العدد 178 - الأحد 02 مارس 2003م الموافق 28 ذي الحجة 1423هـ

مصر تضع خطة طوارئ اقتصادية لمواجهة آثار ضرب العراق

خسائر الاقتصاد المصري قد تصل إلى 8 مليارات دولار

ذكرت مصادر اقتصادية ان الحكومة المصرية وضعت خطة طوارئ اقتصادية لمواجهة الآثار السلبية لهذه الضربة.

وأوضحت المصادر لوكالة أنباء الشرق الاوسط ان هذه الخطة التي تقوم على اساس (فكر إدارة الأزمات) تحدد آليات التعامل مع الآثار السلبية الناتجة عن الحرب وتقييم أداء القطاع الخاص وربط التنازلات الحكومية بالدور الاقتصادي لكل وحدة في المجتمع مع الاستفادة من التجربة السابقة الخاصة بمواجهة آثار حوادث 11 سبتمبر/ أيلول على الاقتصاد المصري وان كانت آثار ضرب العراق ستكون أشد.

ويأتي ذلك الى جانب الاهتمام بوجود تعاون وتنسيق وثيق وبناء بين دور الدولة ودور القطاع الخاص الى جانب حزمة من السياسات النقدية بدء فعلا بالفعل في تنفيذها وتجانس الاهداف مع الامكانات الاقتصادية والاجتماعية.

وكشفت الحكومة المصرية عن أن خسائر الاقتصاد المصري المترتبة على الحرب ضد العراق تتراوح ما بين 6 مليارات و 8 مليارات دولار... إلا ان الخسائر المتوقعة لهذه الحرب لن تقف على حدود العراق ولكنها ستمتد آثارها لتشمل المنطقة العربية بأسرها بل والعالم كله وان اختلفت درجات التأثر التي تشمل الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية كافة.

وفي مقدمة آثار هذه الحرب السلبية على الاقتصاد المصري تأتي الى جانب العلاقات الاقتصادية والتجارية مع العراق إذ بلغت الصادرات المصرية إلى العراق نحو 1,7 مليار دولار بالاضافة الى توقيع مجموعة من العقود التجارية التي تقدر بنحو 4 مليارات و250 مليون دولار فإن اهم مصادر العوائد من النقد الأجنبي ستتأثر بشدة وهي السياحة والنفط وقناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج.

ويأتي ذلك بالاضافة الى تأثر حجم الصادرات سلبيا بشكل عام وارتفاع كلفتها نتيجة ارتفاع اسعار الشحن و(نولون) النقل ما يؤثر على قدرتها التنافسية في الاسواق الخارجية الى جانب ارتفاع كلفة الواردات للأسباب نفسها.

وقد أعد قطاع سياسات الاستثمار والاوراق المالية بوزارة التجارة الخارجية دراسة عن آثار هذه الحرب المحتملة على قطاعات الاقتصاد المصري المختلفة ووسائل مواجهة الآثار السلبية لها.

تقول الدراسة التي حصلت عليها وكالة انباء الشرق الاوسط إن الصمود أمام الأزمات يتطلب الاستعداد لمواجهة التحديات التي تعترض مسار التنمية ويتوقف نجاح ادارة هذه الأزمات على مجموعة من السياسات والاجراءات والاعتبارات.

وتشمل هذه المجموعة مرونة السياسات الاقتصادية النقدية والمالية المتبعة وشفافية الاجراءات المتبعة ووجود قاعدة انتاجية متنوعة واتساع نطاق الاسواق جغرافيا وزيادة عدد الشركاء التجاريين وتفعيل اتفاقات التجارة الثانية والمتعددة الأطراف.

كما تشمل الاستمرار في اتباع سياسة سعر صرف مرن وعدم العودة الى سياسة تثبيته لأنها لن تكون مناسبة في المرحلة المقبلة ووضع نظام للانذار المبكر ويجب ان تدار البورصة المصرية في الفترة الحالية بفكر إدارة الأزمات.

ويأتي ذلك الى جانب إعداد خطة الطوارئ الاقتصادية التى سبق ذكرها إذ تعد الحكومة صاحبة المبادرة لمناقشة التأثيرات التي تعكسها الحوادث العالمية والتي من أهمها احتمال ضرب العراق وذلك لتحديد آليات التعامل معها.

وشددت الدراسة على ضرورة تكوين مخزون استراتيجي من جميع السلع الاساسية حتى لا يحدث ارتباك في توفيرها منوهة بقرار الحكومة الأخير توسيع الرقعة المزروعة في مصر من الحبوب والنباتات الزيتية... وقيام المسئولين ببث الاطمئنان بوجود مخزون استراتيجي مناسب من المنتجات الاساسية كما شددت الدراسة على ضرورة اقرار قانون الاحتكار وحماية المنافسة لمعالجة الممارسات الضارة التي قد تترتب على تخزين السلع الاستراتيجية واحتكار بيعها.

ودعت الى العمل على زيادة الحملات الترويجية في اسواق بديلة محتملة مثل السوق الروسية والاسواق العربية وتشجيع السياحة المحلية ودعم الطيران العارض للأسواق الأقل حساسسية مثل السوق الروسية وتفعيل دور صندوق الطوارئ للعاملين لتحقيق الامان للعاملين في المجال السياحي.

ونبهت الدراسة الى ضرورة تفعيل دور الصندوق العربي لتغطية اخطار الحرب والذي انشئ وقت نشوب الحرب بين العراق والكويت للاستفادة من الطاقات الاستيعابية لقبول الاخطار والاستفادة من التطبيق الامثل لقانون الأعداد الكبيرة وتوزيع الأخطار جغرافيا ونوعيا.

كما دعت الى مواجهة حال الركود من خلال البحث والتطوير وابتكار منتجات جديدة وتطوير المنتجات القائمة وتصويب اوضاع النظم المالية والمصرفية ووضع بعض القيود على تحركات رأس المال القصير الأجل مع الحرص على الحفاظ على مستوى آمن من الاحتياطات النقدية ووضع معايير سليمة للاقراض المصرفي والالتزام بقواعد للمحاسبة واعمال نظم الادارة الرشيدة.

كما دعت الدراسة الى مطالبة البنك الدولي بتقديم قرض الى مصر من دون فائدة يعادل خسائر الحرب المتوقعة.

ان خسائر آثار هذه الحرب على أي قطاع اقتصادي اذا ما اشتعلت ستؤثر بالتالي على القطاعات الاخرى نتيجة التشابك الاقتصادي إذ يؤثر كل قطاع إلى القطاعات الاخرى ويتأثر به.

ومن المنتظر ان تتضرر القطاعات كافة إلا ان هناك قطاعات ستكون أكثر تضررا من غيرها وفي مقدمتها السياحة التي لن تتوقف آثارها السيئة على فترة الحرب فحسب وانما تمتد الى الفترة التي تعقبها ايضا إذ يكون الضرر شديدا في فترة الأشهر الثلاثة الأولى منها.

ويتأثر الاستثمار السياحي كذلك إذ تتوقف المصارف عن تمويل المشروعات السياحية ويتوقف المستثمرون عن سداد القروض وفوائدها ويتوقف استكمال المشروعات التي تم البدء في انجازها كما سيتوقف البدء في مشروعات جديدة. ويتوقع ارتفاع نسبة البطالة سواء نتيجة تأثر قطاع مثل السياحة الذي يعمل به أكثر من 200 الف شخص او نتيجة لعودة العمالة المصرية من العراق ومن الخليج بصفة عامة.

وقد سبق ان أدت حوادث 11 سبتمبر الى فقد السياحة المصرية نحو 500 مليون دولار ادت الى انخفاض نسبة الاشغال الفندقي بنسبة اكبر من 50 في المئة وادى ذلك الى انخفاض الطلب على العمالة وانخفاض الحصيلة من العملة الاجنبية.

ومن المتوقع ان يتضاعف هذا الرقم في حال وقوع الضربة العسكرية ضد العراق إذ ينظر الى المنطقة كلها على أساس انها منطقة حرب. وبالنسبة إلى آثار الحرب على سعر الصرف توقع قطاع سياسات الاستثمار والاوراق المالية بوزارة التجارة الخارجية ان يؤدي انخفاض الايرادات العامة من الدولارات الى زيادة الضغط على سعر صرف الجنيه المصري ومزيد من الانخفاض فى قيمته وارتفاع معدل التضخم ما يعمق الفجوة بين العرض والطلب ويتأثر ميزان المدفوعات سلبا.

وبالنسبة إلى أثر الحرب على مستويات الاسعار فقد تدفع حال المواطنين النفسية الى التكالب على شراء السلع والمنتجات ما يزيد من ارتفاع الاسعار وقد بدأت فعلا اسعار السلع الغذائية والفاكهة في الارتفاع بنسبة 20 في المئة خلال الفترة الاخيرة.

كما قد يلجأ بعض التجار الجشعين الى تخزين بعض السلع ما يؤدي مع ارتفاع الطلب عليها الى مزيد من الارتفاع في الاسعار وبالتالي الى تراجع القوة الشرائية الى جانب توقع ازدياد القوى الاحتكارية.

أما بالنسبة إلى آثار الحرب على قطاع التأمين والنقل فمن الطبيعي ان ترتفع كلفة النقل البحري وبالتالي ترتفع أسعار السلع الاستراتيجية التي تم استيراد معظمها من الخارج والسلع المحلية التي تعتمد بشكل اساسي على المنتجات الوسيطة المستوردة ما يترتب عليه انخفاض كبير في تبادل السلع وحركة الواردات والصادرات.

وفي حال الحرب ترتفع أسعار بوالص التأمين وترتفع كلفة اعادة التأمين خارج مصر مع الشركات الدولية نتيجة ارتفاع المخاطر وتوقع ارتفاع حجم التعويضات بالاضافة الى تأجيل تنفيذ العقود المستقبلية التي تحتاج الى تغطية تأمينية .

ويؤثر ارتفاع كلفة التأمين سلبا على تنافسية الصادرات المصرية في الاسواق الخارجية لارتفاع اسعارها عن أسعار الدول خارج منطقة الحرب المنتجة لسلع مثيلة.

ويتوقع قطاع سياسات الاستثمار والاوراق المالية بوزارة التجارة الخارجية ان يخسر قطاع التأمين المصري الكثير نتيجة الضربة الاميركية المحتملة وقد تصل التغطية الى نسبة 50 في المئة في اعادة التأمين إذ يصبح الشرق الاوسط منطقة ذات خطورة عالية كما ستتأثر ايرادات المطارات المصرية سلبا من الرسوم نتيجة انخفاض حركة النقل بالطائرات.

وتشمل القطاعات المهمة التي ستتأثر بالضربة المحتملة ضد العراق ايضا قطاع الاستثمار الاجنبي المباشر الذي سيتأثر تأثرا شديدا نتيجة ادراج منطقة الشرق الاوسط في حال الحرب في بؤرة المخاطر العالمية.

وتقدر احتياجات مصر السنوية من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بما يتراوح ما بين 4 مليارات و5 مليارات دولار اميركي الا ان هذه الاستثمارات ستتعرض للانخفاض الشديد نتيجة الحرب المحتملة.

ولاشك ان قطاع الصناعة سيتأثر هو الآخر بصورة ملموسة إذ يعتمد هذا القطاع على الكثير من السلع والخامات المستوردة من الخارج وستؤدي الحرب إلى عدم استقرار الاستيراد وبالتالي قد يحجم بعض رجال الصناعة عن اتمام العمليات الصناعية خوفا من عدم الحصول على المدخلات المطلوبة.

وبالنسبة إلى آثار الحرب على الصادرات المصرية فإنه يتوقع ان تؤثر تأثيرا كبيرا على التجارة الخارجية لمصر إذ تحتل مصر المرتبة الثالثة عالميا من حيث التبادل التجاري مع العراق.

فقد بلغت الصادرات المصرية الى العراق خلال العام 2002 كما سبق ذكره نحو 1,7 مليار دولار بالاضافة الى توقيع مجموعة من العقود التجارية تقدر بنحو 4 مليارات و250 مليون دولار وهي الصادرات التي يتم تمويلها في اطار برنامج النقط مقابل الغذاء.

وتعد معظم الصادرات الصناعية للعراق من الصناعات الهندسية ذات الكلفة الاستثمارية الكبيرة والتي ترتكز على احدث التكولوجيات العالمية.

كما ان نسبة كبيرة من الصادرات المصرية للعراق هي من الصناعات الدوائية والتي تسهم بنسبة كبيرة في زيادة الطاقات الانتاجية بمصانع الادوية.

ولذلك فإن وزارة التجارة الخارجية المصرية تتوقع انخفاض الصادرات المصرية للعراق مباشرة بنحو 23 في المئة كمرحلة اولى.

ويرى الاقتصاديون أن زيادة حدة التوتر في المنطقة ستعمل على وقف خطط واستراتيجيات الشركات المصرية بزيادة حجم صادراتها الى السوق العراقية إذ أدت حال الترقب في المنطقة الى تجميد كل هذه المشروعات والاتفاقات المستقبلية وتوقف عرض العراق بقيام المستثمرين المصريين باعادة تأهيل الصناعة العراقية.

وفي الوقت نفسه يتوقع قطاع سياسات الاستثمار والأوراق المالية بوزارة التجارة الخارجية ارتفاع معدل نمو اسعار الواردات بنسبة 6 في المئة في السنة الاولى 2002/ 2003 وبنسبة 5 في المئة خلال السنة التالية 2003 /2004 ويؤدي هذا الارتفاع الى زيادة الاعباء التي يتحملها المنتج النهائي ما يقلل من منافسة الكثير من السلع المصرية في الأسواق التصديرية.

وبالنسبة إلى آثار الحرب على البورصة المصرية نجد ان تزايد حدة القلق بين المتعاملين في البورصة بسبب استمرار التهديدات الاميركية بشن الحرب ضد العراق الى سيطرة حال من الركود على التعاملات إذ فضل المستثمرون (مؤسسات وأفرادا وأجانب) الانتظار والترقب ما دعم الاتجاه النزولي لاسعار معظم اسهم الشركات المتداولة خلال الأيام الماضية.

ومع تزايد التهديدات الاميركية تتجه التوقعات الى المزيد من الانكماش في نشاط البورصة.

وقد اشتعلت اسعار الذهب مع بداية توقعات قيام الحرب إذ ارتفع سعر الذهب الخام في البورصات العالمية ويتوقع ان يصل الى 400 دولار للأوقية.

وقد بلغ سعر جرام الذهب في السوق المحلية 50 جنيها للجرام ما زاد من احجام المشترين عن الشراء.

أما اسعار النفط فقد ارتفعت بسبب توقف عمليات نقله في فنزويلا بالاضافة الى ان الضربة المتوقعة للعراق ستؤدي الى توقف ضخ الإنتاج العراقي وبالتالي الى المزيد من ارتفاع اسعاره إذ توقع وزير البترول الجزائري ان يكسر سعره الـ 40 دولار اميركي للبرميل الواحد على رغم ما أعلنته الولايات المتحدة من انها ستستخدم نفط العراق بعد الاستيلاء عليه في اغراق الاسواق وسيهبط سعره من 31 دولارا حاليا الى 10 دولارات فقط

العدد 178 - الأحد 02 مارس 2003م الموافق 28 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً