العدد 2353 - الجمعة 13 فبراير 2009م الموافق 17 صفر 1430هـ

مسلسل «زمن الخيول البيضاء» بين أيدي نجدت أنزور

كشف المدير التنفيذي لشركة «طارق زعيتر وشركاه» في الأردن محمد زعيتر، التي أنتجت «باب الحارة» بجزأيه الأول والثاني وعددا آخر من الأعمال التلفزيونية، أن العمل التلفزيوني الضخم الذي قد تم الإعلان عن إنتاجه نهاية العام الماضي «زمن الخيول البيضاء» في ثلاثين حلقة تلفزيونية، عن رواية تحمل الاسم ذاته للروائي والشاعر الفلسطيني إبراهيم نصرالله، قد أصبح الآن بين أيدي المخرج السوري نجدت أنزور، الذي سيباشر خلال الأيام المقبلة الإعداد لأماكن التصوير، وتجهيز طاقم الممثلين، ليكون العمل ضمن عروض شهر رمضان 2009.

كما أوضح زعيتر في السياق ذاته، أن حلقات العمل التي انتهى أخيرا من كتابتها نصرالله نفسه، وترصد كما في الرواية جزءا مهما من تاريخ الشعب الفلسطيني، تشكل واحدة من أهم الروايات التي عالجت الواقع الفلسطيني في ثلاث حقب زمنية: «العثمانية، البريطانية، الإسرائيلية»، وتعاملت مع الجوانب الإنسانية في القضية بوصفها قضية إنسانية خالصة، وبرؤية تُظهر تفاصيل الحياة الفلسطينية بكل عاداتها وتقاليدها وتراثها وروح الإنسان الفلسطيني النبيلة.

وأضاف: أن العمل التلفزيوني سيبدأ أحداثه في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وصولا إلى «عام النكبة» في العام 1948، شاملا الكثير من المفاصل الكبرى لهذه الفترة الزمنية الصاخبة بالأحداث بالغة التعدد، والصراع المرّ بين الفلاحين الفلسطينيين من جهة، وزعامات الإقطاع في هذا الريف الفلسطيني والمدينة، والأتراك والإنجليز والمهاجرين اليهود والقيادات العربية من جهة ثانية، متعمقا كذلك في الصراع بين رهبان الكنيسة الشرقيين والغربيين من جهة أخرى، حيث يصور بشكل غير مسبوق ذلك الصراع الذي نشأ بين المسيحيين الغربيين والشرقيين - الفلسطينيين، على زعامة الكنيسة في القدس والأديرة التي قامت حولها من ناحية أخرى، وعلى اختلاف الرؤى والمواقف الوطنية تجاه القضية الفلسطينية.

وعلى جانب آخر، تبتعد الرواية عن التفصيل في استعراض المشاهد والأحداث الكبرى التاريخية، كي تخرج عن إطار العمل الوثائقي، وتبقي نفسها ضمن رؤية تلفزيونية لمرحلة زمنية حقيقية. فالعمل التلفزيوني هذا سيركز أكثر على العادات والتقاليد الفلسطينية، والحكاية الشعبية والشهادة الشفوية والأغنيات والأهازيج الشعبية والمتعلقة عادة بالمواسم الزراعية أو الأحداث؛ وما بين تفاصيل الحياة اليومية الشعبية الريفية والمدينية، وتفاصيل اللجوء، والحب والحرب في مشهد إنساني خالص.

وللمرة الأولى في عمل عربي تلفزيوني ستلعب الخيول دورا رئيسيا في العمل، ليس فقط بمسمياتها كما يحدث في العادة في الأعمال التلفزيونية العربية، إنما في قيام الخيل بالتدخل في مجرى الحدث الدرامي، ورسم خطوطه، لتضيء ذلك المشهد الفريد ميثولوجيا الخيل أعمق زوايا أرواح الشخصيات والقيم الكبرى لمجتمع بالغ الحيوية في طقوسه وحكاياته وأغانيه، حيث تلعب الخيول أدوارا رئيسية كشخوص أساسية في العمل الروائي الذي يأخذ الإبداع الروائي الخيالي جانبا منه، وجانبا آخر يعتمد على التوثيق للتاريخ الاجتماعي الفلسطيني.

وأشار محمد زعيتر كذلك إلى أن أهمية هذا العمل التلفزيوني، كأهمية الرواية المقتبس عنها العمل، هو ذلك الزخم الكبير الموظف بشكل متقن، لتلك العادات والتقاليد والسلوك الاجتماعي لتلك المرحلة التي بدأت تتلاشى عاداتها وتقاليدها، فيعيد رسم تلك المرحلة بشكل يجعل المشاهد العربي يعيش تلك التفاصيل مرة أخرى وكأنها حدثت البارحة.

أما عن اللهجة التي سيتم استخدامها، فهي في الغالب لهجة فلسطينية متوسطة ما بين لهجات المجتمع الفلسطيني ككل، فهنالك لهجات ريفية، مدنية، بدوية، تحضر فيها بشكل كبير مفردات شعبية خاصة بواقع البيئة ذاتها، في سعي دؤوب لإحيائها، ليضيف في كل خط درامي في العمل معلومة جديدة منتقاة بدقة من مصادر عدة، عاد لها نصرالله، مستعرضا عبرها كذلك حكمة رجال الريف الفلسطيني، عبر مواقف تجلت بها هذه الحكمة التي حملت الكثير من الصبر، كما حملت رؤية الانفتاح الاجتماعي الذي تجلى أيضا في احترام المرأة والفرس أيضا التي شكلت هي الأخرى في آنذاك شرفا يستحق الذود لأجله كما المرأة، مما يستوجب إعادة قراءة التراث والتاريخ العربي والفلسطيني المعاصر مرة أخرى برؤية عصرية.

يقول بطل الرواية الحاج خالد، في أحد فصولها: «أنا لا أقاتل كي أنتصر، بل كي لا يضيع حقي. لم يحدث أبدا أن ظلّت أمّة منتصرة إلى الأبد. أنا أخاف شيئا واحدا: أن ننكسر إلى الأبد، لأن الذي ينكسر إلى الأبد لا يمكن أن ينهض ثانية، قل لهم احرصوا على ألا تُهزموا إلى الأبد»،

فيلخص بهذه العبارة الفكرة الأساس التي يحملها العمل وتصوراته، ونظرته الإنسانية الخالصة للقضية الفلسطينية العربية بعد مضي ما يقارب الواحد والستين عاما على احتلال فلسطين.

مسلسل «زمن الخيول البيضاء»، دعوة للبحث عن الحياة في فصول التاريخ والحاضر، وحكاية شعب حقيقي من لحم ودم كان يحيا فوق أرض حقيقية له فيها تراث وتفاصيل أكثر من أن تحصى وأكثر من أن يغيّبها النسيان، ووجود ممتلئ صخبا وتوترا وفرحا ومآسي وأحزانا.

رواية ملحمية كبيرة تقول: «لقد كان الفلسطينيون دائما هنا، ولدوا هنا وعاشوا هنا وماتوا ويعيشون»... وتغطي «زمن الخيول البيضاء» وحدها ستين سنة من تاريخ الشعب الفلسطيني، بدءا من نهايات القرن التاسع عشر، حتى «نكبة فلسطين» العام 1948.

ليأتي توقيت صدور هذه الملحمة متزامنا مع اقتراب الذكرى الواحدة والستين لـ «نكبة فلسطين» وكذلك إعلان القدس عاصمة للثقافة العربية، حيث يذهب العمل إلى فترة زمنية لم يسبق للرواية أن ذهبت إليها، لتصوِّر حياة الشعب الفلسطيني في فترة قاتمة هي نهايات الإمبراطورية العثمانية، حيث يولد بطل الرواية الذي يشغل الأجواء القروية المحيطة به بحكايات شجاعته وحكايات حبه، وتعلّقه المجنون بمهرته البيضاء «الحمامة».

ومع زوال الحكم التركي وبداية عصر الانتداب الإنجليزي على فلسطين، تبدأ الهوية الإنسانية والوطنية لهذا البطل الملحمي بالتشكل أكثر، مصورة أيضا طموحات الشعب الفلسطيني وبدايات تشكل هويته بعد قرون طويلة من الحكم التركي، في زمن تتدافع فيه أكثر من قوة لسلبه هويته وأحلامه المشروعة.

العدد 2353 - الجمعة 13 فبراير 2009م الموافق 17 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:03 ص

      السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

      شكرا على قصة زمن الخيول البيضاء واود ان اشكر منتديات الو سط على القصة الجميلة

اقرأ ايضاً