العدد 2248 - الجمعة 31 أكتوبر 2008م الموافق 01 ذي القعدة 1429هـ

العيادات المتلفزة... ثقافة عامة تقدم معلومات ناقصة

من ينظر لشاشات التلفاز اليوم يظن أن العالم كله بكل ما فيه من كبير أو صغير، أو تفاصيل نهتم بها جميعا أو نغفلها، موجود في صندوق يتربع في صدر صالتنا. فبعد أن تدخلت هذه الشاشة في ملبسنا ومأكلنا، وأفضل الأساليب لإنفاقنا وترفيهنا، بدأ اليوم التلفزيون يتدخل في الوصفات المقترحة لعلاجنا، وتداوينا.

بعد أن ظهر كم كبير من كل نوع من البرامج، لم يستطع بعض الأطباء والمعالجين أن يتركوا الساحة خالية من بصمة لهم، فجميع المجالات الآن مشروعة العرض على الشاشات طالما أنها تشد فئة من المشاهدين، تضمن جذب المزيد من المعلنين والممولين لهذه المحطات.

ولعل ظهور بعض الأطباء في برامج حوارية بين الحين والآخر في موضوعات مختلفة ليس بالأمر الجديد، ولا بالمستهجن، بل على العكس هو أمر يرى الجميع أنه أسلوب ينشر نوعا مميزا من الوعي الصحي في مجتمع يفتقد لهذا النوع من الوعي.

غير أن تكاثر البرامج والمحطات المتخصصة في نشر وصفات وطرق سواء أكانت علمية أو شعبية للعلاج، هو أمر بات محط جدل ونقاش، وخصوصا أن الناس في كثير من الأحيان يبحثون عن إجابات لكثير من الأمور لم يجرؤ أحد على التعامل معها بشكل مباشر وصحيح، سواء أكانت هذه المشكلات تتمثل في أمراض، أو سمنة أو مشكلات نفسية أو غيرها ما قد يُلجأ لحله إلى طبيب أو معالج.

ولعل مشكلة العيادات التلفزيونية، ليس في كونها تقدم وصفات طبية خاطئة أو صحيحية، فكثير من هذه البرامج يقدم حلولا فعلية لبعض الأمور، إنما المشكلة قد تكمن في المتلقي الذي قد يرى أن أي تفسير يسميه (المقدم الطبيب) بالعلمي، فتمتلئ عباراته بكلمات ومصطلحات لا نعرف كيف ننطقها أو نرددها، بأنها تفسيرات لحالة لديه يعاني منها بشكل أو بآخر.

ما يشكل لدى المشاهد معلومة مجزوءة أو غير مكتملة وقد لا تنطبق عليه جملة وتفصيلا، وبهذه الطريقة سيعتقد بعض المتابعين أنهم تمكنوا من الحصول على معلومة ستحل لهم مشكلاتهم من دون الحاجة للرجوع إلى مختص فيها.

ومشكلات هذه البرامج لا تكمن فقط في متلقيها الذي يبحث عن حلول من خلال أقصر الطرق، فتحولها لمساحة ترويج ودعاية لبعض أشكال العلاج، أمثال عمليات التجميل، أو أدوية وخلطات التنحيف، وطرح الكثير من الحلول المتطرفة والتي قد تؤدي لتدهور صحة المستعملين لها، كل هذه أمور ساهمت في سعي الكثيرين لعلاجات ليسوا بحاجة لها.

من الأمور التي تنتقد في هذه البرامج لأنها بسبب محدودية المعلومات التي يمكن أن تقدم من خلالها، لضيق وقت البرنامج من جهة، أو لكي لا تؤثر معلومة معينة على حملة ترويجية لمنتَج علاجي يعلن عنه من قبل البرنامج من جهة أخرى، فإن الكثير من المتابعين لها يتبنون الحالة والأعرض التي شاهدوها، وخصوصا أن جزءا من المعلومة ناقص، فيصابون بالارتياب والتشكيك، وقد يتقمص المشاهد في بعض الحالات القليلة الحالة التي أمامه فيوصله تبنيه للأعراض إلى عيادة طبيب حقيقي من دون أن يكون مصابا بأي مرض بشكل فعلي.

العدد 2248 - الجمعة 31 أكتوبر 2008م الموافق 01 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً