العدد 1758 - الجمعة 29 يونيو 2007م الموافق 13 جمادى الآخرة 1428هـ

هل تقضي «عصبية الزوج» على استقرار الأسرة؟

يعتري العلاقةَ الزوجيةَ كثيرٌ من المشاجرات والمشاحنات عند أول مشكلة تواجه الزوجين ويظهر كل منهما على حقيقته ويكتشف أحد الطرفين أن الطرف الآخر عصبي المزاج ويهوى المشاحنات وتتحول الحياة بعد ذاك إلى جحيم لا يطاق وتتغير الصورة الجميلة التي رُسِمت لهما فيهرب كل منهما إلى طريقه، فالزوجة تهوى الهروب إلى أسرتها والزوج يهرول إلى المقاهي أو النوادي الاجتماعية يقضي الساعات بين أصدقائه يبحث معهم عن راحة البال.

في هذا الاتجاه، رصدت إحدى الدراسات بعض الحالات عن الأزواج وتغير مزاجهم بعد فترة وجيزة من الزواج، إذ تقول زوجة في منتصف العقد الثالث من عمرها إنها تزوجت منذ عدة سنوات ولديها ثلاثة أطفال وتعمل طبيبة ومهنتها تتطلب التركيز الشديد؛ كيلا يحدث أي خطأ يودي بحياة إنسان، أو تكون سببا في عجزه وإنها فضلت أن تعتذر في بعض الأحيان عن عملها؛ بسبب زوجها العصبي الذي يهوى المشاحنات والمشاجرات لأتفه الأسباب، فالابتسامة لا تعرف طريقا إلى وجهه ولا يعجبه أي شيء ولايرضيه أي أسلوب أو حوار أو شخصية.

وتقول أخرى إنها رسمت في خيالها صورا كثيرة للسعادة الزوجية قبل الزواج، ولكنها اكتشفت بعد مرور الأيام أن زوجها يعشق العراك المستمر وخصوصا بعد أن ترك عمله في إحدى الشركات التي تستنزف صحته في مقابل مردود مالي ضئيل لا يكفي ولا يتناسب مع المجهود الذي يبذله تاركا العمل ليجالس المنزل. كم أن الفراغ أصبح يملأ عليه حياته وبدأ يفتعل المشكلات معها من دون سبب، متهربا من المسئوليات التي على عاتقه، هاربا من المنزل إلى المقاهي يقضي الساعات غير عابئ بالظروف الاقتصادية المتردية للأسرة، وقد لاحظت أنه عند عودته من المقهي يكون زوجا طيبا هادئا يحنو على أطفال لا الزوج الذي خرج من المنزل شارد الذهن ومنعزلا تماما داخل غرفته غاضبا وناقما على أي تصرف حتى يأتي اليوم التالي ليعود إلى ما كان عليه من عصبية.

وتعلق زوجة أخرى بقولها إنها عندما اختارت زوجها من بين عشرات المتقدمين إليها للزواج، كان حينها مرهف الحس له باع طويل في كتابة الشعر والأغاني وهو ما جعلها ترتبط به وبعد الزواج بأسابيعَ قليلة اكتشفت أنه في كل إجازة له يقضيها معها تشتعل النيران ولاتنطفئ إلا بحضور والده أو والدته ليهدئا عصبيته وكانت تلتمس له الأعذار بسبب الظلم الذي يتعرض له في عمله فقد عرفت أنه تعرف إلى مجموعة من الأصدقاء أصحاب الحيل والمكائد كان يصفهم دائما بالذئاب لأنهم يجيدون كل أساليب النفاق على حين هو صاحب مبادئ لهذا كان عصبي المزاج ومتقلب الطباع التي انعكست عليهم في كونها أسرة متحابة ومترابطة.

ضغط نفسي

تقول استشاري الطب النفسي منال عمر: «لا يوجد زوج عصبي المزاج بطبيعته إلا إذا كان هو في الأصل مريضا نفسيا أو هي أيضا (الزوجة) يتعرضان لضغوط نفسية تخرجهما عن اتزانيهما العقلي والعاطفي، وتجعهلما دائما في حال غليان وثورة داخلية تنعكس آثارها على من حولهما أو عليهما؛ ما يتطلب في مثل هذه الظروف أن تقف الزوجة إلى جوار زوجها فإذا كان عصبي المزاج طوال اليوم فلابد أن تعرضه على طبيب متخصص، وتبحث عن وسائل الترفيه والتسلية إذا كان عصبي المزاج داخل بيته فقط».

وأشارت الباحثة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية مها الكردي إلى أن هناك بعض الأزواج يولدون في ظروف اجتماعية قاسية وخصوصا الأزواج الذين يولدون في بيئة أو بيت تسيطر عليه المشادات والمشاجرات الزوجية المستمرة؛ ما يجعلهم يشعرون بالقهر الاجتماعي الذي ينعكس عليهم فينشأ بذلك داخلهم فقدان العالم الاجتماعي الآمن، ويتحول الفرد منهم إلى العزلة عن الآخرين ويحقد عليهم في عملهم وفي نجاحهم فيصبح أكثر نقما على كل من حوله، إذ إنه يعيشهم القهر الذي عانى منه في طفولته وشبابه ولا يتحمل بذلك أية مسئولية في حياته مع أسرته التي تشعر بأنها من عالم وهو من عالم آخر تحكمه العزلة والشجار المستمر ويصبح سلاحه الوحيد هو الصوت العالي الناقم على كل شيء حوله وتصبح بذلك الحياة ما هي إلا ساحة من العراك».

العدد 1758 - الجمعة 29 يونيو 2007م الموافق 13 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً