العدد 1632 - الجمعة 23 فبراير 2007م الموافق 05 صفر 1428هـ

مواطنون: «الذئبة» تفترسنا... من ينقذنا من مخالبها؟

«لا أنام، أبات مسهدا تقض مضجعي آلام مبرحة، أبكي لأني لا أستطيع استعمال يديّ، تقرحات مؤلمة في أصابع يدي وقدمي المتورمة لا تلبث القروح أن تتقيح، بدأ الماء يؤذيني، وهل يستغني أحدنا عن الماء؟، ألبس أكياس البلاستيك والقفازات لتغطية قدمي ورجلي عندما أريد الاستحمام حتى لا يصل الماء إلى القروح الموجودة فيهما، وباقي القروح المنتشرة في جسدي، كيف أغطيها؟ وبأيها أبدأ؟ لا أدري، بدأت أتيمم بدلا من الوضوء للصلاة منذ ما يقارب الشهر حتى لا تنفجر الأكياس البيضاء في أطراف أصابعي وتسيل منها إفرازات منفرة الرائحة، فما ظنك بفرد تهاجم خلايا جسمه بعضها بعضا لتقوضها إلى أن تقضي عليه؟، وينتشر في كل فترة في عضو من أعضائه حتى يصيب وظائفه بالعطب؟، وما يحز في نفسي كثيرا هو قعودي عن العمل لعام كامل بسبب عدم قدرتي على أدائه مما ألم بي».

هو والمرض

«ثماني سنوات وأنا أعاني منه، تلقيت علاجي في البداية بمجمع السلمانية الطبي إلا أنني لم أستمر ؛لأنني لم أجد تحسنا ملموسا في صحتي، وبعد أن أنهكني المرض وأعيتني الحيلة جمعت ما لديّ من مال - وماذا يملك المواطن البسيط؟ - وبدأت رحلة العلاج في أحد المستشفيات الخاصة في المملكة، كما ضغطت على نفسي وأسرتي للوصول إلى أحد المستشفيات السعودية علني أجد تحسنا وعلاجا أنجع، نفدت أموالي، يساعدني الصندوق الخيري في منطقتي بالتكفل ببعض مصاريف المستشفى الخاص هنا في البحرين ولكن لا تغطي المساعدة كل متطلبات العلاج، فقد طلب مني الطبيب قبل فترة إجراء أشعة خاصة على الصدر ؛لأنه يشك في وجود تليف في الصدر من مضاعفات المرض إلا أنني لم أتمكن من إجرائها لكلفتها الباهظة».

ما الحل؟

«ينشط المرض في جسمي أكثر وأكثر، وصلت إلى مرحلة انسداد شرايين رجلي وأملي أن أتلقى العلاج في الخارج لضخ الدم في الشرايين مجددا وقد استفاد أحد الأصدقاء، وهو مصاب بالمرض نفسه وتعرض للمضاعفات ذاتها عندما توجه إلى العلاج في ألمانيا واستطاع بعد عودته من الرجوع إلى عمله، استنفدت جميع إجازاتي المرضية وأنا اليوم أعيش بلا مصدر رزق، فمنذ ثلاثة أشهر وأنا في إجازة من دون راتب وهي مرشحة للتمديد بسبب استمرار التدهور في صحتي، يساعدني على قسوة الحياة والدي وإخوتي، ولكن إلى متى؟ أخجل منهم كثيرا ؛لأن لكل منهم ظروفه والتزاماته، ولكن ما باليد حيلة».

هي والمرض

أما المرأة... فتعاني كما يعاني الرجل من هذا المرض ولكنها معاناة من نوع مختلف وها هي تحكيها: «تلازمني الحُمى وأشعر بتعب في كل أجزاء جسمي حتى لا أتمكن من تحريك يدي ورجلي، آلام مبرحة في مفاصلي، لا أقوى على النهوض إلا بمساعدة، أطرافي متورمة، وأكياس بيضاء على أصابعي تتحوّل إلى قروح مؤلمة لا تبرأ بسرعة، حائرة... ماذا بي؟».

«ساهمة بعيدا، تتزاحم الأفكار عليَّ في ضوضاء غريبة ما عهدتها، على رغم الهدوء المخيّم في بيتي ومدينتي، أكاد أصاب بالدوار وأقع على الأرض، أمسك بكرسي قريب لأتمالك نفسي وأحتفظ برباطة جأشي، وأجلس بين أطفالي، أضحك معهم لأخفي حزني وقلقي».

جواب اللغز

«ثلاثة أشهر مضت تنقلت فيها بين المراكز الصحية لأعرف جوابا لهذا اللغز المحيّر لأضع حداّ للآلام والمعاناة، ولكن بلا نتيجة، صرفت الكثير من المال في فترة بسيطة متجولة بين العيادات والمستشفيات الخاصة حتى حار فيََّ الأطباء ولكل منهم رأي مختلف، حيرتهم أقلقتني أكثر، وتزداد الحيرة والقلق أكثر وأكثر عندما أكون وسط أطفالي إذ لا أتمكن من تلبية طلباتهم والعناية بهم أوأداء أي من أعمال المنزل، أشعر بالعجز والوهن الجسدي فضلا عن التعب النفسي الذي يصعب تجاهله، ووسط كل هذه المعاناة وفي رحلة البحث عن الحقيقة المرة صرخت بأعلى صوتي في أحد المستشفيات:»أخبروني بحق السماء ماذا بي؟»، وأجهشتُ بالبكاء».

مضاعفات ومعاناة

«أصبت بهذا المرض قبل 3 أعوام ونصف العام، شخَص مرضي طبيب بأحد المستشفيات الخاصة، وبدأت العلاج فعليا وأتبع إرشاداته، وبعد أن واظبت على العلاج استقرت حالتي ولكن بعد مدة من الزمن حملت بطفلتي الأخيرة فنشط المرض في جسمي واضطر الطبيب إلى أن يصف لي أدوية أكثر، وبعض الأدوية التي كنت أستعملها قبل حملي زادت جرعتها بعد الحمل نتيجة لنشاط المرض، وبعد ولادتي زادت جرعة أحد الأدوية أيضا ما أثر على ضغط دمي، كما أنني لم أتمكن من رضاعة طفلتي بسبب استمرار ارتفاع درجة حرارتي، وعمل لي الطبيب تحاليل لمعرفة ما إذا كنت أعاني من هشاشة العظام واتضح من التحليل أن لدي نسبة من الهشاشة وأضاف الطبيب «الكالسيوم» إلى قائمة الأدوية التي أتناولها».

غير عادي؟!

«على رغم الكلفة العالية بالنسبة إلى أسرة متوسطة الدخل - كما هم غالبية المواطنين - فإنني ارتأيت مواصلة العلاج في المستشفى الخاص لأطمئن على صحتي، فالمرض - غير عادي - ليس لأجلي فقط ولكن لأجل أطفالي الذين هم أغلى ما عندي في هذه الحياة، إلى أن بدأ العلاج يحتاج إلى مال أكثر فبعض الأدوية باهظة الثمن، كما أن التحاليل الطبية التي ينصح الطبيب بإجرائها حوالي كل شهرين باهظة أيضا، وهي ضرورية ؛لأن الأدوية التي أستعملها ضمن خطة العلاج يسبب بعضها أمراضا في الكبد ويؤثر على وظائفها بالإضافة إلى آثار جانبية أخرى، بدأ الصندوق الخيري في منطقتي يتكفل بمصاريف علاجي في المستشفى الخاص، إلا أنني أضطر إلى شراء بعض الأدوية المكلفة على حسابي لأنها كثيرا ما تنفذ قبل أن يأتي موعدي التالي، إحدى قريباتي تعاني من المرض أيضا منذ سنوات، وتتلقى علاجها في مجمع السلمانية الطبي، ولكن بعد مدة من علاجها أصيبت بمرض في الكبد نتيجة مضاعفات أحد الأدوية، كما أن التحاليل الدورية التي يحتاج إليها المصابون به يتطلب إجراؤها وقتا في السلمانية».

ما هو؟

كلمات لا تحكي مأساته كما هي، ومأساتها كما هي أيضا، ولكنها تعبر بشيء بسيط عما يتبادر إلى ذهنه، وذهنها من مشاعر فيها الكثير من الأوجاع، والهموم والليالي التي لا يغمض فيها جفن بسبب الألم، فإذا هدأ ألم الجسم للحظة بدأ ألم الروح في الإيلام، إيلام روح رجل شريف مكافح يكسر الصخور العظيمة التي تعترضه بمعوله الصغير، وروح امرأة مخلصة تؤدي واجباتها ومسئوليتها بالتزام ومحبة لا تعرف لليأس طريقا، روحان قويتان إزاء الغد المجهول في قبالة مرض تشتد شراسته يوما بعد يوم، إنه مرض»الذئبة الحمراء».

لا إحصاءات عن «الذئبة الحمراء» في البحرين

إلى ذلك، سألت «الوسط» اختصاصية الحاسوب الأولى في إدارة المعلومات الصحية بوزارة الصحة أمل العريض عن عدد المصابين بمرض الذئبة الحمراء (LUPUS ERYTHEMATOSIS SYSTEM) في البحرين في العام الماضي، فأجابت «نحن نسجل عدد المرضى المدخلين فقط للسلمانية ولا نسجل أعداد المرضى المترددين ومواعيدهم، وسجلنا في العام 2005 مريضا واحدا فقط بالذئبة الحمراء؛ لأنه أدخل إلى السلمانية لتلقي العلاج بسبب إصابته بمضاعفات خطيرة، ولكن هناك حالات أخرى مثلما ذكرت تراجع السلمانية لتلقي العلاج».

خليفة: «الذئبة الحمراء»تؤثر على جهاز مناعة الجسم

صرحت رئيسة قسم الأمراض الجلدية بمجمع السلمانية الطبي ورئيسة رابطة أطباء الجلد البحرينية نضال خليفة بأن الذئبة الحمراء من الأمراض التي لها علاقة بجهاز المناعة ويحتاج المريض أن يعالج على يد أطباء من مختلف التخصصات مثل: الكلى والروماتيزم والأمراض العصبية والجلدية والباطنية وغيرها بسبب تنوع أعراض المرض وشدته وانتشاره في الجسم وضرورة تكامل العلاج علما بأنه لا يوجد شفاء نهائي من المرض.

وأضافت «أعراض المرض كثيرة من أبرزها الأعراض التي تصيب الجلد والتي منها التحسس من الشمس واحمرار في بشرة الوجه وخصوصا الخدين والأنف، كما يعاني المرضى من تساقط الشعر وتقرحات في الجلد والفم، نهتم بفحص المريض جيدا ؛لأن أي عرض يمكن أن يكون مؤشرا لبداية المرض، ولا يوجد سبب واحد محدد للإصابة بالمرض، هي مجموعة أسباب تكمل بعضها بعضا وعند الإصابة بالمرض تتكون في الجسم أجسام مضادة تهاجم الخلايا الطبيعية في الجسم وتظهر على شكل أعراض».

وأوضحت خليفة «هناك أنواع كثيرة للمرض ويوصف العلاج بحسب نوع المرض، ففي النوع الأول يصيب المرض الجلد فقط ويؤدي إلى حدوث تقرحات أو ندوب واضحة تترك آثارا على البشرة وترى على المناطق المعرضة للشمس خصوصا، وتسبب تساقط الشعر حتى إن بعض المناطق تكون خالية من الشعر، ويعاني المريض فيه أيضا من الحساسية من الشمس، أما النوع الثاني فهو يسمى (الجهازي) وهو يؤثر على وظائف الكلية والدماغ ويؤدي إلى التهابات المفاصل وتقرحات في الفم، وهناك أيضا أنواع أخرى أقل شيوعا»، وأشارت إلى أن المرض يصيب النساء أكثر من الرجال ولكن لا يعني ذلك أن الرجال لا يصابون به.

وواصلت استشارية الأمراض الجلدية «نتبع إرشادات عالمية لعلاج المرضى، كما أن متابعة المرضى العلاج والاستمرار فيه تؤدي إلى التحسن في العلاج، وهناك مرضى يتركون العلاج بسبب فقدان الأمل أحيانا والملل ما يؤثر على سير علاجهم، أما الحالات المتقدمة جدا من المرض فلا يفيد معها العلاج كثيرا، والعلاجات المستخدمة للمرض بعضها موضعية مثل: المستخدمة لعلاج الالتهابات، ويستعمل الكورتيزون أيضا لذلك، وهناك علاجات بالأدوية المثبطة لجهاز المناعة تعمل على تقليل تكوين الأجسام المضادة في الجسم وبالتالي مساعدة المرضى في تخفيف أعراض المرض».

وبسؤالها: على رغم ما يقال عن أن مرض الذئبة الحمراء نادر ؛فإننا نلاحظ وجود حالات كثيرة في المجتمع، استمعنا وسمعنا عما يقارب 5 حالات وهناك المزيد في قوائم السلمانية والمستشفيات الخاصة؟، أجابت «الذئبة الحمراء ليس مرضَا نادرا لدرجة الندرة، ولكن هناك حالات ترى بصورة دورية سواء حالات جديدة أوقديمة ولكن لا توجد لدينا إحصاءات دقيقة عن المرض، ولكن ما أريد أن أوجه إليه المرضى هو أن حياة الإنسان لا تتوقف وفي الدول الغربية المصابات من النساء بالمرض يعيشن حياة طبيعية وينجبن أطفالا، لا بد أن يكون الأمل بالله موجودا».

وعن تلقي بعض المرضى العلاج في المستشفيات الخاصة بسبب تأخر إجراء التحاليل أحيانا في السلمانية - بحسب ما ذكرته إحدى المريضات - أوضحت خليفة «العلاج لهذا المرض خارج السلمانية مكلف، أعرف أن المرضى يتذمرون أحيانا من الضغط على العيادات الخارجية وهو أمر قد ينفر المريض عن المجيء والمتابعة، إلا أن متابعة المرضى مهمة للاطمئنان على صحتهم العامة وخصوصا أن المرضى يحتاجون إلى تحليلات دورية ؛لأن العلاجات تسبب آثارا جانبية، يحتاج الطبيب إلى أن يتأكد من سلامة وظائف الكبد والكلية».

العدد 1632 - الجمعة 23 فبراير 2007م الموافق 05 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً