العدد 175 - الخميس 27 فبراير 2003م الموافق 25 ذي الحجة 1423هـ

تسارع الإجراءات الإسرائيلية لهدم المسجد الأقصى

عشية تشكيل الحكومة الجديدة

كشفت مؤسسة الأقصى في تقرير لها عن تسارع الإجراءات «الاسرائيلية» لهدم المسجد الأقصى في القدس الشريف عشية تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة ارييل شارون.

وجاء إصدار التقرير الذي وصلتنا نسخة منه، ضمن نشاطات مؤسسة الاقصى التي تهتم بالمقدسات الاسلامية في الداخل الفلسطيني (عرب 1948) وخصوصا المسجد الاقصى المبارك في القدس الشريف. وكان دخول شارون في 28/9/2000، واقتحامه للمسجد الأقصى محاطا بالآلاف من جنوده وتدنيسه لساحات المسجد، السبب الرئيسي في السقوط السريع لرئيس الحكومة وقتها - أيهود باراك، وعودة شارون إلى الساحة السياسية بقوة بعد ان الحق الهزيمة به في انتخابات 2001 وانتخابه رئيسا للحكومة التي استمرت لمدة عامين. وكان اقتحام شارون للمسجد الأقصى وتعامله مع انتفاضة الأقصى والشعب الفلسطيني من قمع وقتل وحصار وهدم للبيوت من الأسباب الرئيسية لانتصار حزب الليكود اليميني في الانتخابات الأخيرة ومضاعفة قوته من 19 إلى 38 مقعد من أصل 120 مقعدا في الكنيست، مع ملاحظة أن قوة اليمين بمجموعها تضاعفت أيضا.

ودفعت هذه الأمور وغيرها مجموعة من الحركات والتنظيمات والشخصيات اليهودية إلى استثمار نتيجة هذه الانتخابات لتحقيق هدف قديم متجدد ألا وهو هدم المسجد الأقصى وقبة الصخرة وبناء الهيكل المزعوم مكانهما.

وبعد إعلان نتيجة الانتخابات وانتصار اليمين لوحظت حملة دعائية مكثفة تدعو شارون المكلف بتركيب الحكومة الجديدة، السماح لليهود بدخول المسجد الأقصى، صاحبها نداءات من حركات يهودية تدعو إلى تفجير المسجد الأقصى وبناء الهيكل الثالث. لذلك وزعت نشرة إعلامية بملايين النسخ عبر الصحف العبرية تحمل اسم «جبل الهيكل - قلب الأمة» ظهر على غلافها الرئيسي منظر لقبة الصخرة وساحات المسجد الأقصى وحائط البراق داخل نجمة داوود السداسية باللون الذهبي والأزرق، ولهذه الألوان والتصميمات قصد من قبل الناشرين. وتضمنت هذه النشرة ست فقرات مدعومة بالصور تتحدث عن بناء الهيكل الأول والثاني وخرابهما، وأن حائط المبكى وجبل الهيكل هو قبلة اليهود في كل مكان، وعن احتلال اليهود للقدس الشرقية ودخولهم الأقصى في سنة 1967م، ومن ثم تتحدث النشرة أن اليهود ومنذ سنتين (بداية انتفاضة الأقصى) يمنعون من المكان ويقوم المصلون المسلمون بإلقاء الحجارة على المصلين في حائط المبكى، وتوجه النشرة الإعلامية في فقرتها الأخيرة نداء وطلبا فوريا بالسماح لليهود الدخول إلى جبل الهيكل - على حد قولهم - وفتح الأبواب على مصراعيها للزائرين اليهود.

وتم نشر إعلان ملون على صفحة كاملة في الصحف العبرية قريب جدا لصيغة النشرة الإعلامية المذكورة سالفا، مع إضافة جملة مهمة: «ان نداءنا هذا يأتي عشية تركيب حكومة جديدة في «إسرائيل» ونشر عشرات اللافتات الكبيرة في مداخل المدن اليهودية تحمل الصور والمضمون نفسه، وإذاعة الإعلان نفسه عشرات المرات يوميا في الإذاعة الصهيونية».

يذكر أن الإعلانات السابقة الذكر وقعت تحت اسم «مجلس قلب الأمة» من قبل شخصيات فكرية وأدبية وسياسية وعسكرية وعلمية وتجارية في «اسرائيل». ولعل هذه الحملة الدعائية المركزة حملت قناة «10 الإسرائيلية» إلى إعداد تقرير خاص ومفصل عن استعداد بعض المنظمات اليهودية لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل الثالث وعلاقة ذلك بنتيجة الانتخابات، ويعتبر هذا التقرير الصحافي وثيقة مهمة تدل على مجريات الأمور ومستقبلها.

فليتفجر المسجد!

وجاء في هذا التقرير مشهد لمهرجان «الأقصى في خطر» في أم الفحم والذي تقيمه الحركة الإسلامية في داخل البلاد سنويا، وإبراز هتافات المشتركين وهم يرددون «بالروح بالدم نفديك يا أقصى»، تبعه مباشرة مشهد لمجموعة من الشباب اليهود يغنون ويرقصون ويرددون هتاف «فليتفجر... فليتفجر ... فليتفجر المسجد» والمقصود بذلك الأقصى.

وثمة مشهد لمدير الأوقاف في المسجد الأقصى عدنان الحسيني، يطل من مكتبه على ساحات المسجد الواسعة المغروسة بالزيتون، مع تعليق الصحافي بالقول: «ملايين من اليهود على استعداد لدفع الكثير بغية الوقوف مكان الحسيني ولو ليوم واحد، فهناك الكثير من اليهود يؤمن بان في هذا المكان بالضبط كان موقع الهيكل، وأنه لابد من بناء الهيكل هنا».

واحتوى التقرير على مقابلة مع باروخ مارزل، وهو مرشح في قائمة حيروت اليمينية المتطرفة، نقصها أصوات قليلة لاجتيازها نسبة الحسم ودخول الكنيست، اذ يقول الإرهابي مارزل: «في اليوم الذي سيتفجر فيه المسجد، حينئذ سيعرف هؤلاء الذين طلب منهم إعطاء الموافقة لدخول المسجد ورفضوا، أنهم هم الذين يتحملون مسئولية تفجيره» ويضيف: «إذا استمرت جهودنا وإصرارنا على بناء الهيكل فإنه سيبنى في نهاية المطاف».

تحرير جبل الهيكل

كما احتوى على لقاء مع جدعون سلمون - رئيس حركة أمناء جبل الهيكل - يقول: «إننا ندعو اليوم شارون بالصعود إلى جبل الهيكل على رأس مجموعة مختارة من الجيش وضرب الأعداء وتحرير جبل الهيكل».

وكشف التقرير عن معرض سري يمنع الدخول إليه وتصوير محتوياته، يقوم عليه «معهد أبحاث الهيكل»، ويضم هذا المعرض مجسما للهيكل مكان الأقصى، والأدوات التي ستستعمل خلال بنائه. وتقوم على هذا المعهد جمعيات يهودية تتلقى الدعم من الحكومة «الإسرائيلية» مباشرة، وتم دعمها خلال سنوات 1998-2002 بمبلع 3,2 ملايين شيقل من قبل وزارتي التربية والأديان. ونسب التقرير إلى قائد شرطة منطقة القدس سابقا أرييه عميت قوله: «في الأشهر الأخيرة دخلت عدة مجموعات وتنظيمات يهودية تحت سقف واحد يركز عل هدف واحد أسميه «جبل البركان - جبل الهيكل» ويقصد الأقصى، يكفي يهودي واحد ينجح بعملية تفجير واحدة داخل المسجد ليجر وراءه أحداثا جساما وعظيمة جدا».

أما كرمي جيلون وآساف حيفتس - من رجالات المخابرات الاسرائيلية البارزين - فألفوا مذكرة اسمها «المسجد الأقصى هو الهدف» جاء فيها: «الدعوات المتكررة من قبل جماعات بناة الهيكل تجعل من المسجد الأقصى هدفا لعملية تفجيرية على يد يهود، وهذا الأمر إن حصل سيؤدي إلى حرب شاملة تهدد كيان ومستقبل دولة إسرائيل».

من جهته قال رئيس مؤسسة الأقصى الشيخ رائد صلاح إن الدعوة إلى بناء هيكل مزعوم على حساب المسجد الأقصى المبارك هي محل إجماع قومي وديني لدى كل مكونات المجتمع «الإسرائيلي»، ولذلك هذه النداءات ليست من فراغ بل لها أرضية منتشرة في المجتمع «الإسرائيلي»، والبعض يخفي ما في صدره انتظارا للوقت المناسب لتنفيذ مآربه على حساب الأقصى المبارك وهذا ما يجب أن يدفعنا أن نأخذ هذه النداءات بعين الاهتمام لأنها تجعل الأقصى في خطر دائم.

وعن علاقة هذه الأعمال بالحكومة «الإسرائيلية» قال صلاح: وفق قراءتي الطويلة عن هذا الموضوع وجدت أن الحكومات «الإسرائيلية» بجملتها قد أطلقت تصريحات على لسان رؤسائها أو وزرائها تعبر عن مكنون هذه النداءات الداعية إلى بناء هيكل على حساب المسجد الأقصى المبارك، ولكن من الواضح أن المجتمع «الإسرائيلي» بمجمله بدأ يميل إلى التطرف، وهذا انعكس في نتائج الانتخابات، ما يوفر الأجواء على الصعيد الشعبي والرسمي لمثل هذه النداءات المتطرفة أن تتحرك بحرية أكثر.

وأضاف: دعني أقول إن الحكومات «الإسرائيلية» كان لها تصريحات ومساهمات باستمرار الحفريات تحت حرم المسجد الأقصى المبارك، أو دفع موازنات لبعض التنظيمات اليهودية التي تسعى إلى بناء هيكل على حساب المسجد الأقصى، ولذلك فان سلوك هذه الحكومات شجع هذه التنظيمات على المضي بغيها ومخططاتها

العدد 175 - الخميس 27 فبراير 2003م الموافق 25 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً