العدد 2316 - الأربعاء 07 يناير 2009م الموافق 10 محرم 1430هـ

من أسباب البطالة

كيفية توظيف الأيدي العاملة: قد يغيب على البعض كون كيفية توظيف واستغلال المصادر العمالية سببا من أكبر الأسباب للبطالة (وإن كان لا ينكر تأثيرها على الإقتصاد)، وهذا الإستغلال الخاطىء يقع على عاتق الإدارة على وجه الخصوص وإن كانت الأيدي العاملة أيضا لها نصيب في المسئولية عن هذا الإنحراف.

فكما هو معلوم، الهدف المتوخى من التوظيف هو تحقيق أكبر زيادة ممكنة من الربح عن كل موظف يتم توظيفه، وتحقيق هذا الهدف يقلل البطالة لأنه يخلق أعمالا إما بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر، بشكل مباشر من قبيل التوسعة في مجال العمل نفسه وتطويره ما يتطلب زيادة عدد الموظفين، أو بشكل غير مباشر عن طريق إنعاش الاقتصاد المحلي وبالتالي التشجيع على خلق مجالات عمل أخرى.

لنتحدث عن الجانب الذي يقع على عاتق المسئولين والمدراء لأنه أسهل في التشخيص والعلاج.

لنبدأ حاليا بمسألة عدم اختيار الموظف المناسب للمكان المناسب، فعند شغل الوظيفة من قبل الشخص غير المناسب فإن العمل لا يتطور، وعدم تطور العمل يعني عدم نشوء فرص عمل أخرى. على سبيل المثال، إذا تم توظيف مهندس زراعي متخصص في الإنتاج النباتي في موقع عمل يتطلب وجود مهندس زراعي متخصص في الإنتاج الحيواني، فإن هذا المهندس سيقصر عمله على إدارة العمال ومراقبتهم أما تطوير العمل في مجال الإنتاج الحيواني سيمثل مهمة صعبة عليه، فإذا كان يشرف على تربية المواشي لن يستطيع أن يطور العمل بحيث يوصل الإنتاج إلى درجة الإنتاج الأمثل إذ تكون التكاليف أقل ما يمكن وبالتالي التأسيس لفرص عمل أخرى في هذا المجال، وإذا فرضنا أنه استطاع أن يوصل الإنتاج إلى تلك الدرجة فلن يستطيع أن يؤسس لفرص عمل جديدة في مجال يختلف عن مجال تخصصه لأن ذلك يتطلب نوعا من الإبداع في مجال العمل.

و هنا تعتبر الواسطة والمحسوبية من أكبر أسباب توظيف الموظف في المكان الغير مناسب، وهناك أسباب أخرى من قبيل الممارسات الإدارية السياسية من أجل السيطرة إذ يقوم المدير بتعيين الموظف في غير مجال اختصاصه لكي يحد من تطوره في العمل، ويشيع هذا الأمر بشكل رهيب في الدوائر الحكومية والدوائر غير الربحية لضعف المحاسبة.

أحيانا يتم اختيار الشخص المناسب للعمل ولكنه غير مواطن، بمعنى أن انتعاش حالته الاقتصادية الخاصة قد يتسبب في زيادة انتعاش الحالة الاقتصادية لموطنه الأصلي أكثر مما يتسبب في انتعاش الوضع الاقتصادي لبلدنا – لاحظ التأثير المزدوج على العمالة الوطنية والمتمثل في شغل وظيفة وطنية أولا و تحويل الأموال إلى الخارج ثانيا - وهذا الوضع قد يكون تأثيره السلبي محدود إذا لم يكن هناك من المواطنين من لديه مؤهلات لشغل تلك الوظيفة، أما إذا كان هناك من المواطنين من يمكنه شغل تلك الوظيفة مثل ذلك الأجنبي أو أفضل وهو عاطل أو يشغل وظيفة أقل مستوى من تلك الوظيفة، فهذا الوضع يتسبب في إنعاش اقتصاد البلد الأجنبي على حساب بلدنا، بل إن هناك حالة أشد بؤسا وأعظم خسرانا وهي عندما يكون الموظف الأجنبي في مكان ليس هو أهلا له مع وجود العاطل البحريني المؤهل، فتلك السرقة للوطن في وضح النهار وتلك هي الخيانة من قبل أرباب العمل المحليين، والمؤسف أن هذه الحالة حاصلة بل وشائعة في بلدنا.

ومن أسباب هذه الحالة الأخيرة عدة أمور، منها إن المدير أو المسئولين لا يثقون في أنفسهم أو في مواطنيهم ولديهم عقدة كونهم من دول العالم الثالث فيجلبون مدراء وخبراء من أميركا و أوروبا، و قد تفشى هذا الوضع في السبعينيات من القرن السابق ومازالت بعض مخلفاته موجودة.

وسبب آخر هو الأكثر شيوعا في الزمن الحاضر يتمثل في كون المدير البحريني يخاف على الكرسي ولايريد أن يكون هناك من بين الموظفين من ينافسه لذلك يجلب عددا من الموظفين الأجانب ويأتمنهم على أسرار العمل دون البحرينيين لأنهم أكثر طواعية له بحكم كونهم مغتربين، ولكن هل يقف الأمر عند الحد الذي خطط له هذا المدير الفاشل؟ إن المدير الذي يعجز عن المحافظة على كرسيه بالطرق القانونية والتنافسية الشريفة هو أعجز من أن يفلت من الوقوع تحت سيطرة الأجانب الذين قام بتوظيفهم، فتراهم يستعملون نفوذهم الذي خلقوه على مدى الزمن الذي عملوا فيه ويستخدمون طرق الترهيب والترغيب لعلمهم بأسرار المدير، فيقومون بتأمين مراكزهم بل وبالعمل على توظيف المزيد من أبناء جلدتهم .و هناك أسباب سياسية كأن تكون الطبقة ذات النفوذ السياسي في الدولة ترغب في توظيف مغتربين لأسباب مصلحية خاصة، فيقوم أولئك المغتربون باستغلال هذه الرغبة لدى ذوي النفوذ السياسي فيقيمون علاقات مصلحية حميمة معهم ما يزيد في تغلغلهم في العمل و يطيل بقاؤهم فيه، فيقومون بطبيعة الحال بتوظيف المزيد من أبناء جلدتهم.

لؤي عباس حسن

العدد 2316 - الأربعاء 07 يناير 2009م الموافق 10 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 5:52 ص

      اسباب البطالة

      9 من أصل 10 مهنيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا صرحوا بأن أصدقائهم أو أفراد عائلتهم تأثروا بالبطالة. لمعرفة المزيد

    • هشام الأيوبي | 8:40 م

      فعلا حطيت ايدك على الجرح

      فعلا هذا سبب من اسباب البطالة الرئيسية بالقطاع الخاص ,,,

اقرأ ايضاً