العدد 2351 - الأربعاء 11 فبراير 2009م الموافق 15 صفر 1430هـ

شاكر عبدالحميد:نعيش عصر الصورة وثقافة الاستهلاك

تلملم أفكارك عن الرجل مؤلف كتاب «عصر الصورة»، والمشتغل على الإبداع دراسة وبحثا، كتابا بعد كتاب. تذهب إليه محملا بأسئلتك عن الصورة وخطابها المهيمن في كل شيء. تبحث عمن يكشف ألاعيبها، ويبدد سلطتها، ويبسط إبهاره. عمن يفككها ويبصر كيف تعمل وما وراءها. وفي أي مكان من الذهن تشتغل، وكيف تختزل الناس في صور نمطية، وكيف يتحكم منتجوها بالناس. وكيف تتمثل صور الميديا الناس في خطاباتها المفبركة والمراوغة وتعيد إنتاجهم بما يخدم المنتج وعالم السوق وعصر الاستهلاك.

حضور مهيمن

ما سمات عصر الصورة وما مستلزمات الوعي بهذا العصر؟

- نعم نحن في عصر الصورة ومازلنا فيه بدليل هذا الحضور الجارف للصورة، في جميع جوانب الحياة.وعندما ننظر حولنا نجد أن الصورة موجودة في كل شيء تقريبا، في التربية والتعليم، في وسائل الإعلام، في التسويق، في النشرات الإخبارية التي يتابعها الناس ليلا ونهارا، في الإعلانات، في وسائل الترفيه، المنتشرة لدى الأطفال والكبار، في أفلام السينما، المسرح، التلفزيون، ألعاب الفيديو. كل هذه الأمور تدل على الهيمنة والحضور الطاغي للصورة، في حياة الإنسان.

عصر الصورة مرتبط بثقافة الاستهلاك التي هي ثقافة المظهر والسطح والإبهار، الثقافة التي تعتمد على اللحظة، وهذه الجوانب تحتوى على عيوب أو نقا ئض، أو نقائص عصر الصورة نفسه، لأن الاهتمام بالمظهر يتم على حساب العمق، في كثير من الأحيان، والاهتمام باللحظي والعابر على حساب، الثابت والمستقر، والدائم، على حساب القيم.

متى بدا وعي الإنسان بالصورة؟

- نحن هنا نتكلم على مستويين، المستوى الخاص بالإنسان عامة عبر تاريخه ومستوى الإنسان اللحظي، أو الإنسان الطفل والراشد. وحسب المعنى العام فمنذ رسوم الكهوف التي يرجعها بعض الباحثين إلى مئة وثمانين ألف سنة. أقدم صور اكتشفت في الكهوف في أوروبا وجنوب فرنسا وأسبانيا وحتى في جنوب أفريقيا يعود إلى نفس التاريخ، وهناك نظريات وتفسيرات كثيرة لهذه الرسوم. البعض يربطها بنشاط الصيد، أوالخوف أو بالأساطير ومحاولة الإنسان تفسير العالم. وهذه الصور أقدم من النصوص المكتوبة، المكتشفة، لأن الكتابة جاءت بعد ذلك ربما بآلاف السنين فالصورة موجودة تقريبا منذ بداية وعي الإنسان بنفسه وبالكون.

أما على المستوى الفردي فالطفل يرى العالم قبل أن يتكلم، يرى العالم كصورة ويفكر فيه كصورة، ويتعامل مع الأم والمحيطين بها كصورة قبل أن يتكلم ومن ثم تكون الصورة وسيلة للتعلم والتفاعل مع الآخرين، عن طريق الإدراك قبل أن يستطيع نطق الكلمة الأولى في نهاية السنة الأولى.

التفكير البصري وثنائية اللغة والصورة

كتب لايكوف عن التفكير بالصورة، وأن للغة المستخدمة عند الإنسان هي عملية صورية؟

- بالتأكيد إذ لا يمكن تصور الشاعر بدون صورة، والصورة الشعرية هي في النهاية مشهد. وكلما كان الشعر قادرا على التعبير بالصورة كلما كان أكثر قدرة في التأثير على الآخرين والوصول لهم. الصورة ترتبط بالانفعال والحركة والتخيل وكل الجوانب المهمة والمؤثرة في حياة الإنسان، الأدب، الرواية التي تصف مشاهد لابد للإنسان أن يتصورها بصريا في داخله. ومن ثم فالتفكير البصري موجود في الأدب، فالأدب لا يعتمد على اللغة بل يعتمد على تحويل اللغة إلى صورة، والمتلقي يحول هذه الصورة إلى تفكير بصري، والتفكير البصري محاولة لفهم العالم، من خلال لغة الصورة والشعر.

ألا تعتقد أن التفكير البصري يختزل الأشياء بشكل مفتوح ومطلق في الوقت الذي تقوم فيه الكلمة بالتعبير عن الأشياء بالتحديد، وهي التأسيس العلمي للأشياء. أما الصورة فهي شيء مفتوح جدا، ونحن في عصر لا تستطيع أن تقبض فيه على شيء أو أن تؤكد أو تثبت بسبب طبيعة الصورة وبسبب هذا الكم من الصور، فهل هناك تناقض بين العلم من خلال الصورة والعلم من خلال الكلمة؟

- ربما كان العكس صحيحا خصوصا إذا نظرنا إلى الصورة بطبيعتها المكانية، وإلى اللغة بطبيعتها الزمانية. اللغة بطبيعتها متسلسلة بينما الصورة بطبيعتها متزامنة ومتماكنة آنية. وصحيح أنها تتغير ولكنها تدرك بشكل كلي. في نفس اللحظة أما اللغة ففيها هذا التدفق والاستمرار والتتابع. وقد نتخيل أنه بسبب هذا التصور للطبيعة الزمنية للغة نرى أنها متغيرة. اللغة تبدأ وتعود لبدايتها من جديد، لأن طبيعة التفكير الإنساني بهذا الشكل من الجزء إلى الكل فيما يتعلق باللغة، إنما فيما يتعلق بالصورة، من الكل إلى الجزء. والمسألة ليست بهذه الثنائية إما الصورة أو اللغة لأن داخل الصور لغة وداخل اللغة صور. حتى في الفن التشكيلي حينما يضع الفنان اسما للوحة أو يتحدث عنها أو يطلب من الآخرين التحدث عنها أو يكون سعيدا عندما يتحدث الآخرون عنها، وهذا معناه تحويل الصورة إلى لغة، وكأنه لا يمكن أن يتكامل التفكير إلا من خلال هذه الوحدة ما بين الصورة والكلمة.

هل ثقافة الصورة خاصة أم عالمية، هل هناك حضارات ثقافتها ثقافة صورة، وحضارات ثقافتها ثقافة لغة، وهل ينطبق هذا التقسيم على الحضارة العربية في مقابل الحضارة الغربية؟

- البعض يؤكدون على هذه الثنائية، ولكنها ثنائية تحتاج إلى مراجعة، بمعنى أنه صحيح أن الصورة منتشرة في ثقافات أكثر من غيرها، لكن الإبداع في مجال الصورة موجود في ثقافات وأخرى تكتفي بالتلقي.عندما ننظر للاختراعات المرتبطة بفكرة الصورة، الفن التشكيلي، التصوير الفوتوغرافي، السينما، الإنترنت، والكمبيوتر، الموبايل، وكل ما يتعلق بالصورة سواء من حيث إنتاجها أو تلقيها.

ونحن كثقافة عربية وإسلامية ليس لدينا إسهام في ذلك ومنذ الحسن بن الهيثم في أواخر القرن العاشر ليس هناك إسهام مهم من حيث الابتكار العلمي. معظم ما قدم حتى الآن قدم في الغرب، بمعنى أنه بدأت فكرة التصوير في فرنسا وتم اختراع الكاميرا 1839 على يد لوي دجير وصحيح أنه هناك تراكم معرفي منه ما قدمه الحسن بن الهيثم، حول الغرف المظلمة، ولكننا تقريبا توقفنا عند هذه النقطة.

التطور الذي حدث للفن التشكيلي كان مرتبطا بفكرة المنظور. وفكرة المنظور ترتبط بفكرة البعيد والقريب.وقد بدأ الفنانون في عصر النهضة، في أوروبا في القرن الخامس عشر والسادس عشر، وربما قبل ذلك، يهتمون بفكرة المنظور، وبتصوير العالم القريب والبعيد. لكن الفنانين يبذلون وقتا كبيرا في صياغة وضبط المنظور.فبدأت تظهر آلات تساعدهم في رسم المنظور وبدأ بعض الفنانين والعلماء يبتكرون آلات لمساعدة الفنانين في رسم المنظور، وتطور هذه الآلات هو الذي أدى لظهور الكاميرا. وقد كتبت كتابا كاملا في هذه النقطة، كيف وصل الإنسان لفكرة المنظور وعلاقته بالمكان وعلاقته بالبيئة وعلاقة العين، وكيف تطور هذا إلى أن ظهرت الكاميرا التي تصور صورا ثابتة. ومع المزيد من الاهتمام بالحركة والربط بين الزمان والمكان، ظهر التصوير السينمائي، والذي لوحده حكاية طويلة وكبيرة تمتد من أديسون إلي أميركا إلى فرنسا إلى أن ظهرت فكرة التصوير السينمائي، مع قوانين الجشطالت والحركة و السينما ثم التلفزيون وحركة الصورة التي لا تنتهي.

تأثير الصورة على القراءة

هل أدت حركة الصورة وتلاحق اكتشافاتها على المستوى العلمي، ومخترعاتها وأثرها على الإنسان إلى ضعف وانحسار في المجال المكتوب، فقد ظهر التلفاز وقيل سيتوقف الكتاب، ولما ظهر الإنترنت قيل نفس الكلام، كلما ظهرت آلة تهتم بمجال الصورة تداعى الكلام إلى المكتوب؟

- بالتأكيد يتأثر المكتوب كلما تطورت الصورة، فوجود ميديا أخرى، جديدة، ومتنوعة، ومبهرة، وسهلة، وبضغطة زر تتحكم فيها وتحصل عليها، وليس فيها ذلك العناء الذي تبذله في الحصول على الكتاب، والقراءة. بالتأكيد تؤثر على القراء، ولكن القراءة ما زالت ثابتة، بدليل أن التقنيات الحديثة والإنترنت والفضائيات والاتصالات الحديثة، أسهمت في وصول الكتاب بشكل أسرع. موقع كأمازون فيه كتب تباع بالملايين وإن كانت كتبا للتسلية، كهاري بوتر. القراءة مازالت موجودة وهي نوع من المجاهدة الشخصية فأنت تختار المستوى الأعمق من المعرفة، وليس السطحي.

إذا كان هناك نحو للغة، فهل هناك نحو للصورة، كما أن هناك نحو للكلمة، للوصول للمعنى الدقيق، في الصورة إذ كل صورة تثير معنى. هل بالإمكان الوصول لنحو خاص بالصورة، وما تثيره من معنى «سيمياء الصورة» ففي زمن الصور المتلاحقة غدا الطالب الآن لا يبحث عن المعنى في الجملة بل يبحث عنها في الصورة؟

- المسألة أعمق، ونحن لا نستطيع أن نتكلم عن الصورة بشكلها العام، فالأمر يختلف من ميديا لأخرى، فالصورة في الفن التشكيلي تختلف عنها في التلفزيون. بناء عليه أعتقد أننا نحاول أن نقترب من هذا النحو «نحو الصورة» ولكن الأمر لم يبحث بشكل كاف أو كامل، وإلى حد ما ففي الفن التشكيلي نوع من الهدوء النسبي. في حركة الصورة ولا يوجد هذا التدفق والتلاحق الموجود في لغة التلفزيون أو الفضائيات بشكل عام.

ولا يوجد نحو للصورة حتى الآن، إنما يوجد فلسفة أو إدراك سمها ما شئت، ومن الأشياء التي أنا منتبه إليها فكرة التعرض وفكرة النفور. فيما يتعلق بالصور، بمعنى، أن التعود هناك صور كثير متلاحقة ولكنها متكررة. عنصر التكرار هذا على مستوى المخ البشري يؤدي إلى نوع من الملل، وهذا ما نسميه التعود فمع المزيد من التعود يحدث نوع من العرض ومع المزيد من التعرض يحدث ألفة ومع المزيد من الألفة يحدث نوع من النفور. فمن الممكن أن تكون هناك أحداث شديدة الإثارة للفزع، شديدة الأهمية، مثل أحدث غزة، أو كما حدث في البوسنة والهرسك، أو أي مجازر في العالم، عندما تراها أول مرة يكون لديك فيها نوع من الاستثارة نوع من حب الاستطلاع والفضول، نوع من التعاطف، وعندما تراها مرة ثانية تقل ومرة ثالثة تقل وهكذا تقوم بالبحث عن شيء آخر. وهذا ما يحدث على مستوى المخ البشري، التعود والتشبع في الصورة، وهو عنصر سلبي فهناك أحداث مهمة لست محتاجا أن تتشبع منها بل في حاجة لأن تستمر في التعاطف معها.

الإقناع والصورة

الصورة تسهم في الإقناع وذلك من خلال التكرار الذي يخلق ألفة ولذلك تستخدم لتسويق السلعة، فكلما تعرض إليها الإنسان كان هناك ألفة وذهاب لاقتناء السلعة بدون وعي. كذلك على المستوى السياسي كما يشير بعض الباحثين في الصورة ما عاد بوش محتاجا لإقناع الدول بأهمية اتخاذ دعمه في مواجهة الإرهاب فصورة مبنى التجارة العالمي والطائرة تخترقه قد سبقته في عملية الإقناع؟

- هناك أمران قانون الصورة والتعرض لها يحتاج إلى نوع من الحساسية والضبط، بمعنى أنه لا تكثر من تكرار الصورة. اجعل هناك مسافة بين الصورة وعرضها، أن تكون هناك مسافة ومادة أخرى دخيلة. هذا التكرار يؤدي إلى النفور، فالأمر يحتاج إلى نوع من الحساسية. وهناك الكثير من أصحاب الشركات والإعلانات غير واعين لهذا الأمر، وهو أن هذا التكرار يؤدي إلى النفور. لابد أن تكون هناك مسافة كافية مقدارها بحسب المادة نفسها وأهميتها، وبحسب طبيعة الجمهور الموجهة إليهم هذه المادة الصورية، فالأمر محتاج لدراسات لخصائص الصورة وخصائص المتلقي.

والأمر الآخر أنه لا يمكن التعامل مع الناس على أنهم كتلة واحدة. هناك مستويات من الوعي، فمع الطفل التأثير أكثر، وعند الكبير هناك حس نقدي يتدخل. ويمكن أن ترى بعض السلع وترغب في شرائها وتكون لديك القدرة على شرائها ولا تشتريها بسبب الإعلان المنفر. أحيانا لا يدرس الإعلان طبيعة السوق أو طبيعة الناس، فأحيانا تعرض راقصة شبه عارية لسيارة في مجتمع شبه محافظ فلا يشتريها أحد ولا ينفع أن تكون هناك إعلانات مصنوعة في هوليود أو لوس أنجلوس وأعرضها في مجتمعات لها طبيعة محافظة.

الإعلانات تعمل على منطقة ما قبل الشعور، وهي منطقة ما بين الوعي واللاوعي، فيها جزء واعي وجزء لا واعي، والتي نسميها أحيانا أحلام اليقظة، فالإنسان من الممكن أن يتخيل ويبني قصورا في الهواء، ويعيش في رغد من العيش وهو جالس في مكانه. هنا نوع من التقبل اللذيذ والجميل للأشياء، حيث يبدو العالم في هذه اللحظات جميلا، حيث لا توجد مشاكل ولا توجد معاناة. وهذه منطقة ما قبل الشعور والتي هي عتبة الوعي، فهي ليست لا شعور وتنسى. ومن الممكن أن تكون أحلام النوم مثال للاشعور، والتفكير الواعي مثال للشعور وللوعي. أما الذي يجمع بين الاثنين فهو أحلام اليقظة، والإعلانات تلعب على هذه المنطقة، وهي المساحة التي اشتغل فيها باشلار، في شاعرية أحلام اليقظة، وأحلام النوم والهواء والماء والنار، والتراب. هذه المنطقة مهمة في الإبداع والإعلانات ومهمة في أشياء كثيرة لأن الإنسان فيها، يتحرر من قبضة الوعي، ومن سيطرة العقل النقدي، والعقل المهيمن، والعقل الحسابي والمنطقي. فالإنسان في هذه المنطقة يتحرر ويحلق قليلا، ومن ثم يكون أكثر قدرة على التقبل، والاقتناع بما يقدم إليه.

الصورة تكذب أيضا

هناك الصور التي تقتل، فقد رصد لايكوف الصور التي استخدمها بوش في خطابه ليقنع الشعب الأمريكي بالحرب في العراق عبر مجموعة من الاستعارات اللغوية؟

- ثمة علم اسمه علم الصورة حاليا وهو لا يدرس كمادة مضافة، أو مجرد رفاهية، أو كحاجة مبهرة. والعلم يوجه وله عناصره والمتخصصون فيه، وهنا توجد فكرة تمهيد الساحة لخبر عاجل، خبر مهم، يستثير حب الاستطلاع. ثانيا أنك تستثير الخوف عند الناس، والإنسان في حالة الخوف يتقبل الأشياء، لأنه كما لو كان ما يقدم إليه هو الأمان وما دمت وضعته في خوف فقد وضعته على أرض غير صلبة. فأنت تقدم له الأمان من خلال هذا القائد الذي يبدو واثقا من نفسه ويتكلم بثقة، ومزود بمعلومات، ويقدم من خلال الصورة التي ترى في كل أنحاء العالم في نفس اللحظة، وتتكرر، وتبث من قنوات عديدة، ويتم عقد ندوات حوارية حولها وتترجم لمختلف اللغات. هذا النوع من الاحتشاد يؤثر على الناس حتى لو كان مبنيا على أساس الكذب، والمقولة التي تقول الصورة لا تكذب غير صحيحة الصورة تكذب، فثمة صور كثيرة كذبت.

إلى أي مدى يستطيع الإنسان أن يعي ما وراء الصورة، وخصوصا وأننا في عصر تلاحق الصور وتتابعها، كيف يمكن خلق وعي بألاعيب الصورة؟

- هذا الوعي يمكن خلقه من خلال الكتابة، والنشر والندوات النقدية والمؤتمرات، وان يفهم الناس علاقة الصورة بثقافة الاستهلاك. هذه الأشياء معظمها غير ثابتة، والقيم فيها قيم استهلاكية، ومن ثم فأنت ترى في بعض البرامج أن الإنسان حينما ينتهي من الحوار يصبح كأنه غير موجود، بعض التلفزيونات العربية يتصل بك ويكلمك ويعطيك إحساسا أنك مهم وأنك ستقول شيئا مهما ولكن بعد ما تنتهي من الحوار تشعر أنك غير موجود فقد انتهت الصورة. هذا جزء من ثقافة الصورة والتي هي ثقافة الاستهلاك . معناها اللحظي المؤقت، العابر، الذي لا علاقة له بالخلود والاستمرارية، والقيم الثابتة التي نتكلم عنها. ثقافة الصورة هي ثقافة منديل ورق تستهلكه وينتهي.

الصورة تكذب الصورة سلطة الصورة تهيمن ما هي ألا عيب الصورة؟

- المونتاج من أهم ألا عيب الصورة فمن الممكن أن نحضر صورة طائر من جنوب أفريقيا مثلا أو من بحر البلطيق، ونقول أن النفط ضرب سفينة في العراق أو في الكويت وهذه الطيور تموت. هذا هو اللعب بالمونتاج، اللعب بالعناصر، لعبة التكرار، لعبة حركة الزوم، البعد والقرب، التكبير والتصغير، والصور نفسها من الممكن أن تصنع وتتفبرك، ونعمل أفلاما كاملة مفبركة، المونتاج هو أهم لعبة.

العولمة والصورة

هل الصورة نتيجة العولمة أم العولمة نتيجة الصورة، استغلت العولمة الصورة أم الصورة استغلت العولمة؟

- طبعا العولمة هي التي استغلت الصورة، فهي موجودة قبل العولمة. الصورة ليست التلفزيون فقط، فهي موجودة في حياة الإنسان قبل أن توجد العولمة. لكن فضل العولمة أنها اكتشفت أن الصورة لها تأثير أكبر، وتنتشر أسرع، ووسائل الميديا والتقنيات الحديثة ساعدت على انتشار الصورة، وساعدت على تأكيد العولمة. الإعلان موجود أيضا ولكنه لم يكن بهذه السعة والانتشار أو بهذه القدرة على التأثير، وهو مرتبط بعصر الاستهلاك مرتبط وبالعولمة، بشكل متداخل، وعصر الاستهلاك كان موجودا قبل الانتشار الكبير للصورة. بعض الناس يعتبرون رحلات التجار القديمة نوع من العولمة. انتشار التجارة، المراسلات القديمة وغيرها ، ولكن هناك اختلاف، ليس في الكم بل في الكيف أيضا، فا الميديا لعبت دورا خطيرا جدا.

العدد 2351 - الأربعاء 11 فبراير 2009م الموافق 15 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً