العدد 175 - الخميس 27 فبراير 2003م الموافق 25 ذي الحجة 1423هـ

الأقنعة وشعب من ثلاثة ملاعب

الأقنعة... وما أدراك ما الأقنعة... فثمة أقنعة يضعها الناس لمواراة قبح ما، وثمة أقنعة تفرضها تحولات ومتغيرات المراحل وثمة أقنعة يفرضها الدين لتحقيق توازن نفسي وسلوكي، وثمة أقنعة ابتدعها الناس في ظل فراغ محكم (أقنعة الهالوين نموذجا)، وثمة أقنعة لا تعرف إلى التهكم والاستهتار سبيلا فيما لو لم توضع (بحيث تصبح ضرورة إنسانية بل ودينية)، يتهدد النوع والوجود الإنساني ما لم يؤخذ بها، وهي ما نحن بصدده.

طبول الحرب صارخة في إيقاعها، ووقاحة القوة يعلو صوتها فوق كل صوت في زمن اختلت فيه الموازين وتهمشت فيه الأخلاق، وأصبح فيه (الغاز) عطر هذه المرحلة من تاريخ العالم. الحكومة قررت أن يشتري الناس أرواحهم، وأن يكونوا ولاة أمرهم ريثما يعلن زوال الخطر الماحق، وبحسب المصادر التي بين أيدينا، لم يكذب مافيات الكوارث والأزمات خبرا فكشفوا عن (أقنعتهم) بمراوحة سعر القناع بين 68 إلى 70 دينارا! فيما الحكومة مطمئنة إلى ان كل مواطن سيحظى بقناع إن توافرت بأعداد كافية على حساب قوته وفاقته والتزاماته التي لن تنتهي، وإن عُمِّر قرنين من الزمن.

من العار أن نستشهد بـ «إسرائيل» نموذجا، احتاطت بتوفير الأقنعة لمواطنيها مجانا بما في ذلك عرب العام 1948، فيما نحن بعددنا الذي لا يتجاوز جماهير ثلاثة ملاعب لكرة القدم في كل من البرازيل والأورغواي! تعجز حكومتنا أن توفر لنا قناعا من أمان في ظل هول وفزع مقبلين لا يملك موهبة الفرز بين الأشياء والبشر. وليهنأ بعدها كل بقناعه إن قدِّر له ذلك.

جعفر الجمري

العدد 175 - الخميس 27 فبراير 2003م الموافق 25 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً