العدد 2141 - الأربعاء 16 يوليو 2008م الموافق 12 رجب 1429هـ

إيران بوصفها عنصر تأزيم في المنطقة

العلاقات العربية - الإيرانية

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

كتب رضا شاه بهلوي في مذكراته «من الضروري القضاء على أمير عربستان الذي استمر أعواما طويلة يعيش أميرا مستقلا داخل حدود إمارته ويسانده الأجانب مساندة تامة في أعماله وليس لحكومة طهران أية سلطة عليه». فكان أن تحقق ذلك في العام 1925 بعد أن غدر النظام السياسي البهلوي في إيران بالشيخ خزعل وقوض حكمه، وساقه جُند الشاه في ليلة ظلماء إلى حيث الإقامة الجبرية في غلال آل بهلوي حكام فارس حينئذ.

سياسيا، كانت الأنظمة السياسية في إيران باستخدامها سياسة دهاء ولؤم حقيقيين عنصر تهديد وتأزيم للعلاقات العربية - الإيرانية، مذ إبان حكم القاجاريين والأسرة البهلوية. وبعد قيام الثورة في العام 1979، حملت إيران على عاتقها تصدير الثورة، تحت يافطة عريضة كُتب عليها بخط دقيق «نصرة المظلومين والمضطهدين في العالم». وكان نصيبنا في الخليج العربي الأذى الكبير من ذلك، ولم يستفد من ذلك «التصدير» أحد! حتى الجاليات الإيرانية التي تنتمي للدول العربية ولا يشكك في وطنيتها أحد، تضررت بفعل السياسة المتبعة من قبل الساسة الإيرانيين.

وكانت لإيران مساهمتها في احتلال العراق مساهمة فعالة، اعترف بها جهابذة الحكم والسياسة (التصريح الشهير للمستشار الثقافي السابق ابطحي). وكانت من قبل قد ساهمت في احتلال أفغانستان من قبل الشيطان الأكبر! ناهيك عن احتلالها لثلاث جزر عربية لغاية اليوم. ناهيك عن إثارة الشحناء بين أبناء اللحمة العراقية، والتي يعبث بها رسل البعثات الدبلوماسية في العراق وغيرها من عناصر «اطلاعات»!

اجتماعيا وتاريخيا، على مر العصور، كانت للنظام السياسي الحاكم في إيران يد في إثارة الكراهية وتحريك الضغائن تجاه العنصر العربي في كل البقاع (عربستان وبقية الإمارات والمشيخات العربية المطلة على الخليج العربي) وكل ما يمت بصلة للعرب. إذ تعمد الدولة إلى طمس هوية الآثار العربية، أو احتقارها، وإفساح المجال العام (المزاج العام) للعمل في هذا الميدان؛ حتى أن حكام إيران كانوا يرصدون الجوائز القيمة لمن يحقر من شأن العرب؛ فكان أن صدرت الأوامر الملكية إلى الشاعر الشعوبي «أبوالقاسم الفردوسي» (411-329هـ)، تلك القصيدة التي لم يوفر فيها هذا الشعوبي مفردة أو مصطلحا للتحقير وازدراء العرب إلا وأتى به، إذ وصفهم بأقذع الصفات. وقد تمت ترجمة أحد الأبيات وفيها: «الكلب الأصفهاني يشرب الماء البارد, والعربي يأكل الجراد في الصحراء». ناهيك عن تكرار مفردات في صحافة إيران فيها حط من منزلة العرب كمثل: العربي البدوي صاحب الجمل... والعرب الذين يأكلون الضب... إلخ.

إيران لغاية اليوم تفسح المجال العام في الدولة لاستمرار الكراهية وتحرض ضد العرب، وهي تتحدث في الدبلوماسية عن العلاقات العميقة بينها وبين الدول العربية! فأية علاقات صداقة تربطنا كعرب بإيران؟!

ألم تطمس إيران هوية المناطق العربية في إقليم الأحواز (عربستان)، والتي تقطنها القبائل العربية؟! ألم تندس عناصر إيران في العراق لتفتيت وحدة شعبه (سنة وشيعة)؟ ألم تحرك إيران الضغائن من أجل استخدام البعض كأدوات لصراعها من أجل السيطرة الإمبراطورية على المنطقة؟! أليست إيران هي من قامت بتصدير الثورة تحت يافطات براقة وجميلة من أجل أطماع توسعية؟ وعلى الجانب الفقهي المذهبي أليست إيران تحقر من شأن المرجعيات الدينية السنية كأمثال الخلفاء الراشدين، ولا يخفى على عاقل مزار أبولؤلؤة المجوسي في «كاشان»، والاحتفاء به وهو قاتل سيدنا الفاروق عمر بن الخطاب (ر)! هل بعد ذلك نصدق أن إيران تدعو إلى الوحدة الإسلامية؟!

إيران تستخدم جميع الأوراق والأدوات السياسية في صالح التوسع الإمبراطوري لكيانها السياسي، ومنها ما يتعلق بالجانب العاطفي (الدين والمذهب)، إذ ترسل إيران قنابلها الدخانية وصواريخها الكلامية لدغدغة المشاعر ليس إلا. أما ما تقدمه السياسة الإيرانية من أوراق ومساومات تحت طاولة المفاوضات بينها وبين قوى الاستكبار العالمي (أميركا) فإن ذلك يكون بصورة خفية! هذه حقائق علمية ومنطقية وموثقة بالتاريخ، لا يفقهها إلا العقلاء فقط!

مما ذكرناه أعلاه يتضح أن إيران عنصر تأزيم وقلق دائمين في المنطقة، وليس من صالح مستقبل إيران أن ينظر إليها جيرانها بهذه الصورة. كما أنه ليس من صالحنا كشعوب للخليج العربي أن تبقى العلاقات الإيرانية - العربية على ما هي عليه من تشكيك متبادل وتدخلات إيرانية في شئون دولنا، إذ على إيران أن تقدم ما يعزز طمأنة دبلوماسييها بشأن العلاقات العربية - الإيرانية وذلك من خلال دك معاقل تنمية النزعات العنصرية والعدائية تجاه العرب، وعليها التوقف عن التدخل في شئون الدول الخليجية، سواء من خلال وسائل الإعلام التي تدعمها والمنتشرة في العالم بأسماء وأشكال مختلفة أم غيرها من وسائل. وعلى الأنظمة السياسية في الخليج العربي أن يكونوا أكثر صراحة مع أنفسهم ويلتفوا حول كيانهم ويعززوا من إمكانياتهم في البحث العلمي، ويترجموا القرارات التي تصدر عن القمم التي يعقدوها إلى واقع. ويعقدوا العزم على تنمية العلاقات العربية - الإيرانية بناء على الثقة والاحترام المتبادل. إلى إيران ودول الخليج العربي: من المستحيل أن يغير المرء جاره؛ حتى وإن كان سيئا!

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 2141 - الأربعاء 16 يوليو 2008م الموافق 12 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً