العدد 170 - السبت 22 فبراير 2003م الموافق 20 ذي الحجة 1423هـ

مضى العام... طويت القضية ولم يطوَ جاسم

طلاسم تنتظرمن يفك رموز الأحجية؟

كتب المعارض السابق عبدالنبي العكري حديثا في مقال عنونه بـ «كيف يمكننا إنصاف ضحايا التعذيب وكيف يمكننا منع التعذيب» من لقائه بين الحين والحين بأشخاص يحملون عاهاتهم وآلامهم جراء التعذيب الذي تعرضوا له في الزنزانات المظلمة خلال الحقبة الماضية، عارضا حكاية «جاسم» في رأس مقاله.

فلا يزال ملف قضية المواطن جاسم أحمد سلمان ـ الذي تعرض للاعتداء على يد سبعة من المجهولين منذ سبعة شهور ماضية ـ مفتوحا لم يتسن إغلاقه في ظل استمرار غموض الظروف التي صيغت بها الواقعة، وانعدام الدلائل التي تدين الفاعلين.

ففي 28 مايو/أيار الماضي اختطف جاسم من قريته (سلماباد) الواقعة جنوب المنامة وهو في طريقه إلى عمله، وبعد ساعتين وجد على حافة الطريق وهو مخضب بالدماء، منهوك القوى، تنتشر الكدمات والرضوض على مناطق متفرقة من جسمه.

كيف؟ ولماذا؟ ومن؟ وأسئلة أخرى كثيرة تظل تبحث عن إجابة ولا تجدها. هذا الحادث لم يتكرر في فترة ما بعد إلغاء قانون تدابير أمن الدولة، إلا في حدود ضيقة، ولكنه يسجل علامات استفهام حائرة تسأل ـ أول ما تسأل ـ عن الدوافع التي حركت هؤلاء المجهولين ودفعتهم إلى فعلة من النوع اللا إنساني.

فجاسم لا يزال يعاني من آثار نفسية جراء تعرضه للإهانة والضرب المبرح، شفي من الكدمات والجروح التي غطت جسمه النحيل، ولكنه يصر ـ بعد مضي أكثر من سبعة شهور على تعرضه للاعتداء ـ على أن يعرف السبب الحقيقي الذي قاد بملابسات الحادث إلى هذه الزاوية المحيرة.

وهو يعتقد أن الفاعلين السبعة ينتمون إلى أحد أجهزة الأمن، إذ يقول: «أحاطوا بي في وضح النهار وبوجوه مكشوفة، أغمضوا عيني وكبلوني ثم أخذوني عبر الطريق السريع إلى أن وصلوا إلى مبنى أرجح انه مبني التحقيقات(...) وهناك انهالوا عليّ بالضرب وهم يستجوبوني عن الاشتباك مع رجال البحرية الأميركية».

ويزيد: «أعرفهم تماما، أذكر أني رأيت بعضهم في التظاهرات والمسيرات التي نظمت أمام السفارة الأميركية لمناهضة العدو الإسرائيلي (...) وبعد ساعتين من الضرب المتواصل، رموني قرب القرية، وأنا منهك تماما ولا أستطيع الحركة».

الطبيب علي العكري كتب في تقرير طبي أصدره بعد الواقعة: «إن الإصابات والكدمات طرية جدا ويستحيل أن تكون ناتجة عن حادث، إنما هي نتيجة ضرب مستمر بالعصا، هناك آثار ضرب مبرح على الوجه والقدمين وكلتا الإليتين. وهناك أيضا كدمات ورضوض في عدد من عضلات الجسم».

يؤكد جاسم أن إجراءات التحقيق في حادث الاعتداء كانت أشد وأقسى من الاعتداء عينه، فيقول: «بعدما نقلني الأصدقاء إلى مركز مدينة عيسى الصحي إذ شاهدني هناك مجموعة من الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان، أدانوا ما فعله رجال الاستخبارات، ذهبت بعدها لتقديم شكوى ضد الفاعلين، ولكن المحققين لم يستحضروهم للتحقيق، وكأن لديهم حصانة تحول من دون استجوابهم».

ويضيف: «بعد الحادث ولمدة أسابيع متتالية، وأنا استدعى بشكل شبه يومي للتحقيق وكأنني ارتكبت جرما، وكل ما يحرص عليه المحققون هو التشكيك فيما أقول وتكرار أنني لا أملك الدلائل التي تدين الفاعلين (...) راجعت الديوان الملكي والادعاء العام وعبارة انك لا تملك الدليل كانت تتكرر في كل المواقع».

ويقول: «هناك من المحققين من يحاول أن يجر الموضوع إلى وجهة أخرى، ويربط اسمي بقضايا المخدرات، فقد تكرر هذا التلميح أمام كل من نبيل رجب وعبدالهادي الخواجة، الناشطين في مجال حقوق الإنسان اللذين توليا الدفاع عن قضيتي من الجانب الحقوقي الإنساني».

ويسأل: «لماذا لم يتم استدعاء المشتبه بهم والتحقيق معهم؟ هل لأنهم ينتمون إلى أحد أجهزة الاستخبارات؟ وهل لهؤلاء حصانة خاصة تجعلهم فوق التحقيق والسؤال؟ وهل هناك قضايا إجرامية يتهمونني بها؟ فكلما سألت عنهم قالوا إنهم في إجازة ويجب أن انتظر حتى تنتهي إجازتهم، فهل المقصود من ذلك أن أنسى ما تعرضت إليه من اعتداء وكأنه لم يكن».

السيد عقيل الساري الموسوي تولى متابعة القضية مع وكيل وزارة الداخلية الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة، للوقوف على مستجدات التحقيق، لكنه لم يحصل على ردود نهائية بشأن ما حدث. يقول الموسوي: «من المعروف أن الشكوى عندما تقدم ضد أحد المواطنين، عسكريا كان أو مدنيا، فإنه يحضر للاستجواب، لكنه على ما يبدو لا توجد سلطة تستطيع استدعاء رجل أمن اعتدى على مواطن من دون جرم ارتكبه، فجاسم لا يزال يعاني من الأضرار النفسية والناس نست القضية بسبب المماطلة في النظر فيها».

«الوسط»نقلت بدورها أقوال المواطن جاسم إلى وزارة الداخلية بهدف الحصول على الرأي الرسمي في القضية، وحصلت على نفي مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام الأمني العقيد عبدالرحمن الغتم أن تكون هناك أية صلة لرجال الأمن بما حدث للمواطن جاسم.

وقال الغتم: «إنه بعد الاتصالات مع الجهات المختصة ومراجعتها في الموضوع، تبين أنه ليس لرجال الأمن أية علاقة بالحادث المزعوم». وأضاف: «أجرت الجهات المختصة تحرياتها عن الحادث للتأكد مما نسبه الشخص المعني لرجال الأمن، والتحقق من صحة ما يدعي وطلب منه تقديم الدليل لإثبات ما يقول، ولكنه عجز عن تقديم دليل يوفر مستمسكا يمكن الوصول منه إلى الفاعلين الحقيقيين». وعلى ما يبدو أن حكاية جاسم ستكرر بصيغة أو بأخرى، خصوصا وأن الملابسات ذاتها تكررت مع قريبه علي محمد خاتم قبل شهور قليلة، يقول جاسم: «يروي لنا علي أن مجهولين هاجموه وأخذوه إلى ساحل الحوض الجاف ليعتدوا عليه بالضرب والشتم من دون سبب واضح، ثم تركوه في صندوق سيارته».

يقول الموسوي: «يبدو أن الحال النفسية لعلي بعد ما تعرض للضرب جعلته مرعوبا وخائفا من التصريح، وهذا لا يمنع أن نوصل قضيته وأن نشجب بشدة هذه الممارسات اللا إنسانية، للحد من تكرارها في ظل سيادة دولة القانون».

لقضية المواطن جاسم ـ التي لا تزال عالقة في أذهان البعض ـ تظاهر قرابة 200 شخص أمام مبنى وزارة الداخلية احتجاجا على ما تعرض له من اعتداء وضرب، ولكن قضية جاسم والقضايا التي تأتي على الشاكلة ذاتها، تنتظر تدخلا رسميا يحسم كل الأقاويل وخصوصا، بعدما وعد المسئولون بتشكيل لجنة للتحقيق في الحادث بعد الواقعة مباشرة، ولا يزال المتعاطون مع القضية ـ وعلى رأس هم المتضرر ذاته ـ بانتظار الرد.


لجنة أهلية تتهم جهة رسمية بإساءة معاملة معتقل والجهة الرسمية تنفي

الوسط- حسين خلف

اتهمت اللجنة الأهلية للشهداء وضحايا التعذيب جهاز الأمن الوطني بإساءة معاملة أحد معتقلي شارع المعارض وحددت اللجنة اسم المعتقل وهو «ع. ع» من سكنة المنامة، وبأن المعتقل حقق معه في قضية لا تمت لحوادث شارع المعارض بأية صلة.

من جهته فقد نفى الضابط الإداري بجهاز الأمن الوطني في اتصال لـ «الوسط» معه هذه التهمة مؤكدا أن جهاز الأمن الوطني ليس له علاقة بالمعتقلين في حوادث ليلة رأس السنة. وقال عضو اللجنة عبد الرؤوف الشايب: «إن الموقوف ذاته لم يعتقل في ليلة رأس السنة، لكنه شوهد في الصور التي نشرت لحوادث رأس السنة وهو يقف بجانب أحد الهواتف العمومية التي تم تكسيرها».

وتابع «لقد عرفت من خلال متابعتي مع الأهالي أنه تم قبل عدة أيام استدعاء ع. ع من مكان توقيفه بمركز النعيم إلى جهاز الأمن الوطني بالمنامة وحققوا معه بشأن قضية لا علاقة لها بحوادث شارع المعارض... سألوه عن مسيرة خرجت قبل عدة أشهر من مسجد رأس الرمان لتندد بالفساد الأخلاقي، واتهموه بالمشاركة في هذه المسيرة وطلبوا منه الاعتراف على شخصيتين كانتا مشاركتين في هذه المسيرة باعتبارهما محرضتين على المسيرة ذاتها، وأساء المحققون معاملته نفسيا وجسديا».

وأكد الشايب أن المتهم هدد بأنه «إن لم يعترف فسيتم تثبيت قضية أكبر ضده، وبأنهم سيعاودون التحقيق معه بعد أيام، والمتهم الآن يعيش حالا نفسية سيئة بسبب ما تعرض له».

وأضاف «نناشد القيادة السياسية العمل على إيقاف الانتهاكات المستمرة، وخصوصا أن المسيرات والاعتصامات ليست تهمة ما دامت سلمية الطابع. والملاحظ أن محاولة الضغط على هذا الشاب للاعتراف على هاتين الشخصيتين تدل على أن هناك محاولة لإمالة حوادث ليلة رأس السنة إلى اتجاه سياسي».

من جانبه نفى الضابط الإداري بجهاز الأمن الوطني، مشتاق هذه التهمة وقال في اتصال لـ «الوسط» معه: «نحن لم نستدع هذا الشخص وليست لنا صلة بمعتقلي المعارض».

وعلى صعيد متصل، عبر احد أهالي المعتقلين في حوادث شارع المعارض عن «استيائهم الشديد من تكرار تجديد توقيف أبنائهم وعدم قبول الادعاء العام إطلاق سراح المعتقلين بكفالة على ذمة التحقيق». وقال سيد رضي حسن «كل يوم يتم تأخير إخواننا في السجن بعذر جديد فلماذا هذا التأخير؟ فبقاء هؤلاء الصغار في السجن لمدة طويلة يضر بأخلاقهم ونفسياتهم». وأردف «إن الأمر أعطي أكبر من حجمه»

العدد 170 - السبت 22 فبراير 2003م الموافق 20 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً