العدد 2237 - الإثنين 20 أكتوبر 2008م الموافق 19 شوال 1429هـ

سياسة إحلال العمالة الوطنية في سلطنة عمان

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

تؤكد العديد من المؤشرات، أن السلطات في سلطنة عمان باتت مصممة أكثر من أي وقت مضى على معالجة الخلل في سوق العمل. في الآونة الأخيرة، أخذت سياسة إحلال العمال الوطنية محل الأجنبية (التعمين) أبعادا جديدة وشملت تخصيص 16 وظيفة للعمالة الوطنية في القطاع الخاص. وهناك فائدة أخرى لسياسة تقليص التواجد الأجنبي في القطاع الخاص وهو تعزيز فرص تحسين ترتيب عمان في تقرير أميركي بشأن معاملة العمالة الأجنبية في ضوء صدور تقرير أميركي ينتقد بعض القصور في القوانين المعمول بها في السلطنة.

إحصاءات البطالة

حقيقية القول، إنه لا يعرف على وجه الدقة الحجم الحقيقي للبطالة في عمان. بيد أنه يعتقد على نطاق واسع بأن النسبة لا تقل عن 15 في المئة في أوساط المواطنين المؤهلين للتوظيف. وترتفع هذه النسبة في المناطق البعيدة عن المدن. وتثير الحقائق الديمغرافية المزيد من القلق، إذ يشكل السكان دون سن الخامسة عشرة 43 في المئة من مجموع المواطنين. والأمر المؤكد هو أن عددا غير قليل من المواطنين سيدخلون إلى سوق العمل في المستقبل القريب بحثا عن وظائف مناسبة.

وتؤكد الأرقام المتوافرة سيطرة العمالة الوافدة على وظائف القطاع الخاص. فقد استحوذت العمالة الأجنبية على 79 في المئة من 580 ألف وظيفة في القطاع الخاص استنادا إلى إحصاءات تعود لمنتصف العام 2007. ويشار إلى أن العمالة المحلية شكلت نحو ربع حجم العمالة في القطاع الخاص قبل عدة سنوات. وحدث التراجع في أعقاب موجة نمو الاقتصادي الذي تحقق في السنوات القليلة الماضية كنتيجة مباشرة لارتفاع أسعار النفط.

تحديد التأشيرات

وكانت وزارة القوى العاملة قد اتخذت قرارا في فصل الصيف بـ «تعمين» 16 مهنة. وعليه، أوقفت تصدير تأشيرات لاستقدام عمالة أجنبية لهذه الوظائف التي تشمل الاستيراد والتصدير، الحلاقة، تصليح الالكترونيات، تصليح السيارات، الحدادة، السباكة، الخراطة وبيع الأقمشة. بيد أن القرار قوبل بالاستهجان من قبل بعض أرباب العمل، إذ أشاروا إلى خطوة القرار على الأداء الاقتصادي للسلطنة. وربما تكون وجهة النظر هذه صائبة بسبب وجود الحاجة إلى تدريب العمالة المحلية على هذه المهن الصعبة نسبيا والتي لا تشتهر بدفع رواتب مجزية لأسباب مختلفة منها توقع الزبائن بأن أسعار هذه الخدمات يجب أن تكون متدنية. بمعنى آخر، يخشى أن تؤدي هذه السياسة إلى حدوث خسائر لبعض مؤسسات القطاع الخاص وبالتالي إلحاق ضرر وليس منفعة على المدى القصير على أقل تقدير.

بالمقابل، لا يمكن توجيه اللوم للمسئولين لاتخاذ هذا الموقف نظرا إلى خطورة المسألة في ضوء محدودية فرص إيجاد وظائف للعمالة المحلية في مؤسسات القطاع العام. وتشكل العمالة المحلية أكثر من 90 في المئة من العاملين في مؤسسات القطاع العام. وتعد هذه النسبة أكثر من تلك المطلوبة في «رؤية عمان 2020» والمحددة عند 68 في المئة في الدوائر الرسمية بنهاية المدة. كما تشكل العمالة المحلية نسبا مرتفعة في بعض القطاعات الأخرى مثل الاتصالات والقطاع النفطي.

محاربة الاستغلال

من شأن سياسة الإحلال تحسين فرص ترتيب عمان في تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يرصد حالات استغلال العمالة الوافدة. فقد صنف تقرير العام 2008 سلطة عمان ضمن الخانة الثالثة وهي أدنى رتبة فيما يتعلق بظاهرة استغلال العمالة الوافدة. ورصد التقرير بعض الظواهر المرفوضة في سياسات العمل الدولية مثل احتفاظ الكفيل بجواز سفر العامل الأجنبي. كما أبدى التقرير تشكيكه في جدوى فاعلية عقوبة سجن مدتها شهر واحد لأولئك المتهمين بتوظيف الأحداث أو العمل تحت التهديد.

وكانت السلطات العمانية قد ألزمت نفسها في العام 2006 بمحاربة جميع أشكال استغلال العمالة الوافدة. وجاء التأكيد العماني أثناء مداولات مجلس النواب الأميركي لمشروع إنشاء منطقة للتجارة بين الولايات المتحدة وعمان. وكان مجلس الشيوخ الأميركي قد وافق على الاتفاقية بغالبية 60 صوتا مقابل 34 صوتا معارضا.

ولغرض الحصول على تصديق مجلس النواب، أعلنت السلطات العمانية عن خطوات محددة لتحسين ظروف عمل العمالة الأجنبية. ويشار إلى أن القوانين الأميركية تمنع دخول سلع للسوق الأميركية تعرضت أثناء عملية الإنتاج لحالات استغلال للعمالة المحلية أو الأجنبية. على سبيل المثال، هناك مطالب بخصوص بعض الأمور مثل ضمان وجود شبكة أمان للعمالة وتأمين، وهي تصب في مصلحة العمال بشكل عام.

اتفاق التجارة الحرة مع أميركا

وقد شدد عدد من السياسيين الديمقراطيين تحديدا، على ضرورة أن تطور عمان قوانين العمل وجعلها ملائمة مع معايير منظمة العمل الدولية. وكان السلطان قابوس قد أصدر مرسوما بتاريخ 8 يوليو/ تموز العام 2006 أي قبل التصويت في مجلس النواب على قانون عمل متطور. ويمنح القانون المعدل للعمال (بغض النظر عن جنسياتهم) حرية تشكيل نقابات على مستوى البلاد فضلا عن منحهم حق القيام بمظاهرات سلمية أو التوقف عن العمل إضافة إلى زيادة الجزاءات المفروضة على المؤسسات التي تقوم بتوظيف الأحداث. وقد تم رفع قيمة مخالفة توظيف الأحداث أربع مرات لتصل إلى 500 ريال عماني (نحو 1300 دولار) فضلا عن سجن لمدة شهر. وساهم الإعلان العماني في تصويت مجلس النواب بشكل ايجابي ولو بهامش محدود، إذ صوت 221 نائبا لصالح الاتفاق بينما عارضه 205 آخرون. ويبدو من تقرير الخارجية الأميركية أن السلطات العمانية قامت بتشديد العقوبات فيما يخص توظيف الأحداث. بدورنا، نؤيد دعوة عدم التساهل مع أولئك الذين يستغلون العمالة الوافدة بأي شكل من الأشكال.

ربما تحتاج الجهات الرسمية في البحرين إلى دارسة تجربة عمان في محاربة ظاهرة البطالة في أوساط الموطنين. كما يقتضي الصواب رفض جميع أشكال المعاملة السيئة للعمالة الوافدة لأسباب أخلاقية وحفاظا على سمعة الوطن في التقارير الدولية

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 2237 - الإثنين 20 أكتوبر 2008م الموافق 19 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً