العدد 2158 - السبت 02 أغسطس 2008م الموافق 29 رجب 1429هـ

ولي أمر يحمّل مسئولا في «السلمانية» الإهمال الطبي الذي قضى على ابنته

لن يكتب القلب حجم المأساة لأن تجلياتها أصبحت واضحة للعيان وعمق الألم المجروح بلغ ذروته الذي لا يمكن أن نخفيه بالغربال... ترسبت في ذاتي قناعة راسخة تحثني دوما على نشر هذه الفضيحة التي ارتكبت بحق ابنتي البالغة من العمر 23 عاما ونقلها إلى مختلف الميادين الحقوقية عبر مختلف الطرق حتى يطلع عليها ويعرف الرأي العام الحقيقة كما وقعت دون زيادة ونقصان... وأطلب منهم في الوقت ذاته إصدار حكمهم المنصف والعادل الذي أجعل من ثنايا الأسطر هذه منفذا فيه أجهش فيه عناء ومسيرة المشوار الطويل الذي قاسيته مع ابنتي التي وافها القدر المحتوم نتيجة خطأ وإهمال طبي صارخ وفاضح يكشف ضعف بعض الأطباء في التعامل بتقرير مصير مريضة لجأت إليهم حتى تلتمس منهم الشفاء والعلاج الفتاك... وأخص هنا بالذكر أحد المعنيين في مجمع السلمانية الذي كانت له اليد الطولى في تأخر حصول ابنتي على العلاج المناسب في أوانه.

وتبدأ حكايتي حينما استدعت ظروف ابنتي الصحية التي تعاني من ألم في الرأس وقيء مستمر إلى نقلها إلى طوارئ السلمانية بغرض التداوي ومعرفة سبب تلك العوارض المزمنة التي تعاني منها، فظللنا على مدار ثلاثة أيام متتالية بدءا من تاريخ 10 أبريل/ نيسان حتى 12 أبريل، والمريضة العلاج الوحيدة التي تحصل عليه هو نقلها إلى قسم غسيل الكلى لطالما كانت تعاني منذ سنتين تقريبا من فشل كلوي وكانت تجرى لها جلسات غسيل 3 مرات أسبوعيا... وفي اليوم الرابع تحديدا تاريخ 13 أبريل 2008 تم نقل ابنتي إلى جناح 32 تحت إشراف أحد الأطباء المعنيين بالكلى وبعد أيام قلائل وجدت أن البطاقة التعريفية بهوية الطبيب المعالج للمريضة قد تغيرت وأصبح الطبيب الذي يشرف على حالة ابنتي طبيبا معنيا بالقلب... ارتسمت علامات التعجب على محيا وجهي لمعرفة السبب الوجيه وراء تغيير ونقل حالة ابنتي إلى طبيب بالقلب، فقيل لي إن ابنتي تعرضت لجرثومة وتلوث في صمامات القلب، فكان العلاج الوحيد المتوافر لتدارك حالتها هو إعطاؤها مضاد لمدة أربعة أسابيع عن طريق السيلان... انتظرت على وجل أن تتحسن حالتها إلا أنها وللأسف الشديد أخذت تزداد سوءا عن ذي قبل ولم يطرأ عليها أي تحسن ملموس بعد مضي فترة أسبوعين تقريبا، إذ مازال القيء مستمرا وألم الرأس يصاحبها دوما، لذلك آثرت التحدث مع أحد المسئولين في وزارة الصحة لأجل نقلها إلى مستشفى يقع بالرياض لطالما كانت والدتها موجودة فيه أساسا تتعالج فيه وربما يساعد وجودها مع والدتها على رفع من معنوياتها ويؤدي إلى تحسن طفيف في حالتها النفسية والجسدية، إلا أن المسئول الفلاني قال لي بالحرف الواحد: «مستحيل خروج المريضة من السلمانية حتى لو جاء أكبر مسئول فيها يطالبني ذلك»، استغربت من كلام الطبيب فقلت له إنني أخاف على ابنتي من الموت بسبب رداءة حالها الصحية؟!. فأردف قائلا «كل واحد يموت». بكل بساطة ينطق بهذه الكلمة من دون مراعاة للظروف النفسية القاهرة والعصبية لأهل المريضة كما أنه لم يدرك أنني كأبٍ لديّ التزامات عاطفية تتحتم عليّ الاهتمام والرعاية بابنتي، فحينما بادر بقوله ذلك، لم أتمالك أعصابي وأخذت اشتمه بالكلام... وبناء على المعاملة غير اللائقة التي حصلت عليها من الطبيب كتبت رسالة بهذا الشأن إلى أحد المسئولين في وزارة الصحة بتاريخ 28 أبريل 2008 أوضح فيها أولا حاجتي إلى نقل ابنتي إلى العلاج في الرياض، والأمر يتطلب منهم فقط تحمل تبعية نقلها عبر الإسعاف إلى الرياض فيما قيمة وكلفة العلاج أنا سأتحمل كلفتها، كما تضمنت الرسالة نقدا موجهة ضد المسئول الذي سخر مني إلا أنني لم احصل على جواب شافٍ لرسالتي وظللت دواليك اكتب رسالة تلو والأخرى علّ وعسى التمس جوابا صريحا لمشكلتي، الرسالة الأولى أنا من قمت بكتابتها وصياغتها وفق تعبيري بينما كانت الرسالة الثانية مدونة ومصاغة بتعبير ابنتي المريضة وهي على فراش المرض... لكنني لم احصل على جواب، أعقبتها رسائل عدة بتواريخ مختلفة 4 مايو/أيار 2008 و18 مايو في العام الجاري وكذلك رسالة بتاريخ 22 مايو وأيضا رسالة في مطلع يونيو/ حزيران عن طريق البريد المسجل بعثتها إلى المسئول في الصحة إلا انه على رغم كثرة المراسلات إليه فإنني لم احصل على أي جواب منه... والرد الوحيد الذي استلمه عندما اسلم الرسالة لدى احد موظفيه جواب واحد «سجل رقم موبايلك وان المسئول مشغول ولديه اجتماعات حينما يفرغ سيتم تحديد موعد لك معه ومن ثم نستدعي بأمرك وإخبارك بالموعد مع المسئول» فمضت كل تلك الفترة والمسئول لم يفرغ حتى احصل على الجواب.

عموما وجدت التقاعس من المسئول في الرد على كل رسائلي بينما ابنتي حالتها تزداد سوءا يوما بعد يوم، فكان بتاريخ 8 مايو/أيار يوم مفصلي في حياة ابنتي وكان يصادف يوم خميس تليه عطلة أسبوعية وتحديدا في تمام الساعة 7 مساء كان وضع ابنتي مستقرا تقريبا نوعا ما، أرادت أن تتحادث عبر الهاتف مع أمها التي تمكث في الرياض للعلاج وخلال مسكها للهاتف وجدت أن حركة اليد غير طبيعية وبدأت تنزل تدرجيا من على الأذن كما أن طريقة الكلام غير واضحة وفجأة سقط الهاتف من يد ابنتي وأصيبت حينها بجلطة في الذراع الأيمن سرعان ما استدعينا الطبيب المناوب الذي وجد أنها غير مصابة بجلطة بل حسبما أشار إليه ويدعيه هو أن «تراكم المضاد جعل من مستوى الضغط يرتفع عندها» من دون أن يقر الطبيب المناوب بوجود جلطة ولم يكلف نفسه عناء استدعاء أطباء آخرين للاطلاع على حال ابنتي فظلت ابنتي على مدار 3 أيام وهي على وضعها... يوم الخميس والجمعة والسبت، ولا أحد من الأطباء قد سأل عنها أو جعل حالتها طارئة يلزم منهم استدعاء بقية الأطباء... عموما في تاريخ 15 مايو 2008 قررت إدارة السلمانية بعد فوات الأوان ربما لأنها لا تجد نفسها قادرة على مداراة حالة ابنتي إلى نقلها إلى مستشفى آخر بغرض إجراء جراحة في القلب لابنتي... قبل إجراء العملية طمأنني أحد الأطباء الذي قابلته وشرح له طبيعة مرض ابنتي ومدى رغبتي بإجراء الجراحة وخصوصا انه بعدما قال إن نسبة النجاح العملية تتجاوز 80 في المئة، فوافقت على الفور بإجراء جراحة لها في صمام القلب عند احد الأطباء الذين منحته إياه ثقتي النابعة من ثقة المسئول الذي ناقشت معه وضع ابنتي... سرعان ما تم نقل المريضة من السلمانية إلى المستشفى الثاني، الأخير باشر فور نقل المريضة إليهم بإجراء جراحة وتحديدا بتاريخ 30 مايو/أيار 2008 في الصباح الباكر، وفي الساعة 11 صباحا خرجت ابنتي من غرفة العمليات وكانت مغطاة بعدد من الأنابيب الموصلة إلى أنحاء جسدها، أنبوب ممتد في الأنف وآخر في الفم وأيضا في موضع القلب... ألخ... لكن الشيء الذي أثار دهشتي هو وجود كيس من الدم يحوي بمقدار اللتر موصول عبر أنبوب ممتد إلى الأنف داخل أحشاء المعدة... في تلك اللحظة ارتسمت أكثر من علامة استفهام حول سبب بقاء هذا الأنبوب فيها، عرفت بديهيا أن ابنتي تعرضت لنزيف حاد يتطلب... فيما عملية القلب تكللت بالنجاح عدا سبب بقاء هذا الأنبوب على هذا النحو كان مجهولا بالنسبة لي ولم يقر الأطباء وراء ذلك... عموما استدعيت الطبيب الذي أجرى العملية وقال لي إن العملية ناجحة فيما عدا بقية الأمور هي ليست من شأنه وإذا استدعت الضرورة التحدث فيها فإنه سيقولها في أوانها... سرعان ما استدعى الطبيب المشرف على العملية برئيس المستشفى الذي وكّل طبيبا آخر وحينما بدأت المواجهة بين الطبيب الموكل والطبيب المشرف على العملية فهمت من صيغة الحوار أن العملية نجحت فيما عدا خطأ وقوع النزيف إلا أن الطبيب الموكل نفى ما قيل وقال لي بالحرف الواحد «دعك من كلام الطبيب -يقصد به كلام الطبيب الذي أجرى الجراحة-» ولكأنه يريد أن يبهم ويغطي الفشل في المشكلة... حالا فور خروج ابنتي من العلمية ظلت في الغيبوبة لمدة 12 يوما... بعدما وجدت أن وضع ابنتي لا يبشر بالخير توجهت مباشرة إلى مسئول الأطباء في المستشفى الآخر وجلست معه لأناقش معه حال ابنتي فاستفسرت منه عن سبب تواجد هذا الأنبوب الذي ربما يكون ناتجا عن وجود نزيف، فقال لي: يجوز ذلك... فطرحت عليه سؤالا هل ابنتي تنتظر القتل الرحيم أم الموت لرحيم؟ ... حينما طرحت ذلك السؤال علية قال لي: «الموت نعمة وليس نقمة» فبادرت علية بجوابي قائلا إليه: «ليتني لم اسمع منك هذا الكلام»... خرجت من مقابلته عند الساعة 12 ظهرا ورجعت مجددا إلى ابنتي في اليوم ذاته 10 يونيو/ حزيران 2008 عند الساعة 7 مساء وطلبت من الممرضات أن يضعوني في الصورة عن حالة ابنتي إلا أن جوابهم كان «إنهم لا يملكون صلاحية بإعطائي أية معلومات عن المريضة إلا عن طريق الطبيب المشرف»، فتوجهت إلى الطبيب وأرشدني بضرورة إزاحة الأنبوب الموجود في الأنف وفتح ثغرة عند العنق بغية إدخال الأنبوب لأن بقاءه يؤثر سلبا على مجرى الحلق سواء من ناحية الجفاف أو حتى البلغم فوافقت لأجل إزالة البلغم والأوساخ المتراكمة على صدر المريضة بكل يسر وسهولة... في تاريخ 12 يونيو/ حزيران 2008 هو موعد رحيل ابنتي عن العالم وتحديدا في الساعة 8.30 مساء كنت متواجدا عندها وكانت عيناها مفتوحتين بينما بقية المؤشرات الصحية التي كانت تشير إليها الأجهزة الطبية الملازمة لجسدها سلبية، فنتيجة الضغط مستواه هبوط حاد، كما أن حرارتها مرتفعة، ودقات القلب تنبض بنحو 133 دورة في الثانية، وجسدها متورم إلا أنني حسبما وجدت أن عينيها مفتوحتان فرحت لما أيقنته انه بداية ربما لتحسن حالتها، خرجت من عندها عند الساعة 9 مساء وخلال عودتي إلى منطقة سكني في الرفاع سرعان ما تفاجأت باتصال من المستشفى يبلغني برحيل ابنتي عن الحياة التي فارقتها خلال فترة بسيطة لا تتعدي نصف ساعة من وقت تركتها على هيئتها، في غصون دقائق ترحل ابنتي فيما السبب مازال سرا، ذهبت ابنتي بمعية سرها الدفين في قبرها والذي حاول الأطباء أنفسهم أن ينكروا صلتهم في موتها...

وإنني كأب احمل المسئولية الكاملة في موت ابنتي بهذه الشاكلة إلى احد المعنيين في مستشفى السلمانية الذي لجأت إليه في بادئ الأمر ومنعني من نقل ابنتي إلى الرياض قبل أن تتطور حالتها إلى الأسوأ الذي وصلت إليه... وليس بالشيء المستبعد أن يكون سبب انتقال الجرثومة وتلوث صمامات قلب ابنتي هو راجع لأجهزة الغسيل المتوافرة في السلمانية التي لا تتعرض لأعمال صيانة وتنظف وتعقيم دقيق، مقارنة بعدد المحدود من الأجهزة مع الطلب المتزايد من المرضى الذين يفوق عددهم العشرات ويرتادون القسم بشكل يومي ومتواصل...

كما كانت لي رسالة تحمل شكاية ضد وزارة الصحة عن الإهمال الذي طال ابنتي وجهتها إلى مكتب احد المسئولين الكبار في الدولة بتاريخ 6 يوليو واتصلت بغرض الاستفسار فقيل لي إنهم بتاريخ 13 يوليو بعثوا بها إلى وزارة الصحة؟ كيف يتم نقل الرسالة الموجة ضد وزارة الصحة إليها بغرض طلب إنصافي منها وتصبح هي الخصم والحكم لي في آن واحد ؟!... لذلك لن أتردد في رفع قضيتي في المحاكم وتوكيل أفضل المحامين الذي يجد في نفسه القدرة والكفاءة والطاقة على محاججة هؤلاء الذين تسببوا بموت ابنتي وليأخذوا الحق منهم لطالما ظلموني وظلموا ابنتي معهم وهي تحت التراب.

(الاسم والعنوان لدى المحرر)

العدد 2158 - السبت 02 أغسطس 2008م الموافق 29 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 5:01 م

      يمهل ولا يهمل

      الله يرحمها والله اني عشت في محنتك من سرد قصتك المحزنه لاكن كان الاه في عونك وهذي المشكله التي نعاني منها في اكثر الدول العربيه قله الصدق والامانه والاعتراف بالذنب لاكن ربك يمهل ولا يهمل

اقرأ ايضاً