العدد 1959 - الأربعاء 16 يناير 2008م الموافق 07 محرم 1429هـ

«إيزيس وأخواتها»... كتاب عن الملكات ومؤسسة الأسرة في مصر الفرعونية

ربما بدا من عنوان كتاب «إيزيس وأخواتها» أنه خاص بجوانبَ من حياة الملكات في مصر الفرعونية. ولكن مؤلفته مرفت عبدالناصر تتطرق إلى بعض تفاصيل الحياة في مصر القديمة مثل فن العمارة ومؤسسة الأسرة.

وفي بداية الكتاب تلخص المؤلفة اسطورة إيزيس وهي من أقدم الاساطير المصرية عن «أول أسرة عرفها التاريخ»، حيث تتزوج إيزيس أوزيريس. ولكن أخاه ست يتمكن من قتله وإبعاد جثته عن البلاد. فتنجح إيزيس في إعادته وتخبرها روحه بميلاد ابن لهما. فيتضايق ست ويمزق جسد أوزيريس ويبعثره في أرجاء البلاد. فتبني إيزيس لزوجها معبدا في كل مكان تعثر فيه على جزء من جسده. وتلد حورس الذي يخلص البلاد من شرور عمه وينشر العدل.

ولا تختلف تفاصيل الأسطورة المصرية كثيرا عن حوادث الفيلم الكارتوني الأميركي الطويل «الأسد الملك» الذي حظي بشهرة كبيرة حين أنتج العام 1994. وتعمل الكاتبة أستاذة للطب النفسي بجامعة كنغز كوليدج بلندن وصدر لها «موسوعة التاريخ المصري القديم» وهي سلسلة كتب للأطفال في 40 جزءا تتناول الفن والملوك والملكات وحياة الناس في مصر الفرعونية، اضافة الى كتاب «لماذا فقد حوس عينه؟».

وصدر كتاب «إيزيس وأخواتها» الأسبوع الماضي في القاهرة عن دار نهضة مصر. ويقع في 72 صفحة كبيرة القطع مزودة بكثير من الصور الملونة لمعابدَ وتماثيلَ ورسومٍ على جدران مقابر ترجع الى عصور مختلفة. وتقول المؤلفة إن «موقف إيزيس يتسق مع التقاليد المصرية منذ العصور السحيقة، حيث كان للمرأة دور بارز في مؤسسة الأسرة حتى أطلق عليها المصري القديم لقب شريكة الحياة. وربما لا يوجد تمثال أو صورة من صور المعابد لا نرى فيها الرجل والمرأة معا. وتضيف أن «الزواج كان يعقد في مكاتب تسجيل ملحقة بالمعابد ويتم في حضور شهود».

وترجّح أن «اختراع» الخاتم في إصبعي الزوجين كلتيهما منبعه مصر القديمة. وتضيف أن الرجل كان يقول لعروسه عند كتابة عقد الزواج: «ربطت مشيئة الرب بيننا برباط الزواج. ولقد عرفت أنك اخترتني بحريتكِ ووافقتِ عليَّ بكامل إرادتكِ. وستكونين في بيتي قطعة مني وسوف أرعاك. وإذا قدر لنا أن ننفصل فسوف أعطيك جميع حقوقك».

ولكنها لا تنفي وقوع مشكلات زوجية وكتابة شكاوى بعضها طريف. منها خطاب مسجل على إناء فخاري في منطقة سقارة (جنوبي القاهرة) وفيه تبدي زوجة الغضب من زوجها وتطلب منه مساعدتها قائلة: «لو لم تساعدني فسوف يذهب الحب الذي جمعنا. إن مسؤولية البيت كبيرة ورعايته هي التي تجعله بيتا حقيقيا. أريد أن يعود بيتنا عشا هادئا من جديد».

وسبق أن قارن الباحث الكندي سيمسون نايوفتس في كتابه «مصر أصل الشجرة» بين القدماء من المصريين واليونانيين الذين كانت «تروعهم الحقوق التي تتمتع بها المرأة المصرية. وربما كان الروع وعدم الفهم هو ما جعل اليونانيين والرومان يشيعون عن المرأة المصرية أنها متحررة جنسيا أو خليعة أو مشاكسة».

ونشر كتاب «مصر أصل الشجرة» بجزءيه في عامي 2003 و2004 في الولايات المتحدة. وترجمه الى العربية المصري أحمد محمود. وصدر في القاهرة في جزءين قبل أشهر. وسجل مؤلفه أن المجتمع المصري القديم كان محافظا، وكان الزواج غالبا من امرأة واحدة، كما كان «الإخلاص الجنسي من الأعمدة الاساسية لنسق المرأة العقلي».

وترصد مرفت جانبا من أدوار المرأة في حياة الملوك في مصر القديمة مثل تيتي شيري. وهي جدة أحمس الذي طرد الغزاة الهكسوس من مصر، وحكم البلاد بين عامي 1570 و1546 قبل الميلاد تقريبا وأسس الأسرة الثامنة عشرة (1567-1320 قبل الميلاد تقريبا)، وأرسى قواعد ما يسميه علماء الآثار والمتخصصون في علوم المصريات «عصر الامبراطورية» الذي استمر تقريبا حتى العام 1085 قبل الميلاد.

ويقول مؤرخون إن منف كانت أول عاصمة وأول مدينة مقدسة في تاريخ البشرية تلخص ديانة الشعب بعد أن شهدت البلاد قبل الميلاد بأكثر من أربعة آلاف عام حضارات مبكرة ثم توحدت مصر سياسيا وإداريا تحت حكم مركزي في العام 3100 قبل الميلاد تقريبا على يد الملك مينا مؤسس الأسرة الفرعونية الأولى. وفي عصر بطليموس الثاني الذي حكم مصر تقريبا بين عامي 284 و246 قبل الميلاد قسم أشهر المؤرخين المصريين الكاهن مانيتون تاريخ البلاد إلى 30 أسرة حاكمة منذ توحيد مصر حتى الأسرة الثلاثين التي أنهى حكمها الاسكندر الأكبر حين غزا مصر العام 332 قبل الميلاد.

وتقول المؤلفة إن «تيتي شيري تمتعت بشخصية قوية. وكانت ملمة بأمور السياسة والحكم. وكان لها تأثير عميق في شخصية أحمس الذي عبر عن حبه لها في مواقف كثيرة قائلا: (لم أحب في حياتي إنسانا مثلكِ) ثم لعبت زوجته نفرتاري دورا بارزا في المعركة التي انتهت بطرد الغزاة من مصر. وكانت أول امرأة في التاريخ تتقلد منصب قيادة فرقة عسكرية كاملة وقاتلت بكفاءة شديدة».

العدد 1959 - الأربعاء 16 يناير 2008م الموافق 07 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً