العدد 2233 - الخميس 16 أكتوبر 2008م الموافق 15 شوال 1429هـ

هواجس عربية تثيرها الأزمة المالية العالمية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أمطرتنا وسائل الإعلام، على امتداد شهر كامل بوابل من الأخبار والتحليلات التي غطت الأزمة المالية العالمية التي صدرتها الولايات المتحدة إلى عواصم العالم المختلفة. تناولت تلك التغطيات الإعلامية الأزمة من جوانبها المختلفة: الأسباب التي فجرتها، الخلفيات التي ساعمت في نموها، الإنعكاسات التي ستولدها، الصيغ والصور التي تمظهرت فيها، الأطراف والدول الأكثر تضررا منها ... إلخ.

لكن، لو أن مواطنا عربيا عاديا، ابتعد بعض الشيء، وترك بينه وبين الحالة القاتمة التي تبدو عليها الصورة المتشائمة التي يبدو عليها الإقتصاد العالمي اليوم، فسيكتشف، دون الحاجة إلى الإغراق في تفاصيل تلك الصورة وحيثياتها، الأمور الآتية:

-1 تنامي الحاجة الماسة إلى السيولة النقدية: إذ لم تتجاوز كل خطط إنقاذ العالم من براثن الأزمة وتحصين الأسواق ضد انتشارها، حتى الآن، إطار دعوة الحكومات أو مؤسساتها المالية المركزية، من مصارف وصناديق نقد، إلى ضخ مئات المليارات من الدولارات في تلك المؤسسات لتعزيز قدراتها المالية والإستثمارية من أجل الصمود والتعافي أولا، واستعادة الثقة فيما بينها ثانيا، وكسب ثقة الأفراد المتعاملين معها ثالثا. كل ذلك من أجل تمكينها من استعادة القدرة على مزاولة أنشطتها.

-2 احتمال اللجوء إلى تأجيج بؤر الصراع: إذ تعلمنا دروس التاريخ أن الدول العظمى، عندما تلم بها الأزمات، اقتصادية كانت أم سياسية، غالبا ما تلجأ إلى صرف أنظار مواطنيها عن الجبهة الداخلية وتوجيهها نحو الخارج، إما من أجل امتصاص النقمة التي ولدتها تلك الأزمة، أو لإعادة السرعة المطلوبة لمصانع الأسلحة كي تستعيد شيئا من طاقتها التي أبطأتها حالات السلام، ليس على الصعيد الداخلي فحسب، وإنما على المستوى العالمي أيضا. تأخذ الدول العظمى بهذا الخيار من أجل كسب تأييد مؤقت يعينها على تجاوز المراحل الحرجة منها بأقل الخسائر. وفي هذا السياق تبحث تلك الدول، بفضل انتشار حضورها في بقاع مختلفة من العالم، وبحذر شديد، عن أكثر المناطق التهابا، كي تشعل فتيل الصراعات في ساحاتها.

-3 الاستعانة بمكاسب أسواق السلع الإستراتيجية: ذلك لأن لأسواق السلع الإستراتيجية، بفضل تأثيراتها واسعة النطاق على المستوى الدولي، انعكاسات عميقة على أسواق الدول العظمى، نظرا إلى التأثير المتبادل بين الأسواق المحلية للدول العظمى، وحركة تلك البضائع الإستراتيجية في الأسواق المحلية. واليوم، وفي خضم هذه الأزمة المالية العارمة، يتصدر النفط قائمة السلع الإستراتيجية في الأسواق العالمية، ليس بوصفه سلعة إستراتيجية كمصدر أساسي من مصادر الطاقة، على رغم اهمية هذه المكانة، لكن بفضل الصناعات، وخصوصا البتروكيماوية، التي ولدها النفط كمادة خام.

حين يلقي المواطن العربي نظرة عالمية شمولية على خريطة الأزمة المالية العالمية التي ولدتها، أساسا، السوق الأميركية، سيكتشف أن المنطقة العربية من أكثر المناطق في العالم تأهلا للمساهمة، بإرادة مصادرة إن لم تكن مسلوبة، لحل تلك المشكلات، دون أن تحقق هذه المنطقة، من خلال تلك المساهمة اللإرادية، أية مكاسب على الصعيد المحلي، سواء نظرنا إلى تلك المكاسب من زاوية الحكومات العربية القائمة، أو حتى على مستوى المواطن، بما في ذلك مؤسسات القطاع الخاص التي يملكها أو يديرها فقط ذلك المواطن.

على مستوى السيولة، تكدست في المنطقة العربية، وخصوصا خلال السنوات العشر الماضية، سيولة نقدية ضخمة من جراء عاملين أساسيين: الإرتفاع غير المسبوق وغير المتوقع في أسعار النفط الذي لامس ثمن برميله سقفا لم يصل إليه من قبل، بغض النظر عن مدى جدوى هذه السيولة النقدية عند الحديث عن ركائز الإقتصاد الحديث. هذه السيولة يحتاجها الإقتصاد الأميركي كي تستعيد مؤسساته المالية والإستثمارية شيئا من الثقة التي أفقدتها إياها الأزمة الأخيرة، أوبفضل عودة نسبة عالية من الأموال العربية المستثمرة في الأسواق الأميركية بعد الإجراءات المالية الإنتقامية التي إتخذتها الإدارة الأميركية تجاه تلك الأموال بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001.

والأمر ذاته ينطبق على المنطقة العربية حين الحديث عن استعداد الأوضاع فيها للإشتعال. هناك الصراع مع القوى الخارجية وفي مقدمتها الصراع العربي الإسرائيلي، إلى جانب الصراعات الداخلية من نمط تلك المندلعة في العراق ولبنان ومناطق أخرى مثل السودان والشمال الإفريقي

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2233 - الخميس 16 أكتوبر 2008م الموافق 15 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً