العدد 1703 - السبت 05 مايو 2007م الموافق 17 ربيع الثاني 1428هـ

الضغوط الدولية تعرقل تطبيق بنود اتفاق سلام دارفور

الحرب تبدأ بقرار وتنتهي بقرار وبين الأول والثاني تزهق أرواح وتدمر ممتلكات، وإذا جلس الناس على تل المرارات لن تصل إلى حلول تعوض الناس ما فقدوا ناهيك أن تعاد إليهم البسمة والحياة الكريمة. هذا ما أفصح عنه وزير الدولة السوداني برئاسة مجلس الوزراء البروفيسور عبدالرحمن موسى أبكر، وما يعطي هذه الكلمات الصادقة زخما كونها تصدر من لسان شخص عمل مستشارا لزعيم حركة تحرير السودان عبدالواحد محمد نور، ولكنه رفض خيار الحرب وركن للسلام فكان من الموقعين على اتفاق سلام أبوجا الذي نأمل أن يكون مقدمة لوضع حد للحرب في إقليم دارفور بغرب السودان وخصوصا إذا انضم إليه في الشهور المقبلة، التي تسبق نهاية الفترة الانتقالية الراهنة، جناح عبدالواحد وبقية الحركات الرافضة للاتفاق والتي لا تزال ترفع السلاح في وجه حكومة الخرطوم.

السفير السوداني لدى مملكة البحرين بشرى الشيخ أتاح للصحافة البحرينية فرصة لقاء الوزير السوداني ليوضح حقيقة الأوضاع الراهنة في درافور وخصوصا أنه يمثل «منزلة بين منزلتين» إذ كان مع المحاربين ثم صار من المنحازين إلى السلام كما سبق وقلنا، كما أنه يعمل حاليا على ترسيخ الاتفاق وتنزيل بنوده على الأرض من أجل خير من كان يقاتل من أجلهم بالبندقية ثم صار يمسك بالورد والرياحين ليزيل عنهم جروح الحرب وويلاتها.

وكشف موسى أن الحركات التي بدأت العمل المسلح في دارفور العام 2000 استعانت بالمثقفين في الخارج من أبناء المنطقة لمساندتهم. وأوضح أنه عمل مستشارا سياسيا لعبدالواحد ثم شارك في مفاوضات السلام في يوليو/ تموز العام 2005 بوصفه كبير مفاوضي حركة تحرير السودان. وصار بموجب اتفاق ابوجا يشغل منصبا دستوريا في الحكومة الاتحادية.

أبان الوزير في اللقاء الذي جمعه مع الصحافيين في مقر السفارة السودانية في العدلية أن الوضع في دارفور ليس بالسوء الذي تصوره وسائل الإعلام الأجنبية، وقال إن البعض يظن أن اتفاق السلام يحتضر، لكن كل ما في الأمر أنه في بدايته وأن الحكومة تأخرت في تنفيذ بعض بنوده أملا في مشاركة بقية الحركات التي لم توقع الاتفاق.

وقال إن الاتفاق يشمل ثلاثة ملفات هي: ملف السلطة، ملف الثروة، ملف الترتيبات الأمنية. وذكر أن الملف الأخير هو الأكثر تنفيذا والبلاد تمر حاليا بمرحلة تجميع قوات الحركات وتصنيفها توطئة لدمجها في القوات النظامية.

وأضاف أن الحكومة تواجه حملة في هذا الجانب وبدلا من أن تذهب مجهودات المجتمع الدولي في سبيل تدعيم جهود الدولة في هذا الإطار صارت تعمل في الاتجاه المعاكس. فالمجتمع الدولي ينوي الدفع بقوات دولية في دارفور بينما تري الحكومة أن ذلك يمس بسيادتها ونحن دعونا الخرطوم والأمم المتحدة لمزيد من الحوار لأن أي مواجهة بين القوات ستؤدي إلى تفاقم النزاع وعلميات اللجوء، ولا ندري ما سيكون الحال إذا تدخلت قوات دولية في دارفور وأطلق لها العنان.

وتابع الوزير أن الحوار أثمر وقبلت الحكومة بالحزم الثلاث من الدعم اللوجستي والفني الذي ستقدمه الأمم المتحدة إلى القوات الإفريقية العاملة في الإقليم. لكن الشيء المؤسف أن المجتمع الدولي تخلي عن مسئولية الضغط على الأطراف التي لم توقع «ابوجا» وعن دعم الجهات التي تعمل على إقناعها بالسلام.

وكشف المستشار السابق لعبدالواحد أن الذين لم يوقعوا «ابوجا» يطالبون بالمزيد من المناصب في ملف السلطة وبالمزيد من التعويضات فضلا عن نزع سلاح المليشيات «الجنجويد» وأن يكون لقواتهم دورا في ذلك. كما أن عبدالواحد يريد أن تصبح دارفور إقليما واحدا. وعبر عن اعتقاده بأن كل هذه المطالب يمكن أن تجد حلا في إطار تنفيذ آليات الاتفاق والأمر متروك في النهاية لأهل دارفور ليحددوا مستقبلها بالطريقة التي يرتضونها.

وأوضح أنه في إطار الحكم الفيدرالي المتبع تتمتع كل ولاية بسلطات الرئيس ويمكن لدارفور عقب وضع حد للحرب أن تجذب استثمارات هائلة كما فعلت بقية الولايات. وأكد أن الدولة تسعى لتطوير دارفور بحسن نية وعلى أهلها ألا يضيعوا هذه الفرصة، مؤكدا أن السلام لا يتحقق بضربة واحدة إنما بمراحل. وقال إن مواقف المجتمع الدولي متضاربة بشأن دارفور وحتى نحن الموقعين على ابوجا لم يقدم لنا شيئا ما يوضح أن أجندة بعض الدول تختلف وتتلون بحسب أمزجتها ومصالحها. وأبان أن مؤتمر أوسلو للمانحين ربط تقديم المساعدات لجنوب السودان عقب اتفاق سلام نيفاشا بتحقيق تقدم في ملف دارفور، والآن وعلى رغم توقيع سلام دارفور لم يقدموا لنا شيئا.

وأكد أن الحكومة السودانية جادة في تنفيذ بنود أبوجا لكن المجتمع الدولي يعمل حاليا على عرقلته، وقد شغلت الدولة بالمعارك الدائرة مع المجتمع الدولي ولم يتح لها المجال لتطبيق الاتفاق على الأرض.

وأوضح أن الخرطوم رصدت 100 مليون دولار لتعويض ضحايا الحرب في دارفور، وعلى الوطن العربي والمجتمع الدولي أن يساهم في هذا الجانب حتى يستطيع أهل دارفور أن يعودوا إلى حياتهم الطبيعية ويواصلوا عجلة الإنتاج.

وأقر الوزير بوجود اختلاف بين حركات التمرد في دارفور وأن العمل العسكري لم تستصحبه رؤية أيدليوجية، كما أن الصراع تحول في بعض جوانبه إلى صراع شخصي وقبلي، وغير الموقعين ليست لهم رؤية مشتركة في الوقت الراهن. وأشار إلى أن التدخل الخارجي في النزاع لم يكن إيجابيا على الإطلاق، فهناك منظمات إغاثة خلقت عداءات بين النازحين لأغراض خفية.

وأوضح الوزير موسى أن ما يحدث في دارفور لا ينفصل عن الصراع الدولي على الموارد لأن الإقليم غني بالمعادن والثروات الحيوانية والزراعية والمياه الجوفية. وأوضح أن شركة شيفرون الأميركية أول من اكتشف النفط في السودان العام 1975 لكنها باعت حقها لشركة سودانية. والآن عندما دخلت ماليزيا والصين في هذا المجال واستخرجتا النفط السوداني تتحسر الولايات المتحدة على فرصتها التي ضاعت وتسعى عن طريق العقوبات والضغوط لإخراج هذه الأطراف فيما تدعوها الخرطوم للمشاركة لأن المجال متاح ومتسع للجميع.

وفي الختام خلص الوزير والمستشار السابق لحركة التمرد إلى أن فرص السلام مواتية في دارفور وأنهم بوصفهم حركات موقعة والدولة يسيرون إلى الأمام فيما يدفعهم من هم في الخارج إلى الخلف، مؤكدا أن التحدي في دارفور هو قضية تنمية وليس قضية عرقية.

العدد 1703 - السبت 05 مايو 2007م الموافق 17 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 4:02 م

      كبير المفاوضين

      الجميع يعرف أن كبير مفاوضي حركة تحرير السودان هو عبد الجبار محمود دوسه، أما أنت فقد كنت طابوراً خامساً للحكومة وقد انخدع فيك عبد الواحد نور يوم قرّبك إليه.

اقرأ ايضاً