العدد 1891 - الجمعة 09 نوفمبر 2007م الموافق 28 شوال 1428هـ

مشروع قانون المنظمات الأهلية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

حسنا فعلت وزارة التنمية الاجتماعية عندما أعلنت نيتها إجراء تغيير جذري على مسودة مشروع قانون المنظمات غير الربحية الذي سينظم المؤسسات الأهلية؛ وذلك لأن المسودة الحالية تناسب حقبة أمن الدولة؛ حتى إن بعض منتسبي الوزارة افتخروا (بحسب مصادر الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان) أنهم استمدوا المواد من نصوص قانوني التجمعات ومكافحة الإرهاب، وأن نصوص المسودة تنظر إلى المواطنين كأنهم مجرمون من المفترض أن يثبتوا حسن نواياهم للأجهزة التنفيذية للدولة.

مشروع قانون المنظمات الأهلية (المسودة الأصلية قبل التعديل الذي لم نره إلى الآن) لا يتناسب مع المشروع الإصلاحي لجلالة الملك لأنه بعيد عن فكرة الشراكة المجتمعية، وهو أقرب إلى فكرة السيطرة الأبوية القاسية والمشككة وغير الواثقة وغير المطمئنة من أهل البحرين. مشروع القانون كان سيشرِّع أساليب همجية وعشوائية للتدخل في المنظمات الأهلية والتي تشمل كل شيء تقريبا، بما في ذلك الصناديق الخيرية. الموظفون في «التنمية» أعطوا أنفسهم السيادة وحق التدخل في كل صغيرة وكبيرة بصورة مباغتة وعلى أساس نظام من التفتيش العشوائي والمفاجئ. كما اشترط مشروع القانون الحصول على إذن كتابي من الوزارة قبل قبول الجمعية بأية مساعدة لتنظيم ورشة عمل أو الحصول على مساعدة في مجالات النشاط الأهلي، على حين كان المفترض أن القانون يطلب الإخطار فقط وليس الرخصة الكتابية المسبقة، وخصوصا أن البحرينيين يعلمون كيف يتلذذ موظفو الوزارات بإذلال الناس من خلال اشتراط هذه الرخص التي تسير وفق الأهواء والرغبات والمحسوبية والمنسوبية.

مشروع القانون (قبل التعديل الذي مازلنا ننتظره) يعارض ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لأنه يحد من حق الإنسان في حرية التجمع، بل إن القانون يتعامل مع الموضوع كأن المواطنين سيشاركون في منظمات عسكرية سرية تسعى إلى قلب النظام. ولذلك، فإن مشروع القانون نص على حق موظفي الوزارة في تشكيل جهاز رقابي، على حين هذا حق للمنظمات الأهلية، التي يجب أن تتشكل بطواعية؛ لأن الطواعية هي الركيزة الأساسية للمجتمع المدني. كما أن موظفي الوزارة سيكون من حقهم (إذا لم تتغير المسودة بشكل صحيح) طلب اجتماع مجلس الإدارة وحضوره والحصول على جميع المحاضر والسجلات حتى لو لم تكن هناك جريمة قد ارتكبت حتى لو لم يكن هناك قرار قضائي.

باختصار، إن وزارة التنمية الاجتماعية ستتحول إلى جهاز أمن دولة على النمط الذي كان موجودا في البحرين قبل إطلاق المشروع الإصلاحي في العام 2001، ولذلك فإن أملنا أن نرى طبيعة التعديلات الجذرية التي نأمل أن تكون متسقة مع روح الإصلاح الذي ننشده جميعا.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1891 - الجمعة 09 نوفمبر 2007م الموافق 28 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً