العدد 2248 - الجمعة 31 أكتوبر 2008م الموافق 01 ذي القعدة 1429هـ

ما هي التغيرات الطبيعية أثناء الشيخوخة وأثناء الكبر في السن؟

هل لاحظت بعض التغيرات على والديك أو أحد أقربائك الكبار في السن الأعزاء على قلبك؟ هل لاحظت في إحدى زياراتك لهم بعض التغيرات في المظهر؟ أو الشكل الخارجي؟ أو حتى في السلوك؟ مما جعلك تقلق وتفكر إذا ما كانت هذه التغيرات هي تغيرات طبيعية خلال الشيخوخة أم لا؟ تُعرّف عملية الشيخوخة أنها مجموعة متتالية من العمليات المتغيرة المتأثرة بعدة عوامل، ومن هذه العوامل عوامل جينية أو وراثية وبيئية وسلوكية.

إذا فالشيخوخة ليست عملية واحدة فقط، بل يمكن أن تختلف هذه التغيرات من شخص لآخر حتى أن هناك بعض الأشخاص لا يختبرون أو يصابون ببعضها إطلاقا. وعلى كلٍ من المهم التعرف على أو ملاحظة بعض التغيرات الفسيولوجية أو الجسمية الشائعة والتي تؤثر في العديد من كبار السن.

أما التغيرات التي تحدث للحواس فتكون في: ضعف البصر، الذي يحدث بسبب نقص مرونة عدسة العين. ويلاحظ من خلال مسك الشخص للأشياء بعيدا نسبيا عن العين ومحاولة التركيز والنظر إلى الشيء، مثلا عند النظر إلى الصور الفوتوغرافية أو عند القراءة، بالإضافة إلى قلة شفافية العدسة ما يؤدي إلى مشاهدة الألوان بشكل مختلف. كما تقل كفاءة شبكية العين مما يؤدي إلى صعوبة التعامل مع الأضواء القوية أو صعوبة مقارنة بعض الأشياء ذات الفروق البسيطة. وتصعب الحركة سريعة للمسن نتيجة ضعف البصر بشكل عام.

كما يحدث التغير في ضعف حاسة السمع، ويلاحظ من خلال ضعف تمييز ما يخاطب به المسن فيردد عبارات مختلفة ولكن على نفس الوزن فمثلا كلمة «كلام» يسمعها «سلام» وهكذا. وقلة حساسية السمع للأصوات المرتفعة أو الأصوات ذات الترددات الحادة مثل صوت النساء، ويمكن أن يحدث ذلك نتيجة للتقدم في السن أو بعض أمراض الجهاز السمعي أو نتيجة لعوامل بيئية أو حتى تناول بعض العقاقير الطبية.

وضعف حاسة التذوق، تحدث نتيجة لتغيرات تحدث في اللسان نفسه مما ينتج عنه ضعف حاسة التذوق وخاصة للطعم الحلو والمالح. وقد وجد أن أطقم الأسنان الصناعية ذات التركيب غير المناسب يمكن أن تسهم في ضعف حاسة التذوق كذلك.

أما عن ضعف حاسة الشم فتحدث نتيجة لضمور المستقبلات الخاصة بهذه الحاسة في الأنف، وبالتالي تضعف حاسة الشم، حتى أنه يصعب على المسن التعرف على الغذاء الفاسد من خلال الرائحة النتنة.

وفيما يخص ضعف حاسة اللمس فتكون في نقص عدد المستقبلات الخاصة باللمس مع التقدم بالعمر، الأمر الذي ينتج عنه ضعف حاسة اللمس، مما يزيد من صعوبة الحفاظ على سلامة المسن من الاحتراق عند تعرضه لملامسة الأسطح الساخنة أو الماء الساخن.

وفيما يخص التغيرات التي تحدث للعضلات والعظام والمفاصل فتتمثل في: تراجع كتلة العضلات ومرونتها مع التقدم في السن، ما ينتج عنه ضعف في قوة الجسم وتناسق حركته بالإضافة إلى طول الوقت النسبي اللازم للقيام ببعض الحركات أو ردات الفعل، وتنكمش بعض العظام أو يقل حجمها وكتلتها كما تتضاغط عظام العمود الفقري، فينتج عن ذلك نقص في طول الجسم وضعف وهشاشة العظام وسهولة أو ازدياد فرصة الإصابة بالكسور، وتحدث تغيرات في مفاصل الجسم ينتج عنها حدوث تصلبات أو التهابات أو آلام مفصلية، بالإضافة إلى محدودية مدى حركة المفاصل.

وتحدث تغيرات في الجهاز التنفسي تتمثل في: زيادة نسبة إفراز السوائل المخاطية في الجهاز التنفسي بينما تقل كفاءة القنوات الهوائية بالتخلص منها مما ينتج عنه زيادة فرص التعرض للالتهابات والعدوى، ويبدأ جدار الرئتين والصدر بالتصلب التدريجي ما يؤدي مجتمعا مع ضمور العضلات إلى زيادة فرص التعرض لأمراض الجهاز التنفسي، وتقل كفاءة تبادل الغازات وخاصة الأوكسجين ما يؤدي إلى صعوبة القيام ببعض أنواع التمارين الرياضية أو غيرها.

وفيما يخص التغيرات التي تحدث للجلد فتقل سماكة الشعر ويضعف، وتظهر التجاعيد على الجلد وتقل حساسيته، ويصبح الجلد أقل سمكا وأقل مرونة ما يزيد من احتمال الإصابة بالجروح أثناء مزاولة الأنشطة اليومية المعتادة، وتقل كفاءة عملية التعرق في الجلد مما ينتج عنه صعوبة في المحافظة على درجة حرارة الجسم بالشكل الأمثل، بالإضافة إلى أنه تقل سرعة نمو الأظافر ما يجعلها سهلة التكسر، ويصبح الجلد أكثر جفافا نتيجة لقلة كفاءة الخلايا الدهنية به مما يعرض الجلد للإصابة بالالتهابات والتقرحات.

وتتعرض الغدد الصماء إلى تغيرات تتمثل في: قلة معدل التمثيل الغذائي مما ينتج عنه زيادة في الوزن، وقلة قدرة هرمون الأنسولين على تكسير سكر الجلوكوز في الدم مما ينتج عنه الإصابة بالنوع الثاني من السكر، وقلة نسبة إفراز بعض الهرمونات الهامة في الجسم ما يؤدي إلى ضعف المناعة وزيادة فرص الإصابة بأمراض القلب.

ومن جانبه يتعرض القلب والجهاز الدوري إلى تغيرات منها أن سرعة نبضات القلب تستغرق وقت أطول لتعود إلى المعدل الطبيعي بعد القيام بتمرين ما، وتقل سرعة خفقان القلب مع التقدم في السن مما ينتج عنه انخفاض معدل النبض مقارنة بمرحلة الشباب، وتقل سرعة دوران الدم في الجسم مما ينتج عنه برودة في الأطراف (اليدين والرجلين)، وزيادة احتمال الإصابة بالجلطات الدموية، وبطئ التئام الجروح وحدوث التقرحات.

تفقد الشرايين مرونتها و تتراكم الصفائح الدموية على جدرانها مما يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وتضعف الأوعية الدموية مما يزيد من احتمال تعرض الجلد للتمزق أو التبقع بما يشبه الكدمات. أما عن التغيرات التي تحدث للدماغ والجهاز العصبي فتشمل: نقص ورود الدم إلى الدماغ الذي يؤدي إلى نقض تروية الدماغ بالأوكسجين، وينتج عنه بطئ إنجاز الأعمال التي تحتاج إلى مهارات دقيقة و سرعة، أو التي تحتاج إلى توازن وتنسيق، وتحدث تغيرات الإدراكية يمكن أن تؤدي إلى بطئ القدرة على استرجاع أو تذكر الأسماء أو الكلمات، ولكن عادة تبقى القدرة على تكوين الجمل والتعرف على ماهية الأشياء ومعاني الكلمات دون تغيير.

كما تقل قدرة أو حاسة الشخص بالألم والضغط والحرارة بالتقدم في العمر، في حين أن التغيرات التي تحدث للجهاز الهضمي تتمثل في: قلة كفاءة الجهاز الهضمي ما يعني مرور الطعام ببطء في القناة الهضمية وهو ما يؤدي إلى حدوث اختناق «غصّ»، أو بقاء الطعام مدة أطول في المعدة وبالتالي يؤدي إلى الإصابة بالحموضة والحرقان، وبطئ نشاط عضلات القولون فتتسبب في حدوث الإمساك، وأخيرا تقل كفاءة الكبد في التخلص من السموم وتضعف قدرتها في تمثيل العقاقير الطبية «الأدوية» التي يتناولها المسن.

وتحدث تغيرات للجهاز البولي من خلالها يقل حجم الكلى وتقل بالتالي قدرتها على الترشيح أو «الفلتره» مما يؤدي إلى انخفاض قدرة الجسم على التخلص من الفضلات السامة الناتجة عن التمثيل الغذائي أو العقاقير الطبية، وتضعف بعض الهرمونات الكلوية ما يؤدي إلى ضعف قدرة الكلى على امتصاص بعض الأملاح والماء أثناء عملية الترشيح، وينتج عن ذلك إصابة المسن بالجفاف وما يترتب عليه من الشعور بالدوار والإعياء، وتقل سعة المثانة وتضعف جدرانها مما يؤدي إلى الإصابة بسلس البول أو حِصار البول أو بالعدوى، ويزداد نشاط الكلى عندما ينام المسن على السرير مما يؤدي بالإضافة إلى بعض التغيرات الأخرى إلى زيادة رغبة المسن بالذهاب إلى دورة المياه خصوصا في المساء.

لاحظوا مع أن التغيرات التي ذكرناها فيما سبق تعتبر طبيعية مع التقدم في السن إلا أنها تزيد من حاجة المسنين إلى الاعتماد على الغير في مزاولة أنشطة الحياة اليومية التي أصبح يجد فيها صعوبة. إذا كان لديك قريب مسن فإنه على وعي تام بهذه التغيرات ويشعر بالقلق حيالها، ولكن تفهمك أنت لهذه التغييرات وعطفك وصبرك ومهاراتك في حل المشاكل التي يتعرض لها يمكن أن يخفف الكثير مما يعانيه المسن ويمر به.

إن أهم أمر يساعدك على مساعدة المسن بفاعلية هو أن تسجل ملاحظاتك باستمرار عن كل ما تلحظه من التغيرات التي ذكرناها أو غيرها وأن تشاركه وتناقشه بما يخص هذه المشكلة وأن تستشير الأشخاص المختصين مثل العاملين الصحيين أو غيرهم ، وأن تسرع في تنفيذ ما يقترحه المختصين لتحافظ على صحة وسلامة وكرامة المسن وعلى تواصلك معه. وتذكر دائما أن عملية التقدم في السن أو الشيخوخة هي عملية غير عكسية ولا يمكن إيقافها أومنعها بل يمكن العمل على إبطائها عن طريق التحكم أو السيطرة على آثارها.

غادة يوسف الرئيس

مختصة في علم التغذية

العدد 2248 - الجمعة 31 أكتوبر 2008م الموافق 01 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً