلة النيوترونية Neutron Bomb.

الأسلحة النووية التجميعية Combination Methods، وتشمل الأنواع الفرعية: القنابل ذات الانشطار المصوبGun-type Fission Weapon، قنابل الانشطار ذات الانضغاط الداخلي Implosion Method.

انتشار التسلح النووي في العالم

في الوقت الحاضر، أعلنت 5 دول أنها تمتلك أسلحة نووية، وقامت بتوقيع معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. وهذه الدول هي: الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة والصين. فيما أعلنت كل من باكستان والهند امتلاكهما لأسلحة نووية من دون أن توقعا على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. كما أعلنت حديثا كوريا الشمالية عن امتلاكها لأسلحة نووية لكنها لم تقدم أدلة ملموسة بشأن إجراء اختبار لقنبلتها النووية، ويحيط الكثير من الغموض بالملف النووي الكوري. وعلى النقيض من كوريا الشمالية كانت جنوب إفريقيا تمتلك في السابق ترسانة نووية لكنها قررت تدميرها. هناك شكوك كبيرة في امتلاك «إسرائيل» لأسلحة نووية، غير أن الحكومات الإسرائيلية لم تعلن أو تنكر رسميا امتلاكها لأسلحة نووية حتى الآن.

«إسرائيل» ... لديها مفاعل نووي يسمى مفاعل «ديمونة» وتصر على أنها تستعمله لأغراض سلمية. ولكن في العام 1986 كشف مردخاي فعنونو أحد العلماء الإسرائيليين معلومات عن مفاعل ديمونة. وهناك اعتقاد سائد بأنها قد قامت في العام 1979 بإجراء تفجير اختباري دون أن تتوافر الأدلة لإثبات هذه المزاعم.

جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، انسحبت من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية في 10 يناير/ كانون الثاني 2003، وفي فبراير/ شباط 2005 أعلنت عن امتلاكها لأسلحة نووية فعالة، لكن انعدام الاختبار التجريبي أثار الشكوك بشأن هذه المزاعم.

دول كانت تمتلك أسلحة نووية في السابق:

أوكرانيا، ورثت 5000 سلاح نووي من الاتحاد السوفيتي ولكنها تخلت عنها العام 1996 ونقلت إلى روسيا.

بيلاروسيا ورثت 81 رأسا نوويا من الاتحاد السوفيتي ولكنها تخلت عنها العام 1996 ونُقلت إلى روسيا.

كازاخستان، ورثت 1400 رأس نووي من الاتحاد السوفيتي ولكنها تخلت عنها العام 1995 ونُقلت إلى روسيا.

جنوب إفريقيا، أنتجت 6 قنابل نووية في الثمانينات ولكنها تخلت عنها وقامت بتدميرها في التسعينات.

دول قادرة على بناء ترسانة نووية

يُعتقد أن الدول المذكورة أدناه قادرة على بناء قنبلة نووية خلال سنوات في حال اتخاذ حكوماتها قرارات بهذا الشأن، علما بأن كل هذه الدول قد وقعت على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية:

كندا، اليابان، إيطاليا، ليتوانيا، هولندا، المملكة العربية السعودية. وكل هذه الدول باستثناء السعودية لديها مفاعلات نووية تستعمل لأغراض مدنية. وُضِعَت السعودية في هذه القائمة بسبب دعايات بشأن تزويد باكستان للسعودية بعدد من القنابل النووية.

أنظمة إطلاق الصواريخ النووية

أنظمة إطلاق الصواريخ النووية هي مجموعة من النظم المستعملة لوضع القنبلة النووية في المكان المراد انفجاره أو بالقرب من الهدف الرئيسي، وهناك مجموعة من الوسائل لتحقيق هذا الغرض منها:

القنابل الموجهة بتأثير الجاذبية الأرضية وتُعتبر هذه الوسيلة من أقدم الوسائل التي اُستُعمِلَت في تاريخ الأسلحة النووية، وهي الوسيلة التي اُستُعمِلَت في إسقاط القنابل ذات الإنشطار المصوب على مدينة هيروشيما وقنابل الإنشطار ذات الانضغاط الداخلي التي أُلقِيَت على مدينة ناكاساكي إذ كانت هذه القنابل مصممة لتقوم طائرات بإسقاطها على الأهداف المطلوبة أو بالقرب منها.

الصواريخ الموجهة ذات الرؤوس النووية وهي عبارة عن صواريخ تتبع مسارا محددا لا يمكن الخروج عنه. و تطلق هذه الصواريخ عادة بسرعة يتراوح مقدارها بين 1.1 كم في الثانية إلى 1.3 كم في الثانية وتقسم هذه الصواريخ بصورة عامة إلى صواريخ قصيرة المدى ويصل مداها إلى أقل من 1000 كم ومنها على سبيل المثال صواريخ V-2 الألمانية، وصواريخ سكود السوفيتية، وصواريخ SS-21 الروسية. وهناك أيضا صواريخ متوسطة المدى يصل مداها الى 2500 - 3500 كم.

الصواريخ العابرة للقارات والتي يصل مداها إلى أكثر من 3500 كم. وتستعمل عادة الصواريخ المتوسطة المدى والعابرة للقارات في تحميل الرؤوس النووية؛ بينما تستعمل الصواريخ القصيرة المدى لأغراض هجومية في المعارك التقليدية. منذ السبعينات شهد تصنيع الصواريخ الموجهة تطورا كبيرا من ناحية الدقة في اصابة أهدافها.

صواريخ كروز، وتُسمى أيضا صواريخ توما هوك، تعتبر هذه الصواريخ موجهة وتستعمل أداة إطلاق نفاثة تُمَكِنُ الصاروخ من الطيران لمسافات بعيدة تُقَدَرُ بآلاف الكيلومترات. ومنذ العام 2001 تم التركيز على استعمال هذا النوع من الصواريخ من قبل القوات البحرية الأميركية وتكلف تصنيع كل صاروخ مايقارب مليوني دولار. و تشتمل هذه النوعية من الصواريخ - بدورها - على نوعين؛ نوع قادر على حمل رؤوس نووية، وآخر يحمل فقط رؤوسا حربية تقليدية.

الصواريخ ذات الرؤوس النووية الموجهة من الغواصات في سبتمبر/ أيلول 1955 نجح الاتحاد السوفيتي في إطلاق هذه الصواريخ، وشكلت انعطافة مهمة في مسار الحرب الباردة. تمكنت الولايات المتحدة بعد سنوات كثيرة من تصنيع صواريخ مشابهة.

أنظمة إطلاق أخرى وتشمل استعمال القذائف الدفعية والألغام وقذائف الهاون. وتعتبر هذه الأنواع من أنظمة الاطلاق أصغر الأنظمة حجما، ويُمكِن تحريكها واستعمالها بسهولة. ومن أشهرها قذائف الهاون الأميركية المسماة Davy Crockett، والتي صُمِمَت في الخمسينات وتم تزويد ألمانيا الغربية بها إبان الحرب الباردة وكانت تحتوي على رأس نووي بقوة 20 طنا من مادة (تي إن تي). وتم اختبارها في العام 1962 في صحراء نيفادا في الولايات المتحدة.

معاهدات عدم انتشار الأسلحة النووية

برزت منذ الخمسينات أصوات مناهضة لعمليات الاختبار والتسلح النووي، إذ أُجريت منذ 16 يونيو 1945 وحتى 31 ديسمبر 1953 أكثر من خمسين انفجارا نوويا تجريبيا، مما حدا بالكثير من الشخصيات العالمية إلى التعبير عن رفضها لهذه الأفعال، ومن أبرزها جواهر لال نهرو رئيس وزراء الهند آنذاك والذي دعا إلى التخلي عن إجراء أية اختبارات نووية، دون أن تلقى دعواته آذانا صاغية من القوى العظمى آنذاك بسبب انهماكها في تفاصيل الحرب الباردة. بدأت أولى المحاولات للحد من الأسلحة النووية في العام 1963؛ إذ وقعت 135 دولة على اتفاق سُميت معاهدة الحد الجزئي من الاختبارات النووية وقامت الأمم المتحدة بالإشراف على هذه المعاهدة؛ علما بأن الصين وفرنسا لم توقعا على هذه المعاهدة وكانتا من الدول ذات الكفاءة النووية. في العام 1968 تم التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، ولكن باكستان والهند وهما دولتان تملكان الأسلحة النووية لم توقعا على هذه المعاهدة، وانسحبت كوريا الشمالية منها في العام 2003.

في 10 سبتمبر 1996 فُتِحَت مُعاهدة جديدة للتوقيع سَميت معاهدة الحد الكلي من إجراء الاختبارات النووية وفيها مُنِع إجراء أي تفجير للقنابل النووية؛ حتى لأغراض سلمية. تم التوقيع على هذه المعاهدة من قبل 71 دولة حتى الآن.

لكن لغرض تحويل هذه المعاهدة الى قرار عملي،فإنه يجب أن يصدق عليه من قبل 44 دولة. لم توقع الهند وباكستان وكوريا الشمالية، وقامت دول أخرى بالتوقيع ولكنها لم تتخذ قرارا بالتصديق على المعاهدة؛ وهذه الدول هي الصين وكولومبيا ومصر وإيران و «إسرائيل» والولايات المتحدة وإندونيسيا وفيتنام. ولا يتوقع أن تقوم اي من هذه الدول بالتصديق على المعاهدة في المستقبل القريب ،إذ تشهد معظم هذه المناطق توترا سياسيا يحول دون التصديق على هذه المعاهدة.

العدد 1612 - السبت 03 فبراير 2007م الموافق 15 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً