العدد 2492 - الخميس 02 يوليو 2009م الموافق 09 رجب 1430هـ

مرسوم 56 يخالف أحكام الدستور والاتفاقيات والمواثيق الدولية

قال إنه يستحق المقصلة... المحامي حسن إسماعيل:

القريّة - محرر الشئون المحلية 

02 يوليو 2009

قال عضو اللجنة المركزية بجمعية المنبر التقدمي المحامي حسن إسماعيل: «إن المرسوم بقانون رقم (56) يستحق المقصلة، حتى لا يكون حجر عثرة في المصالحة والإنصاف لضحايا وشهداء البحرين».

وعلّل إسماعيل وجهة نظره القانونية في مخالفة المرسوم المشار إليه إلى أحكام وبنود الدستور والمواثيق والاتفاقات الدولية، بل وتعتدي عليها، وخصوصا اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وصدقت عليها البحرين.

جاء ذلك في ندوة بعنوان «إنصاف ضحايا التعذيب الحلول والمعالجات»، نظمتها جمعية العمل الإسلامي في ملتقاها السياسي الأسبوعي مساء أمس الأول (الأربعاء).

وفي بداية الندوة تحدث المحامي حسن إسماعيل عن فجر إنفراج أزمة التسعينيات، ومن ثم استعرض قوانين المراسيم الصادرة بذلك الشأن، فقال: «يُعد المرسوم بقانون العفو الشامل رقم (10) الصادر بتاريخ 5 فبراير/ شباط للعام 2001 من أهم الأدوات التي أصدرها جلالة الملك لحظة تدشين المسيرة الإصلاحية، كما أنه من أهم الخطوات لتحقيق المصالحة الوطنية نحو تحقيق الوئام والاستقرار الاجتماعي والسياسي في البحرين، إذ ترتب على هذا العفو إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وعودة المنفيين».

وأضاف «غير أن إصدار المرسوم بقانون رقم (56) لتفسير مرسوم العفو الشامل في 23 أكتوبر/ تشرين الأول للعام 2002 على أنه لا يشمل عفوا عن الضحايا فقط بل يشمل أيضا عفوا عن أولئك الذين مارسوا التعذيب وقتلوا الضحايا، شكّل صدمة كبيرة لعددٍ غفير من أولئك الذين ناضلوا من أجل العدالة الاجتماعية وفي سبيل الحرية والديمقراطية ودخلوا السجون وتعرضوا للأذى البدني والنفسي، إذ وجد هؤلاء في أحكام هذا المرسوم حماية للجلاد فيما ارتكبه من تعذيب خلال حقبة أمن الدولة».

وبحسب رأي إسماعيل فإن المرسوم بقانون رقم (56) «نال ولايزال ينال من المسيرة الإصلاحية ومن تحقيق المصالحة الوطنية المنشودة، وقد كشف الواقع منذ تاريخ صدور هذا المرسوم أن الاستقرار الاجتماعي والسياسي في البحرين، الذي كان ينشده مرسوم العفو الشامل لم يتحقق ولن يتحقق من دون حل عادل ومنصف يشمل جميع الشهداء وضحايا التعذيب وفي إطار وطني، و من دون التقيد بأحكام المرسوم (56) لأنها تخالف أحكام الدستور والمواثيق والاتفاقات الدولية وتعتدي عليها».

وبيّن أوجه مخالفة مرسوم العفو الشامل، موضحا أن «النصوص القانونية للمرسوم بقانون رقم (10) لسنة 2001 بالعفو الشامل عن الجرائم الماسة بالأمن الوطني، جاءت صريحة واضحة، على أن المستفيدين من العفو الشامل هم فقط الموقوفون والمتهمون والمحكوم عليهم، وليس من بينهم من مارسوا التعذيب مع هؤلاء بصفتهم موظفين عموميين»، مستندا في ذلك إلى أن «جرائم التعذيب التي ترتكب من الموظف العام لا تخضع لأحكام المادة (185) من قانون العقوبات ولا تختص بها محكمة أمن الدولة».

وأشار في هذا الصدد إلى ما نصت عليه المادة الأولى من المرسوم بقانون العفو الشامل على أنه «يعفى عفوا شاملا عن الجرائم الماسة بالأمن الوطني التي تختص بنظرها المحكمة المنصوص عليها في المادة (185) من قانون العقوبات، والتي وقعت من مواطنين قبل صدور هذا القانون».

وعلّق بالقول: «بالرجوع إلى المادة (185) من قانون العقوبات المشار إليها نجدها تتعلق فقط بالجرائم المنصوص عليها في الفصل الخاص بجرائم أمن الدولة الخارجي والداخلي في المواد من (112) إلى (184) من قانون العقوبات، وأن المحكمة المختصة بنظرها هي محكمة أمن الدولة، ولا علاقة لها على الإطلاق بجرائم التعذيب التي يرتكبها الموظفون العموميون ولا بالعقوبة المقررة لهذه الجرائم، إذ لا تقع هذه الجرائم ضمن المادة (185) من قانون العقوبات التي أشار إليها المرسوم بقانون العفو بل إن هذه الجرائم -أي جرائم التعذيب- تقع في الباب الثاني من قانون العقوبات الخاص بالجرائم المخلة بواجبات الوظيفة وبالفصل المتعلق بإساءة استعمال الوظيفة والنفوذ، وأن المحكمة التي تختص بنظر هذه الجرائم ليست هي محكمة أمن الدولة المنصوص عليها في المادة (185) بل هي المحكمة الجنائية العادية».

وأردف «كما أن نص المادة الثالثة من الفقرة الأولى من المرسوم بقانون العفو الشامل جاءت صريحة وواضحة، على أن العفو يشمل فقط الموقوفين والمتهمين والمحكوم عليهم ، وهو ما يجعلنا أمام وضوح النص أن نتساءل: كيف أجاز مشرع المرسوم بقانون (56) لنفسه أن يفسر هذا النص الواضح على أن العفو الشامل يشمل أيضا أولئك الذين ارتكبوا جرائم التعذيب والقتل؟».

وأجاب: «إن من ارتكب فعل التعذيب بصفته موظفا عاما، لم يتم توقيفه حتى يكون موقوفا، ولم توجه إليه تهمة ارتكاب فعل التعذيب حتى يكون متهما، ولم يُحَل إلى القضاء حتى يكون محكوما، ومن ثم لا ينطبق عليه العفو الشامل».

وشدد المحامي حسن إسماعيل لتفسيره نصوص العفو الشامل على أن «تلك هي النصوص القانونية التي جاء بها العفو الشامل واضحة وضوح الشمس الضاحية، لا تحتاج إلى تفسير، ويكون مشرع المرسوم بقانون (56) التفسيري لم يخالف الدستور فحسب بل خالف ما هو مستقر عليه عند فقهاء القانون بأنه لا يلجأ إلى التفسير التشريعي إلا إذا كان النص المراد تفسيره غامضا يخشى معه التباس فهمه على المخاطبين به».

وتابع «لا تقتصر مخالفة المرسوم بقانون (56) على أحكام الدستور، بل تمتد هذه المخالفة لأحكام ومبادئ الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وخصوصا اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر/ كانون الأول للعام 1984، والتي انضمت إليها البحرين سنة 1998، فصارت جزءا من التشريع الوطني لمملكة البحرين».

وبشأن أوجه مخالفة المرسوم لاتفاقية مناهضة التعذيب، قال إسماعيل: «إن من حق كل من تعرض للتعذيب في أن يرفع شكوى إلى السلطة المختصة، إذ نصت الاتفاقية في المادة (13) على أنه (تضمن كل دولة طرف لأي فرد يدعي بأنه قد تعرض للتعذيب في إقليم يخضع لولايتها القضائية، الحق في أن يرفع شكوى إلى سلطاتها المختصة، وأن تنظر هذه السلطات في حالته على وجه السرعة وبنزاهة ...)»، لافتا إلى أن «المرسوم بقانون (56) لا يضمن هذا الحق بل يعتدي عليه».

وأفاد «ومن حق من يتعرض للتعذيب إنصافه بتعويض عادل وإعادة تأهيله، إذ نصت الاتفاقية في المادة (14) البند (أ) على أنه (تضمن كل دولة طرف في نظامها القانوني، إنصاف من يتعرض لعمل من أعمال التعذيب وتمتعه بحق قابل للتنفيذ في تعويض عادل ومناسب بما في ذلك وسائل إعادة تأهيله على أكمل وجه...)»، معلقا في هذا الخصوص «والمرسوم بقانون (56) يتجاهل مثل هذا الحق».

ولفت المحامي حسن إسماعيل إلى استمرار ادعاءات حالات التعذيب وعدم وجود نص في التشريعات يمنع استخدامه.

ومن ثم انتقل المتحدث للحديث عن «ما تضمنه التقرير الموازي لتقرير مملكة البحرين الأول بشأن المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان في البحرين، إذ عبّرت منظمة العفو الدولية عن قلقها من عدم نص التشريعات البحرينية صراحة على منع استخدام التعذيب، وهو ما يعني أن تعريف التعذيب وأساليب الإهانة غير واضحة، كما عبّرت المنظمة عن قلقها بشأن قانون (56) للعام 2002، الذي يعطي عفوا شاملا للمعذبين، وطالبت منظمة (هيومن رايتس ووتش) الحكومة البحرينية بأن تعلن عن أن قانون (56) للعام 2002 لا يشمل الجرائم الخطيرة المتعلقة بالتعذيب لأن مثل هذه الجرائم (التعذيب) غير قابلة للعفو».

وأضاف «أوصت منظمة العفو الدولية الحكومة البحرينية بأن تعدل تشريعاتها بحيث تمنع بشكل واضح وصريح استخدام كل أنواع التعذيب والإهانة وأن تعدل قانون (56) للعام 2002 لكي ترفع الحماية عن الذين مارسوا التعذيب».

وأشار إسماعيل إلى ما أبدته «منظمة العفو الدولية من افتقار البحرين إلى قانون يعوض ضحايا التعذيب، وعليه فإنها اقترحت تشريع مثل هذا القانون في البحرين».

وذكر أن «التقرير الموازي أشار إلى أن المركز الآسيوي لحقوق الإنسان قال إن قوات الأمن تواصل استخدام وسائل التعذيب، وتستخدم القوة المفرطة في حالات لا تستدعي حفظ الأمن والنظام، وقال المركز إن لديه حالات من الضحايا الذين تعرضوا للضرب من قبل قوات مكافحة الشغب وبعضهم أصيب بالرصاص المطاطي عن مسافات قريبة بعضها تبلغ 3 أمتار على رغم أن هؤلاء يمكن اعتقالهم بدلا من إطلاق الرصاص المطاطي عليهم».

ولم يغفل إسماعيل التطرق إلى التقرير الرسمي وما تناوله بشأن ملف ضحايا التعذيب، إذ أفاد: «لم يشر التقرير الرسمي على الإطلاق إلى المرسوم بقانون رقم (56) لسنة 2002، والذي ساوى بين الجلاد والضحية، واشتمل على تمييز واضح ضد الذين تعرضوا لصنوف التعذيب من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية، إذ جاءت أحكام المرسوم بقانون خلافا لأحكام الدستور والمواثيق الدولية، وتجاهل التقرير الدعوات الكثيرة من قبل المؤسسات السياسية والحقوقية من أجل إلغائه، كان آخرها مؤتمر الإنصاف والعدالة الانتقالية، الذي دعا إلى ضرورة وجود حل عادل ومنصف للضحايا والشهداء وإنشاء هيئة الحقيقة والمصالحة في البحرين».

واختتم المحامي حسن إسماعيل ندوته بالقول: «لا يشفع لمملكة البحرين ما جاء في تقريرها في بند وسائل الانتصاف الفعالة من قول (بأن النظام القانوني في البحرين على النحو السابق إليه يتضمن سبل الانتصاف القضائية والإدارية وغيرها، ومع ذلك هناك حاجة لزيادة الوعي بوجود هذه السبل وآليات استخدامها)، موضحا أن «هذا القول فضلا عن عموميته ويهدف للهروب من معالجة المشكلة، فإن النظام القانوني وسبل الانتصاف القضائية والإدارية لا تحتاج إلى تذكير ولا تحتاج لزيادة الوعي بها، بل تحتاج إلى احترامها وتفعيلها في الممارسة العملية».

العدد 2492 - الخميس 02 يوليو 2009م الموافق 09 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً