العدد 2256 - السبت 08 نوفمبر 2008م الموافق 09 ذي القعدة 1429هـ

الأولمبياد الخاص البحريني... دور الطبيب مثالا (1)

نبيل حسن تمام comments [at] alwasatnews.com

طبيب بحريني

انطلقت أول ألعاب أولمبية خاصة في العام 1968 عندما نظمت إيونس كنيدي شريفر أول ألعاب صيفية عالمية في سوليدر فيلد - شيكاغو - إلينوي - الولايات المتحدة الأميركية وذلك بمشاركة 1000 لاعب ولاعبة كانوا يمثلون 26 ولاية أميركية وكندا.ولقد سبق هذا الحدث محاولات عديدة إذ ولد هذا المفهوم في العام 1960, عندما بدأت شريفر في تنظيم معسكر ذي اليوم الواحد للمعوقين ذهنيا, إذ رأت وآمنت بأن هؤلاء المعوقين ذهنيا كانوا أكثر قدرة في الرياضة والأنشطة البدنية من كثير من الخبراء المتمرسين.

ومن هنا جاءت فلسفة الأولمبياد الخاص مستندة على الاعتقاد بأن الأشخاص من ذوي الإعاقات الذهنية يمكنهم التعلم, الاستمتاع والاستفادة من مشاركتهم في رياضات فردية وجماعية, في حال توافر لهم التوجيه والتشجيع المناسبان, ويؤمن الأولمبياد الخاص بأن التدريب المستمر هو عامل أساسي لتطوير المهارات الرياضية, وأن التنافس الرياضي هو أكثر الوسائل المناسبة لاختبار التطور في هذه المهارات, هذا بالإضافة إلى أن التدريب والتنافس الرياضيين يفيدان الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية جسميا, عقليا, اجتماعيا ويتعزز دور الأسرة في هذا المجال.

إن منظمة الأولمبياد الخاص الدولية هي برنامج دولي للتدريب الرياضي والمنافسات الرياضية لمدة عام لعدد يبلغ أكثر من مليون طفل وبالغ من المعاقين ذهنيا, وينطوي شعار الأولمبياد الخاص في عبارة «دعني أحقق الفوز... وإن لم أستطع الفوز, دعني أكون جريئا في المحاولة».

وانطلاقا من هذا الشعار تم وضع رسالة الأولمبياد الخاص وهي (تقديم التدريب والتنافس الرياضي للأطفال والراشدين ذوي الإعاقة الذهنية على مدار العام في مجموعة متنوعة من الرياضات ذات النمط الأولمبي ليمنحهم فرصا مستمرة من أجل: تطوير اللياقة الجسدية, إظهار الشجاعة, خبرة المرح, المشاركة في تبادل الهدايا والمشاركة في المهارات والصداقات مع رياضيي الأولمبياد الخاص وأسرهم والمجتمع).

بالنظرة الفاحصة لما سبق ذكره من شعارات وأهداف ورسالة الأولمبياد الخاص, نرى فوائد جمة من المشاركة في الألعاب الخاصة للمعاقين ذهنيا وتشمل تحسين اللياقة البدنية والمهارات الحركية وتحقيق المزيد من الثقة بالنفس وتصور نفسي غاية في الإيجابية وصداقات ودعم عائلي متزايد, حيث يستخدم رياضيو الأولمبياد الخاص هذه الفوائد في حياتهم اليومية, في بيوتهم وفصولهم الدراسية, وعملهم, وفي مجتمع العائلات التي تشارك لدعم العلاقات فيما بينهما بسبب إيجاد توجيه أكبر لطموح الرياضيين المعاقين ذهنيا, ومن جهة أخرى يجد المتطوعون من المجتمع الصداقة من هؤلاء الرياضيين, ويتعلم الجميع المزيد عن مهارات الأشخاص الرياضيين المعوقين ذهنيا.

لهذا حوت روح الأولمبياد الخاص بالمعاني والكلمات التالية (المهارة - الشجاعة - المشاركة - المتعة التي تتجاوز حدود الجغرافيا والجنسية والفلسفة السياسية والجنس والسن والنوع والدين).

إن ما يميز برامج منظمة الأولمبياد الخاص عن برامج المنظمات الرياضية الأخرى هو, ميزة التدريب المجاني, عدم وجود رسوم للمشاركة على اللاعبين أو البرامج, وحصول جميع المشاركين على جوائز, الاختيار العشوائي للفائزين للمشاركات الدولية أو الإقليمية أو الوطنية, وإمكانية مشاركة جميع مستويات القدرة الذهنية في برامج الأولمبياد الخاص ولكن يتم استخدام نظام خاص في «التصنيف» وذلك لضمان منافسة اللاعبين ضمن نفس مستوى القدرات والعمر والجنس. إن برامج الأولمبياد الخاص معتمدة في ما يقرب من 150 دولة في العالم, حيث أن منظمة الأولمبياد الخاص هي المنظمة الوحيدة المعترف بها من قبل اللجنة الأولمبية الدولية لاستخدام مسمى «أولمبي» في أنحاء العالم.

بلغ عدد الرياضات حاليا 26 رياضة أولمبية حيث تنقسم الرياضات حسب الفصل أو الموسم إلى رياضات شتوية ورياضات صيفية, فالرياضات الشتوية تكون حول التزلج فوق المرتفعات, التزلج الأفقي, الهوكي الأرضي, التزلج الإيقاعي أو سباقات التزلج, وأما الرياضات الصيفية تكون حول الرياضات المائية, ألعاب القوى, كرة القدم والسلة أو الطائرة, التنس, البولنج, الدراجات الهوائية, الجولف, والجمباز... إلخ.

هذا بالإضافة إلى إدراج بعض الرياضات الشعبية الشائعة مثل الإبحار, تنس الطاولة, تنس الريشة وكرة اليد الجماعية.

إن الزيادة المطردة في عدد اللاعبين حول العالم يدل على مدى انتشار هذه المنظمة حول العالم, فقد تطور عدد اللاعبين من, 58.500 في العام 1988 إلى 750.000 في العام 1990 إلى أن أصبحوا مليون لاعب في العام 2005 وبلغ التعداد الأخير 2.25 مليون لاعب في 150 دولة حول العالم.

يلعب الجانب الرياضي جانبا مهما ولكنه ليس الوحيد والمحوري في عمل المنظمة, فإن المنظمة تبنت مجموعة من المبادرات بهدف تدعيم مشاركة المعوقين عقليا في المجتمع مثل (برنامج الرياضات الموحدة, برنامج الأهالي, البرامج القيادية للاعبين, برنامج المدارس, برنامج تدريب الأنشطة الحركية وبرنامج صحة اللاعبين والذي سنتناوله بشيء من التفصيل لاحقا).

إن من الأسباب التي دفعت الأولمبياد الخاص الدولي لتبني تلك المبادرات هو الاستجابة للتطور المستمر في السياسات المجتمعية والعالمية من خلال المؤسسات الدولية التي تهتم بشئون المعوقين والإعلانات الدولية بذلك الخصوص والاتجاهات نحو المعوقين عقليا بهدف إتاحة الفرص لهم للمشاركة في مدارس الدمج والدمج المجتمعي.

وهنا يأتي الدور المهم الذي يلعبه المتطوعون من خلال هذه المنظمة, حيث يوجد أكثر من 500.000 متطوع في العالم يمنحون الأولمبياد الخاص وقتهم وطاقاتهم وولاءهم والتزامهم, إن المتطوعين يساعدون الأولمبياد الخاص على تقديم برامج التدريبات والمنافسات الرياضية إلى ما يقارب مليون شخص ذي إعاقة ذهنية في العالم, حيث يتشكل المتطوعون من الطلبة, المتقاعدين, رجال العمال, أفراد عائلات اللاعبين, اللاعبون المحترفون, المدربون, المدرسون, الأطباء وغيرهم الكثير.

وتركزت الأهداف في: تحسين المساعدة والعناية الصحية للرياضيين المشاركين على أساس كشف صحي دقيق, تدريب وتعليم الطلاب والكوادر العناية الصحية بما فيها الاحتياجات الخاصة وكيفية التعامل والاهتمام بالأشخاص الذين يعانون من الإعاقة الذهنية, تجميع وتحليل البيانات والتواصل مع الحالات الصحية والاحتياجات للأشخاص الذين يعانون من الإعاقة الذهنية وأخيرا الارتفاع بمستوى الاهتمام العام وعلى الأخص بمشاكل العناية الصحية التي تواجه الرياضيين في الأولمبياد الخاص.

برنامج الابتسامات الخاصة يقدم خدمات الفحص الطبي للفم والأسنان، كما يعمل على تنظيم محاضرات تثقيفية في المجال ذاته، وتوفير خدمات وقائية، وإذا لزم الأمر توجيه اللاعبين إلى مؤسسات وجهات علاجية محلية أكثر تخصصا وذلك لمتابعة الحالة الصحية.

وبرنامج العيون المفتوحة الذي يقوم بمسح شامل للنظر ويشمل 15اختبارا مختلفا للعيون والنظر والانعكاسات, كما قدم للذين ظهر عندهم مشكلات أثناء المسح للنظارات الطبية للعيون, ونظارات الماء الواقية للعيون أثناء السباحة في الألعاب المائية. ومع نهاية الألفية السابقة تطور البرنامج الصحي للرياضيين ليشمل عدة تخصصات طبية أخرى مثل السمع, والصحة العامة, العلاج الطبيعي وصحة القدم والعظام.

وفي مجال العلاج الطبيعي، يوفر الأولمبياد الخاص الفحوص الطبية وخدمات التوعية فيما يتعلق باللياقة البدنية العامة من خلال مجال اللياقة الترفيهية، فمن خلال هذه الفحوصات يقوم اختصاصيو العلاج الطبيعي بتقديم خدمات التوعية والمشورة للاعبين والمدربين فيما يتعلق بأنسب الأساليب الآمنة للتدريب والتنافس.

ومن خلال مجال التوعية الصحية، يتولى المختصون في مجالات التغذية والنظم الغذائية توعية وتثقيف اللاعبين فيما يخص أهمية تجويد العادات الغذائية، مخاطر التدخين وما يخص سلامة وصحة العظام.

وما السمع الصحي (Healthy Hearing ), إلا هو أحد مكونات البرنامج الصحي للرياضيين المشاركين في الأولمبياد الخاص والذي أنشئ في العام 1995 ولكن لم يبدأ البرنامج على الصعيد الفعلي إلا في العام 1998, صمم البرنامج لغرضين هما: دراسة انتشار فقْد السمع عند الرياضيين المتنافسين في الأحداث الأولمبية, وعمل مسح للسمع عند الرياضيين الذين يشاركون في أحد أحداث الأولمبياد الخاص وإشعار الرياضيين ومدربيهم عن أية متابعة طبية يحتاجونها.

لقد بدأ برنامج السمع الصحي محليا في البحرين في العام 2005 وكاتب هذه السطور هو مشرف هذا البرنامج في الأولمبياد الخاص البحريني حيث تم مسح شامل في مناسبتين الأولى في العام 2005 والثانية في العام 2006 وذلك بنجاح منقطع النظير, كما سنتناول بشيء من التفصيل في الحلقة المقبل عن إنجازات الأولمبياد الخاص البحريني

إقرأ أيضا لـ "نبيل حسن تمام"

العدد 2256 - السبت 08 نوفمبر 2008م الموافق 09 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً